رِحْلتي مع مَنصُور خَالِدْ: الحلقة (46)
الخروج من الذات لمُلاقاة الآخر!
جون قرنق والبَحْث عن السَّلام والوحَدَّة
الواثق كمير
[email protected]
“فيينا IV”: المُذكرة المفاهيميَّة:
على هذه الخلفيَّة، تمَّ تكليفي من د. منصور ولوال دينق بِصّياغة مُذكرة مفاهيميَّة وبرنامج عمل منبر “فيينا IV”، وترشيح الأسماء لكُلِّ موضوع في البرنامج، بالبناء على مُقترح السفير نور الدين. كالعادة، فإنَّ المنهج الذي أتَّبعه في الكتابة، هو التماسُ المُدخلات، من المُهتمين والمهمومين بالقضيَّة، للبناء عليها صياغة مُسودَّة يتم التداوُل حولها حتى تكتمل في شكلها النهائي. شكَّل الإعداد والتحضِّير لاجتماع “فيينا 4”، بما في ذلك صياغة المُذكرة المفاهيميَّة وبرنامج الاجتماع من تحديدٍ للأجندة وترشيح المُشاركين، المسًّار الأوَّل باتجاه تحقيق أهداف مبادرة فيينا. أمَّا في المسَّار الثاني، فلم يتوقف منصور ولوال في مسعّاهما لنقل الرسالة إلى رئيس الحركة لكي يتبنى مشروع “فيينا IV” وتقديم كُلَّ ما يستدعيه من دعمٍ. استعرض في الحلقة القادمة المُذكرة المفاهيميَّة التي أعددناها بخُصُوص المشروع، ومن ثمَّ أتناولُ مساعي منصور ولوال في الحُصُول على مُباركة رئيس حكومة الجنوب، وقيادة الحركة الشعبيَّة، له.
أوَّل خُطوة اتخذتُها في الإعدادة لصياغة المذكرة المفاهيميَّة بشأن تنظيم ملتقى “فيينا IV”، أنني قُمتُ بالاتصال بالصديق عبدالله حمدوك لأُشركه معي في هذا التكليف. ذلك، خاصَّةً أنه هو الذي استضاف اجتماع “فيينا III”، بأديس أبابا، وكان حينها مديراً لقسم الحوكمة والإدارة العامة بمفوضيَّة الأمم المتحدة الاقتصاديَّة في أفريقيا، وانتزعتُ موافقته عبر محادثة تلفونيَّة. وبذلك، في يوم الاثنين، 27 يناير، بعثتُ له برسالة إيميل، أرفقتها بمستندين يساعدانه في كتابة مسودَّة أوليَّة إطاريَّة، أقوم بإكمال صياغتها بشكلٍ نهائي: 1) البيان الختامي لاجتماع التحديات الإستراتيجيَّة للسُّودان، فيينا، 10-12 نوفمبر 2010، و2) ورقة لوال دينق حول اتحاد الدولتين السُّودانيتين المُستقلتين. وبعد مُراسلاتٍ مُتبادلة، عاد إليَّ حمدوك في مطلع فبراير 2011 بمسودَّة إطاريَّة أوليَّة، معتذراً عن التأخير في الردِّ نسبة لاجتماعات القِمَّة الأفريقيَّة، لأعكِف على إكمال تفاصيلها، بعنوان: “فيينا IV: الاعتماد المُتبادل بين شمال وجنوب السُّودان”.
