رِحْلتي مع مَنصُور خَالِدْ: الحلقة (31) الخروج من الذات لملاقاة الآخر! جون قرنق والبَحْثِ عن السَّلام والوحَدَّة
الواثق كمير [email protected]
العودة إلى الخرطوم للعزاء في الزعيم الراحل!
عطفاً على ما رويته في الحلقة السابقة، فبعد سماعنا لخبر اختفاء الطائرة، الهيلوكوبتر، التي كانت تقِلُّ د. جون وصحبه، ونحن على مشارف مروي، توجهنا إلى منزل السيدة إزدهار جمعة، من المؤسسين لمكتب الحركة في المدينة. تكفلت إزدهار (وهي حاليا قيادية في الحركة الشعبية شمال، تحت قيادة الفريق مالك عقار) باستضافتنا في بيتها وتنظيم المقابلات مع المرشحين لشغل المقاعد المخصصة للحركة في السلطة التنفيذية والتشريعية للولاية الشمالية. وبالرغم من الوجوم، المشوب بالارتباك والاضطراب، الذي ساد جميع الحضور، بسبب المصير المجهول لزعيم الحركة الشعبية، إلا أننا عزمنا على إجراء المقابلات وإكمالها. ومع ذلك، ظلت الأعصاب مشدودة والأنفاس قيد الحبس، والترقب سيد الموقف، بينما لم تنقطع أجراس الموبايلات أو تخفت أصوات المتحدثين، وكُل يتابع مع مصادر أخباره. استمر الحال على هذا المنوال لساعات حتى منتصف الليل في انتظار خبر مُفرح عن مسار الطائرة، وكلنا يدعو لدكتور جون ومن معه بالسلامة. وبعد برهة قليلة، جاءنا الخبر الأكيد، المُفجع والمُفزع، فأُسدل الستار وضاع الأمس مني وانطوت في القلب حسرة، كما قال الشاعر المرهف إدريس جماع.
حاولت جاهداً الإتصال بدكتور منصور، كرئيس للجنة العشرة لكي أخطره بوضعنا في تلك اللحظات، لإبلاغه بتقييمي للموقف وما سوف اتخذه من قرار، وباءات محاولاتي بالفشل حيث كان منصور حيئنذ في بريتوريا، جنوب أفريقيا. وعليه قررت بعدم جدوى مواصلة الرحلة إلى مدينتي الدبة ودنقلا، وفق جدول برنامجنا، والعودة إلى الخرطوم للعزاء على أن نعود مرة أخرى، خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين، لإكمال مهمة ترشيحات ممثلي الحركة في حكومة الولاية الشمالية. لم يغمُض لنا طرفُّ في تلك الليلة ونحن نتمدد على سرائر خارج المنزل تحت الهواء الطلق، حتى أصبحَّ الصبحُّ، فأكرمتنا المضيفة (إزدهار)، وزوجها الأستاذ عادل إبراهيم، ب”الشاي باللبن” واللقيمات الساخنة. وكما يقولون “فكينا الريق” وانطلق بنا اللاندكوزر نحو الخرطوم، عبر طريق “شريان الشمال” المتعرج، والذي لم يكن قد إكتمل بعد. وصلنا إلى محطة “الملتقى”، التي أُطلقت عليها هذه التسمية ربما لوقوعها في منتصف المسافة بين دنقلا والخرطوم، حيث تناولنا وجبة الغداء المُبكر في أحد المطاعم التقليدية التي تقدم للمسافرين “الفول” و”العدس” و”الكبدة” و”الشية”، واحتسينا الشاي والقهوة، لننطلق مجدداً صوب الخرطوم. كانت رحلة العودة هذه حزينة فقدنا خلالها القدرة على الكلام وعم الصمت داخل العربة، بإستثناء إبداء التخوف على ما قد يتبع وفاة زعيم الحركة بهذه الطريقة الغامضة من تداعيات وخيمة، على شاكلة ما حدث في اليوم الموسوم ب “الأحد الدامي”، 6 ديسمبر 1964، في الخرطوم.
