رِحْلتي مع مَنصُور خَالِدْ: الحلقة (52)

 

الخروج من الذات لمُلاقاة الآخر!
جون قرنق والبَحْث عن السَّلام والوحَدَّة

الواثق كمير
[email protected]

مُسَّودة المانيفستو: حقائق وظنون!

كما أشرتُ في الحلقةِ السَّابقة، بعثتُ بمُسّودة المانيفستو النهائيَّة إلى القيادة الثلاثيَّة، بَيْدَ أنه في نهاية المطاف لم يتم أي اجتماعٌ للمكتب السياسي، ولا أيٍ من مُؤسَّسات الحركة المُعطَّلة، لاعتماد الوثيقة، حتى نشبت الحرب مرَّة أُخرى في جنوب كُردُفان والنيل الأزرق في يونيو وسبتمبر 2011، على التوالي. وفي سياقٍ، وبسبب الصِّراع داخل الحركة الشعبيَّة شمال في الرُبع الأوَّل من عام 2017، شكَّلت مسودَّة المانيفستو غير المُجازة وثيقةّ اتهام لحِقَنِي طرفِ سوطِها. فقد جاء في خطاب استقالة القائد الفريق عبدالعزيز الحلو: «بعد فك الارتباط كان هناك منفستو كتبه د. الواثق كمير يدعو لتغيير اسم الحركة الشعبية لتحرير السُّودان إلى الحركة الشعبيَّة للديمُقراطية والمُواطنة إضافة إلى تغيير الأهداف والوسائل. ولم اتفق مع الأمين العام على ذلك لأن الحركة الشعبيَّة والجيش الشعبي عندهم تاريخ امتدَّ لثلاثين سنة من النضال وملايين الشُّهداء والأيتام والأرامل وعندهم وثائق متطوِّرة، فلا يمكن أن نقوم بإلغاء ذلك كله وتوليد حركة جديدة. ولذلك لا يوجد سبب للتخلي عن مبدأ وهدف التحرير، وهو لا نهائى فى اسم الحركة الشعبيَّة، وتبديله بأهدافٍ مؤقتة». بهذا الحديث، يُوحي الرفيق عبدالعزيز أنَّ الأمين العام للحركة كلَّف شخّصِي، المذكور بغير صّفةٍ، بـ“كتابة” مسودَّة المانيفستو، والتي دعت إلى تغيير اسم الحركة، وأهدافها ووسائلها لتحقيق هذه الأهداف. التقطت بعض قيادات الحركة من المُوالين للرفيق الحلو هذه الحُجَّة وعملت على الترويج لها وسط القواعد، كتابةً، وتسجِّيلاً بالصوتِ والصورة، كشِّهادة دامغةِ لاتهام رئيس الحركة وأمينها العام السابقين، ولجنة الرُّؤية، بالانحراف عن مسار ومقاصد الحركة ورُؤيتها. وهكذا، فإنَّ مسودَّة المانيفستو هذه لا علاقة لها بمرجعيَّات الحركة الشعبية، المتمثلة في مانيفستو ودستور 2008، وقرارات الحركة السابقة، بل هو مانيفستو “حركة جديدة لا علاقة لهم بها”، بمعايير تغيير الاسم وإغفال الكفاح المسلح وحق تقرير المصير.

قمتُ بكتابة مقال تحليلي مُطوَّل بهدف تحرير الخلاف بين الفريقين باستعراض حُجج ودفوعات طرفي النزاع، وتحرِّي الخيارات المتوفرة لتجاوُز الخلاف، واستشراف آفاق مستقبل الحركة ووحدتها (الواثق كمير، “تحرير الخلاف في الحركة الشعبية شمال: قُضي الأمر الذي فيه تستفتَيان”!، سودان تربيون.نت، 28 أغسطس 2017). أوضحتُ في المقال، أنني صراحة لا أقفُ أبداً مع طرف، أو أناصره، في صراعه مع الطرف الآخر، ولا أقلِّل من شأن أي منهما، وليس بعُضو في أي من الحركتين، وأبذلُ آرائي وأفكاري لكليهما، عسى ولعلَّ أن يلتقيان يوماً في درب التغيير. بل، طلبتُ من القيادتين أن تضعا تداعيات هذا النزاع المُحّتدم ومآلات المستقبل، نُصب أعيُنها، لعلَّ سيرورة وديناميَّة التطوُّر السياسي، قد تدفعهم إلى فهمٍ مشترك وتفهُّمٍ أعمق لكثير من القضايا الخلافيَّة، ولو على مدي بعيد، عسى ولعلَّ أن يلتقوا يوماً على طول الطريق. وفي نوفمبر 2018، نشرتُ مقالاً آخر تنَّاولت فيه بعض النقاط التي تطرَّقتُ إليها في المقال السَّابق حول الموضوعات الخلافيَّة، التي أثارها الفريق عبدالعزيز في خطاب استقالته بهدف تجلية الحقيقة وإبعاد الظنون، وطرح التساؤُلات الصحيحة التي تدفع الإجابات الشافية عليها بعمليَّة التغيير إلى الأمام (الواثق كمير، إلى الفريق عبد العزيز الحلو: حقائق وظنون!، سودانايل، 15 نوفمبر 2018). سأكتفي في السُّطور القادمة بالتَّطرقِ إلي موضوعين خِلافيين، أثارهما الفريق عبد العزيز في خطاب استقالته بهدف تجلية الحقيقة وابعاد الظنون، وطرح التساؤلات الصحيحة التي تدفع الاجابات الشافية عليها بعملية التغيير إلى الأمام، أولهما: مانيفستو وإسم الحركة، وثانيهما: أهداف الحركة ووسائل تنفيذها.

