القائد عزت كوكو أنجلو – رئيس هيئة أركان الجيش الشعبى فى حوار ساخن مع الموقع الإلكترونى للحركة الشعبية
⭕ إذا أردنا بناء دولة محترمة و قابلة للحياة فلا مفر من إصلاح القطاع الأمنى.
⭕الجيش الشعبى صمام أمان المهمشين و هو يمثل الضامن العضوى Organic guarantee والحقيقى لأى إتفاق سلام يتم التوصل إليه فى المستقبل مع حكومة الأمر الواقع.
⭕ مجلس التحرير القومي أعطى وفد الحركة الشعبية التفويض الكامل فيما يتعلق بالمفاوضات. كما وجه الوفد بالتمسك بكل المواقف محل الخلاف فى مسودة الإتفاق الإطارى، و خاصة فيما يتعلق بإصلاح القطاع الأمنى.
⭕ هناك قوى تقف ضد التغيير و أخرى مُعادية للسلام تعمل في إتجاه عرقلة جُهود و مساعى تحقيق السلام العادل و المستدام.
⭕ المشهد السياسى فى السودان مفتوح على كل الإحتمالات.
⭕ لقد أكدت تجربة حُكم الإسلاميين فشل الدولة الدينية و لا تزال تداعياتها ومآلاتها شاخِصه للعيان.
⭕ أجرى الموقع الإلكترونى الرسمى للحركة الشعبية حواراً نادراً يُعتبر الأول من نوعه مع رئيس هيئة أركان الجيش الشعبى القائد عزت كوكو أنجلو فى خواتيم إنعقاد مجلس التحرير القومى فى الأراضى المحررة – مدينة كاودا. إستنطقنا القائد عزت كوكو فى عدد من القضايا الساخنة و كعهده كانت إجاباته مباشرة و صريحة و واضحة. طلبنا منه أن يستهل حديثه بتسليط الضوء على بعض من المحطات المُهمة و البارزة فى تاريخ نضاله الطويل خاصة و أن القائد عزت كوكو قد خاض الكفاح المسلح فى عدد من جبهات القتال، فإلى مضابط الحوار:
حوار – أنس آدم : Splmn.net
تصوير: عامر توتو
⭕ فى البدء نرحب بك فى الموقع الإلكترونى للحركة الشعبية ، و سعداء بإستضافتك و إجراء هذا الحوار من الأراضى المحررة، و فى كاودا قلعة الصمود و النضال. بداية، أرجو أن تعرف نفسك لُقُراء و متابعى الموقع :
أنا عزت كوكو أنجلو كودى – رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال. إلتحقتُ بالكفاح المسلح و إنخرطت فى صفوف الحركة الشعبية و الجيش الشعبى لتحرير السودان منذ العام 1985، فى أعقاب إنتفاضة مارس – أبريل و سقوط نظام مايو البائد. كُنا قد مارسنا العمل التنظيمى السرى قبل ذلك الوقت حتى تسنت لى و معى آخرون فُرصة للإطلاع على منفستو الحركة الشعبية فعرفنا رؤية و أهداف الثورة و مشروع السودان الجديد. قررنا وقتها كطلاب بعد إكمال المرحلة الثانوية في العام 1984 الإلتحاق بالكفاح المسلح بالإنخراط فى صفوف الجيش الشعبى لتحرير السودان فغادرنا حينها كمجموعة إلى إثيوبيا.
