وداعاً الصحفي حسن وراق

بكاه : حسين سعد

 

بمزيد من الحزن والاسي، وبقلوبٍ مؤمنة بقضاء الله وبقدره، تلقيت نبأ الرحيل الفاجع للمناضل وصاحب القلم الجسور حسن وراق، لقد كان وراق من أوئل الصحفيين الذين انحازوا مبكرا لقضايا المزارعين ونسج وراق بيديه خيوطاً مضيئة من المواقف الوطنية الصادقة الشجاعة، وكتب مقالات وتقارير صحفية ناصعة في النضال من أجل اعلاء قضية تحالف المزارعين والعمال الزراعيين والجزيرة بشكل عام والسودان.

لقد ناضل حسن وراق وقاوم الظلم، وهضم الحقوق في العهد الديكتاتور المدحور ،وفتحت في مواجهة وراق بلاغات كيدية لكنه واجه تلك المحاكم بشجاعة فريدة مظهرا جسارة لافتة ،ووقف حسن أمام المحكمة بكل جرأة وتحدي وشموخ، فانضمّ الى قافلة المناضلين في المقاومة والتصدي لكل متسلط ومستبد ،كما حارب وراق في ذات الوقت مرض السكري اللعين ،

في زيارتي الي الحصاحيصا(ام المدائن) في بدايات عملي الطوعي في تحالف المزارعيين قبل نحو 17 عاما كنت انزل في منزل عمي محمد الجاك ابشمة، وذات مساء جميل أخذني عمي محمد الى منزل اسرة حسن وراق، وبدون موعد مسبق، التقيت ولأول مرة، بالمناضل حسن وراق كنت مبهورا بلقاء هذا المناضل الذي فصل من عمله وسجن،لم يهادن وراق النظام البائد، فلم يلوث تأريخه كصحفي ومثقف حقيقي بالكتابة في مدح حاكم ظالم،حينها اخذني وراق بالأحضان كأنه يعرفني من سنين طويلة، وأخجلني بحديثه الطيب عني امام ابشمة واحتواني بكرم كبير ، فتجاذبنا أطراف الحديث، فطرحت عليه مهمتي الاعلامية للتحالف ومساعدته ،فوجدته واضح الفكر، رصين العبارة، ومنه سمعت موقفه الصادق والشجاع، وعندما عرضت عليه خطوط عريضة من خطتي الاعلامية قدم اسهامات كبيرة واضافات واسعة.

كان وراق شجاعا وصريحا في القول،مثل الشفاتا والكنداكات في ثورة ديسمبر الظافرة ومثل قيادات تحالف المزارعين وقيادة القوي السياسية الراكزة ،والتنظيمات النسوية،وفي فعاليات تحالف المزارعين او زيارتي الصحفية الي الجزيرة كانت الحصاحيصا محطة رئيسية في طريقي حيث كنت اعمد الي منزل خالتي علوية وزوجها عمي محمد ابشمة وابنائهم الذين يقفون طوال الليل والنهار في خدمتنا ثم نخرج،انا وعمي محمد اوعبد الرووف عمر وعابدين برقاوي الي حسن وراق وهناك نتناقش ثم ياخذ حسن وراق حقنة الاونسليين ومعها حافظة المياه المبردة وكاميرته واللاب توب وعصاه ،وتتحرك بسيارته وسط الحقول والقرى خلال عشرات الزيارات والفعاليات لتحالف المزارعيين كان حسن متابعا لها بالتغطية الصحفية ومخططا في تنفيذها وعندما سافر فقيدنا الي القاهرة مستشفيا هبت قيادات وتحالف وابناء تحالف المزارعين للاحتفاء بحسن وراق ونظم احتفالا كبيرا يليق بمكانة فقيدنا،وبالنسبة لي أقول (مازال وراق هناك في الركن داك صوتو وغناهو وضحكتو وجرايدو والكتب الزمان )

