لماذا الإصرار على النضال المسلح؟
بقلم/ أتـو عـامــر
يقول الثائر الغيني اميلكار كابرال: “أننا مسلحون ولسنا عسكريين” دلالة على أنهم حملة السلاح رغم أنفهم فكانوا مضطرين على ذلك في ظل القمع العسكري الذي كان يمارسه المستعمر البرتغالي آنذاك في غينيا بيساو، وبنفس الطريقة نجد المهمشيين الذين حملوا السلاح في السودان تعرضوا لنفس القهر والاضطهاد. أما السياسيون ونشطاء المجتمع المدني في السودان فهم دعاة النضال السلمي المدني في السودان، هؤلاء من حقهم الطبيعي أن يطالبوا بهذا الحق النضال المدني فقط بعيداً عن مهاجمة الذين إختاروا الكفاح المسلح في السودان لأن الاختيار دائماً يأتي نتيجة لممارسة القهر والاضطهاد من قبل الدولة تجاه الشعوب، لذلك عندما يصل الاضطهاد إلى درجة عالية من القساوة يتطلب من المناضليين والثوار تبني وجه نظر مماثلة لهذا الاضطهاد، فأحياناً قد يتطلب من الثوار الإستعانة بقانون نيوتن الذي يقول: “لكل قوة فعل قوة رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الإتجاه ” فتبني الثوار فكرة الكفاح المسلحة هو رد فعل طبيعي بما تفعله مؤسسة الجيش تجاه هذا الشعوب، وللإجابة عن عدة أسئلة ومن أهم الأسئلة من هم المضطهدين في السودان، هل يتساوى كل السودانيين في نسبة الإضطهاد حتى نتبنى وجه نظر واحدة من وسائل النضال؟
لذلك نجد الأحزاب التي تنادي بالنضال السلمي المدني في السودان أمثال حزب “المؤتمر السوداني والحزب الناصري… الخ” هؤلاء الأحزاب نجدها قد نشاءت في بيئة قد تكون خالية من الاضطهاد ويرجع سبب ذلك لمؤسسوها أي أنهم ينتمون إجتماعياً للجهاز الذي يمارس الاضطهاد في السودان “مؤسسة الجيش” لذلك نجدهم غير مضطرين أن يحملوا السلاح ضد هذا الجهاز القمعي، بسبب التقارب الأسري “الحاضنة الاجتماعية” مع بين قادة الجيش وقادة تلك الأحزاب، مثال لذلك نجد من حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ وخالد سلك والدقير، هؤلاء نجدهم منذ وجود المستعمر إلى يومنا هذا لم يفقدوا حتى “غنماية” ولا بقرة ولا جمل من قبل ميليشيات الدولة ولم تقوم ميليشيات الدولة ولو مرة واحد بقتل ومهاجمة قُرَى وقتل أسرهم بسبب المعارضة ولم تغتصب ميليشيات الدولة أخواتهم أو أمهاتهم كما تفعل في مناطق الهامش، فكيف تتنظر من هؤلاء أن يدعموا حركات الكفاح المسلحة، لو طلبت منهم أن يدعموا حركات الكفاح المسلحة هذا أشبه بأنك تأمرهم للتمرد على أسرهم “مؤسسة الجيش”
قد نجد كل الذين لجأوا لحمل السلاح في الحقيقة أنهم قد مارسوا النضال السلمي المدني ولكنهم تعرضوا للتصفية والرمي بالرصاص بسبب أنتمائهم لجغرافية معينة في السودان، فيبقى السؤال قائماً: ماذا تنظر من حكومة تقود جيوش وطائرات حربية لتقتل بها شعوب معينة بسبب أنهم أفارقة، وتقود ميليشيات لتغتصب بها النساء وتنهب بها ثروات تلك الشعوب فقط لأنهم أفارقة، هل تلك الأسباب غير كفيلة بتبني تلك الشعوب الكفاح المسلحة ضد مؤسسة الجيش التي خلفها المستعمر التي تمارس الاضطهاد الممنهج ضد شعوب معينة في السودان أسوأ من المستعمر نفسه؟
الحقيقة المخفية عن الكثير من السودانيين إن الخداع الذي يمارسه دعاة النضال السلمي المدني في السودان “الأحزاب الخرطومية” أنهم “عسكرين في ثياب المدنية” وتظهر الحقيقة عندما يصلوا إلى حرم جهاز القمع الشعبي “مؤسسة الجيش” عبر التسوية أو المساومة تجدهم يمارسون أعنف أنواع النعف والاضطهاد، كإنما لم يكونوا من قبل دعاة السلمية، فإن الحقيقة أنهم كانوا يخفوا هذا القهر بداخلهم بغشاء الخطاب العاطفي”سلمية سلمية” بأنهم دعاة السلم. لقد ظهر ذلك عندما أتى والي الخرطوم الأستاذ أيمن خالد،والياً ومسوؤل الأول عن الأمن في الخرطوم، قد أمر الشرطة بفض وتشتيت المواكب بعد إتفاق جوبا، وأيضاً قد صرح الأستاذ خالد سلك قبل شهر بفض إعتصام شرق السودان بالقوة ماذا يعني ذلك؟ هذا دليل قاطع بأنه من أمر من قبل مع العسكر بفض اعتصام القيادة العامة وأن الأحزاب “الخرطومية” المدنية هم عسكريون في الحقيقة ومؤسسة الجيش هي الحاضنة لها.
بالتأكيد الأسباب التي ذكرتها في مقالك هي أسباب موضوعية وحيث الفرق شاسع جدا بين الأسباب التي أدت الى حملنا السلاح كأهل الهامش وهؤلاء الأحزاب.