مــا هو التـــغيـيـر الحــقيــقــي ؟
أيوب احمد
ظللت اعزم دوماً أن التغيير الحقيقي لأي شعب من الشعوب يكمن في التغيير العميق لذهنية هذا الشعب في الاتجاه التقدمي العصري .وهذا التغيير لن يكون بإزالة حكم وإقامة غيره أو تبديل قانون ورفع شعار جديد،وإنما يكون في إدخال تغيير أساسي في وعي المجتمع وابدال المفاهيم حول العلاقات الأساسية بين الإنسان والإنسان وبينه وبين عالمه المادي .ويكون بإقامة نظرية جديدة في المجتمع تنطلق من مفاهيم العلم والفكر لكل الممارسات والعادات والتقاليد التي لم تعد تتماشى مع منطق العصر والعلوم التي بنيت عليها كل الإنجازات الكبرى المذهلة في هذا العصر.
وإذا كانت المجتمعات التقليدية التي تكتفي باجترار تراثها والتغني بالجنود بهذا التراث لن تستطيع الدخول إلى رحاب العصر وستبقى أسيرة التخلف والعيش ضمن أوضاع من التحجر والتجمد. فإن رسالة المفكرين في المجتمع وادبائه وعلمائه وفنانوه وشعراءه ،هي إعادة التقييم وتمحيص الاراء والنظريات والعادات والتقاليد الراسخة والتي اكتسبت بالقدم قداسة زائفة في أوساط المجتمع .وفي نفيهم عنها ومنها مالم يكون صالح للعهد الجديد .وفي قيامهم بحركة إقناع بمختلف الوسائل من تنوير علمي وجدل الفكري والادبي،والفني ولو كلفهم ذلك النعت والإرهاق .
إن الخروج من عالم المثولوجيا إلى عالم العقل ومن نطاق الغموض والابهام إلى نطاق الموضوعية والتمييز هي رسالة مثقفي المجتمعات في عصرنا العلمي.
إن معالجة الأمور جميعها بالمنطق العلمي الهادئ والخروج من سيادة الجانب الانفعالي والهيجاني ونبذ التناقض واللامعقول من تراثنا وثقافتنا ، قد يكون أولى واجبات رسالات الفكر في عصرنا الحضاري الذي ما زالت تسيطر عليه الخرافة والاسطورة بشكل مخيف. لا يمكن أن يخلف سوى الاغتراب والاستلاب والبعد عن التغيير وبناء حضارة إنسانية.
والكثير من الباحثين في مجالات المجتمع المختلفة يلاحظ هذا التشابك ولا يمكن له أن يتجزأ من ذاكرة المجتمع .
والملاحظ لهذا المجتمع هو ما يزال يعيش في أساطير الحرام والحلال والمقدسات. وحبيس لأفكار إناس تفصله عنهم مئات السنين .دون أن يتساءل لماذ هذا حرام وذاك حلال ?ولماذا هذا الحجر مقدس ولماذا هذه الجغرافية هي مقدسة .ألم تروا حشاشة مجتمعنا في تبنيه للأفكار العلمية .