تائِه يقتفي أثر الحركة الشعبية… عرمان تحت المِجهر،،،

 

أنس آدم إبراهيم

طالعتُ حِواراً صُحفياً بمحضِ الصدفة في صحيفة الحداثة أُجري مع ياسر سعيد عرمان العُضو السابق في الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، قدّم من خلاله وكعادتِه سِهام النقد للحركة الشعبية، ففي هذا السِفر محل الكتابة سأكتفي ببعض النقاط التي تمت الإشارة فيها إلى الحركة الشعبية و في مُجملِها ثلاث أسئلة وردت بين ثنايا الحوار وإجابات عرمانية واهنة محل الرد الآن … أطلق عرمان لنفسه العنان في هذه المقابلة الصحفية محاولاً الإجابة عن أسئلة تبدو سهلة في ظاهرها لكن جوهرها غاية الصعوبة للعرماني الذي وقع في وحل المغالطات و الإجابات الخاطئة ليضع نفسه بذلك في موقف حرج. و في معرض رده عن الأسئلة المطروحة تطرق و بتطرف شديد إلى الحركة الشعبية و رئيسها القائد عبد العزيز آدم الحلو، متبعاً طرائق التشفي والإنتصار على الذات المهزوم شر هزيمة كما يُطلِعنا بنية نُصوص ردوده المُرتجلة والموغِلة في التسطيح.

أكتب هذه السطور ليست من باب تفكيك هرطقاته أو تعريته، بالطبع فضائحه وإنتكاساته السياسية لاتستحق كل هذا العناء سيما أن إنتهازيته ومخازيه مُوّثقة و معلومة لدى الجميع وشاخِصة للعيان… وهو الآن في وضعِ لا يُسحد عليه يندب حظه ويحصد ثمار ما زرعه بيده طوال سنوات عبثه داخل أروقة الحركة الشعبية.
على كل حال دعونا ندلف إلى مضابط الحوار لنرى كيف كانت ردة فعله وتعليقه على السؤال التالي: ما تعليقكم على إعلان المبادئ الذي وقعه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك مع رئيس الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو ؟ عرمان يحيب: (بداية هذا الإعلان فيه تعقيدات من ناحية الإجراءات والمضمون، ولقد خاطبنا مكتب رئيس مجلس الوزراء مباشرة في هذا الصدد، وكذلك الأطراف الأخرى المعنية بالحكم الانتقالي) إنتهى الإقتباس،،،

هكذا جاء رد و تعليق عرمان على سؤال عن الإتفاق المشترك الذي تم توقيعه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الثالث من سبتمبر 2020 بنوع من السذاجة والإستغباء وكأنما المتابعين والمراقبين للأوضاع والمهتمين بالشأن السوداني يقطنون في كوكب آخر ليس الأرض، فمن خلال إستقراء فحوى رده على السؤال يتضح جلياً مدى التخبط و التوهان الذي يعيشه عرمان تمرين سياسي بسيط أكد فيه للجميع حالة مواته السياسي و وقوفه في الجانب المُظلم من التاريخ.

وعندما سُئل عن أبرز هذه التعقيدات رد قائلاً: ( لو دخلنا في أي من التعقيدات ستقودنا لمسائل أخرى، أفضل في الوقت الحالي أن أتركها للقنوات الرسمية) ،،، إنه حقاً يثير الشفقة وأضحى حملاً وديعاً بين غابات السياسة يعتقد بِهكذا ردود فارغة المحتوى يمكن أن ينال من الحركة الشعبية ويُغبِش وعي الجماهير الصامدة، المساندة لمواقف الحركة الشعبية والملتفة حول أهدافها ومبادئها… إذاً ماذا يعني بالتعقيدات Complexities و لماذا لا يحدثنا عرمان عن التعقيدات الموجودة في الإتفاق المشترك؟ وما هي الحلول الناجعة لهذه التعقيدات إن وُجدت، مع علمنا أن هذه التعقيدات لا وجود لها في الواقع سوى في مخيلة عرمان الجدب وعقله الذي توقف عقارب ساعة تفكيره عند الصفعة التي تلقاها من مجلسي تحرير إقليمي جبال النوبة والفونج (النيل الأزرق) الذين وضعا عربة الحركة الشعبية في مسارها الصحيح،، ليت عرمان يُفصح عن تعقيدات إعلان أديس بدلاً من النعيق كالبوم.
نحن نعلم أن عرمان يخشى من الإتفاق المشترك لأن التوقيع عليه بواسطة رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك يعني ضمنياً الآتي:
أولاً: أن حكومة الفترة الإنتقالية أقرت وإعترفت وأدركت وجود خلل بنيوي في المنهجية التي أتُبعت في العملية التفاوضية (المسارات) _ إستنساخ لتجربة النظام البائد في المفاوضات (تجزئة القضايا) و التي لا تقود إلى سلام عادل ومستدام يطوي صفحة الحروب.

ثانياً: الحركة الشعبية تُمثل قوى رئيسة وفاعِلة في المشهد السياسي السودني فلا سلام بدونها.

ثالثاً: القائد عبد العزيز آدم الحلو رقم كبير ومهم في المعادلة السياسية لا يمكن تجاوزة عند الحديث عن قضيتي الحرب والسلام، فهو صانع للسلام وليس لاحقاً له كما يروج ضيقي الأفق السياسي وبعض الظلاميين وقوى الردة.