إن إتهامي أنا، أو لجنة الرُّؤية، بتغيير اسم الحركة وأهدافها ووسائلها ليس بحقيقة، بأي حالٍ من الأحوال، إنما يندرج في باب الظُنون. فلا أنا ولا اللجنة نملك سُلطة أو صلاحيَّة لتغيير اسم الحركة، إنما تقدَّمنا بمجرَّد اقتراحٍ بتغيير الاسم لينسجم مع ظروف الانتقال المترتبة على اتفاقيَّة السَّلام الشامل، كما بيَّنتُ في الحلقة السابقة. ذلك المُقترح لا يُشكِّل جُرماً ولا خروجاً من، أو تعدياً على صلاحيات لجنة الرُّؤية والبرنامج، بل يقع أمر تغيير اسم الحركة في صميم مهام اللجنة، ويشكِّل أحد أجندتها. حقاً، فبحدِ كلمات قرار تكوين لجنة الرُّؤية من قبل القيادة الانتقاليَّة “الثلاثية”، في 8 فبراير 2011، فإنَّ اللجنة مكلفة أيضاً بمناقشة «التعديلات في المسميات بما في ذلك أيهما أفيد الاحتفاظ أم عدم الاحتفاظ باسم الحركة الشعبية، كذلك الشعارات والرموز». وفي أعقاب نقاشات ومداولات مطولة حول كافة الموضوعات، وتوافق أعضاء اللجنة على خطوط عريضة من الخلاصات الواجب تضمينها في الوثيقة، اتفقنا على لجنة مصغرة، برئاسة د. محمد يوسف المصطفى ود. محمد جلال هاشم، ود. مصطفى عوض الكريم، بغرض صياغة مسودة أولية نركز النقاش حولها حتى نتوصل إلى الوثيقة النهائية. وبعد مدولات أخيرة توصلنا إلي مسودة شبه متكاملة أسميتها “المسودة صفر”، ومعنونة باسم “الحركة الشعبية للديمقراطية والمواطنة”. كان موضوع تغيير اسم الحركة حاضرا في مداولات اللجنة، وبعد نقاش مطول حوله توصلت اللجنة لاتفاق بوضع الاسم في “المسودة صفر” وتقديمه للقيادة كمقترح فقط، ننتظر رأيها حوله، طالما يظل أمر إجازة المانيفستو سيتم من خلال مؤسسات وأجهزة للحركة، في نهاية المطاف، وليس للجنتنا المكلفة أي يد في ذلك. وهذا ما حدث. ففي 15 مايو 2011، قمت بتكليف الرفيق عمر عثمان (علمانية)، مدير مكتب الأمين العام، بإرسال “المسودة صفر” إلي رئيس القيادة الانتقالية ونائب الرئيس والأمين العام. لم أتلق رد، أو أحظ بتعليق، من الرئيس أو نائب الرئيس. أما الأمين العام فقد استلمت منه، في 19 مايو 2011، رسالة مطولة، قاربت كلماتها ألف وخمسمائة، تضمنت العديد من الملاحظات حول المسودة. وأقتبس من كلماته التي جاءت على صدر ملاحظاته، “اضافة الديمقراطية والمواطنة للاسم يمكن أن يطرح في اطار قضية الاحتفاظ بالاسم أم تغييره جزئيا أو كاملا كقضية تحسم لاحقا علي نحو ديمقراطي وايراد الحجج والأسانيد حول الفائدة وعدمها من الاحتفاظ بالاسم أو التغيير الكامل أو الجزئي وأخذ الاعتبارات الفكرية والسياسية والتاريخية والقانونية والدستورية في الحسبان بدلاً من طرحها فى المسودة الأن”. وعلى إثر هذه الملاحظات، ببساطة قمت بالإستغناء عن الإسم المقترح وتركنا إسم الحركة الشعبية كم هو على صدر المسودة النهائية، ولا صلة للجنة، ولا رئيسها، بمصير هذه الوثيقة. فهذا يظل شأنا يخص الحركة الشعبية ومؤسساتها التنظيمية لصناعة القرار.

