في الرد على ( أحمد السنجك) القيادي بالحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل
عادل شالوكا
طالعنا تصريحاً منسوباً للقيادي بالحزب الإتحادي الدِّيمقراطي الأصل – أحمد السنجك نُشر بوسائل التواصُل الإجتماعي بتاريخ 5 يونيو 2021 تحت عنوان : (أي تنسيق مع الحلو ما لم يتنازل عن الطرح المُعادي للإسلام يعتبر رِدَّة) !!!. وهذه شخصنة خبيثة للقضايا، لأن ما يتم طرحه من قضايا على طاولة التفاوض هي مواقف الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال وليست مواقف أفراد.
ولأهمية العلاقة التاريخية مع الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل، وما يُمكن أن يُسبِّبه مثل هذا التصريح المُضلِّل من تشويش لجماهير الحزب الإتحادي الدِّيمقراطي وجموع الشعب السُّوداني، رأينا ضرورة الرد على هذه الإفتراءات والتصريح غير المسؤول.
أولاً : يتَّهمُنا السنجك بأننا :
(نسعَى لمُحاربة الإسلام وهدم أركانه وتعطيل شعائره) – إنتهى الإقتباس !!
هذه تُهمة لا تقف على ساقين، ولا تدعمها أي حُجَّة ولا منطق، وهذا يُذكِّرنا بعهد الفتوحات والغزوات والحروب الدِّينية، فكأنَّ الحركة الشعبية أصبحت إمبراطورية دينية تُحارب أعداء دينها !!. وإن كانت الحركة الشعبية تسعَى لمُحاربة الإسلام لكانت بدأت بمُحاربة المُسلمين في المناطق المُحرَّرة – الذين يتمتَّعون بكافة الحرِّيات الدِّينية ومُمارسة الشعائر، ويقودهم (المجلس الإسلامي للسُّودان الجديد) كمؤسَّسة غير حكومية ترعَى حقوق المُسلمين دون تدخُّل من الحكومة (الدَّولة).
ثانياً: إتَّهم السنجك الحركة الشعبية بـ(التعنُّت في المفاوضات) !!.
نحن لم، ولن نتعنَّت في التفاوض – ولكننا نطرح قضايا تُشكِّل جذور الأزمة في السُّودان لعهود طويلة وبعيدة، ترسَّخت منذ خروج المُستعمر من السّودان قبل أكثر من 65 سنة، وهذه قضايا لا تُحَل في إسبوع أو إسبوعين – شهر أو شهرين – فربما إستغرق الأمر سنوات في حال عدم توفُّر الإرادة الحقيقية لدى الحكومة الإنتقالية لمُعالجة جذور المشكلة السُّودانية كما نصَّت الوثيقة الدَّستورية التي جاءَت بهم إلى السُلطة. فالحكومة الإنتقالية تسعَى لإقناعنا بالذِهاب إلى الخرطوم بتقديم (جذرة) السُلطة، وبالطبع لن نخشَى (العصا) لأننا نُناضِل من أجل حقوق الشعب وليس مصالح أفراد.
ثالثاً : يتَّهمنا السنجك كذلك بـ(مُطالبتنا بإلغاء الزكاة، وتعطيل شعيرة الجمعة) !!.
