الفن والتوهان والإرتزاق بإسم الشعوب

د. محمد تندي عرجة

 

لم تكن الفن جوادآ سهلا للفنانين والمغنيين حتي يمتطو عبره لتحقيق أغراضهم الأيدلوجية وغيره من الاجندة السياسية والحزبية فنجد كل من لم يحالفه الحظ في المجالات الاخري فيصبح فنان وينغم الكلمات وينشده ويثير عاطفة الشعوب ويستدرجهم حتي يصبحو جزء منه وينطبع فيهم الأيدلوجية أو الفكرة التي غني من اجلها. وخاصة في الأغاني التي سميت جزافآ بالوطنية وأخري سميت جهادية وغيرها من الأغاني، التي تعبر عن إيدلوجية إسلاموعروبية، والتي زادت وكثرت إبان حكم الإسلامين للسودان منذ إنقلابهم للحكم، فمثلآ نجد من الأغاني (إلي العلا… أمة أصلها للعرب!! الدبابين أسود الغابة، جنود العزة، شهود ومهآبة!!).

فعلي سبيل المثال نجد فرقة موسيقية تغني بأغنية مفاداها بأن البلد لأناس معينين دون الاخرين في أغنية اسماها أولاد بلد!!! والتي تأتي مستهلها “انحنا اولا بلد نقعد نقوم علي كيفنا وفوق رقاب الناس سيفنا” تكاد تجزم انهم لم يعوا بما غنو به. وفنان آخر يغني بكلمات مفاداها الرق والاستعباد وهي في أغنية أولاد أب جويلي”غني وشكري ي ام قرقدآ خسو/حسو” وهنالك امثال كثر لمثل هذه الاغاني.

الفن والغناء من الاشياء المأخوذة من ثقافات الشعوب علي مر التاريخ وتعبر عنهم وعن قضاياهم ومشكلاتهم وهمومهم ومشاعرهم الصادقة، والتي تعكس في المرآة كل الثقافات الموجودة في البلاد بمختلف المكونات المتنوعة والمتعددة، لتعبر عن تنوعهم وتعددهم.
ففي السودان علي سبيل المثال نجد من يغني بلغة النوبة ومنهم من يغني بلغة الداجو والزعاوة والمسرا والفور وغيرهم من اللغات المختلفة في البلاد, إلا ان مرآة الثقافة والفن السودانية لم تعكس كل هذه الانواع من الفن التي تعبر عن الشعوب السودانية المختلفة والمتنوعة بكل أشياءها. وأحيانآ نجد حظآ ضعيفآ لبعض الاغاني باللغات المختلفة علي هامش الاذاعة في اوقات تكاد تفقر فيها المستمعون، وهذا ما يعرف بالترميز التضليلي!!

ففي الرعيل الاول والثاني من الفنانين نجد التعبير الصادق عن الاغاني من بعض المغنيين، وردي واحمد المصطفي ومحمود (حوتة) وقلة منهم، نجد أن اغانيهم تعبر عن الوجدان السوداني المشترك وتعبر عن قضايا وهموم السودانين. علي الرغم من ضيق منصات الفن، فكل مجموعة تجد منصته وتعبر عن ثقافته بالطريقة التي تراها مناسبة ويستخدمون الآت موسيقية مختلفة لضبط إيقاعاتهم فنجد البعض يستخدمون الربابة، والزمبارة، وام كيكي، والطنبور والعود والنقارة وغيره من الالات.

ففي العصر الحديث تطورت مسألة الفن ووجدت لها منصات عديدة من قبل الدول مثل الراديو والتلفاز وغيرهم من المنصات الغير رسمية، ونجد معظم الدول ينظم مهن الفن والموسيقا ويطورهم ويعكسهم بالتساوي دونما اعطاء تمييز واحدة منهم علي حساب الاخري. إلا ان في السودان تجد ميولا واضحآ لذالك وتهميشآ واضحآ لكل الفن علي حساب لغة واحدة وبثقافة واحدة ذات إيدلوجية معينة تحمل في طياتها الإستلاب وصهر الثقافات الأخري علي حسابها.

الفن تعتبر واحدة من الأشياء التي تمكنها أن تربط بين وجدان الشعوب الواحدة، فإذا وضعنا إعتبار لهذا، فيمكننا أن نعمل علي رتق النسيج الإجتماعي عبر الفن والموسيقا، فنحن نحتاج أن نري كل ثقافاتنا وفننا المتنوع في مرآة سوداننا.

تعليق 1
  1. ودالنيّل يقول

    طالما ارتضى الشعب السوداني بمقولتهم الشهيره (جدودنا زمان وصونا على الوطن) ووقتها كان الكاتب يرسخ مفهوم الوطن ملك للجلابه وجسد ذلك في وصية اجدادهم فماذا يرتجى منهم ، فعلينا ان نقف خلف مشروع السودان الجديد الذي ينادي بالوحده ثم الوحده ثم الوحده وعندها تحل كافه اشكاليات الدوله السودانيه ويسعى الشعب نحو نسيان مرارات الماضي منذ عصر الرق الى اخر مظلمه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.