محاكمة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية.. هل سيتم إنصاف الضحايا (1)
بقلم.. عبدالسلام صابون المحامي
قبل أن نجاوب على السؤال يجب أن نوضح سلطات المحكمة الجنائية و القانون الذي تطبقه.
فالمحكمة شخصية قانونية دولية في حدود ممارسة سلطاتها و اختصاصاتها حيث منحت الأهلية اللازمة لممارسة و ظائفها و تحقيق مقاصدها التي تتلخص في محاكمة الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاصها المنصوص عليها في المواد (8-7-6-5) وهي على التوالي (جريمة الأبادة الجماعية- الجرائم ضد الإنسانية- جرائم الحرب – جريمة العدوان) .
للأجابة على السؤال موضوع المقال.
يرى البعض أن السودان غير موقع ولا مصادق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية و هذا لا يمنع ان تكون مختصة لمحاكمة المطلوبين لديها امامها لأن المحكمة خرجت من رحم الأمم المتحدة بعد ما ظلت بداخلها جنينا نحو خمسين عاما و نصت على ذلك المادة (2) من نظام روما الأساسي( للمحكمة على تنظم المحكمة و الأمم المتحدة بموجب إتفاق تعتمده جميعة الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي بعد ذلك يبرمه رئيس المحكمة نيابة عنها ).
عليه نرى المحكمة كونها هيئة مستقلة من الناحية القانونية لها شخصية قانونية دولية, ولكنها في ذات الوقت تابعة لمنظمة الأمم المتحدة أداريا و هذه التبعية الأدارية لا تؤثر بأي حال من الأحوال في استقلاليتها ومما يؤكد تبعية المحكمة للامم المتحدة ما ورد في المادة(2-1/123) من نظام روما الأساسي التي أعطت الأمين العام للأمم المتحدة حق النظر في أية تعديلات للنظام الأساسي عن طريق مؤتمر استعراضي بناءا على على طلب موافقة أغلبية الدول أطراف الجمعية العمومية. لكل ماذكر نجاوب بالنفي ونقول ان محاكمة المطلوبين بالداخل لا تنصف الضحايا لأن القضية موضوع الإتهام خارج اختصاص القضاء السودانى سأتحدث عن الإختصاص في في مقال لاحق.
لكن مايهمنا هنا ماهو القانون الذي تطبقه المحكمة.. حددت المادة (2) من النظام الأساسي للمحكمة مصادر القاعدة القانونية التي تطبقها المحكمة الجنائية الدولية على ما يعرض عليها من جرائم دولية تدخل في اختصاصها في المقام الأول النظام الأساسي و أركان الجرائم و القواعد الأجرائية و قواعد الأثباب الخاصة بالمحكمة و في المقام الثاني المعاهدات الدولية و مبادئ القانون الدولي و قواعده بما فيها المبادئ المقررة في القانون الدولي للمنازعات المسلحة.
وكذلك تطبق المبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية في العالم شريطة أن لا تتعارض مع النظام الاساسي للمحكمة ولا مع المعايير المعترف بها دوليا.
وكذلك يجوز للمحكمة مبادئ و قواعد كما ما مقررة في قراراتها السابقة. ومن خلال متابعتي لزيارة وفد المحكمة الجنائية الدولية برئاسة المدعية العام للمحكمة (فاتو بنسودا )بتاريخ 18 أكتوبر 2020 حيث صرح السيد / رئيس مجلس الوزراء مفاده ( ان السودان قد شهد إصلاحات قانونية ) من خلال تصريحه هناك تلويح أن يتم تشكيل محكمة داخل السودان لمحاكمة الذين صدر بمواجهتهم أوامر قبض من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكابهم جرائم في دارفور تندرج تحت المواد(8-7-6-5) ما يعرف بالجرائم الدولية. برغم اولية اختصاص القضاء الوطني , لكن القضاء السوداني غير مؤهل لا قانونيا و فنيا لمحاكمة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية وذلك لاسباب ذكرتها سلفا. و بالتالي يجب تسليم الذين صدر بموجبهم أوامر قبض دون قيد أو شرط عملا بمبدأ عدم الأفلات من العقاب. وذلك حفاظا على السلم والأمن الدوليين.
نواصل……..