نعم رحل وراق، الصحفي والانسان والمناضل الشجاع، وسيسجل أسمه في صفحات الخالدين، غادرنا وراق تاركا لنا فراغاً موجعاً،في ظل ثورتنا التي لم تكتمل بعد وحدس ماحدس في تحالف المزارعيين بعد الثورة لكننا سنظل حافظين للوصية متذكرين الراحلين محمد حمدنا الله وإبراهيم محي الدين وبابكر نصر والهميج ومحجوب الطيب والسر كاسر وحسبو ابراهيم وعبد الروف عمر وبرقاوي وفاروق رحمة وغيرهم وغيرهم من الرفاق لكن حزن عمي محمد الجاك ابشمة على رحيل وراق سيكون كبيرا ،وانا اذ اكتب هذا المقال الذي ابكي فيه زميلي الشجاع حسن وراق اتقدم في ذات الوقت بخالص التعازي إلى أسرة حسن وراق وأبناء عمومته بالشمالية والخرطوم والحصاحيصا وخارج السودان والي الوسط الإعلامي خاصة الأستاذ حسن علي حسن وزوجته الفاضلة الذين تحملوا الكثير والكثير وكذلك وزير الثقافة والإعلام الأستاذ فيصل محمد صالح والاستاذ الرشيد سعيد والشاعر أزهري محمد علي وصديقي محمد سيد احمد الحكومي وزميلي حسن فاروق ،وأسرة تحرير صحيفة الميدان وأجراس الحرية والجريدة التي كتب وراسلها فقيدنا،التعازي موصولة ايضا الي أسرة الراحل في هذه الخسارة الفادحة، ونعاهدهم ونقول لهم اننا في تحالف ابناء الجزية والمناقل ولجان المقاومة بالجزيرة ماضون علي دربه من اجل اعلاء قيم الحرية والحياة ومواصلة المسيرة الاعلامية بمختلف صور الصمود والتحدي مهما بلغت التضحيات ونردد (ودقت دق طبول العزة ..نشيلا ايادي ما بترتاح نشيلا مبادئ ما بتنهزم وعبد الخالق العامر يحب الناس قدامنا ياوراق انفتح كراس بخط ايديك وضو عينيك سطورو الغالية تتبسم ويابا الشفيع الساس ضلالة هجير الصيف ويا تار البلد جوزيف مشينا ونمشي نتحزم بمجد الشعب والنبراس علي المستقبل الاحسن ونحو القصر حتي النصر)

لقد كانت لحسن وراق بصمة وطنية كبيرة في فضح الطغاة ،وكان مثالا للصحفي المثابر الذي لم يتردد عن تحمل المسئولية في أحلك الظروف،نعم رحل وراق فارسا شجاعا لم يهادن ولم يفقد صوته ولا قلمه،كان انحيازه للمزارعيين كبيرا فضلا عن انه لم يعرف في تاريخه معني التردد والتراجع أوالانكسار.

نعم رحل وراق، وقاب عن الحياة بصمت، وانطوت صفحة جسده ، لكن فكره المبثوث في حواشات وترع مشروع الجزيرة والمناقل، وكافة تفاتيش شيخ المشاريع الزراعية ما زالت تحمل الراية وتقود الثوار إلى الانتصار والانتصار الكبير

ونحن في لجان مقاومة الجزيرة وتحالف ابناء الجزيرة والمناقل او اعلام التحالف نقول لوراق، أنَّنا لن ننسي، وقفتك النضالية المشهودة، عندما تصديتِ للطاغوت والديكتاتورية ونردد مع المحجوب شريف (علشان مستقبل انساني وعشان أطفالنا الجايين والطالع ماشي الوردية وحياة الشعب السوداني في وش المدفع تلقاني ،قدام السونكي حتلقاني وانا بهتف تحت السكين والثورة طريقي وايامي )

وداعا حسن وراق فقد كان لي شرف العمل معك في الدفاع عن حقوق المزارعيين والعمال الزراعيين ، وعن كرامتهم ،فقد كنت علامة كبيرة، وشمعة مضيئة في تاريخ حركة المزراعين ومسيرتهم النضالية

أخيرا ..نعم رحل منا وراق بعيدا لكننا نقول له في رقدته الابدية ماقاله شاعر الشعب محجوب شريف(نحن جينا وديل أنحنا القالوا متنا وقالوا للناس إنتهينا..لما فارسك فينا هب وعب حجرك بالمحبة وبالاماني صحي نار الثورة تاني وجانا داخل زي شعاع الشمس من كل المداخل وهز بالمنشور وبشر)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.