العدالة الآن..!
شمائل النور
عقب تسليم المتهم؛ علي كوشيب نفسه للمحكمة الجنائية الدولية تحول الحدث لخبر رئيسي في غالبية الوكالات، وقتها التزمت الحكومة الانتقالية الصمت لساعات طويلة حتى أعلنت موقفها المرحب بالخطوة وقالت إن كوشيب نفسه مطلوب لديها على ذمة بلاغات.
هذه الساعات الطوال التي سبقت إعلان الموقف تؤكد بلا شك التردد وانعدام الإرادة في ملف العدالة، وهذا ينعكس تماماً في قضية تسليم المخلوع ومعاونيه للمحكمة.
أمس قالت وزيرة الخارجية عقب لقائها المدعي العام للمحكمة الذي يزور البلاد حالياً إن مجلس الوزراء قرر تسليم المطلوبين، ومن المنتظر ان يناقش الاجتماع المشترك بين الوزراء والسيادي هذا القرار بغرض الموافقة النهائية.
وقبل ذلك وقعت الحكومة على ميثاق روما وهو ما يلزمها بتسليم المطلوبين، رغم أن التسليم لا يحتاج ولا يتطلب التوقيع على ميثاق بقدر حاجته لإرادة وجدية في قضية العدالة.
هل تحتاج قضية العدالة لوحدها ثورة؟ وهل تدرك الحكومة الانتقالية أن قضية العدالة قضية مركزية واستراتيجية للجميع وأن تبديد الوقت لن يُنسي الناس قضيتهم وأن العدالة هي أساس الاستقرار.
لا يُصدق أنه وبعد أكثر من عامين لا يزال الضحايا ينتظرون تسليم أو محاكمة من اقتلعتهم ثورة الشعب. لا يُمكن بعد كل هذه المدة أن تخرج الحكومة لتقول تعتزم وتقرر وتجدد التزامها في التعاون، المطلوب فوراً بيان بالعمل وليس المزيد من الكلام.
إذا كان المتهمون الذين أسقطت الثورة نظامهم ليس في مقدور الحكومة السير في طريق محاكمتهم بل تتحدث عن إمكانية ذلك بكل خجل، فكيف يكون الحال في محاكمة المتورطين في مجزرة فض الاعتصام والتي حدثت بعد الثورة.
من المهم تثبيت أن قضية العدالة، قضية لا تقبل إلا المضي في طريقها حتى النهاية، ومن المهم تثبيت أن هذا ينبغي أن يبدأ الآن وليس الغد. العدالة ليست قضية مثل تحسن الاقتصاد أو إصلاح مؤسسات الدولة أو حتى تحسين الأجور، هي قضية لا تنتظر ولا ينبغي لها أن تنتظر.
أي محاولة لإخضاع العدالة ضمن التسويات السياسية التي ظلت تعيد إنتاج الفشل وتراكم الظلم وإفلات الجناة هو المزيد من تأخير تحقيق العدالة والمزيد من تبديد الزمن وتأجيل المعارك، ولن تجدي نفعا مهما كان هدف هذه التسويات.