وما أن صرنا على مشارف أم بدة، حتى تبين لنا أن طريق الوصول إلى أمدرمان، ناهيك عن الخرطوم، ليس بسهل أو مفروش بالورود، حيث بدأنا في مشاهدة أعمدة الدخان تتصاعد في السماء. لم يمرُّ وقتُّ طويل حتى شاهدنا من على البعد كرَّ وفرَّ بين قوات الشرطة وبعض الشباب الغاضب، الذي شرع يحرق في “اللساتك” في وسط الشوارع. لجأنا إلى شبه مزرعة يتوسطها صهريج كبير، يبدو أنها محطة للمياه لتغذية الحارات الغربية النائية لأم بدة، قبل أن نقرر كيف نعبر. تواردت لنا أخبار عن صدامات أهلية وتفلتات أمنية قد تصادفنا في الطريق إلى وسط الخرطوم، بينما لم يساعدنا ضعف شبكة الإنترنت لدرجة الانقطاع الكامل، للتواصل مع أي من قيادات الحركة لوضعه في الصورة حتى ينجلي الأمر. لم نكن نصدق عندما حُظيت كيجي، في لحظة خاطفة، بالحصول على “بصيص” شبكة من الإنترنت مكنتها من حديث قصير مع ين ماثيو أخطرته بموقعنا الجغرافي، وحوجتنا لحماية أمنية لكي نصل إلى الخرطوم. ومن ثمَّ، أبلغ ين رئيس وفد الحركة في الخرطوم، نيهال دنيق، بهذا الأمر، الذي ابتدر بدوره التواصل مع الجهات الأمنية المعنية. ومن بعد، لم نبارح مكاننا قرابة الساعتين حتى وصلتنا عربتان من الشرطة “بوليس النجدة”، وفرتا لنا الحماية في الطريق من غرب أم بدة إلى فندق القرين فيلدج، ببري. والشمس كادت أن تغيب، وصلنا إلى صيوان العزاء، المنصوب في باحة فندق “القرين فيلدج”، الذي كان شبه مقر غير رسمي لقيادات الحركة الشعبية، منذ وصول وفد المقدمة في مطلع أبريل 2005، وتحت ظلال أشجاره كانت تعقد اجتماعات لجنة تنظيم الحركة الشعبية في شمال السودان. كان الصيوان يعج ويضج بأعداد مهولة من المُعزِّين من كافة ألوان الطيف السياسي، ليس من الخرطوم فحسب، بل قدمت الوفود من كل الولايات، حيث كان شاغل الحضور هو تداعيات رحيل زعيم الحركة الشعبية في وقت حرج، ومآلات مستقبل السلام بالبلاد. فبعد الإعلان الرسمي لخبر الوفاة ( تلاه وزير الإعلام والاتصالات، عبد الباسط سبدرات)، خرجت بعض مجموعات من الجنوبيين الغاضبين، المتشككين بأن جون قرنق قد تم اغتياله غدراً، واشتبكت مع قوات الشرطة، وتحولت إلى أعمال شغب في بعض الأماكن، ولكن تمت السيطرة عليها مما أبطل هواجس ومخاوف الناس من الاقتتال الأهلي. استمر العزاء لثلاث أيام لم ينقطع، خلالها سيل المُعزين، يحفها الحزن ويشوبها الخوف من المستقبل، بعد رحيل قائد فذ ومُلهم ويمتلك قُدرات هائلة في جمع الناس حوله. في أول أغسطس 2005، جاء الخبر المُفرح، في ذلك الجو المحفوف بالحزن والملفوف بالكآبة، من نيروبي مُدخِلاً الاطمئنان في القلوب، مفاده أن قيادات الجيش الشعبي والحركة الشعبية حسمت أمر القيادة بالتوافق بالاجماع على تولي الفريق سلفاكير ميارديت رئاسة الحركة الشعبية وقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان. هكذا، تم انتقال السلطة داخل الحركة والجيش الشعبي بسلمية وبسلاسة، وأكد الرئيس الجديد عزمهم السير على خطى الزعيم الراحل لتحقيق نفس أهدافه، والسعي الجاد لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل.
أعمال لجنة العشرة
كما أشرت في مقدمة هذه الحلقة، كان منصور حينذاك في بريتوريا في مهمة لتقديم محاضرات لمبعوثين للتدريب من الحركة الشعبية على الدبلوماسية في معهد بجنوب أفريقيا. فجاءه الخبرَّ الصادم وسط هذا الحشد من الطلاب الجنوبيين، والذي لم يُصدق في البداية حتى أجرى عدة محادثات للتيقُنِّ من صحته. فمن بعد، توجه مباشرة إلى جوبا، عن طريق نيروبي لحضور مراسم التشييع والدفن، في 6 أغسطس 2005، ومن ثمَّ عاد إلى الخرطوم. وبمجرد وصوله ، ذهبت، برفقة كيجي رومان، للقاءه، كالعادة بجناحة في الهيلتون، وقدمنا له العزاء في رحيل زعيم الحركة. ومن بعد، أطلعناه شفوياً بوقائع ونتائج رحلتنا إلى ولاية نهر النيل، وإكمال مهمة الترشيحات، ومن ثم إلى مروي في الولاية الشمالية، وعودتنا للخرطوم بعد خبر الوفاة، وعلى عزمنا إكمال المهمة في الولاية الشمالية وقرارنا السفر في منتصف أغسطس، أي بعد أيام من لقاءنا مع منصور، حتى نُقدم له تقريراً مكتوباً بعد عودتنا.