تلقيتُ التدريبات العسكرية بإثيوبيا و تخرجت في العام 1986 ضمن الدفعة الثالثة Shield – 3 برتبة ملازم ثانى – تخصص مُدفعية. بعد ذلك كُلِفنا بمهمة الإستقطاب و التجنيد فى جبال النوبة ، فور وصولنا جبال النوبة فى العام 1987 تمكنا من تكوين قوة كوش الجديدة New Cush Force. و بعد إنجاز هذه المهمة التاريخية بنجاح عدتُ إلى إثيوبيا مرة أخرى و عملت كمعلم فى مركز التدريب العسكرى هناك. ثم إلتحقتُ بالكلية الحربية في بونقا بإثيوبيا في العام 1989. بعدها تلقيتُ دورة متخصصة في مجال الإستخبارات العسكرية فى العام 1990. و تم تكليفنا للمرة الثانية بمهمة عسكرية إلى جبال النوبة، حيث قُمنا بأولى العمليات العسكرية فى مناطق جبال تُلشى بالجبال الغربية فى العام 1992 – 1993، و مناطق ريفى البُرام (مقاطعة توبو الحالية فى عمق الأراضى المحررة) فى العام 1994. برئاسة الزون Zone HQs فى العام 1994 فى شنقارو، و وقتها لم يكن هناك ما يعرف بالجبهة. فى أعقاب بناء التجمع الوطنى الديمقراطى كتحالف تم تكليفنا فى العام 1995 بمهمة نوعية من قيادة الجيش الشعبى، تتعلق تلك المهمة بتأسيس لواء السودان الجديد New Sudan Brigade فى شرق السودان و بالفعل حققنا نجاحاً كبيراً. كما شاركت فى عمليات عسكرية كثيرة بجنوب السودان تحديداً فى مناطق حول الناصر و فى أبونق حول ملكال حتى دخلنا جبال النوبة. و إشتغلتُ أيضاً في مجال الإستخبارات العسكرية لفترة طويلة و قائد عمليات. و كنت قائداً للكتيبة 28 فى منطقة غرب كادقلى فى العام 1997 – 1999. و إنتقلت إلى رئاسة الزون Zone HQs كمدير للإستخبارات العسكرية. عملت قائدا للفرقة التاسعة بمنطقة جاو، و كذلك عملت قائداً للقوات المشتركة فى إقليم الفونج/النيل الأزرق فى العام 2009 و فى جبال النوبة فى العام 2010، و كنتُ عضواً فى مجلس الدفاع المُشترك Joint Defense Board إبان إتفاق السلام الشامل.
⭕ بصفتك رئيس هيئة أركان الجيش الشعبى، هل لك أن تحدثنا بإيجاز عن مهمام و واجبات الجيش الشعبى، و لماذا الكفاح المسلح ابتداء؟
الجيش الشعبى لتحرير السودان – شمال، جيش ثورى وطنى مناضل يخوض الكفاح المسلح كوسيلة ضرورية فرضتها طبيعة الدولة المركزية (السودان القديم) الذى تأسس على مشروعية العنف و الغلبة و تهميش الأغلبية. و الجيش الشعبى جيش محترف و منضبط يتوفر لديه عنصر القيادة و السيطرة Command & control و لديه عقيدة عسكرية ثورية و وطنية تلزمه بالدفاع عن المواطنين و حمايتهم من ظلم و بطش حكومة المركز، و لهذا السبب ظل الجيش الشعبى يخوض نضال طويل الأمد لتحرير السودان ضد الظلم و القهر و الإستبداد و التهميش و العنصرية و بناء سودان جديد على أنقاض السودان القديم، سودان علمانى ديمقراطى لا مركزى موحد طوعياً. سودان يرتكز على أسس الحرية و العدالة و المساواة. و كذلك يقوم الجيش الشعبى بتأمين السودان الجديد (الأراضى المحررة) و السُلطة المدنية للسودان الجديد و النظام العلمانى فى الأراضى المحررة. فضلاً عن حماية المواطنين و ممتلكاتهم فى الأراضى المحررة. بالإضافة إلى ذلك تقوم قوات الجيش الشعبى بأنشطة أخرى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر صيانة الطرق و الكبارى و المشاركة فى تشييد و صيانة المرافق الصحية و التعليمية و درء الكواراث و زراعة المشاريع الزراعية لتأمين إحتياجاته اللوجستية من ناحية الإمداد الغذائى- فالجيش الشعبى صمام أمان المهمشين و هو يمثل الضامن العضوى Organic guarantee والحقيقى لأى إتفاق سلام يتم التوصل إليه فى المستقبل مع حكومة الأمر الواقع.
⭕ صف لنا العلاقة بين الجيش الشعبى و المواطن في الأراضي المحررة؟
من المسمى فقط يمكنك إدراك أنه ما سمى بالجيش الشعبى إلا لأنه خرج من رحم الشعب و يناضل من أجل إنتزاع حقوق الشعب. فالجيش الشعبي و المواطن فى الأراضى المحررة روحان فى جسد واحد لا يفصلهما إلا إختلاف طبيعة المهام و الواجبات. و لولا المواطن لما كان الجيش الشعبى، بمعنى أن العلاقة تكاملية، فقد سبق و أن وصف القائد الراحل د. جون قرنق ديمابيور فى إحدى محاضراته الشهيرة للجيش العلاقة بين المواطن و الجيش الشعبى كعلاقة السمك بالبحر، فى إشارة إلى أهمية الماء (المواطن) بالنسبة للسمك (الجيش الشعبى).