نحن لا ندري من أين تحصَّل السنجك على هذه (المطالب) وهو ليس عضواً في وفد التفاوض من كلا الطرفين، ولكن الهدف واضح – وهو التشويش والتضليل – الحركة الشعبية طالبت بإلغاء قانون الزكاة الموجود الآن وترك الأمر للمُسلمين ولم تطالب بإلغاء (شعيرة المُسلمين) !! ولا الحركة تستطيع فعل ذلك، فهذه فريضة تقع في إطار المجال الخاص (الأفراد) – نحن نُطالب بإبعاد المجال العام (الدَّولة) عن كل ما يتعلِّق بالدِّين لأننا إتَّفقنا مع الحكومة الإنتقالية في إعلان المبادىء على فصل الدِّين عن الدَّولة، والدَّولة التي تفصِل الدِّين عنها هي بطبيعتها دولة (علمانية). وشعيرة الزكاة نفسها لها تجربة سيِّئَة في السُّودان وقد شابها الكثير من العيوب من فساد وتوظيف في غير مجالاتها الشرعية بسبب تدخُّل الدَّولة، فتشوَّهت (الشعيرة)، وتشوَّه الدِّين نفسه – والشواهد على ذلك كثيرة. والسؤال : للسنجك وأعضاء الحكومة الإنتقالية – لماذا لم تتدخَّل الدولة لوضع قانون للصلاة أو الصوم وكلاهما بالإضافة إلى الزكاة (شعائر دينية) ؟؟.
أما بخصوص عطلة نهاية الإسبوع التي طُرحت بواسطة الحركة الشعبية (الأربعاء) فالهدف من ذلك هو إبعاد الدين نهائياً عن تدخُّلات الدَّولة ليكون الدِّين مجاله الفرد والإيمان والإعتقاد، لتقف الدَّولة على مسافة واحدة من كافة الأديان والمُعتقدات دون تمييز بين المواطنين على أسُس دينية، فعطلة (الأربعاء) تساوي بين جميع الأديان في دولة التنوُّع الثقافي والتعدُّد الدِّيني، وهذه إحدى مُتطلبات (فصل الدِّين عن الدَّولة).
عطلة الجمعة ليست شعيرة للمُسلمين كما ذكر السنجك، وإنما صلاة الجمعة فقط هي شعيرة المُسلمين – ففي سورة الجمعة الآية (9):
(يا أيُّها الذين آمنوا إذ نودِيَ للصلاة من يوم الجمعة فأسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون).
وعلى السنجك مُراجعة ما كتبه الدكتور/ عمار ميرغني حسين القيادي بالحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل أيضاً عندما طرح سؤالاً حول : (ما هو حكم عطلة يوم الجمعة عند المسلمين من ناحية فقهية ) ؟؟ .. حيث أكَّد إن علماء المُسلمين – حسب المذهب المالكي – ذكروا إنه : (يُكره ترك العمل يوم الجمعة تسنُناً) .. أي إن ترك العمل فيها ليس فرضاً أو واجباً وليس بالسُنة ولا المُستحب .. ومن ترك العمل فيه وهو يظن إن ذلك سُنَّة فقد أتى مكروهاً .. وذكروا ممنوعات الجمعة ولم يوردوا ترك العمل والتبطُّل فيه. والقرآن يحِض على الإنتشار بعد صلاة الجمعة إبتغاء الرزق :
(فإذا قضيت الصلاة فإنتشروا في الأرض وإبتغوا من فضل الله) – سورة الجمعة الآية (10).
والأدلة كثيرة كما ذكر الدكتور/ عمار ميرغني – بأن يوم الجمعة يوم عمل وتكسُّب وإتجار. فالبيع والشراء – حسب الآية : (إذ نودي للصلاة من يوم الجمعة فأسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) – مُباح يوم الجمعة ويمنع فقط عند النداء للصلاة – وما نهَى عنه القرآن هو (منع البيع) في وقت صلاة الجمعة. ولا يوجد أي أحد من العُلماء حبَّب وجزم شرعاً بالبقاء في البيوت يوم الجمعة كعطلة، وإنما قضية تحديد الإجازات هي من صلاحيات الدَّولة حسب طبيعة الدَّولة والأعراف والثقافات ومصالحها السياسية الإستراتيجية، وحالة السُّودان تتطلَّب الحياد في تحديد يوم العطلة للمُحافظة على وحدة وتماسُك الشعب و إستقرار البلاد، وعدم التمييز بين المواطنيين على أسُس دينية، وهذا لا يوجد فيه (إستفزاز لمشاعر المسلمين – أو طعن في عقيدتهم) – كما يقول السنجك.