أما الاتهام بتغيير الأهداف والوسائل، ويُقصدُ بها إغفال المسودَّة لهدف حق تقرير المصير والكفاح المسلَّح، فهو أيضا لا يقوم على ساقين ولا يسنده واقع. فقد وضَّحتُ سياق ظروف الانتقال بعد انفصال الجنوب، بحُكم شروط اتفاقيَّة السَّلام الشامل، التي تُملي التحوُّل إلى حركة سياسيَّة جماهيريَّة واضحة القسمات، والدُخُول في مرحلةٍ جديدةِ من التطوُّر الدُّستُوري السِّلمي والتحوُّل الديمُقراطي في كلٍ من دولتي السُّودان وجنوب السُّودان. فلا المناخ السياسي السائد آنذاك، ولا الواقع الذي تمَّت فيه مداولات لجنة الرُّؤية والبرنامج، كان يسمح بالحديث عن تقرير المصير أو الإبقاء على وسيلة النضال المُسلَّح لإحداث التغيير (وهي المصمَّمة لإسقاط النظام). فأحكام الاتفاقيَّة ونصوص الدُّستُور الانتقالي لعام 2005، تنبُذ العُنف ولا تسمح إلا باستخدام أدوات التغيير السِّلمي. ولربَّما فات على بال الفريق عبدالعزيز، ومُوجِّهي الاتهام الآخرين من القيادت المُوالية له، أنَّ الحركة الشعبيَّة أصلاً كانت مشاركة فى كُلِّ مستويات الحُكم! حقاً، فرئيس الحركة حينئذٍ، الفريق مالك عقار، كان والياً مُنتخباً في ولاية النيل الأزرق، بينما كان الفريق عبدالعزيز نائباً لوالي جنوب كُردُفان، ومرشَّحُ الحركة لخوض الانتخابات على مقعد الوالي. بل كان الفريق الحلو آنذاك يعمل سوياً مع شريكه في الحُكم، الوالي أحمد هارون، في تناغُمٍ وانسجامٍ وصفه المُراقبون بالنموذج الذي يُشارُ إليه بالبَنَان في تجربة الشَّراكة في الحُكم. بل، في العاشر من أكتوبر 2010، كتب الثنائي مقالاً مشتركاً بعنوان “المشورة الشعبية: طريقنا إلى السَّلام المُستدام”، نُشِرَ على نطاقٍ واسعٍ في كُلِّ الصُّحُف السُّودانيَّة، واحتفى به كافة محبي السَّلام. فماذا كان مُتوقعاً من لجنة الرُّؤية والبرنامج في ذلك الوقت؟ هل كان من المُممكن أن نتحوَّل إلى مُنجمِّين نُؤسِّس صياغة مُسّودَّة المانيفستو على التكهُّن، ونحدِّد الأهداف والوسائل، على سيناريو لم يكن وارداً في الواقع، ونستدعي في طيَّاته وقوع الحرب في المنطقتين قبل حُدُوثها على أرض الواقع؟

