رئيسة القضاء تقر بأنه لا مجال حاليَّاً لتحقيق العدل في السودان إلا في الجُنح الصغيرة

بقلم/ محمد جلال هاشم

تداولت الأسافير خبر الرد المنسوب لرئيسة القضاء لاستفسار الكاتب الفاتح جبرا بخصوص تأخر تنفيذ حكم الإعدام في حق ضباط الأمن المدانين في قضية مقتل الاستاذ احمد الخير. وجاء في حيثية السيدة رئيسة القضاء أن تنفيذ حكم الإعدام المستأنف، مرورا بالمحكمة العليا، ثم محكمة المراجعة، فالدائرة الخماسية بالمحكمة العليا وصولا إلى مستوى المحكمة الدستورية لا يمكن تنفيذه، ذلك لعدم تشكيل هذه المحكمة نسبةً لعدم اجازة قانون مجلس القضاء العالي.

هذا معناه انه لا توجد مؤسسات عدلية في البلد الا بما يكفي أحكام الجلد والغرامة في القضايا الصغيرة التي لا تقع إلا على القطاعات الضعيفة والمستضعفة من المجتمع. وهذا يعني أن المؤسسات العدلية غير موجودة على أرض السودان في كامل هيئتها المطلوبة لمحاسبة جرائم كبرى في مستوي جرائم دولة الإنقاذ.
وكما نعلم، فإن الوثيقة الدستورية نفسها قامت بتقييد حكم الإعدام، إلا أن يكون قصاصا أو حداً. وهذا يعني أنه لا يمكن أن يواجه مدبِّرو انقلاب الإنقاذ عقوبة الإعدام التي تقتضيها تهمة تدبير انقلاب عسكري يؤدي إلى تقويض النظام الدستوري في البلاد، بما يخالف القوانين العسكرية نفسها. كما يعني ما قالته رئيسة القضاء أن يستسلم أهل ضحايا مجزرة الاعتصام النكراء التي وجه الشهود فيها أصابع الاتهام لمليشيا الجنجويد والجيش والبوليس والأمن. فبما أن هؤلاء هم نفسهم الذين يديرون البلاد فعليَّاً، كوننا لا زلنا نعيش في المرحلة البشيرية – الحمدوكية التي لخصها المثل السائر “ريَّسوه وتيَّسوه”، عليه هل يعني تصريح رئيسة القضاء هذا أنه لم يبقَ أمام الثوَّار وكل مطالبي القصاص، بما فيهم أسر الشهداء، غير أن يتجهوا للمحاكم الإقليمية “مثل محكمة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الأفريقي” أو المحاكم الدولية “مثل محكمة الجنايات الدولية؟” كما من الواضح أنه لم يبقَ أمام الفاتح جبرة إلا أن يدخل تغييرات جذرية في كسرته هذه بحيث يكون السؤال هو متى ستتم اجازة قانون مجلس القضاء العالي، وليس متى سيتم تنفيذ حكم الإعدام في قتلة الأستاذ الشهيد أحمد الخير.

ثم بعد كل هذا تبلغ السذاجة واستحكام جائحة التفكير الرغبوي ببعض قطاعات الثورة التي تقبع في غيبوبة التفكير الرغبوي حتى خرجوا علينا دون خجل وهم يقولون “شكرا حمدوك”؛ يشكرون كومبرادور الإمبريالية العالمية الذي وافق بكامل وعيه واختياره أن يساهم بدوره في تفكيك السودان وفق خطة قوي الإمبريالية العالمية الرامية إلى تعميق تناقضات السودان عبر تكريس الدولة الدينية فيه بحيث يستحيل تحقيق السلام وبما من شأنه أن يُرجع البلاد إلى مربع الحرب الأهلية بضراوة أكثر من ذي قبل.

فمتى تفيقوا يا ثوار من غيبوبة التفكير الرغبوي، متى؟ فالثورةُ لا تساوم! والثوري الحقيقي لا يساوم! وما ساومت ثورة، مهما صعدت في سلم المجد، إلا وسُرقت في وضح النهار كما سُرقت ثورتُنا في وضح نهار 13 أبريل 2019م والجموع محتشدة في ميدان الاعتصام، ذلك في نهار يوم التسويات الاستسلامية من قبل قوي الهبوط الناعم في قحت المقحطة.

تعليق 1
  1. Salah Abugort يقول

    لم تسقط بعد .
    ولن يحكمنا الكيزان الا ونحن اموات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.