قَسَّم د. حمدوك مسودَّة المذكرة إلى أربعة أجزاء، 1) مقدمة وخلفيَّة لعمليَّة فيينا، 2) إقامة ترتيبات مُؤسَّسيَّة في كافة جوانب الاعتماد المُتبادل، على المستويات: الكليَّة والمتوسطة والجزئيَّة، 3) حزام التمازُج والحاجة لخُطة مارشال، و4) وضع جدولٍ مُؤقت لأعمال اجتماع “فيينا IV”، ليكون كالتالي:
1) الجلسة الأولى: الجلسة الافتتاحية: نظرة عامَّة على العمليَّة: الأصل، الأهداف، والنتائج المتوقعة،
2) الجلسة الثانية: الحوكمة والإطار المُؤسَّسي للاعتماد المتبادل،
3) الجلسة الثالثة: قضايا الاعتماد المتبادل على المستويات: الاقتصاديَّة، الماليَّة والموارد الطبيعيَّة، الاجتماعيَّة، السياسيَّة والأمنيَّة،
4) الجلسة الرابعة: مخطَّط مارشال لمناطق التمازج،
5) الجلسة الخامسة: دور الإعلام. بناءً على الإطار الأوَّلي الذي قدَّمه حمدوك..
عكفتُ على صياغة المذكرة المفاهيمية للإعداد لاجتماع “فيينا IV”، حتى توصَّلتُ إلى مسودَّة نهائيَّة قابلة للتداول حولها بين رُعاة الاجتماع. تحت عنوان: “إدارة وتعظيم الاعتماد المُتبادل: نحو علاقاتٍ مُنظَّمةٍ ومُؤسَّسيَّة بين الشّمال والجنوب”، أعدتُ صياغة مسودَّة المُذكرة وقسَّمتها إلى ستةِ أجزاءٍ، لكُلِّ عنوان جانبي، كالآتي: 1. مبادرة فيينا: الخلفيَّة والغاية، 2. “فيينا IV”: الأهداف المُحددة، 3. الترتيبات المُؤسسية للاعتماد المُتبادل: التحديات، 4. العلاقات الهيكليَّة والمُؤسَّسيَّة بين الشمال والجنوب: المهام المطلوبة، 5. مناطق التمازج: الحاجة إلى خُطة مارشال، و6. القطاع الخاص، الإعلام، والمجتمع المدني. في الجزء الأوَّل عرَّفتُ الهدف الشامل والنهائي لمبادرة فيينا، هو الاتفاق على إطار عمل للعلاقات المنظمة والمُؤسَّسيَّة بين الدولتين المُستقلتين في شمال وجنوب السُّودان، على المستويات القوميَّة، وبين الولايات “حزام التمازج”، والمحليَّة، ولبناء إجماعٍ واسع حول الإطار في كلتا الدولتين.
في الجُزء الأوَّل عرَّفتُ مبادرة فيينا، بغضِّ النظر عن الاسم، بأنها مملوكة ومُدارة من قبل أصحاب المصلحة السُّودانيين. تشمل الأهداف المحدَّدة لـ“فيينا الرابعة” ما يلي: أ) تحديد العناصر الرئيسية للإطار المقترح للعلاقات المُنظمة والمُؤسَّسيَّة بين الدولتين المُستقلتين في جنوب وشمال السودان، ب) اقتراح الترتيبات والأدوات المُؤسَّسيَّة لإدارة وتعظيم الاعتمادات المُتبادلة، الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والأمنيَّة والسياسيَّة، ج) تحديد الآليَّات والمُؤسَّسات اللازمة لترسيخ الاعتماد المُتبادل الاجتماعي والاقتصادي والأمني بين ولايات التمازُج العشر في شمال وجنوب السُّودان، د) تحديد دور القطاع الخاص في تعزيز مختلف أشكال الاعتماد المُتبادل بين جنوب وشمال السُّودان، والتوصية بالوسائل المناسبة لتحقيق هذا الدور، وه) بحث دور وسائل الإعلام ومُسّاهمة المجتمع المدني في تعزيز الاعتمادات المُتبادلة واقتراح أدوات عمليَّة لهذه المُساهمات.