⭕ يصف البعض مطالبة الحركة الشعبية بإصلاح القطاع الأمني قبل تنفيذ الترتيبات الأمنية بالتعنت و الشرط التعجيزي، كيف ترد على ذلك؟
ليس هناك أى شرط تعجيزى، هذا الكلام ينطوى على خبث و مكر و هو كلام لا يعدو كونه مزايدة و هروب من دفع إستحقاقات السلام و التغيير فى السودان و الذى يعتبر بناء الجيش الوطنى أهم شروطه و مطلوباته. فإذا أردنا بناء دولة محترمة و قابلة للحياة فلا مفر من إصلاح القطاع الأمنى و نعنى بذلك إصلاح المنظومة العسكرية و الأمنية على وجه التحديد كشرط ضرورى يجب أن يسبق تنفيذ الترتيبات الأمنية، و إلا فستستمر حالة التشظى و تمزق البلاد بسبب تعدد الجيوش و المليشيات و كتائب الظل و إنتشار السلاح حتى داخل العاصمة. نحن نعلم تماما أن هناك قوى تقف ضد التغيير و أخرى مُعادية للسلام تعمل في إتجاه عرقلة جُهود و مساعى تحقيق السلام العادل و المستدام. و هؤلاء هم الأعداء الحقيقيون للثورة و للحركة الشعبية و الجيش الشعبى و تحركاتهم معلومة و مرصودة لدينا. فهم يخشون التأثير الكبير و التأييد الواسع لأطروحات و مواقف الحركة الشعبية فى كافة مُدن و أقاليم السودان.
⭕ وافقت الحركة الشعبية في إتفاق إعلان المبادئ على بناء جيش وطنى واحد، هل لك أن تحدثنا عن مواصفات الجيش الوطنى الموحد فى إطار وحدة السودان؟
نعم الحركة الشعبية ظلت تنادى بجيش وطنى موحد، و هذا دليل على وحدويتها. ولكن هناك بالضرورة معايير و مواصفات للجيش الوطنى المُوحد الذى ندعو إلى بناءه – وهو جيش مهنى محترف و ذو عقيدة عسكرية جديدة و لديه مهمام وطنية ينص عليها الدستور . و هذا الجيش الوطنى يجب أن يعكس فى تشكيله على مستوى قيادته و وحداته و تشكيلاته واقع التعدد و التنوع الذى تتسم به الدولة السوانية. و يجب أن تكون مهام الجيش الوطني الموحد ممثلة في حماية الدستور العلمانى الدائم، و الدفاع عن التراب السودانى و سيادة الدولة السودانية و الدفاع عن الشعب. وكذلك ينبغي على هذا الجيش أن لا ينتمى لأى حزب أو تنظيم سياسى.
⭕ لماذا تصر الحركة الشعبية على العلمانية و فصل الدين عن الدولة؟
أولاً، فصل الدين عن الدولة في حد ذاته تفسير للعلمانية. فالحركة الشعبية تطرح مبدأ العلمانية لمعالجة قضية علاقة الدين بالدولة – و تأسيس نظام حُكم علمانى يكفل جميع الحقوق للشُعوب الُّسُّودانية بغض النظر عن الإنتماءات الدينية وذلك فى إطار دولة سودانية موحدة وحدة طوعية على أُسس جديدة (الحرية و العدالة و المساواة). لقد تم تسييس الدين فى السودان و إستخدمته الأنظمة التى تعاقبت على الحكم فى السودان كسلاح آيديولوجى و قامت بتسييسه و إستخدامه كمصدر للتشريع و إنتاج ترسانة من القوانين ذات المرجعية الدينية و التى تعمل على إخضاع و إذلال الأغلبية المهمشة و تهضم حقوقهم. كما ظل يفرض الدين كواحد من أهم مرتكزات و محددات الهوية الوطنية و هى فى الأساس هوية أحادية إقصائية لا تعبر عن واقع السودان و لا تعكس حقائق التعدد و التنوع. و ما زال الدين يشكل أهم مرتكزات الدولة و تواجهاتها فى مناهج و مقررات التربية و التعليم و الإعلام و السياسة الخارجية. لقد أكدت تجربة حكم الإسلاميين فشل الدولة الدينية و لا تزال تداعياتها ومآلاتها شاخصه للعيان حيث الحروب الطاحنة – إنفصال جنوب السودان، و الدولة السودانية مهدده الآن بمزيد من التشظى و التمزق بسبب الإصرار على تسييس الدين و إستخدامه كسلاح آيديولوجى ليس لأى سبب موضوعى، و إنما بهدف تكريس الأوضاع المختلة لضمان إستمرار هيمنة الأقلية الحاكمة و الحِفاظ على إمتيازاتها التاريخية و تمرير الإجندة السياسية و الإستمرار فى إخضاع و إذلال الأغلبية المهمشة. تتمسك الحركة الشعبية بمبدأ العلمانية و فصل الدين عن الدولة للحفاظ على وحدة ما تبقى من السودان، و لأن الدولة الوطنية الحديثة هى دولة علمانية.