عُدنا لإكمال المهمة في الولاية الشمالية، في منتصف أغسطس 2005، بِزيارةٍ إلى مدينتي الدبة ودنقلا، إضافة إلى إجراء مقابلات مع وفد المرشحين القادمين من حلفا، استغرقت ثلاثة أيام. وبعد عودتِنا من الرحلة الثانية للولاية الشمالية، كانت تنتظرنا مُهِمتَّان، أولاهما: العمل في لجنة اختيار مُرشحي الحركة، للجهازين التنفيذي والتشريعي، في ولاية الخرطوم (والتي كما أشرت في مقدمة هذه الحلقة، كنت أنا وكيجي من أعضائها). أما المهمة الثانية فكانت: المشاركة في لجنة اختيار ممثلي الحركة في المجلس الوطني (الجهاز التشريعي القومي)، إذ كنا قد اتفقنا في أول اجتماعات لجنة العشرة، برئاسة د. منصور، أن يشارك كل أعضاء اللجنة في عملية اختيار مرشحي الحركة من شمال السودان لعضوية المجلس. وبالرغم من أن لجنة العشرة كانت أول نشاط للحركة الشعبية جمعني مع منصور، إلا أنني دخلت معه في اشتباك، واحتدًّيتُّ معه في النقاش، حول معايير الترشيح لعضوية المجلس الوطني، وفيما يخصُّ شخصيتين بالتحدَّيد. فمع أن منصور كان ثاقبُّ النظر يُخاطبُّ الأمورَّ بموضوعية بروية، إلا أنه كان في بعض الأحيان يجنحُّ إلى التسرع وتغليب الإنطباع والتقدير الذاتي، وقد يأبى العدول عن رأيه.
الاشتباك مع منصور!
أحد هذين الشخصين، واسمه حسن نمر، دخل على منصور وياسر عرمان بالطول والعرض مدعياً أنه حفيد المك نمر، وأصبح يقضي وقتاً طويلاً في ردهات فندق الهيلتون، باحثاً عن موقع له إما في المجلس الوطني أو المجلس التشريعي لولاية نهر النيل. بجلابيته وعِمته ناصعتي البياض وملفحته العريضة، ولسانه الحلو جعل منصور يدفع بترشيحه لأحد هذين الموقعين. فما كان مني وكيجي إلا أن نعترض على أي محاولة لتعديل قائمة ما قدمناه من مرشحين، خاصة وأننا لم نسمع أو نلتقي به خلال مهِمتنا في ولاية نهر النيل، ولم يكن ضمن الأشخاص المرشحين من قبل فرع الحركة الشعبية بالولاية، والذين أجرينا معهم المقابلات وتم اختيارنا للمرشحين على أساسها. الطريف في الأمر، أن نمر استخدم بذكاء مقولة بعض الإسلاميين المشحونين بالعنصرية التي كانت تسخر وتتندَّر من تصريح مضروبٍّ ومنسوبٍّ إلى د. جون بأنه سيأتي ليحتسي فنجان قهوة في المتمة، مقر الجعليين. كنت أرد على هذا الكلام السخيف بأن جون قرنق يشرب القهوة في سان فرانسيسكو في شمال كلفورنيا، دعك عن أن يحتسيها في إحد ضواحي بلده، التي لا ترقى حتى لأن تكون مدينةً. المهمُّ، أن حفيد المك نمر المزعوم استغل الأمر ليُقدمُّ دعوة لزعيم الحركة الشعبية لزيارة شندي واستضافته لشراب القهوة في، إضافة إلى ظنَّه بأن ذلك سيضفي عليها قيمة مضافة في دار جعل. ومع ذلك، لم تصمُدُّ حيلته طويلاً ولم يصل لمبتغاه، بعد أن بدأ يكثر التردد على منصور وتتوالى طلباته لتمويل نشاطاته في الولاية حتى يتسنى له حشد جمهوره. فصدق حدسي ولم يعُد منصور يأبه به حتى أصابه اليأس وانقطعت رِجْلُه عن الفندق.