تناولتُ في الجزء الثالث من المُذكرة المفاهيميَّة لاجتماع “فيينا الرابع” تحديات الترتيبات المُؤسَّسيَّة للاعتماد المُتبادل. تنطوي عمليَّة تطوير وإدارة الاعتمادات المُتبادلة على حشد وتنسيق مُعيِّن الموارد والمُخرجات بين أنظمة وهياكل الحُكم المُتنوِّعة في شمال وجنوب السُّودان. وهذا، بدوره، ينعكس بشكلٍ أساسي على عمليَّتين مُعقدتين: (أ) تعديل النُظُم الوطنيَّة في كُلٍ من البلدين، بما في ذلك على المستوى الكُلي لكي تعمل على أسُسٍ متشابهة أو مترابطة؛ و(ب) لا مركزيَّة السياسات على المستويين المُتوسط والجُزئي من أجل تطوير أنظمة الرفاهيَّة بطريقة مُستدامة وشاملة. تشمل الأولويات العامة على المستوى الكلي: الأمن، وتعزيز مُؤسسات الحُكم السيادي، والحوكمة الرَّشيدة، بما في ذلك السياسات والإجراءات الشفافة لاستخدام الأراضي، وبناء البنية التحتيَّة الحيويَّة والخدمات البشريَّة الأساسيَّة، التي تدهورت ودُمِّرت بسبب سنواتٍ من الصِّراع، إضافةً إلى دعم الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، الذي يوفر كلاً من النُمُو والحماية الاجتماعيَّة. وعلى المستوى المُتوسط (meso)، يُعدُّ إنشاء هياكل الحوكمة أمراً بالغ الأهميَّة لتعميم تقديم الخدمات الاجتماعيَّة والتوصُّل إلى اتفاقياتٍ عبر الحُدود والعمل جنباً إلى جنب مع هياكل الحُكم على المستوى القومي. في هذا السياق، فإنَّ نقاط الضعف في آليَّات حلِّ النزاعات التقليديَّة، والتغييرات في هياكل السُّلطة، الناتجة عن تأثير اتفاقيَّة السَّلام الشامل وعمليات التنمية الأوسَّع، وعدم الثقة النّاشئ عن الخلافات القوميَّة والمحليَّة، تُسلِّط الضُّوء على الدَّور المُهم للتعاون على المُستوى المُتوسط. أمَّا على المُستوى الجُزئي، فيتمثل التحدِّي الرئيس في إنشاء أنظمة حوكمة فعالة تعكس قيم ومُتطلبات العدالة بين المُواطنين العاديين. وتُعتَبَرُ هياكل الحُكم المحلي، والحُقوق والمُمارسات العُرفيَّة، ضروريَّة للإدارة المحليَّة المسّئولة والمُستدامة والجماعيَّة للموارد، وخاصة المراعي، ولتعزيز الجُهُود لتحسِّين سُبُل العيش، كما ينبغي نقل القرارات ذات الصِّلة إلى أدنى مسّتوى مُمكن.
استعرضت مسودَّة المُذكرة في الجُزء الرَّابع المهام المطلوبة لبناء العلاقات الهيكليَّة والمُؤسَّسيَّة بين الشمال والجنوب: 1) تقييم العمل الذي أنجزته اتفاقيَّة السَّلام الشامل بالفعل منذ التوقيع عليها في 2005، وتغطية الجوانب المُتعلقة بترشيد أجهزة الدولة على أساس أقل تكلفة وأفضل فائدة للناس في كُلٍ من جنوب وشمال السُّودان، 2) تحديد وإعادة توزيع المهام التي لها تأثير تكامُلي أوسع بين الدَّولتين على أساس الميزة النسبيَّة المُقارنة والظروف التمكينيَّة على كل مستوى، 3) خلق بيئة مواتية لأعمال القطاع الخاص وتعزيزها كمحرِّكٍ للابتكار التقني والنُمُو الاقتصادي، بالإضافة إلى خلق مساحة مناسبة للجهات الفاعلة الأخرى غير الحكوميَّة، 4) حرية التعبير، ومشَّاركة المجتمع المدني، في تطوير وسائل الإعلام هي حجرُ الزاوية في العلاقات السلميَّة المستقبليَّة بين جنوب السُّودان وشماله، 5) تشكِّل القوانين المُقيِّدة لوسائل الإعلام عقبات رئيسيَّة أمام السَّلام المُستدام في السُّودان، 6) وضع ميثاق للحُكم الرَّشيد يُصاغُ ليملكه شعب شمال وجنوب السُّودان، و7) داخل كل من الولايتين، تطبيق أجندة اللامركزيَّة في سياسة التنمية على المستوىين الولائي والمحلي.