⭕ كعضو مجلس التحرير القومى كيف تقرأ أهمية دورة الإنعقاد الثالثة و الإستثنائية للمجلس من حيث التوقيت و بحضور وفد الحركة الشعبية المفاوض، وما هى أهم القرارات التي أصدرها المجلس فيما يتعلق بدعم العملية السلمية؟
بالطبع جاءت دورة الإنعقاد الثالثة الإستثنائية في توقيت غاية فى الأهمية، سيما و أن وفد الحركة الشعبية المفاوض كان حضوراً في جميع الجلسات الرسمية للمجلس. و كذلك قدّم الوفد المفاوض تقريراً شاملاً و مفصلاً حول سير المفاوضات بالتركيز على مسودة الإتفاق الإطارى . كما تكمن أهمية دورة الإنعقاد الثالثه فى أنّها جاءت فى مرحلة مفصلية إقتضت تمليك قواعد و مؤسسات الحركة الشعبية آخر تطورات العملية السلمية. و كذلك أعلن المجلس بعد مداولات و نقاشات مستفيضة تأييده لإتفاق إعلان المبادئ الموقع بتاريخ 28 مارس 2021 بين الحكومة الإنتقالية و الحركة الشعبية. و لعل أبرز المخرجات أن المجلس قد أعطى وفد الحركة الشعبية التفويض الكامل فيما يتعلق بالمفاوضات. كما وجه الوفد بالتمسك بكل المواقف محل الخلاف فى مسودة الإتفاق الإطارى، و خاصة فيما يتعلق بإصلاح القطاع الأمنى قبل تنفيذ الترتيبات الأمنية. و أهم ما يميز دورة الإنعقاد الثالثة هو أن المجلس قد أوصل رسائل موحدة للمجتمع الدولى أثناء إجتماعه مع وفد المبعوثين الدوليين و ممثل الأمين العام للأمم المتحدة و رئيس بعثة الأمم المتحدة للسلام فى السودان (يونيتامس) بحضور المنظمات و الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
⭕ وفق قرائتك للمشهد السياسى في السودان هل أنتم متفائلون بالتوصل لإتفاق سلام عادل و مستدام مع الحكومة الإنتقالية؟
المشهد السياسى فى السودان مفتوح على كل الإحتمالات. فإذا قامت الحكومة الإنتقالية بإصلاح القطاع الأمنى كخطوة ضرورية تسبق تنفيذ الترتيبات الأمنية و بناء الجيش الوطنى الموحد يمكن أن نتفاءل حينها بإمكانية التوصل لإتفاق سلام عادل و مستدام يطوى صفحة الحروب و يرفع المعاناة عن كاهل المواطن السودانى. هذا يتوقف على الرغبة و توفر الإرادة السياسية لدى الحكومة الإنتقالية، لكن في حال تعنت و رفض الحكومة الإنتقالية و مكونها العسكرى إصلاح القطاع الأمنى فهذا يدل على عدم الجدية و غياب الإرادة السياسية فى إنهاء الحرب والتوصل للسلام العادل و المستدام. و لا شك أن مثل هذا الموقف سيشكك فى نوايا الحكومة الإنتقالية و مصداقيتها، الأمر الذى قد يضع الدولة السودانية أمام جميع السيناريوهات.
⭕ فُرصة أخيرة لتقديم رسالة لجماهير و قواعد الحركة الشعبية و أصدقائها و حلفاءها
أولاً. نشكر الموقع الإلكترونى على هذه الإستضافة. فمثل هذه الحوارات و المقابلات الصحفية ظلت غائبة في الماضى و كانت حلقة مفقودة في حرب التحرير الأولى. بالتالى هذه الحوارت مهمه للغاية لأغراض التوثيق للثورة و النضال و تمكننا من تمليك الحقائق للرأي العام. كما لا يسعنى إلا وأن أقدم صوت شكر و إشادة مستحقة لمجٌهوداتكم الكبيرة و نتمنى لكم مزيداً من العطاء و تقديم الأفضل فى مجال الإعلام.ثانياً، رسالتى لجماهير و قواعد الحركة الشعبية و كذلك الحُلفاء و الأصدقاء هو أن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، متمسكة بمبادئ و أهداف الثورة. و إنهّا تمضى بُخُطى ثابته و واثقة نحو تحقيق سلام عادل ومستدام ينهى الحروب في السودان و يلبى آمال و تطلعات الشعوب السُّودانية وليست جماعات أو إثنيات محددة، فالظلم واقع على أغلب السودانيين. شكراً لكم مرة أخرى