مبادرة فيينا: محاولة أخرى للدفع بها إلى الأمام!
بعد إسدال الستار على عمليَّة صياغة مانيفستو الحركة الشعبيَّة شمال، وفي أثناء تلك الفترة بين مارس – مايو 2011، وإعلان استقلال دولة جنوب السُّودان على الأبواب، لم نتخلَّ عن محاولات السَّعي لضمان تبني حُكومة الجنوب لمفهوم الاعتمادات المُتبادلة. وكما ذكرتُ في الحلقة (44)، أنه إن كان في الحركة اثنان فقط من القيادات الجنوبيَّة يُؤمنان بوحدة السُّودان، لا أتردَّدُ في القول أنهُما جون قرنق ولُوال دينق. فلُوال هو القيادي الوحيد من الحركة الذي طالب علانية أن تعمل الحركة على خيار السَّلام وذلك في تصريحاتٍ له في واشنطون حينما كان وزيراً للنفط، نقلتها صحيفة ‘الشرق الاوسط’ مما ألَّب عليه غضب رئيس الحركة ورئيس حكومة الجنوب، سلفا كيير، وبعض معاونيه، بل إن سلفا لم يكن يتحدَّث إليه إلا عندما أراد الاستعانة بامكانيات وزارة النفط لصيانة مطار جوبا. ثمَّ، أن لُوال دينق هو أوَّل جنوبي يتولى وزارة الطاقة والنفط الاتحاديَّة، وبذل مجهوداً أكثر من أي وزيرٍ آخر سبقه في التنقيب عن النفط في الشمال. وبالفعل كان يُفترض أن يتم احتفالٌ ببدء العمل في أحد الحُقول في شمال السُّودان، ولكن لم يتم الاحتفال حتى دقَّت ساعة الانفصال الرَّسمي. ومع ذلك، في حفل وداعه، الذي أقامته له الوزارة بعد الانفصال، قال لُوال أنه يغادرُ وفي نفسه شيءٌ من حتى، إذ كان يأملُ في بدء بعض الإنتاج في الحقل الجديد ليساعد السُّودان. ولعلَّ أهمَّ بصماته هو أنه بصفته وزيراً اتحادياً للنفط، قام بعمل ترتيباتٍ لضمان سلامة الصناعة البتروليَّة واستمرار العمل فيها من كُلِّ الجوانب السياسيَّة والأمنيَّة والمِهنيَّة، وذلك لكي لا تتأثر بالأجواء السلبيَّة الناجِمةِ من الاستفتاء الذي أعقبه الانفصال.