حزام التمازج
تناول الجُزءُ الخامس من المُذكرة أهميَّة حزام التمازُج الحُدُودي لمستقبل الاعتماد المُتبادل بين البلدين. فسيكون توطيد العلاقات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة المفيدة للطرفين على طول مناطق التمازُج الحُدُودية بمثابة نموذج لتمتّين العلاقات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة الأوسع بين شمال وجنوب السُّودان. ومع ذلك، فإنَّ التحدِّي الرئيس لذلك، هو القُدرة على عكس الاتجاه السَّابق والسَّعي لإعادة تقييم الموارد المُشتركة لتوجيهها نحو تعزيز الكفاءات البشريَّة وتعبئة الموارد المحليَّة والأجنبيَّة. هذا هو السَّبب في أنَّ مبادرة فيينا تدعو إلى عدم إتباع نهج مجزَّأ للتحديات التي تواجه مناطق التمازُج، بل تدعو إلى استراتيجيَّة تحويليَّة منسَّقة تستند إلى الرُّوح التي قامت عليها خُطة مارشال – وهي المبادرة الأمريكيَّة التي تمَّ إطلاقها في عام 1947 لإعادة بناء أوروبا الغربيَّة التي مزَّقتها الحرب. ومع ذلك، لكي يتسنَّى لهذه الخُطة أن تنجح، يجب أن تكون موجَّهة نحو المدى الطويل وينبغي أن يتم وضعها جيداً وتنسيقها وتخطيطها بأهدافٍ مُحدَّدة وقابلة للقياس والتحقيق. لذلك، من المهم ألَّا يتم تصوُّر هذه الخُطة، الشبيهة بخُطة مارشال، على أنها مشروعٌ نُخبوي، فإنه يمكن لمناطق التمازُج أن تكون مثالاً تنموياً جيداً ليس فقط لسُكَّانها ولكن أيضاً للمناطق الأخرى إذا تعاون المُواطنون في الكيانين الجديدين، وفي المِهجر، في عملية التنمية. كما ينبغي أن يرتكز هذا التحوُّل على إطارٍ مُتماسك للتعاون الدولي، بحيث تقيَّم المساعدات الثنائيَّة والمُتعدِّدة الأطراف لتكييفها مع الاحتياجات والظروف المُتطورة في مناطق التمازُج. وبذلك، يجب دمج هذه الأموال في خطة شاملة، على أن تكون محدَّدة في طبيعتها. هذا أمرٌ حيوي حتى نتجنب التجارب الأخرى في القارة من المشاريع المُؤقتة التي لا تدعم إطاراً مُؤسَّسياً طويل الأجل. بناءً على هذه الأسُس، فإنه من الصَّعب، إن لم يكن من المُستحيل، أن يحدُث هذا التحوُّل بدون اتخاذ الخُطوات التالية: 1) إعادة بناء الهياكل السياسيَّة على مختلف المستويات على أساس الحُكم الرَّشيد والبحث عن الوسائل المناسبة لتحقيق الاستقرار، 2) ينبغي منح درجة عالية من الحُكم الذاتي لمختلف مستويات الإدارة، 3) تبني سياسات واضحة مبنيَّة على نتائج متوسطة وطويلة المدى تكون قادرة على استيعاب المعونات/الاستثمار الأجنبي وكسر دائرة التبعية، و4) استغلال ثراء التنوُّع الثقافي والتاريخ المُشترك، والاشتقاق من هذا السياق أخلاقيَّات التنمية وروح المبادرة.
