محمد فاروق سليمان لـ”الحداثة”: إعلان المبادئ بين الحكومة و”الشعبية” خطوة مهمة وإكمال لمهام الثورة

الاتفاق وضّح احترام الدولة للأديان ومحاولة المزايدة والاتجار بالدين ما عادت متاحة

السلام شامل قد يكون بداية جديدة لقوى الثورة للعودة إلى منصة التأسيس

أجرى المقابلة – محمد الأقرع

بدا واضحاً أن توقيع إعلان المبادئ بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية بقيادة “عبدالعزيز الحلو”، قد فتح آفاقاً جديدة لاستكمال ملف السلام وتحقيق أهداف الثورة، وعلى ضوء ذلك وجد ذاك الإعلان ترحيباً واسعاً من القوى السياسية والمجتمعية، لكن ليس على إطلاقه، فالبعض مازالت لديهم تحفظات، وتخوفات من وجود مطبات أخرى في الطريق، وزوابع قد تثأر حول نقاط “فصل الدين عن الدولة”. (الحداثة) أجرت مقابلة قصيرة مع السياسي والقيادي في حزب التحالف السوداني “محمد فاروق سليمان”، للتعليق على الخطوة، وما يترتب عليها وانعكاسها على المشهد السياسي السوداني.

*ما تعليقك على توقيع إعلان المبادئ بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية؟

 ـ هذه خطوة مهمة جداً، وأعتقد أن آثارها ستتجاوز مخاطبة السلام الشامل إلى مخاطبة كل قضايا الثورة والنواقص التي تحتاج إلى تحقيق، مثل التوافق الوطني وتحقيق الحرية والمساواة والعدالة، يجب أن لا يتم النظر إليها باعتبارها إكمالاً لعملية السلام (وحسب(، وإنما إكمال لمهام الثورة وطرح قضاياها بشكل أوضح، وتأكيد لتحقيق السلام وتعزيز الديمقراطية في مستقبل السودان الجديد.

*قبل فترة كان “حمدوك” قد وقع اتفاقية مشابهة في “أديس أبابا” مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو، لكن تم رفضها من قوى سياسية ومجلس الأمن والدفاع، برأيك أين يكمن الاختلاف بين ما وقع عليه “البرهان” أمس ومسودة “حمدوك” السابقة؟

ـ بالتأكيد اتفاق البرهان إكمال لما تم في “أديس أبابا”، لكن هناك فوارق مثل الحديث عن قضايا الجيش الوطني الواحد والترتيبات الأمنية، بالإضافة إلى مسألة البناء الوطني الذي تجاوز فصل الدين عن الدولة بمفاهيم أكثر شمولاً، واستدامة التنمية والديمقراطية في السودان، وأيضاً طرح الفيدرالية بشكل واضح، أنا أفتكر كل شيء في أوانه، إلا أن هذه الخطوة جاءت متأخرة، وكان يمكن أن تأتي في وقت مبكر ويتم دعمها بتوافق وطني أكبر.

هناك تحفظات من قوى وقيادات سياسية على ظهور البرهان وقيادته لعملية السلام، كيف تنظر للأمر، خاصة وأن الوثيقة الدستورية نصت على أن السلام من مهام السلطة التنفيذية؟

ـ أنا كنت جزءاً من الوفد الداعم لمفاوضات السلام في فبراير من العام الماضي، ولكن أعتقد أن الحركة السياسية تباطأت كثيراً في قضية أخذ قضية السلام بشكل كامل، كما حدث أيضاً في اتفاقية سلام “جوبا” في نسختها الأولى، أعتقد أن على القوى المسيطرة على تحالف قوى الحرية والتغيير أن تستوعب حقيقة التغيير في السودان.

