الفريق أول شمس الدين كباشى!!! و ممارسة السلوك التعويضي
بقلم/ عيسى خميس مرفعين
ما الذي يدفع الفريق أول الكباشى فى إتخاذ مثل هذه المواقف الراديكالية التى تضر و تؤثر على العملية السلمية و التحول الديمقراطي و لا يسهم في تحقيق سلام عادل و شامل يفسح المجال لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس و مبادئ جديدة..؟ و لماذا يتبنى مثل هذه الأفكار؟ لماذا لم يتقبل الكباشى ذاته و يتسامح مع السودانوية التى تجمعنا كما في طرح الحركة الشعبية الذى يرتكز على مبدأ الفصل التام بين الدين و الدولة؟ هل يجب عليه(الكباشي) أن يكون كذالك؟ و هل يشعر بالإهانة أم الرضا من هكذ مواقف؟، ثم لِمن يعمل هذا الجنرال!!!؟ كل هذه الإستفسارات و الأسئلة الحائرة فى مخيلة الشعب السودانى لكي تتم الإجابة عليها نبدأ ببعض التعريفات العلمية المهمة…
السلوك التعويضي:
هو سلوك يسلكه أي شخص للتعويض عن سلوك آخر أو لتغطية حاجة محددة، أو إخفاء حقيقة ما لا يمكن تغيرها، و هذا المرض و الإضراب النفسى منتشر وسط الذين لا يتقبلون ذواتهم و لا يعترفون بواقعهم و غير متصالحون مع أنفسهم.
لا شك أن الفريق أول شمس الدين كباشى غير متصالح مع ذاته بأنه غير عربى و أنه أفريقي لا غبار عليه، كما أنه غير راضى لحقيقة الأشياء بأن الثورة الشعبية التى أطاحت بالنظام الذي ينتمي إليه و جاءت به على سدة الحكم و السلطة و كانت أبرز شعارات الثورة حرية، سلام، وعدالة و تحقيق هذه الشعارات متصلة بقبول و إحترام الآخر بتعدده وتنوعه، سوي كانت دينية، ثقافية، إجتماعية…. الخ، و إلغاء كافة القوانين العنصرية التى قسمت الشعب السودانى إلى طبقات متفاوتة، فمعالجة قضية علاقة الدين بالدولة هى المفتاح الحقيقى و المدخل الرئيسي لتحقيق أهداف وشعارات الثورة.
يجب على الكباشي العمل على تحقيق هذه الشعارات التى سقطت من أجلها أرواحاً طاهرة شباب وكنداكات فى زهرة أيامهم، بدلاً من الهروب إلى الأمام و السعى بشتى الوسائل لنيل الإستحسان من دعاة المشروع الإسلاموعروبى المنتهية صلاحية.
ليس من الصعب تحديد و قراءة مظاهر السلوك التعويضي للفريق كباشى، سأذكر بعضاً منها فى ما ورد في حواره الصحفي كما قال أن (إتفاق أديس أبابا عطاء من لا يملك لمن لا يستحق).! و زاد قائلاً بأن الحركة الشعبية منحوها ما تريد على طبق من ذهب.! و أن حمدوك متمرد على المؤسسات!! ….إلى آخر تصريحاته وأنتم تعلمون بقية القصة.”
لقد إعتقد البعض بأن غرور الكباشى يعني ثقة كبيرة بالنفس و آخرين قالوا بأنه صمام الأمان و الشخصية الحاسمة فى الحكومة الإنتقالية و هو القوي الأمين و الحريص على سيادة البلاد و هويته الإسلامية و العربية…. حتى الذين كانوا يصفونه بأوصاف عنصرية مسيئة لا يقبلها أحد.
لكن إذا سمعنا النظر في شخصيته نجد أن هذا السلوك لا تعني ثقته بنفسه كما يروج له البعض بل أنه شعور بالنقص يحاول إخفائه في ثوب الغرور و التعالي.
و هناك فارق بسيط جداً بين الثقة بالنفس والغرور، فالأولى تواضعوا ولين الكلام وتقدير للإمكانات الآخرين من دون إعطاء النفس قيمة «تكبرية»، أمّا الغرور فهو نقيض التواضع ومرادف للتكبر و التعالي و شعور بالعظمة و توهّم الكمال وإساءة تقدير للحجم الحقيقي للقدرات وإفراط في الإعجاب بالنفس.
يفسّر علم النفس عقدة النقص على أنها «شعور الفرد بوجود عيب فيه يُشعره بالضيق والتوتر ونقص في شخصيته مقارنة بالآخرين، ما يدفعه بالتعويض عن هذا النقص بشتى الطرق» وهو داء خطير و من الأمراض النفسية الأكثر شيوعاً في الدولة السودانية التى شهدت عمليات إعادة إنتاج إجتماعى ثقافى نفسى ممنهج مارستها كل أنظمة المركز الإسلاموعربي التى تعاقبت على حكم السودان.
فنجد أن المصاب بعقدة النقص يتصف بالسلوك التعويضي إذا تكلم، يتكلم بلهجة التعالي ودائم المحاولة لجذب إنتباه الآخرين ويعرض أموره بمظهر مختلف، ويقارن نفسه بغيره ويحاول أن يثبت أنه الأفضل، ويتظاهر بالثقة بالنفس وهو لا يجدها في حقيقة نفسه، وينتقد ويهاجم الأشخاص الناجحين أو المتميزين عن غيرهم، فيلجأ إلى التقليل من قيمتهم الفعلية، فإن منشأ هذا الإختلال في التقويم هو الشعور بالدونية وتغطيته برداء الغرور و التعالي والتكبر.
إن سلوك الفريق أول شمس الدين كباشى من خلال الورشة المشتركة غير الرسمية و كذلك بيانه المُخزي و حواره الصحفي أزالت الأقنعة التي كانت تستتر شخصيته الهزيلة و المتناقضة، الأمر الذي جعل الشعب السودانى بمكوناته المختلفة يسخرون منه، فهي شخصية حقاً لا تتقبل نفسها و غير متحررة من النخبة المركزية لذلك يعمل ليل نهاراً لإجهاض الثورة و التصدي لآمال وتطلعات الشعوب المهمشة.