إنفلات.!
شمائل النور
منذ سقوط البشير لم تتوقف أحداث الاقتتال الذي يأخذ عادة طابع قبلي أو مراد له ذلك، وتحصد هذه الحوادث الأرواح تلو الأرواح واللافت في الأمر أن مناطق لم تشهد من قبل أي اقتتال قبلي.
وباتت الأخبار تتوارد على رأس الساعة عن اشتباكات في مكان ما بين المكونات السكانية، بدأت منذ عهد الولاة العسكريين بأحداث جنوب دارفور، ثم كسلا ثم كادوقلي، واستمرت لتغطي أوسع رقعة في البلاد.
بالمقابل ردة الفعل الحكومي ترتقي لدرجة التواطؤ. لم تتخذ الحكومة أي إجراءات حقيقية تفرض سيطرتها الأمنية على الأوضاع وتكتفي فقط بالبيانات حول هذه الأحداث ثم إذا اجتهدت شكلت لجنة تقصي أو تحقيق وآخرها لجنة للتقصي في أحداث كولقي بشمال دارفور والتي تجري فيها الدماء الآن.
هل خرج الوضع الأمني عن السيطرة، وهل بات الاقتتال ذو الطابع القبلي أمراً طبيعيا بحيث لا يحرك ساكن السلطة.
بعض هذه الأحداث تشير إلى أن القوات النظامية تقف متفرجة لحظة الانفجار أو ينحاز كل طرف لحماية أو الدفاع عن حواضنه القبلية وهذه مرحلة الخطر التي ليس بعدها إلا الفوضى.
البعض يذهب إلى أن من يقود الوضع للانفجار في الأطراف هم عناصر النظام المخلوع، وهذا وارد إذ أن الولايات لا تزال تحت سيطرتهم لكن وإن كان ذلك هو الحقيقة، أين الحكومة مما يجري؟ لماذا تقف متفرجة؟ وكم تحتاج من الدماء حتى تتدخل بصرامة؟
بالتأكيد أن ما يحدث بالتزامن في عدد من المناطق، الصدفة فيه غير واردة بدرجة كبيرة، لكن حتى لا نكون أسرى لنظرية المؤامرة، المسؤولية بالدرجة الأولى على الحكومة.
على الحكومة أن تقوم بواجبها كما ينبغي، على الأقل أن تبذل المعلومات حول ما يحدث. وأن تجيب على سؤال لماذا يتمدد الاقتتال القبلي يوما بعد يوم.
وزير الداخلية، مدير الأمن يتحملان المسؤولية الأولى عن هذه الدماء التي لم تتوقف منذ تشكيل هذه الحكومة.
أما إذا كانت الخرطوم لا تستشعر خطورة ما يحدث في الأطراف ومآلات ذلك على الوضع عموما، فهذه هي المشكلة.
ما حدث في ولايات السودان المختلفة ولا يزال مستمر سيحدث بذات التفاصيل في مناطق أخرى إذا واصلت الحكومة تراخيها ولا مبالاتها تجاه هذا الاقتتال العبثي.
ويظل غياب مؤسسات الرقابة والمساءلة والمحاسبة محفزا لكل مسؤول لإخلاء مسؤوليته مما يجري.