#سقوط_الانقلاب !

مناظير - زهير السراج

 

بات من المؤكد ان الحركة الاسلامية هي التي صارت تدير البلاد بعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، الذي ظلت تخطط له منذ وقت طويل، يتضح ذلك من عناصر الحركة الاسلامية التي تصدرت المشهد مرة أخرى في ادارة شؤون الدولة، ولعدة اسباب أخرى على رأسها ان الجهة الوحيدة التي لديها مصلحة في الانقلاب هي الحركة الاسلامية التي عصفت بها الثورة وشكلت خطورة كبيرة عليها وعلى مصالحها ومؤسساتها التي عكفت لجنة ازالة التمكين على تفكيكها واستعادتها لصالح الشعب، مما عرضها لهجوم حاد من كوادر النظام البائد وبعض قيادات الفترة الانتقالية ومنهم رئيس المجلس السيادي نفسه، غير انها ظلت صامدة بسبب الدعم الشعبي الكبير والمساندة التي وجدتها من رئيس الوزراء الدكتور (عبدالله حمدوك)، وعندما أوشكت على الاقتراب من عش الدبابير لم تعد الحركة تطيق الانتظار والا تَهدد وجودها نفسه، خاصة مع التضييق الشديد عليها وحل حزبها ودخول حركات مسلحة الى السلطة لها عداء وثارات معها، فتحركت لاقتلاع الفترة الانتقالية بكاملها وليس فقط لجنة ازالة التمكين، واستعادة السلطة بالقوة حتى لو أدى الأمر الى حدوث فوضى عارمة في البلاد بالمغامرة الانقلابية التي خططت لها منذ وقت بعيد ونفذتها في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، رافعة شعار (علي وعلي أعدائي) وهو ما يبرر التعنت والتمسك الشديد لقادة الانقلاب بمواقفهم رغم الضغط الشعبى والدولي الكاسح عليهم !

* في حقيقة الأمر فإن الذي يتعنت ويتمسك ليس قادة الانقلاب وانما الحركة الاسلامية التي تدير السلطة من وراء حجاب ، كما فعلت بعد انقلاب 30 يونيو 1989، غير ان الظروف الحالية لم تساعدها على التدثر الكامل هذه المرة والقيام بحركة الخداع التي قامت بها في انقلابها الاول، فاضطرت لتعيين بعض كوادرها المعروفة في مواقع قيادية بالخدمة المدنية والمؤسسات المصرفية لضمان عدم توقفها عن العمل، وهو ما أدى لاكتشاف أمرها من الوهلة الأولى لجماهير الشعب السوداني، ثم انكشاف أمرها في الخارج حيث بدأت الصحافة الخليجية تتحدث بنوع من الامتعاض والغضب عن عودة كوادر الاخوان المسلمين لادارة دولاب العمل في السودان، الامر الذي يفصح عن عدم الرضا الذي تشعر به دول الخليج من حلفائها في السودان، وهو ما سيعقد حسابات الانقلابيين الذين يعولون على الدعم الخليجي لهم!

* كنت أعتقد في بادئ الامر ان لجوء قادة الانقلاب لتعيين كوادر النظام السابق واعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول على رأس الاجهزة الاعلامية والخدمة المدنية والمؤسسات المصرفية ..إلخ، ليس الا مجرد خيار مؤقت فقط لتسيير دولاب العمل لعدم وجود خيار آخر أمامهم، ثم يتم التخلص منهم فور انتهاء الدور المطلوب منهم، بسبب التعقيدات الإقليمية التي تمنع وجودهم، بالإضافة الى الرفض الجماهيري الواسع لعودتهم مرة أخرى.