رابعاً: يقول السنجك إن دعوة الحركة الشعبية ترمي إلى : (حرمان المسلمين من مُمارسة عقائدهم الدِّينية التي كفلها لهم الدستور والقانون في كافة الدساتير والقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان تحت بند حرية العبادة وإعتناق الديانات) – إنتهى. – ولعجبي فإن هذا هو العجب العُجاب !!!. فالسنجك لم يتذكَّر طيلة سنوات الإنقاذ وحكم الأخوان المُسلمين هذا النص عندما كان يتم إضطهاد غير المُسلمين في السُّودان !!. ولكننا نذكره – نحن – بإن الحركة الشعبية هي التي طرحت هذا البند في إتفاق إعلان المبادىء ومسودَّة الإتفاق الإطاري وهي مُلتزمة به، فحديثه مُجرَّد تهريج لا معنى له.
والسنجك يجهل معنى (العلمانية) وفصل الدِّين عن الدولة، ومفهوم (العقد الإجتماعي)، وهل دولة العقد الإجتماعي هي دولة (ثيوقراطية) أم دولة (مواطنة متساوية) ؟؟، ويُحاول عمداً تجاوز الحريات المكفولة للمسلمين في ظل الدَّولة العلمانية، ويُريد تضليل المُسلمين البُسطاء الذين لم يطَّلِعوا على تجارب الدول العلمانية وكيف يعيش المسلمون فيها – فالسنجك نفسه يعيش في الولايات المُتَّحدة الأمريكية الآن، ويستمّتع بـ(علمانيتها) ويُحرِّمُها على السُّودانيين !!.
خامساً : يقول السنجك إنهم في الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل : (يرفضون أي إتفاق يُطالب بحذف البسملة والآيات القرآنية من المكاتبات الرسمية) .. ويعتبر (مُناقشتها ومُحاولة إدخالها في الإتفاق تُعد ظاهرة غير كريمة ومُعاداة ظاهرة، وبيِّنة للإسلام) – إنتهى.
فهل حقاً السنجك يُمثِّل الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل أم يُمثِّل نفسه ويُعبِّر عن رأيه الشخصي ؟؟ !!. ولماذا يحصر السنجك الرموز الدِّينية في (البسملة والآيات القرآنية) وهي كثيرة ؟ !!. فيما يتعلَّق بالبسملة التي يتشدَّد فيها – فعلى سبيل المثال : إذا أراد أي مسؤول حكومي في دولة السودان كتابة خطاب رسمي – بعد فصل الدين عن الدولة حسب إعلان المبادىء – فكم عدد (البسملات) التي سيتم كتابتها في الترويسات والكتابات الرسمية في ظل تعدُّد الأديان في السُّودان، وعملاً بمبدأ المساواة بين الأديان ؟؟. وكم عدد الدِّيانات والمُعتقدات في البلاد ؟؟.
أم البسملة لديكم هي الإسلامية فقط ؟؟. إذا كانت الإجابة بنعم – فأنتم تسعون لتفكيك السُّودان وليس وحدة شعبه، ووحدة أراضيه كما تدَّعون.
سادساً : يقول السنجك إن أي تنسيق مع الحركة الشعبية (ما لم تتنازل عن هذا الطرح المُعادي للإسلام يُعتبر رِدَّة سياسية وأمر غير مقبول يتنافَى مع الشرع والدِّين) – إنتهى !!.
ما يُدهشنا حقيقة هو وجود أشخاص في القرن الحادي والعشرون ويُفكِّرون بعقلية العصور الظلامية والماضوية المُتحَجِّرة التي لا صلة لها بروح العصر والتقدُّم الذي وصلت إليه البشرية بشأن مُعالجة قضية (علاقة الدِّين بالدولة)، والقطيعة التي قامت بها مع الماضي القائم على (الدولة الثيوقراطية) التي تُميِّز بين الناس على أساس الدِّين والمُعتقد. نحن نأسف حقيقةً لوجود مثل هذه القيادات، وبهذه العقلية التي تُكرِّس للكراهية والتقسيم وإستغلال الدِّين في السياسة.