القطاع الخاص!
وأخيراً، تُعدُّ مشاركة القطاع الخاص ووسائل الإعلام والمجتمع المدني في جنوب وشمال السُّودان أمراً ضرورياً لتعزيز بناء علاقات مُنظَّمة ومُؤسَّسيَّة بين الدَّولتين المُستقلتين على أساس تقوية أوجه الاعتماد المُتبادل المحدَّدة، كخيارٍ وحيد مُتاح لتحقيق السَّلام المُستدام. فإنَّ إحدى القضايا الرئيسة التي يجب مناقشتها بصراحة وشفافيَّة، هي الصورة السلبيَّة التي غرسها الإعلام والقطاع الخاص في أذهان الجنوبيين. ومن ناحية أخرى، فقد كانت المُشاركة والعلاقات بين المُجتمع المدني في جنوب وشمال السُّودان في حدها الأدنى تاريخياً، إن لم تكن مُتوترة، ممَّا يستدعي المُخاطبة والمُناقشة والمُعالجة.
يمكن للقطاع الخاص، الذي يُنظر إليه بشكلٍ مُتزايد على أنه مُحرِّك مُحتمل لكُلٍ من السلام والتنمية، أن يكون شريكاً ذا قيمة مُحتملة في تعزيز السَّلام المُستدام وجهود إعادة الإعمار بعد الاستفتاء. وبالتالي، فإنَّ زيادة الوعي وحشد القطاع الخاص حول القيم العالميَّة يمكن أن يساعد في التخفيف من الآثار السِّلبيَّة للانفصال وتقديم مساهمة ذات مغزى للسَّلام المُستدام. هكذا، يجب على رُوَّاد الأعمال السُّودانيين في الشمال قيادة مبادرة تعزيز الحوار البناء بين رجال الأعمال وأصحاب المصلحة الآخرين لتقييم التحديات التي تواجه القطاع الخاص والقيود المفروضة عليه، والبحث عن حُلولٍ عمليَّة، وتقديم توصياتٍ مُفصَّلة بشأن السياسة العامَّة حول كيفيَّة تعظيم مساهمة الأعمال التجاريَّة في السَّلام. وفوق كل شيء، فإنه من الضَّروري إجراء تقييم للدَّعم المُؤسسي والسياسي للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنيات التحتيَّة، ولا سيَّما في جنوب السُّودان. ومع ذلك، يمكن للقطاع الخاص، وينبغي عليه، أن يفعل المزيد لمُواجهة تحديات التنمية في السُّودان، لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بمفرده. وبالتالي، لتعظيم مساهمة القطاع في السَّلام والتنمية المُستدامين، هناك حاجة إلى إصلاحات مناخ الاستثمار، والشراكة الإستراتيجيَّة بين القطاعين العام والخاص، والقيادة الحكيمة. ومن المهم أيضاً إبراز دور المسئوليَّة الاجتماعية للشركات (CSR) داخل القطاع الخاص، وربط ذلك بأهداف التنمية الاقتصاديَّة، وتحسين الحوكمة والسَّلام المُستدام.
الإعلام!