* ما دفعني لذلك هو استبعادي لاحتمال قيام (البرهان) بحركة انقلابية لصالح الحركة الاسلامية، للاسباب آنفة الذكر، إلا أن وقوع الانقلاب في حد ذاته في ظروف بالغة التعقيد في السودان والخارج تجعل من الصعب ان لم يكن من المستحيل نجاح الانقلاب واستمراره، واستعانة الانقلابيين بعدد كبير من كوادر النظام البائد، والتعنت الشديد الذي يبديه قادة الانقلاب رغم الضغط الشعبي والدولي وعدم التراجع عن مواقفهم، بالإضافة الى التخطيط الطويل للانقلاب والظواهر الغريبة التي صاحبته واختفت فور وقوعه، جعلني أرجح أن يكون صنيعة الحركة الاسلامية، خاصة مع الوجود الكثيف لكوادرها داخل القوات النظامية، بما في ذلك قوات الدعم السريع التي قام قائدها باستيعاب الكثير من عناصر هيئة العمليات التابعة لجهاز الامن السابق في وظائف قيادية بدون ان يتنبه لخطورتها عليه، فالمعروف أن غالبية هذه العناصر لديها ارتباطات وتشابكات بشكل او بآخر مع الحركة الاسلامية، وهنالك من يزعم أنها هي التي تدير الآن قوات الدعم السريع بشكل مباشر مع تغييب متعمد لقائدها، ويذهب البعض الى اكثر من ذلك بأنه قيد الاعتقال، وان ظهوره الأخير الذي تميز بالضعف والاستكانة ليس إلا دليلاً واضحاً على ذلك وانه مسير ولا يملك قراره ــ كما يزعمون!

* سواء كانت الحركة الاسلامية هي التي خططت ونفذت الانقلاب أو لم تكن، فلا مجال لنجاحه اطلاقا، ليس بسبب الضغط الدولي، ولكن لأن الشعب سئم الانقلابات ولن يسمح بها مرة أخرى، وغداً سيخرج مرة أخرى الى الشوارع للتعبير عن غضبه، ولن يكف عن الخروج حتى يسقط الانقلاب والانقلابيون!

تعليق 1
  1. مراقب من البعد يقول

    ياحليلك السيد زهير السراج لم تستطيع قرأة المشهد بعد ؟ انقلاب البرهان هو انقلاب لوردات الحرب فى السودان (قوات مسلحة +جنجويد+جبهه ثورية +حركات منبته ) . نستطيع وبكل ثقة ان نقول ان اتفاقية جوبا للسلام كانت اتفاقية لتقاسم السلطة بين المكون العسكرى والجبهه الثورية وبعض الحركات المنبته . وفى جوبا تم التوقيع على الانقلاب بالاحرف الاولى . وحين دخلت الجبهة الثورية الخرطوم( همج) بعد تللك الاتفاقية عملت على المساعدة فى تسويق الانقلاب والبرهان والجنجوبد عملوا على افشال الفترة الانتقالية . اما (عقار+الهادى+حجر) فى بادئ الامر ادانوا الانقلاب وذلك للتمويه .وزر الرماد فى العيون . ومن يظن انهم انتهازيين فهو واهم . بل هم اصليين فى هذا الانقلاب بدليل انهم تماهو مع الانقلاب وهم يعلمون نسبة نجاحة ضئيلة مما يدعو الى الريبة على انهم تواثقوا صورة وصوت على المضى قدما فى هذا الانقلاب .وعراب ذلك الانقلاب يتغمص دور الترابى فى مسرحية الذهاب الى القصر حبيسا . @@ الذى يحير كل لبيب لماذ الجبهه الثورية رفضت مشاركة البشير فى سلطة مستقرة ؟ و وافقت وشاركت انقلاب البرهان المحفوف بمخاطر عديدة . اولها الرفض الشعبى وثانيها وليس اخرها الرفض الاممى ؟ لعل البعض يقول انهم غير متوقعين الادانة الدولية … المجتمع الدولى دمج الدولة السودانية مع الاسرة الدولية بعد عزلة طويلة ثم اسقط معظم الديون . وقدم دعم مادى سخى بدون ضمانات لاجل ان يستولى عليها لوردات الحرب والملشيات ؟ تسأؤل يجيب على عدم توقع الادانة الدولية للانقلاب . التحية لحركات التحرر الوطنى الحقيقى ( عبدالواحد +الحلو +الشارع الثورى السودانى)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.