لهفة لاهاي الخفيّة..
د. مرتضى الغالى
مرتضى الغالي
مع أنه لم يكن مُداناً بأية جريمة غير انتمائه السياسي والفكري..! ولكن دعنا من الحديث عن الكرامة الإنسانية التي لا يفهمها المخلوع وشلته..وتعال لتسمع هذا الكلام الفارغ الذي يحاول به المخلوع التغطية على جرائمهم الوحشية.. وتأمل ما قاله لتقف على مدى فقر المضمون وعقم التعبير وموت الضمير وهو يحاول يائساً الادعاء الكاذب بوطنية مفقودة لم يعرفها طوال ثلاثين عاماً من وجوده على رأس نظام يقوم على المخاتلة والكذب ويلغ في الدماء ويمارس النهب الفاضح في جهالة ورعونة دمّرت الوطن وشرّدت أهله بين العالمين حتى أصبح الانتساب للسودان وكأنه وصمة في جبين وطن عظيم أحالوه إلى بؤرة فساد وعصابات إرهاب، حتى بلغت بهم الوضاعة تصفية أعوان جندوهم لارتكاب جرائم خارج الحدود أمام أطفالهم لتسلم رقاب قادة المشروع الحضاري..فهل سمعت أبداً يا صديقي بهذا الكوكتيل من الجبن والخِسّة و(المرقعة).!
المخلوع بحديثه المريض هذا الذي ينم عن (الذهللة) وفقدان البوصلة وتبلّد الشعور يحاول الإيحاء بأنه لا يقبل بتسليمه للمحكمة الجنائية؛ ولكن كل من يعرفه من أعوانه والقريبين منه يعلمون أن (مُنى نفسه) ورغبته الأولى هي الذهاب إلى لاهاي..! وأنهيتحرق شوقاً لينتقل للمحكمة الجنائية..وهويوحي بعكس ذلك ظناً منه بأن إظهار رغبته في الذهاب إلى لاهاي لن يساعد في تحقيقها وسيبقيه (رهن كوبر)..وهذا هو التفسير الذي يتفق مع هو معروف عنه من نفس ميتة (ولوعة بالراحة والدعة) وما هو مشهور به من (الزوغان) وإيثار السلامة..وهو يعلم تفصيلاً (مواصفات غُرف السجناء في لاهاي) ويتوق إليها..وهذا هو حال كل من يؤثر شخصه على الوطن وتتقوّى عنده غريزة الرفاه الشخصي و(الراحات) على حساب يقظة الضمير ولذعات النفس اللوّامة..!.
إنه يقول في كلام (غاية في السوقية) وفق ما نقلت عنه صحائف ومنابر (تشبه سوقيته) إنه يوافق على محاكمته داخل البلاد (بواسطة أسوأ قاضي “قحاتي” من أن يحاكم أمام قاضي “خواجة”).. وكأنه بهذا الكلام الرقيع يملك حق أن يختار مكان محاكمته..!! أو كأن أحداً سأله: في أي مكان تريد (سعادتك) عقد المحكمة؟! ثم أن كلامه عن (أسوأ قاضي) من الخطرفات التي تؤكد عمق (متاهة الكولونيل)..! فهو يظن أن السودانيين لا يتذكّرون السوء الذي (لاث ولوّث وأفسد به) مُجمل نظام القضاء..وجعل قاعدة اختياره للقضاة (الأسوأ انحرافاً) الذي لا يتورّع عن بلع الذمة وتزييف الوقائع ومجاراة الباطل..! فأي سوء تركه المخلوع خلفه ولم يدمغ به قضاته الذين كان يختارهم بأفضلية (الرذالة)..! ثم فليقل لنا منذ متى يكره الخواجات..؟! وكيف لا يرضى بمحاكمتهم وهو الذي كان يعقد معهم الصفقات ليسلمهم إخوانه اللائذين بنظامه ويقوم بشحنهم للخواجات على طائراتهم..؟! هذا هو حديث المخلوع الذي لا ينبئ إلا عن المزيد من التردّي النفسي والضحالة الوجدانية.. حتى أنه لم ينس أن يطمئن الشعب على (صحته الغالية) وبراءتها من (الضغط والسكري) اللذين كانا من المتلازمات المشتركة للشعب السوداني طوال ثلاثين عاماً من حُكم هؤلاء المعتوهين..! الله لا كسّب الإنقاذ.!!