حوار مع سكرتير أول السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد – القائد/ أرنو نقوتلو لودي :

 

  • الحركة الشعبية تسعَى لبناء دولة علمانية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من كافة الأديان
  • أي إتهام للحركة الشعبية بأنها ضد الدِّين لا تعدو كونها مُزايدة سياسية رخيصة، ومُحاولة لتغبيش وعي الشعب السُّوداني
  • مواطني المناطق المُحرَّرة يعتمدون على أنفسهم من خلال مُمارسة النشاط الزراعي والرعوي، ويُمارسون الزراعة المطرية للإكتفاء الذاتي

أجرى الحوار بالمناطق المُحرَّرة : أحمد خاطر مهنَّا – SPLMN.NET

القائد/ أرنو نقوتلو لودي – سكرتير أول السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد، وعضو مجلس التحرير القومي هو أحد قادة الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال الذين إنضموا إلى ثورة التحرير والكفاح المُسلَّح منذ الحرب الأولى، وقاتل في صفوف الجيش الشعبي وتدرَّج فيه إلى أن وصل رُتبة القائد. أُوكِلت إليه العديد من المهام خلال فترة النضال وحرب التحرير – وفي الفترة الإنتقالية- إتفاقية السلام الشامل – (2005 -2011) كُلِّف سكرتير عام للحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان / جبال النوبة، وعند إندلاع الحرب الثانية في العام 2011 كُلِّف بمهام الناطق الرسمي للحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى قيام الثورة التَّصحيحية داخل التنظيم في العام 2017 حيث تم تكليفه رئيساً للجنة التنظيمية للمؤتمر العام الإستثنائي، وإستطاع مع فريقه تنظيم المؤتمر بنجاح في أكتوبر 2017 – وبعد المؤتمر العام وبناء المؤسَّسات: (السياسية التنظيمية / التشريعية / التنفيذية / والقضائية)، تم تكليفه سكرتيراً أول للسُّطة المدنية للسُّودان الجديد في المستوى القومي ليشرف على السكرتاريات القومية المُناط بها تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق المُحرَّرة، وهي السُّلطة التي يترأسها رئيس الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال.
القائد/ أرنو نقوتلو – رجل قليل الكلام وكثير الفعل يمتاز بالهدوء والنشاط، إستطاع منذ تكليفه تنظيم وبناء مؤسَّسات السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد على مستوى المناطق المُحرَّرة في مُهِمَّة شاقة وبموارد تكاد تكون معدومة، ولكنه إستطاع أن يبني مؤسَّسات فعَّالة، ويضع أساساً متيناً للحكم الراشد وسيادة حكم القانون. أجري معه الموقع الإليكتروني للحركة الشعبية الحوار التالى – وأجاب على أسئلتنا بثقة وتفاؤول بغدٍ أفضل، ووطن علماني ديمقراطي يسع الجميع – فإلى مضابط الحوار.

أولاً: القائد/ أرنو نقوتلو – ما هي السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد، وما هي مهامها و أقسامها؟.

شكراً جزيلاً، أولاً: أحييكم جميعاً – الفريق العامل في الموقع الإليكتروني للحركة الشعبية – شمال – وأشكركم على الإستضافة، وأحيِّي جموع الشعب السُّوداني، وأشكركم لإتستضافتكم لنا في هذه السانحة، وأتمنَّى أن يتحقَّق السلام الشامل والعادل في هذا العام 2021 لنضع نهاية للحروب المستمرة لسنوات طويلة ويتحقَّق الأمن والإستقرار.
السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد تم تأسيسها في العام 2018 بمرسوم رئاسي من رئيس السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد الرفيق القائد/ عبدالعزيز آدم الحلو، الذي وجًّه بإنشاء السُّلطة المدنية بالمستويات المختلفة – (المستوى القومي، المستوى الإقليمي، المقاطعات، والبيامات). والسلطة المدنية تنقسم إلى ثلاثة سُلطات : (السُّلطة التشريعية – وتتمثَّل في مجلس التحرير / السُّلطة القضائية / والسلطة التنفيذية). وهذه السُلطات جميعها موجودة في المستويات الثلاثة : (القومي / الإقليمي / المقاطعات). في المستوى القومي يُمثِّلها (مجلس السكرتيريين القومي) والمستوى الإقليمي يُمثِّلُها مجلس (السكرتيريين الاقليمي)، ثم المقاطعات / البيامات / والبومات كمستويات دُنيا.. الجهاز التنفيذي الذي نُمثله في مجلس السكرتيريين القومي، هو المسؤول عن رسم السياسات، وإصدار القوانين واللوائح، والإشراف على المستويات الأخرى في الأقاليم – هذا هو الشكل العام للسُلطة المدنية.
حالياً السُّودان الجديد به إقليمين (جبال النوبة / جنوب كردفان – و الفونج الجديد / النيل الأزرق)، ونحن الأن لدينا سلطة تنفيذية قومية تشرف على السُّلطة المدنية في الإقليمين .