بالرغم من تلك الأجواء الكئيبة، لم تفتُر عزيمة لُوال دينق ولم تلِن شوكّته لإحداث اختراق يصنعُ فرقاً في العلاقات المستقبليَّة القائمة على الاعتمادات المُتبادلة بين دولتي السُّودان وجنوب السُّودان. ففي أواخر أبريل، بالتحديد في 30 أبريل 2011، وهو على وشك مُغادرة الوزارة والسُّودان معاً، طلبَ مني لُوال دينق اللقاء في تلك الأمسية في منزل منصور. تقدَّم لُوال باقتراحٍ لمقابلة الرئيس سلفا كيير ورئيس الجمهورية حتى تتبنى مُؤسَّسة الرئاسة مُبادرة فيينا. قدَّم لوال للرئيس سلفا مُقترحاً محدَّداً في مجال النفط كـ“جزرةِ” لتَهدِتة مخاوف المُؤتمر الوطني بما يدعم السَّلام والأمن بين البلدين. وبعد تبادُلٍ للآراء، طلب مني منصور ولُوال أن أقوم، على أساس ما توصَّلنا إليه، بصياغة ما أسميناه: “نقاط للحديث” Talking Points للاجتماع المُرتقب مع سلفا كيير. بالفعل، قُمتُ بصياغة هذه النقاط، والتي عرضها منصور ولُوال على الرئيس سلفا في الأسبوع الأوَّل من مايو 2011، ولا أجزِمُ إن كانت قد أثرت في مُحادثاته مع قيادات المُؤتمر الوطني حول القضايا العالقة. كانت النقاط كما يلي:
‌أ- إن لقرار شعب جنوب السُّودان في 9 يناير 2011 بالتصويت لدولة مُستقِلَّة تداعيات بعيدة المدى، مُتعدِّدة المخاطر يشوبها عدم اليقين ولها عواقب وخيمة على مستقبل هياكل الحكم في كلٍ من جنوب السُّودان وشماله، وكذلك المنطقة بأكملها. إنَّ المخاطر والتحديات الاقتصاديَّة المُتبادلة الناشئة عن السَّلام والأمن قد تكون مفيدة لتقوية ورعاية الروابط المشتركة القائمة والبناء على التبادُلات التاريخيَّة والمعاصرة المحدَّدة في المجالات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة بين الدولتين الجديدتين.
‌ب- لذلك، من الضروري الاتفاق على إطار عمل للعلاقات المُنظمة والمُؤسَّسيَّة بين الدَّولتين المُستقلتين في شمال وجنوب السُّودان، على المستويات فوق الوطنيَّة والوطنيَّة وبين الولايات (منطقة التمازُج) والمحليَّة، وبناء توافُقٍ واسع في الآراء على هذا الإطار في كلتا الدولتين. وغنيٌ عن القول إنَّ مثل هذا الإطار سيُساعد الشريكين الحاكمين في حلِّ كُلٍ من القضايا العالقة وقضايا ما بعد الاستفتاء من أجل تحقيق الهدف الشامل المُتمثل في السَّلام والاستقرار والازدهار المُستدامين، داخل وبين الدولتين المتجاورتين. الفرضيَّة الأساسيَّة، هي أنه على الرغم من قرار جنوب السُّودان بإقامة دولتهم المستقلة، فإنَّ شعب السُّودان في البلدين سيظل مرتبطاً ببعضه البعض من خلال تراثٍ مُشترك طويل وغنيٌ وبحقائق الجُغرافيا الثابتة، فلا الجنوب ولا الشمال سيتزحزح من مكانه.
‌ج- يجب أن يلعب رئيس حُكومة جنوب السُّودان ورئيس الحركة الشعبيَّة الدور القيادي في الترويج لهذه المبادرة لرئيس الجُمهُوريَّة ليتم تبنيها من قبل هيئة الرئاسة. يستند الاقتراح إلى إطار عمل لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى (AUHIP) لحلِّ القضايا العالقة المتعلقة بمستقبل السُّودان وتنفيذ اتفاق السلام الشامل، ومسودَّة الاتفاقيَّة بشأن القضايا العابرة للحُدُود بين حُكومة السُّودان والحركة الشعبيَّة. كما أنَّ المُترح يسترشِدُ بالمبدأ الرَّئيس للفريق الأفريقي المُتمثِّل في تطوير جنوب وشمال السُّودان في كيانين قابلين للحياة سياسياً واقتصادياً.
‌د- ومع ذلك، ففي هذا المنعطف التاريخي، لا يزال من الضَّروري توطين مبادرة فيينا وجعلها مبادرة محليَّة، يملكها الشعب السُّوداني، وينبغي أن يكون الخُبراء السُّودانيون في مقعد القيادة لتوفير الدَّعم الفكري اللازم لكي يصل المُقترح إلى نهايته المنطقية. إلى جانب ذلك، يجب مناقشة الأمر في مُؤسسة الرئاسة لضمان المُوافقة وتأمين التفويض الرسمي.
‌ه- وعلى وجه التحديد، فإنَّ الصُعُوبات الاقتصاديَّة المتوقعة في الشمال والناجمة عن فُقدان عائدات النفط سيكون لها تأثيرٌ ضارٌ، مُباشر وغير مُباشر على الحالة الأمنيَّة في جنوب السُّودان. إنَّ تهدئة مخاوف حزب المُؤتمر الوطني في هذا الصَّدَد أمرٌ أساسي لتوطيد السَّلام والاستقرار في الجنوب.
ه-1 الرئيس سلفا في وضعٍ يسمح له بمنح “الجزرة” للمُؤتمر من خلال اقتراح صيغة التخلص التدريجي phasing out لتقاسُم عائدات النفط، على النحو التالي:
• حتى 31 ديسمبر 2011: الاستمرار في حصة 50٪ -50٪
• 2012: 60٪ للجنوب و40٪ للشمال
• 2013: 70٪ للجنوب و30٪ للشمال
• 2014: 80٪ للجنوب و20٪ للشمال
• 2015: 90٪ للجنوب و10٪ للشمال
• 2016: 100٪ للجنوب
• خط الأنابيب: 50٪ للجنوب و50٪ للشمال.
• المحطة وغيرها من الترتيبات للبقاء كما هي.
• جهدٌ تسويقيٌ مُشترك مع مكتب في دُبي يرأسه سوداني جنوبي.
• الدعم الفني الذي سيُقدِّمه طرفٌ ثالث، على سبيل المثال صندوق النقد الدولي.

ه-2 سيكون توطيد العلاقات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة المُفيدة للطرفين على طول مناطق التمازُج الحُدُوديَّة بمثابة نموذجٌ لتوطيد العلاقات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة الأوسع بين شمال السُّودان وجنوبه. وهذا يستدعي إستراتيجيَّة تحويليَّة تستند إلى الروح التي قامت عليها خُطة “مارشال” – مبادرة الولايات المتحدة التي أطلقت عام 1947 لإعادة بناء أوروبا الغربيَّة التي دمَّرتها الحرب. يمكن للرئيس سلفا أن يقترح تحويل صندوق دعم الوحدة إلى بنك تمازُج للتنمية، مع التعهُّد بأموال أوليَّة قدرها 50 مليون دولار أمريكي يتم دفعها على مدى فترة زمنيَّة، في عمليَّة تحقيق هذا الهدف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.