الوجود الرسمي للسلطة الانتقالية في ملف السلام كان حاضراً، سواء كان من رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك” وتوقيعه في السابق اتفاقاً مع الحلو، أو الآن بتوقيع اتفاق مبادئ، وما تم من اختراق كبير من رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، أفتكر أنه من صميم الواجب والمهام التي تنجح الانتقال. كان أمام القوى السياسية وبعض القيادات المحتجة فرصة للقيام به، بل كان أمام السودان فرصة كبيرة تجنبنا انفصال الجنوب وكثيراً من الأزمات، لكن لم يحدث ذلك. لكن الآن للثورة مجال جديد وفرص أخرى، وأعتقد أن الشرعية الأساسية والسياسية الآن مرتبطة بمدى تحقيق أهداف الثورة.

بعد التوقيع على إعلان المبادئ، هل تعتقد أن الطريق أصبح سالكاً لإنجاز سلام عادل، أم مازالت هناك بعض التحديات المنتظرة؟

ـ حين كنا نتفاوض مع الحركة الشعبية في “فبراير” العام الماضي، كانوا يعتقدون أن إعلان المبادئ سيجعلهم يتجاوزون الاتفاق الإطاري ويدخلون مباشرة في صميم القضايا، ولذلك كانوا يرون أن إعلان المبادئ لابد أن يكون واضحاً من أجل ضمان وجود مرجعية متفق عليها، بالتالي يكون ما تبقى أمر تفسير وتنفيذ في إطار الاتفاق على المبادئ والمفاهيم نفسها، أفتكر في ظل الاتفاق الذي تم مع توافر الإرادة السياسية، الطريق للسلام أصبح ممهداً بشكل أشمل وأوسع، فضلاً على أنه يعتبر تحقيقاً لانتصار كبير للثورة.

كيف ترى ردود الفعل حول الاتفاق على “فصل الدين عن الدولة”، وماهية الارتدادات المتوقعة من القوى الرجعية أو الرافضة لذلك الاتجاه؟

ـ تسمية قوى رجعية في حد ذاتها لديَّ حولها تحفظات أو رأي. “الرجعية” ممكن تكون موقفاً لوقت طويل لكن هناك خطوات كثيرة تمت، ويجب علينا كسودانيين تجاوز كل الأوضاع السابقة مع بعضنا البعض، الدولة الحديثة قائمة على هذا التعريف، السودان دخل في تجربة لمدة ثلاثين سنة ومحاولة “حشر” الدين في الدولة جميعنا رأينا النتائج وكشفنا فشل المحاولة، العملية التي تمت هي ليست مسألة تحرير الدولة من الدين بقدر ما هو تحرير للدين نفسه وإعطائه قيمته، فضلاً عن أن الإعلان فصل بشكل واضح احترام الدولة للأديان، أعتقد أن محاولة المزايدة والاتجار بالدين ما عادت متاحة، وأتمنى أن تكون هذه فرصة جيدة للناس لزيارة “كاودا”، حتى يكتشفوا أن هناك مجموعات دينية كثيرة هناك، حتى الطرق الصوفية وأنصار السنة، أكرر “الرجعية” حالة ظرفية الناس يجب أن يتجاوزها مع بعضهم البعض، ونفهم أن هذه ليست معركة فيما بيننا، وإنما ما تحقق يعتبر انتصاراً كبيراً.

في حالة الوصول إلى سلام كامل مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، ما الانعكاسات المتوقعة على المشهد السياسي؟ وهل يمكن نشوء تحالفات جديدة؟

ـ نحن كنا موقعين مع الحركة الشعبية منذ شهر فبراير الماضي، على إعلان واضح بضرورة إعادة التحالفات السياسية عبر منصة التأسيس لكل قوى الثورة، وذلك حول مفهوم الحد الأدنى، وإنهاء حالة الاصطفاف والإقصاء التي صدرت من بعض القوى، بالإضافة إلى إعطاء الفترة الانتقالية قيمتها باعتبارها مرحلة للتأسيس، بعيداً عن تحقيق المكاسب الذاتية، كما كان يتم في الأنظمة الشمولية، وكذلك بعيداً عن تجارب الانتقال السابقة. والوصول لسلام شامل قد يكون بداية جديدة لقوى الثورة والقوى السياسية وقوى المجتمع، للعودة إلى منصة التأسيس.

=====

نقلاً عن صحيفة الحداثة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.