ماهي الطريقة التي يتم بها تكليف الذين يديرون دولاب العمل في السُلطة المدنية ؟.

أولاً: عمل السلطة المدنية بصورة عامة يتم إدارته لا مركزياً. على المستوى القومي يتم الإشراف ووضع السِّياسات، أمَّا بالنسبة للمستويات الدنيا فهي تتكوَّن من الحكام على مستوى الأقاليم، المُحافظين في مستوى المقاطعات، الضُّباط الإداريين على مستوى البيامات. وتقع على عاتقهم جميعاً مسؤولية الحكم المحلي اللامركزي الذي يقوم بتوظيف وتدريب وتأهيل الموظفين الإدارين الذين يقومون بدورهم بإدارة دولاب العمل بالسُّلطة المدنية بالمستويات المُختلفة، وفي كل مستوى توجد إدارة منوط بها إدارة الخدمة المدنية، وبالتالي الموظفين يتبعون للمؤسَّسة في المستوى المعني وتحت إشراف المستوى الأعلى. وقادة السُلطة المدنية الذين يتم تعيينهم وتكليفهم من وقت لآخر، فهذا يتم بواسطة المستوى الأعلى: (الحُكَّام والسكرتيرين في المستوى القومي يعينهم رئيس السُّلطة المدنية، السكرتيرين في مستوى الإقليم والمُحافظين يعينهم الحاكم، الضُبَّاط الإداريين ومديري الإدارات المدنية في مستوى المقاطعة يتم تعيينهم بواسطة المُحافظ) وكل مسؤول يقوم بتعيين الطاقم الإداري في حدود صلاحياته.

ماهي أبرز الإنجازات التي تحقَّقت في السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد ؟ و كيف يتم إشراك المواطنين في عملية إتخاذ القرارات ؟.

أولاً : أن تكون هنالك سُلطة مدنية على المستوى القومي فهذا إنجاز كبير للثورة التَّصحيحية في العام 2017 لأن هذه المؤسَّسات لم تكن موجودة قبل الثورة التصحيحية، كانت الخدمة المدنية موجودة فقط على مستوى الأقاليم والمقاطعات، ولكن بعد الثورة التصحيحية تم إنشاء السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد على المستوى القومي في العام 2018، حيث تم تكليفنا بإنشاء وتوظيف وتسكين العاملين والموظفين بالهياكل المُختصَّة بالسُّلطة التنفيذية للإدارات المُختلفة، و بالتالي هذه تعتبر واحدة من الإنجازات المُهمَّة، فقد قمنا ببناء الهياكل وتحديد الوصف الوظيفي لهذه الهياكل على المستوى القومي لتقوم بالواجبات المُناط بها من خلال : رسم السِّياسات، وضع القوانين، الإشراف والمُراقبة.
ثانياً: تم ربط الإقليمين (جبال النوبة – والفونج) ببعضهما البعض في مؤسَّسة واحدة (مجلس السكرتيريين على المستوى القومي) والذي تنعقد إجتماعاته في إقليم الفونج الجديد / النيل الأزرق، وفي إقليم جبال النوبة / جنوب كردفان. هذا في حد ذاته واحدة من الإنجازات التي ساعدت على خلق الإنسجام والوحدة بين مؤسَّسات السُّودان الجديد، وقد أُقيمت العديد من ورش العمل والأنشطة المشتركة لتذليل الصعوبات وتقديم الخدمات للمواطنين في السُّودان الجديد.

نريد أن نعرف عن : وضعية التعليم، المنهج التربوي، الكتاب المدرسي، الإجلاس، وأوضاع المُعلِّمين – كيف تُدار العملية التعليمية ؟ و من أين لكم بالدعم ؟.