أما الشخص الثاني الذي وقفت بشدة ضد ترشيح منصور له لعضوية المجلس الوطني فهو المحامي غازي سليمان. فبحسب ما بينته، في الحلقات الأولى من هذه السلسلة، عن علاقتي الممتدة مع الحركة الشعبية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، لم التق بغازي ولم أسمع إطلاقاً بأي صلة له بجون قرنق أو الحركة الشعبية عموماً (ولم أُقابله كِفاحاً إلا لاحقاً في صحبة منصور وياسر في دعوة غداء بمنزله بالخرطوم 2 في أواخر عام 2005). ومن حيثيات ترشيح منصور لغازي سليمان ان بمواقفه المتحدية للانقاذ وخبرته القانونية سيكون مفيدا للحركة داخل البرلمان، وأيده فى ذلك ياسر، بالرغم من تحفظه على طبيعة شخصيته واتفاقه مع وجهة نظري فيه. وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على تعيين غازى عضوا فى البرلمان الاتحادى خصما على حصة الحركة. إن ما جعلني أتحفظ بشدة على ترشيحه بإسم الحركة الشعبية، وأتشكك في مصداقيه مواقفه السياسية، أنه في نوفمبر 1999 قام الأستاذ المحامي بتوزيع الدعوات للصحف ووكالات الأنباء والفضائيات والمراسلين الأجانب لحضور مؤتمر صحفي يخاطبه زعيم الحركة الشعبية عبر الوسائط الإلكترونية. وعندما بدأ المدعوون من أهل الصحافة والإعلام التوافد إلى المكتب حضر رجال الأمن وقاموا باعتقال الموجودين ومن بينهم غازى نفسه، ثم أُطلق سراح الجميع بعد ساعات على أن يمثلوا أمام القاضى فى وقت لاحق. وللمفارقة، ما أن جاء يوم المُثول فإذا بالنائب العام آنذاك، الاستاذ على محمد عثمان ياسين، يأمُّر بسحب الأوراق من أمام المحكمة وصرف النظر عن القضية بأكملها. رسخت هذه الحادثة قناعتي بعدم مصداقية غازي وأن مؤتمره المزعوم لم يكن غير مجرد فرقعة إعلامية هدفت إلى تلميع شخصه ورفع شأنه السياسي بإدعاء قربه لزعيم الحركة الشعبية. ذلك، خاصة وهو كان يُدرك جيداً أن حكومة الإنقاذ المتجبرة يومئذ لم تكن لتسمح بعقد المؤتمر الصحفي، بعد أن ذاع خبره وعمًّ القرى والحضر. فكل الشهادات التي وردت إلينا، وكنا في القاهرة حينئذ، لم تُفدُّ بأن هناك أية ترتيبات متعلقة بالمؤتمر الصحفى المزعوم، أو عِلمٍّ عن أى لقاء أو اتصالات ربما تكون قد تمت بين د. جون وغازى. ليس ذلك فحسب، بل أن د. جون نفسه كان فى التاريخ المعلن للمؤتمر فى مكان ما على الحدود السودانية-الكينية، لا تتوفر فيه أية وسائل اتصالات حديثة.
بالرغم من احتجاجي، ومعي آخرين، على ترشيح غازي سليمان إلا أن د. منصور، بعد تشاور مع قيادة الحركة، أجاز قائمة ممثلي الحركة من الشماليين في المجلس الوطني: ياسر عرمان، ياسر جعفر، كمال الوسيلة، غازي سليمان، الطاهر محمد إدريس، أبو القاسم سيف الدين، على أبوسن، عثمان أبو شنب (ومحمد المعتصم حاكم، الذي عينَّ، في نوفمبر 2007، في مكان كمال الوسيلة بعد أن عُينَّ وزيراً للصحة لولاية نهر النيل، في يوليو من نفس العام). أصبح ياسر رئيساً لكتلة نواب الحركة الشعبية، بينما تم تعيين غازي سليمان نائباً لرئيس لجنة التشريع، بالمجلس الوطني. ومع ذلك، فقد صدق حدسي أيضاً للمرة الثانية بعد توجسي من حفيد المك نمر. فلم يمر عامان حتى استغل غازي موقعه كنائب لرئيس لجنة التشريع والشئون القانونية بالبرلمان ودفع بقرار عزل ياسر عرمان من عضوية البرلمان في صيف عام 2007، بذريعة أن ياسر قد غاب لدورة برلمانية كاملة (كان ذلك حينما كان ياسر في الولايات المتحدة الأمريكية). ومن جهة أخرى، توالت الأحداث السياسية واحتدم الصراع السياسي ما بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حول قانون الأمن الوطني، وإجازة قانون الإستفتاء، مع وقوف غازي وحيدًا مؤيدًا لكتلة حزب المؤتمر الوطني ضد موقف الحركة الشعبية. كما أنه لم يكن مشاركاً في نشاطات الحركة السياسية في دورها أو حتى في اجتماعات الكتلة البرلمانية. وبذلك، لم يترك غازي خياراً للحركة غير أن يتخِذُّ مكتبها السياسى، في اجتماعه رقم 5 بتاريخ 22 أغسطس 2009، قراراً بفصله (ومعه مناوا أليقو) من عضوية الحركة الشعبية، على حدِّ تعبير البيان، “بسبب خروجهما على الخط السياسى العام للحركة الشعبية ومشاركتهما فى أنشطة هدّامة ضدها”.