لذلك، فإنَّ شبكة الإعلام من أجل السلام (MPN) التي أنشّأها المشاركون الإعلاميون، من الجنوب والشمال، في اجتماع “فييناIII ” تواجه عدداً من التحديات التي يجب مُواجهتها، على سبيل المثال لا الحصر: 1) الشراكة مع المُنظمات الأخرى ذات الصِّلة لمُواصلة الضَّغط من أجل اعتماد وتنفيذ تشريعاتٍ جديدة وإصلاح التشريعات القائمة، لضمان الوُصول إلى المعلومات ودعم بناء القُدرات في قطاع الإعلام من خلال – من بين أمور أخرى – تطويرٍ مهنيٍ فعَّال ومُستدام للرَّوابط الإعلاميَّة، 2) السَّعي لبناء القُدرات الإعلاميَّة لدعم عمليَّة السَّلام وإعادة التأهيل، لا سيَّما في جنوب السُّودان، وتشجيع احترام الحُكم الرَّشيد وسيادة القانون وحُقوق الإنسان، 3) التشاوُر مع مختلف أصحاب المصلحة للوصول إلى فهمٍ أفضل للاحتياجات داخل قطاع الإعلام في السُّودان بعد الاستفتاء، مع التركيز على دور مراقبة وسائل الإعلام، و4) تحديد ووضع التوجُّهات الإستراتيجيَّة للبرامج المسّتقبليَّة في قطاع الإعلام، مع إيلاء اهتمام خاص لمشاريع المُراقبة الإعلاميَّة.
المجتمع المدني
يلعب المُجتمع المدني في كُلٍ من الجنوب والشمال دوراً حاسماً في تحقيق السَّلام، وحماية الملكيَّة الخاصَّة وحُقوق الإنسان، على الرغم من إنشاء الدَّولة الجديدة في الجنوب، مع السَّعي إلى الانخراط في حوارٍ بنَّاء من أجل تعزيز الهيكليَّة المُتوخاة للعلاقات المُؤسَّسيَّة بين الكيانين. وهذا يحُثُّ كُلَّ تنظيمات المُجتمع المدني على تطوير رُؤية مُشتركة لجنوب سُودان مُتماسك وآمن وديمُقراطي بعد الاستفتاء، مع تطوير مواقف وتوصيات ملموسة لحُكومتي شمال وجنوب السُّودان. كما أنَّ المجتمع المدني أيضاً تقع عليه مسئولية التعامُل مع الأحزاب السياسيَّة لتسهيل عمليَّة التحوُّل الديمُقراطي بعد الاستفتاء في كلتا الدَّولتين الجديدتين. تمثل الأهداف المُعلنة لـ“منظمة سُودانيون بلا حدود” التي تمَّ إنشاؤها مؤخراً، وهي منظمة تطوعيَّة غير ربحيَّة، جدول أعمال مُشتركاً للجمع بين المُجتمع المدني في شمال وجنوب السُّودان، فضلاً عن توفير مُنتدى مُؤسسي لتعظيم الاعتمادات المُتبادلة بين الدَّولتين المُستقلتين.
يمكن للقطاع الخاص، الذي يُنظر إليه بشكلٍ مُتزايد على أنه مُحرِّك مُحتمل لكُلٍ من السلام والتنمية، أن يكون شريكاً ذا قيمة مُحتملة في تعزيز السَّلام المُستدام وجهود إعادة الإعمار بعد الاستفتاء. وبالتالي، فإنَّ زيادة الوعي وحشد القطاع الخاص حول القيم العالميَّة يمكن أن يساعد في التخفيف من الآثار السِّلبيَّة للانفصال وتقديم مساهمة ذات مغزى للسَّلام المُستدام. هكذا، يجب على رُوَّاد الأعمال السُّودانيين في الشمال قيادة مبادرة تعزيز الحوار البناء بين رجال الأعمال وأصحاب المصلحة الآخرين لتقييم التحديات التي تواجه القطاع الخاص والقيود المفروضة عليه، والبحث عن حُلولٍ عمليَّة، وتقديم توصياتٍ مُفصَّلة بشأن السياسة العامَّة حول كيفيَّة تعظيم مُسّاهمة الأعمال التجاريَّة في السَّلام. وفوق كل شيء، فإنه من الضَّروري إجراء تقييم للدَّعم المُؤسسي والسياسي للشّراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنيات التحتيَّة، ولا سيَّما في جنوب السُّودان. ومع ذلك، يمكن للقطاع الخاص، وينبغي عليه، أن يفعل المزيد لمُواجهة تحديات التنمية في السُّودان، لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بمفرده. وبالتالي، لتعظيم مُسّاهمة القطاع في السَّلام والتنمية المُستدامين، هناك حاجة إلى إصلاحات مناخ الاستثمار، والشراكة الإستراتيجيَّة بين القطاعين العام والخاص، والقيادة الحكيمة. ومن المهم أيضاً إبراز دور المسئوليَّة الاجتماعية للشركات (CSR) داخل القطاع الخاص، وربط ذلك بأهداف التنمية الاقتصاديَّة، وتحسِّين الحوكمة والسَّلام المُستدام.
