تعليق علي كتاب – المواطنة المؤقتة في السودان ملكية الأرض كآلية إستغلال وإضطهاد ،للمؤلف ا. عثمان نواي هبيلا(٥)

 

بقلم : محمد علي مهلة
مقدمة :

في الأجزاء الثلاثة الأولي تناولت مواضيع الكتاب والقضايا التي تتعلق بملكية الأرض وقوانينها، وسياسات الهيمنة التي خلقت نماذج وضعية الكنابي بالمشاريع الزراعية المروية والكرتون والعشوائيات بالخرطوم والمدن الكبيرة ونموذج جبال النوبة كنماذج تجسد لواقع المواطنة المؤقتة التي تعمق التفاوتات بين المجتمعات السودانية ،وما أورده نواي من مداخل لمقترحات الحلول ، ولإستمرار التحاور حول الموضوع أوردت أجزاء من خارج الكتاب لكنها تحت نفس العنوان للمقالات كما في الجزء [٤] الذي يحتوي علي بعض الرؤي والتحليلات للسياسات والقوانين من مشروع البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة ( الإطار العام) لقوي إعلان الحرية والتغيير – أكتوبر ٢٠١٩م، تحت عنوان – حقوق ملكية وحيازة وإستخدامات الأراضي في السودان .ومن المفارقات كما وضح أن السياسات والقوانيين والتسويات لأراضي المجتمعات في عهد الإستعمار أفضل مما تم في عهود الحكومات الديكتاتورية بعد الإستعمار والتي إتبعت سياسات وقوانيين مدمرة . وأيضا ما خصصه دستور ٢٠٠٥م الإنتقالي لمورد الأرض وتنظيم الأراضي، وما ورد بالبرنامج الإسعافي كخلاصة تقارير لسياسات النظام البائد السيئة في سنواته الأخيرة وتخصيصه للأراضي والموارد لبعض الدول .في هذا الجزء [٥] أتناول أهم السياسات البديلة التي إقترحها البرنامج الإسعافي .
أولا : السياسات البديلة
أ – الإعتراف بالحقوق العرفية في ملكية وحيازة إستخدامات الأراضي
ب – سياسة تشجيع وتطوير الملكية والحيازات التقليدية لتتواءم تدريجيا مع منظومة ملكية وحيازة واستخدامات الأراضي في صورة مدنية حديثة .
ج – دمج حقوق وأولويات التنمية الإقتصادية وسبل كسب العيش للمجتمعات القروية والمحلية والولائية في كل مشروعات التنمية والإستثمارات الزراعية والصناعية والبنيات التحتية التي تنشأ علي حساب تلك المجتمعات أو المحليات أو الولايات
د – إعمال الشفافية والمحاسبة والحوكمة الراشدة والمسؤولية الإجتماعية في كل المعاملات التي تتم حول الأرض والموارد الطبيعية بحيث تكون المجتمعات المحلية والولائية شركاء مع الحكومة الإتحادية في تنفيذ المشروعات التنموية والإستثمارية في مراحلها المختلفة .
ه – تطبيق مبدأ وقواعد الفدرالية في حقوق وإستخدامات الأراضي خاصة الإستثمار الزراعي مع التحول من النموذج الحالي القائم على ثنائية الشراكة private – public partnership = ppp إلي شراكة ثلاثية private – public – people = pppp في التنمية والإستثمار الزراعى .
و – تقوية آليات دراسة وتنفيذ ومتابعة الأثر البيئي والإجتماعي قبل التصديق بإقامة أي مشروع ذي أثر بيئي أو إجتماعي .
ز- فصل مهام وضع ومتابعة تطبيق السياسات الكلية فيما يتعلق بملكية وحيازة وإستخدامات الأراضي عن الجهاز التنفيذي ( الوزارات والهيئات المستخدمة للأراضي ومواردها الطبيعية )
ح – يمنع بالقانون أو يعدل حق إمتلاك أو إيجار الأراضي للدول والمستثمرين الأجانب لأغراض الإستثمار الزراعي والصناعي والتعديني وغيرها في ضوء موجهات السياسات البديلة .
ط – إقرار سياسة قومية مربوطة بخطة إستراتيجية طويلة المدي لمواصلة تسيوية وتسجيل الأراضي لتشمل كل أنحاء السودان، حتي يتم إدخال كل أراضي المجتمعات الريفية ضمن منظومة الإقتصاد الحديث .
ي – إدخال السياسات البديلة في حقوق ملكية وحيازة إستخدام الأراضي ضمن محفزات تحقيق العدالة الإنتقالية والسلام الإجتماعي والسياسي والتنمية المتوازنة جغرافيا وإجتماعيا في الفترة الإنتقالية خاصة في مناطق النزاعات في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق .
هذه المقترحات الواردة أعلاه هي نقيض للسياسات الراهنة التي خلقت الأزمة مثل
– عدم إقرار الدولة بحقوق ملكيات المجتمعات الريفية
– إزدواجية سياسة ملكية وحيازة إستخدامات الأراضي
– عدم أدماج أو تعويض الأفراد او المجتمعات المتأثرة بالمشروعات القومية التنموية والإستثمارية
– عدم وجود سياسة كلية وخطة إستراتيجية لمواصلة تسوية وتسجيل الأراضي كما كان الحال في فترة الإستعمار.
في تقديري أن السياسات البديلة الواردة في البرنامج الإسعافي للحرية والتغيير برنامج ضافي وشامل يستحق التحاور ليصبح وعي عام بحجم الأزمة وأفق مقترحات الحلول .
في الجزء القادم نواصل في إستعراض للتشريعات والقوانيين وآليات المتابعة والتنفيذ البديلة بالبرنامج الإسعافي، وبعدها ماورد بإتفاقية جوبا لسلام السودان حول معالجة موضوع ملكية وتسوية وإستخدام الأراضي بمناطق النزاع والحرب بالسودان وهي في أغلبها مناطق الملكيات الجماعية غير المسجلة والتي تعرضت لسياسات مدمرة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.