سلام السلطة
ايوب أحمد
(أحلك الأماكن في الجحيم للذين يتخذون الحياد في القضايا الأخلاقية)
توطئة :
سلام السلطةللمساهمة معه في سرقة تاريخ هذا الشعب وفرض نمط جديد على هذا الشعب لم يكون يعهده وهو نظام الإدارة البروقراطية والحكم المركزي بغرض نهب ثروات البلد وطمس الهوية الثقافية والاثنية لبقية الشعوب.
وبهذا التحالف مكنت الكيانات النيلية نفسها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بسبب تواطؤها مع المستعمر وكانت ايدولوجيا المستعمر تقوم على مبدأ الاسلاموعروبية الذي يعطي الكيان العربي في الشمال الوسط النيلي الامتياز على حساب الكيانات الأخرى وذلك لتحالفها معه في نهب ثروات البلاد وأصبحت هذه الامتيازات موانع هيكلية في وجه الثقافات الأخرى. وبعد مجئ الثورة المهدية والاستعمار الثنائي لم تتغير نظرتهم تجاه البقية واصبح مفهوم الدولة جزء من ثقافة الكيان الوسط النيلي بفضل تواطؤها مع المستعمر؛ لذلك بعد خروج المستعمر لم تتغير نظرة النخب تجاه الهامش الثقافي وبل ذهبت هذه النخب بعيداً بإعلان عروبة وإسلام الشعب دون مراعاة للتنوع السوداني التاريخي والمعاصر؛ بل ظلت سياسة العنف الثقافي على الآخر مستمرة بكافة أنواعها بغرض الحفاظ على بقاء الوضعية التاريخية المأزومة وان يكون الهامش في حالة إستبعاد من أماكن إتخاذ القرار؛ لذلك كان من الطبيعي أن تقوم الحروب الأهلية منذ اليوم الأول للاستقلال المشؤوم.
والنخب لم تغير عقليتها تجاه الكيانات المهمشة تاريخياً وظلت تنظر إليها بمفهوم انها تابعه له ولم تصل إلى مرحلة إنها تتخذ القرار وتحكم نفسها وهذا أدى الي عدم إستقرار الدولة.
وجاء قيام الحركات التحريرية كنتيجة للإقصاء وعدم الاعتراف بحقها في المواطنة وظلت النخب تستخدم سياسة (جدودنا زمان وصونا على الوطن) وتوقع معهم إتفاقيات جزئية بغرض الحفاظ على بقاء وضعيتها في قمة الهرم السياسي.
وظل صراع الدولة السودانية صراع ثنائي رأسي وافقي؛ الأول تديره التنظيمات الاسلاموعروبية فيما بينها وتتصارع من أجل من الذي يصل إلى كرسي السلطة ومن ثم تنفذ برامجها الاسلامواعروبي تجاه الآخر والأخير تديره الكيانات المهمشة تاريخياً؛ صراع الهويات في كيفية هدم بنية الدولة الاستعمارية وإعادة بنية الدولة وفق أسس الحرية والعدالة والمساواة والإرادة الطوعية لشعوب المهمشة وبناء وطن يستوعب الجميع دون تميز على أي اساس .
وظلت كثير من تنظيمات قوي الهامش لم تعي الدرس التاريخي بأن المركز يستوعبها كترميز تضليلي ولا يريد أن يعالج الأسباب التاريخية لهذه الأزمة وان يضع لها الحلول الجذرية؛ وذلك لحرصهم على الامتيازات التاريخية الموروثة من الاسلاف بأن يكونوا في سدة الحكم والبقية اتباع لهم.
لذلك اي إتفاق لم يناقش جذور الأزمة وينهي مسلسل الامتيازات ومفهوم السادة والعبيد تظل إتفاقية جزئية تعيد إنتاج الدائرة الشريرة.
نواصل