ومن هو السنجك حتى يصدر مثل هذه الأحكام والفتاوي بـ(الرِدة) ضد أفراد أو حزب سياسي، وبأي صفة ؟؟. ولكنه العمي الآيديولوجي الذي يقود أمثاله لمثل هذه الترهات.
سابعاً: تحدَّث السنجك عن : (خصوصية العلاقة التي تربط حزبه بالحركة الشعبية وخاصة في عهد الراحل الدكتور جون قرنق والتي وصلت إلى مرحلة مُتطوِّرة … ولكن هذا لا يعني المُجاملة فيما يمس العقيدة وتمزيق الوطن) – إنتهى.
ونقول للسنجك : إن ما تقوم به أنت هو الذي يُمزِّق السودان ويجعل خيار بقائه موحَّداً أمراً غير مقبول. والإسلام ليس في حوجة لأمثالك للدفاع عنه وحمايته بحسب الآية :
(إنَّا نحن أنزلنا الذكر وإنَّا له لحافظون) – سورة الحجر الآية (9).
أما بخصوص علاقة الحزب الإتحادي الدِّيمقراطي بالحركة الشعبية، فإن مولانا/ محمد عثمان الميرغني قدَّم الوحدة الوطنية والسلام وتماسُك الشعب السُّوداني وإنسجامهم بتجميده قوانين سبتمبر 1983 (قوانين الشريعة الإسلامية) التي تُفرِّق بين السودانيين – فمثل أفكار السنجك هي التي قسَّمت السُّودانيين وأوردتهم موارد التهلُكة والتشظِّي منذ خروج المُستعمر قبل 65 سنة حتى إنفصل جنوب السُّودان في العام 2011، والآن ظهر جنوب جديد يمتد من حدود أثيوبيا شرقاً حتى حدود تشاد غرباً، ومن أبيي جنوباً حتى شمال كردفان. هذا إذا أغفلنا شرق السُّودان الذي حمل السِّلاح لأكثر من عشرة سنوات ضد الحكومة المركزية.
نحن ندرك موقف مولانا/ محمد عثمان الميرغني وأعضاء الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل (الحقيقيين) وطائفة الختمية، ونثق في فهمهم للدِّين ولروح الدِّين الذي هو أكبر من ترهات السنجك وخطرفاته. وموقفه هذا لا يشبه الحزب الإتحادي الديمقراطي ومواقفه الوطنية عبر التاريخ من أجل مصلحة الدِّين والوطن. والعلاقة التاريخية القوية بين الحزب الإتحادي والحركة الشعبية قامت على الفهم المُشترك حول القضايا التي سبَّبت الأزمة المُتجذِّرة، وقسَّمت السُّودانيين. وهذه علاقة متينة وراسخة وتزداد قوة يوم بعد يوم من أجل العدالة والمساواة والسلام الدائم والوحدة الطوعية القائمة على حقوق المواطنة المتساوية.
ختاماً : لا توجد أي معادة للإسلام والمسلمين، فالقضايا التي وردت في مسودة الإتفاق الإطاري هي قضايا مطروحة للنقاش منذ خروج المستعمر في العام 1956 – ولكن ما نطق به السنجك يُرسِّخ لمنهج الوصايا وفرض الرؤى المُشوَّهة والمُضلِّلة على السودانيين. ولا خيار لنا جميعاً سوى قبول الآخر وإحترامه في ظل سودان جديد يسع الجميع
Have you ever thought about adding a little bit more than just your articles?
I mean, what you say is fundamental and everything.
But imagine if you added some great images or videos to give your posts more, “pop”!
Your content is excellent but with images and clips, this
blog could undeniably be one of the most beneficial in its
field. Awesome blog!