فالإتفاق المشترك تمثل مبادئ مُوجهة Guidelines للعملية التفاوضية خاصة أنه تناول إحدى المشكلات الأكثر تعقيداً في السودان وهي قضية تسيس الدين Politicize of religion وإستغلاله من قبل الجماعات الإسلاموعروبية كحُصان طروادة Trojan Horse لتهريب الأجندات الساسية والحِفاظ على الإمتيازات التاريخية و إذلال وقمع الشعوب المهمشة عبر ترسانة القوانين الدينية و القمعية.

إن المؤتمر الصحفي الذي عقده عرمان في وكالة سونا للأنباء كشف الحالة النفسية المضطرِبة الذي يعيشها و بدت على وجهه مظاهِر اليأس والإنكسار بالرغم من أنه حاول إظهار تماسكه أمام الكاميرات إلا أن لغة جسده وتعابير وجهه عسكت الكم الهائل من الإصطراعات النفسية والإنهزام الداخلي، كما أن شواهد الإستقبال الهزيل في مطار الخرطوم والهتافات الخجولة لثُلة من المنتفعين وحارقي البخور تكفي لتكملة الصورة ووصف المشهد المُزري لِمجموعة عقار وعرمان، سؤال عرضي يتبادر إلى الأذهان أيتذكر عرمان حفاوة الإستقبال الذي حُظي به إبان زيارته لمدينة كاودا منجم الثورات _ الأراضي المحررة في العام 2016 حينها كان أميناً عاماً للحركة الشعبية وكان في إستقبالة الآلاف من الجماهير بالأهازيج والمورلات الثورية بينما اليوم يحط بقدميه في مطار الخرطوم وحوله فئه قليله من الناس تُعد بأصابع اليد. حقاً نهاية مآساوية لثوري زائف يهرول إلى الخرطوم لاهثاً وراء حفنة كراسي صورية تحت لافتة إتفاق السلام و في الوقت نفسه تتدافع القوى السياسية و المدنية الحية إلى جوبا للإلتقاء بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، وإجراء حوارات عميقة وشفافة وذلك في إطار جُهود ومساعي تحقيق سلام عادل ومستدام يُخاطب جذور المشكلة السودانية وليست قشورها.

ننتقل إلى سؤال آخر يتعلق بعودة الحلو للمفاوضات والتي تعني فتح إتفاق السلام الموّقع بالأحرف الأولى مؤخراً؟ توّتر عرمان وفقد تركيزة وهو يقول أن عودة الحلو للمفاوضات لن تؤثر، ولا يجب أن تكون مثل عودة دجانقو، … نقول لك أن الحلو لم يبارح طاولة المفاوضات أصلاً حتى يعود إليها مرة أخرى و إذا كان وجود الحلو غير مؤثر لماذا وجد الإتفاق المشترك (الحلو _ حمدوك) قبولاً واسعاً لا يضاحيه مثيل، حيث بيانات الترحيب والتأييد التي لا تُحصى ولا تُعد من القوى السياسية والمدنية و تصريحات داعمة من شخصيات سياسية نافذة على المسويين الإقليمي والدولي أبدت دعمها فضلاً عن مباركة وقبول المجتمعين الإقليمي والدولي، دعك عن مليونيات ومواكب الترحيب والتأييد في مُدن وولايات السودان المختلفة.
أي سلام يتحدث عنه هؤلاء؟ إن عرمان آخر من يتحدث عن الثورة والسلام، لأنه فشل في أن يعيش سلاماً مع مع رفاقه في الحركة الشعبية وحتى مع ذاته، أي سلام يبحث عنه في الخرطوم و أي تغيير يتحدث عنه و أي ثورة يتشدق بها هل نسي مواقفه الُمُخزية عندما قرر الترّجل عن صهوة الثورة بل وذهب إلى أبعد من ذلك يُحيك المؤامرات وينسج حبال الدسائس ليلاُ ونهاراً ضد الحركة الشعبية وقيادتها _ (مخطط تصفية الجيش الشعبي و تسليم سلاحه للعدو اللدود نظام الجبهة الإسلامية القومية) تحت زريعة الكفاح المسلح كوسيلة للتغيير ما عادت ذات جدوى … فهذا الجلابوي آخر من يتحدث عن الثورة والسلام … فبدلاً من أن يركز في ورقته الضارِبة ظل يُكرس جهودة في إقتفاء أثر الحركة الشعبية والتطاول عليها إلا أن شعبنا الصامد يدري أيّما دراية أنه إفترش القضايا المصيرية والإستراتيجية في السوق السياسي بأبخس الأثمان مقابل فتات سلطة لاتُغني ولا تُسمن.
إن هجوم عرمان الغير مبرر على إتفاق أديس أبابا والقائد عبد العزيز آدم الحلو_ رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي، تأتي في سياق البحث عن غطاء لِهبوطه الناعم وفشلة الزريع في مهمة تشويه صورة الحركة الشعبية ونضالاتها التاريخية.

أخيراً:
ريثما يتستفيق عرمان من سباته إنتهازيته، يمكننا القول بملئ أفواهنا أن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وُجدت لِتبقى إلى الأبد وستنتصر،،

تعليق 1
  1. مصعب يقول

    بالتوفيق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.