• الجلسة الافتتاحيَّة: نظرة عامَّة لمبادرة فيينا، الأصل والأهداف والنتائج المُتوقعة (لوال دينق، منصور خالد)؛
• الجلسة الثانية: قابلية الدولة للحياة، التوافق السياسي، والمراجعة الدستورية في شمال وجنوب السودان (جيرارد ماك هيو، عطا البطحاني، عبدالله حمدوك)؛
• الجلسة الثالثة: الترتيبات المؤسسية وأدوات إدارة وتعظيم الاعتمادات المتبادلة الاقتصادية والمالية، والموارد الطبيعيَّة، على المستوى القومي/الكُلي (إبراهيم البدوي، علي عبدالقادر، حسب الرسول عباس، الفاتح شاع الدين)؛
• الجلسة الرابعة: الترتيبات المُؤسَّسيَّة وأدوات إدارة وتعظيم الاعتمادات المتبادلة الاجتماعيَّة والسياسيَّة والأمنيَّة، على المستوى القومي/ الكُلِّي (الواثق كمير، بيتر أدوك نيابا، محمَّد يوسف أحمد المصطفى صفوت صبحي فانوس، ماجاك أقووت، أودونقي ابالوكرام، جيرارد ماك هيو)؛
• الجلسة الخامسة: الترتيبات المُؤسَّسيَّة وأدوات إدارة وتعظيم الاعتمادات المُتبادلة، خُطة مارشال لحزام التمازُج (نور الدين ساتي، كاليب كرستوفر، عبدالباسط سعيد)؛
• الجلسة السادسة: الإعلام والسَّلام المُستدام (محجوب محمَّد صالح، السر سيد أحمد، الفريد تعبان، بول نيال، فيصل محمَّد صالح، عادل الباز، عثمان فضل الله، الطاهر حسن التوم، خالد التيجاني، ميوم ألير، بول نانتيولا)؛
• الجلسة السابعة: القطاع الخاص، التنمية، والسَّلام المُستدام (أنيس حجَّار، أمين النفيدي، عمر سر الختم)؛
• الجلسة الثامنة: إطارٌ مقترح للعلاقات الهيكليَّة والمُؤسَّسيَّة بين شمال وجنوب السُّودان (لوال دينق، الواثق كمير، عبدالله حمدوك، علي عبدالقادر)؛
• الجلسة الختامية: (منصور خالد، لوال دينق).
وبذلك، في 26 فبراير 2011، بعثتُ برسالة إيميل مُقتضبة إلى منصور ولوال أرفقتُ بها مسودَّة المذكرة المفاهيميَّة، والأجندة المُقترحة والمُرشَّحين للمُشاركة في اجتماع “فيينا IV”، طالباً ملاحظاتهما عليها (وذيَّلتها باسمينا، الواثق كمير وعبدالله حمدوك). ومن ثمَّ قُمتُ بإرسالها إلى رُعاة الاجتماع الآخرين، بكري عثمان سعيد وربيع حسن أحمد، وإلى كُلِّ المُشاركين المُقترحين، بحثاً عن تعليقاتهم. وهكذا، تمَّ إسدالُ الستار على المسار الأوَّل نحو عقد الاجتماع.