مقال رأيي مختصر:
أحمد حسين آدم
ما هو مستقبل اتفاق سلام جوبا في ظل مقاطعة المجتمع الدولي للانقلاب؟
في المبتدأ ، فليعلم الجميع بأنني لا أزايد أو أخون أحدًا ، مقصدي و مبدأي الأساس هو مصلحة شعبنا و مستقبل بلدنا، لهذا، نحاول ايجاد حلول للمأزق الوطني الذي ينذر بسيناريوهات و منزلقات خطيرة ، نجتهد ما استطعنا الي ذلك سبيلا ، لا ندعي امتلاك الحكمة أو الحقيقة، لكننا نحاول و نجتهد مع بنات و أبناء الوطن. أدرك أن العواطف جياشة و أن الدماء ما زالت سائلة ثخينة، لذلك لابد من حل و مخرج استراتيجي للأزمة الماحقة الماثلة….
أدرك أن بعض القيادات في حركات الكفاح المسلح لها تقديرات محددة للمشاركة في مؤسسات الانقلاب ، أتحدث هنا عن بعض فصائل الجبهة الثورية و أطراف سلام جوبا ، أدرك أنهم استدعوا و صاغوا حيثيات و مبررات للمشاركة في شرعنة الأوضاع الحالية، يقولون أنهم يريدون انقاذ اتفاق سلام جوبا. اذا كان الحال كذلك ، عليهم الاجابة علي الأسئلة التالية:
١- هل اتفاق سلام جوبا هو فقط محاصصة وظائف لبعض القيادات للمشاركة في السلطة ، أم هو سلام شامل الهدف منه تحقيق مكاسب و منافع لكل أصحاب المصلحة من نازحين و لاجئين و جملة الذين تضرروا من الحرب؟
أهو سلام وظائف أم سلام يخاطب جذور المشكلة و الحقوق الكلية لشعوب و أقوام الأقاليم التي عاشت و ما زالت تعيش ويلات الحروب و التهميش؟
بناءا علي رؤيتي و رؤية الملايين، اضافة الي الدروس المستقاة من نظريات حل النزاعات و المستفادة من تجارب الشعوب في هذا المجال ، لن يكون هنالك سلاما ناجحا أو مستداما ما لم يعالج جذور المشكلة و يخاطب تطلعات أهل المصلحة من ضحايا الحروب و التهميش.
٢- اذا كنا نرنو الي سلام شامل و عادل و مستدام ، نتحدث عن عودة النازحين و اللاجئين و اعادة الاعمار و البناء و التنمية، هل يمكن أن نحقق هذه العمليات الحيوية المعقدة من دون ضامنين و مانحين دوليين؟ اذا كيف نؤمن ذلك في ظل مقاطعة المجتمع الدولي لسلطات الانقلاب ؟ كيف يتحقق ذلك في ظل ايقاف البرامج و المنح و المساعدات الاقتصادية و الانمائية من قبل الدول المانحة و المؤسسات المالية و الاقتصادية التي كان يرجي منها دعم تطبيق و تنفيذ اتفاق سلام جوبا، خاصة في جانبه الذي يركز علي أصحاب المصلحة الحقيقيين و المتضررين من الحرب؟
أقول ذلك ، و كلنا يتابع موقف البنك الدولي،. الدول الدائنة و علي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي أوقفت جزءا من مساعداتها المالية للسودان بسبب الانقلاب!! سنري ماذا سيتخذ الاجتماع الوزراي للاتحاد الأوروبي في اجتماعه الوشيك حول الأوضاع في السودان ، أجزم بأنه سيتخذ مواقف صارمة من الانقلاب !
اذا ماذا ستفعل أطراف سلام جوبا ازاء مشكلة عدم وجود ضامنين دوليين و مقاطعة المانحين لسلطات الانقلاب؟ قولا واحدا، في ظل هذه الظروف ، سيكون اتفاق سلام جوبا مجرد اتفاق للتوظيف في مؤسسات السلطة لشلة من القيادات، الأمر الذي سيشعل الحرب من جديد للأسف!
٣- هل يضمن الذين يشاركون في السلطة الانقلابية باسم سلام جوبا ، تنفيذ الاتفاق في ظل نظام شمولي؟ و هنا يذكر الجميع ماذا آلت اليه اتفاقية اديس أبابا 1972 بين نظام نميري و القيادات الجنوبية آنذاك ، حيث أوقفت الاتفاقية الحرب و حققت الحكم الذاتي و هامش كبير من الحريات لمدة عشرة أعوام تقريبا ، لكن نظام نميري الديكتاتوري الذي منح الاتفاقية سلبها و أجهضها بقرار جمهوري فوقي واحد دون استشارة أحد في العام 1983!
العبرة: النظام الديمقراطي الحر الذي ينهض علي مبادئ و أسس الحكم الرشيد هو الضامن الوحيد للسلام الحقيقي و المستدام.
حفظ الله السودان و أهله،
الخامس عشر من نوفمبر 2021