الأحزاب السياسية هي السبب في عزوف الشباب عن مشاركتها العمل السياسي .
نضال الطيب حامد .
النظرة السائدة لدى الغالبية العظمى من الشباب اليوم هي نظرة تشاؤمية تجاه العمل السياسي الحزبي، ولازاحة هذه النظرة لابد من دراسة جزورها والعمل على تقويم أسبابها، ولابد من أن هذه الأسباب متجزرة تحتاج الأحزاب إلى إيجاد خطاب فكري قادر على إقناع الفئات الشبابية بأن العمل السياسي الحزبي المشترك هو إحدى أدوات التغيير والتحول الديمقراطي.
إن الأسباب الموضوعية عن إبتعاد الشباب وعزوفهم عن المشاركة في العمل السياسي الحزبي اليومي.. هو تتداخل فيه عدت عوامل ذاتية وأخرى موضوعية وهذا مآ أكدته عدت دراسات متخصصة.. في الوقت الذي نجد فيه نسبة الشباب في السودان تمثل ٪70 منهم غير منتمين لأي حزب سياسي وهذا يطرح أمامنا تساؤلات مهمة وكبيرة لماذا تظل كل هذه النسبة العريضة من الشباب بعيدة عن المشاركة السياسية مع الأحزاب، على الرغم من تفاعلها الثوري في المشهد السياسي والشارع السوداني . فإن قراءة الواقع السياسي والمتابع للشأن الحزبي، يلحظ الحالة الحزبية كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات، ويتضح ذلك جلياً من خلال جمود الأحزاب وتراجع دورها سياسياً بسبب ترهلها وكثرتها في الساحة السياسية، وتهميشها للشباب ولدورهم، وفرض الوصايا عليهم من خلال القيادات الحزبية العليا. فهذه النقطة دفعت بالعديد من هؤلاء الشباب باللجوء إلى إتخاذ مؤسسات المجتمع المدني والانخراط في العمل التطوعي كبديل عن الإنضمام لهذه الأحزاب السياسية، بحيث تقترب مؤسسات العمل التطوعي من مخاطبة قضاياهم إلاجتماعية والإقتصادية دون إقصاء، وتوفر لهم فرصاً عديدة لإبراز مواهبهم وتفجير طاقاتهم وإثبات ذاتهم الشيء الذي فشلت فيه الأحزاب تجاه الشباب.
هناك أمر مهم نخص به الحركة الشعبيــة لتحرير السودان /شمال بقيادة القائد عبد العزيز آدم الحلو .. يستدعي الوقوف على دراسة هذا الموضوع الهام لهذه الشريحة المهمة والمهمشة، لإيجاد صيغ فعالة لكسر الجمود السياسي والعزوف الشبابي لدفع نسبة المشاركة في كل المستويات وأخذ دورهم الريادي في كافة المراحل..مع الثقة المتوفرة في المجهودات الكبيرة التي تبذلها سكرتارية الشباب والطلاب.
ولربما يتساءل الكثيرون منكم لماذا نخص الحركة الشعبيــة، من دون التنظيمات الأخرى بهذا الحديث .
نقول لأن ماتطرحه الحركة الشعبيــة بقيادة الحلو يتوافق تماماً مع رؤى عدد كبير من القيادات الشبابية الثورية في لجان المقاومة السودانية، وهذا ما لمسناه من خلال العديد من الحوارات السياسية المفتوحة.
لذلك أود أن أطرح عدد من النقاط التالية من أجل تعزيز المشاركة الفاعلة وحيوية للشباب .
أولاً .. دعم ونشر الثقافة الديمقراطية بين الشباب بمختلف الأعمار للإطلاع على القوانين والإجراءات وسبل الخوض والتأثير فيها وصولاً إلى دور صناعة القرار السياسي الحزبي.
ثانياً .. إذا الشباب هم من قاد الانتفاضة والثورة السلمية لإسقاط النظام البائد ودفع الثمن بشجاعة من أجل التغيير.. يعود هذا الدور الايحادي لهم، لأن المجتمع وبشكل عام لم يكن لديه فكرة قبول القيادات الشبابية، لذلك على الشباب أن يضطلع بدوره الحقيقي والطلعي محاولاً التغيير والإصلاح بشروط جديدة.. من خلال التوافق السياسي مع أطروحات السودان الجديد.
ثالثاً .. يجب العمل على تجاوز الفجوة بين الأحزاب السياسية والشباب، ولابد أن يعرف الجميع بأن الأحزاب والشباب بحاجة لبعضهم البعض من خلال التعاون المشترك لتحقيق أهداف متبادلة نحو الإنتقال الديمقراطي.
رابعاً .. إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت والمواقع المهمة الخاصة في دعم وتعزيز المشاركة السياسية للشباب والتبادل المعرفي وبالامكان عمل شراكة ذكية وتبادل الخبرات مع الآخرين.
خامساً .. الإستفادة من التجارب الناجحة والخارجية مثل ما هو موجود في التجربة الأسترالية .. وهو العمل على إنشاء معاهد متخصصة للثقافة الديمقراطية، التي تبدأ بالتدريب منذ الطفولة لينشأ الفرد في ظل هذه الممارسات.
سادساً .. إعداد وتنفيذ البعض من البرامج التنموية السياسية للشباب وتقديم برامج إعلامية تشجع على ضرورة المشاركة السياسية خاصة في الفترة الإنتقالية وصولاً إلى مرحلة الإنتخابات .
سابعاً .. العمل على تلبية إحتياجات الشباب بما ينعكس بصورة إيجابية على مشاركتهم الفاعلة في كل قضايا المجتمع، ونبذ اللامبالاة والانخراط في العمل الوطني، ويجب إشعارهم بدورهم في البناء الوطني واستقراره.
ثامناً .. على الأحزاب والتنظيمات الأخرى المسلحة مدارسة ومعالجة أسباب عزوف الشباب عنها.. لكسب ودهم وفاعليتهم في المستقبل.
تاسعاً .. تنمية المشاركة السياسية للشباب بالحوار والنقاش وإتاحة الفرصة للجميع، وإعطاء فسحة لهم لطرح أفكارهم ورؤيتهم.
عاشراً .. هذه وصية خاصة للشباب عليكم أن تتكاتفوا وتتعاونوا لأخذ حقوقكم، فهي تمثل إستعادة الثورة إلى الطريق الصحيح.. فإن لم تفعلوا ذلك فستتكالب عليكم التنظيمات الانتهازية التقليدية، وسوف تعود بكم إلى المحطة الصفرية بعيداً عن خط التحرر الوطني.