العملية التعليمية هي عملية تكاملية بين المجتمعات و السُّلطة المدنية في المستويات المُختلفة، و بالتالي توجد في المناطق المُحرَّرة مدارس ومؤسَّسات تعليمية تبدأ بسكرتارية التعليم في المستوى القومي، وعلى مستوي الأقاليم بأقسامها المُختلفة، وتشرف على العمل والنشاط التعليمي (تصميم المنهج التربوي، الكتاب المدرسي، الإجلاس، المُعلِّمين، .. وكل الإجراءات المُتعلِّقة بالتعليم). وهناك مُساهمات من المُجتمعات حيث يقومون ببناء المدارس ودفع الرسوم الدراسية للطلاب. لذا أستطيع القول بإنها عملية تكاملية. نحن نواجه تحدِّيات وصعوبات في كيفية توفيرالكتاب المدرسي، الإجلاس الجيد، تدريب وتأهيل المُعلمين، حوافز المُعلِّمين المُتطوِّعين لتعليم الأجيال، والبيئة التعليمية بصورة عامة. التحدِّيات موجودة ولكننا نملك العزيمة والإصرار لإستمرار التعليم بإعتباره من الحاجات الأساسية ولا بد من توفيرها ليتمكَّن هذا الجيل من مواصلة وإكمال تعليمه، ولذلك نحن نبذل جهوداً كبيرة في المناطق المُحرَّرة بإقليمي جبال النوبة / جنوب كردفان، والفونج الجديد / النيل الأزرق لتقديم تعليم نوعي للتلاميذ.

ماذا عن الأوضاع الصِّحية بالسُّودان الجديد – الكوادر الصحية، المستشفيات، الأدوية، والأوضاع في ظل جائحة الكورونا ؟.

طبعاً واحدة من التحدِّيات الكبيرة التي تواجهنا في مجال الصحة خاصة إن جائحة كورونا قد إجتاحت العالم بأكمله وأصبحت تحدِّي كبير للمجتمع البشري، والمناطق المُحرَّرة هي جزء من هذا العالم و تتأثَّر بما يتأثِّر به العالم من حولنا. و لكن بمجرد ظهور الكورونا قامت المؤسَّسات المعنية بالسُّلطة المدنية للسُّودان الجديد بوضع الترتيبات والإجراءات اللازمة للحماية، ورفع وعي المواطنين لحماية أنفسهم من خطر الجائحة، وأُنشأت لجان طواريء على المستوى القومي والأقاليم، وكذلك في بقية المستويات المُختلفة، وتم تنظيم حملات للتوعية في جميع المستويات شاركت فيها الكوادر الصحية المتوفِّرة، كما شدَّدنا الإجراءات بالبوابات المُختلفة التي تم تزويدها بمراكز الفحص وذلك للحد من وصول وإنتشار الجائحة. كل ذلك بالإمكانيات المُتوفِّرة في المناطق المُحرَّرة. إستطعنا أن نحافظ على الوضع، وحتى الآن لم تظهر أي حالة أعراض للكورونا في المناطق المُحرَّرة. نحن نشكر مواطنينا لإلتزامهم بالإجراءات الوقائية والصِّحية، ولكن هنالك تحدَّي يتمثَّل في نقص الخدمات الطبية: (الأدوية، المستشفيات، والمراكز الصحية) والمناطق المُحرَّرة شاسعة و مُترامية الأطراف. وهذه واحدة من التحدِّيات التي نعمل على مُعالجتها بتوفير كادر نوعي يستطيع تقديم الخدمات و يكون قريباً من المواطنين.

كيف تقيم الوضع المعيشي للناس و الأسواق و الزراعة ؟.

مهم جداً أن يعرف الجميع إن مواطني المناطق المُحرَّرة يعتمدون على أنفسهم من خلال مُمارسة النشاط الزراعي والرعوي، ويُمارسون الزراعة المطرية للإكتفاء الذاتي، كما توجد أسواق للتبادُل التجاري بفائض المحاصيل بالإضافة إلى الماشية، وذلك لتوفير الإحتياجات الأخرى كالملابس، والسلع الضرورية (سكر ، ملح، صابون .. وغيرها)، ومن ضمنها (الأسواق المُشتركة) وبعض الأسواق الداخلية الصغيرة (أسواق دائرية) للتبادُل التجاري بين الناس لمنتجاتهم وإيجاد البدائل لتكملة إحتياجاتهم اليومية.

هناك قضايا أصحاب الأرض و الرُعاة فكيف تتم إدارتها، و ماهي الأعراف المُتَّبعة في ذلك ؟.

إن النزاعات بين الرُعاة و المُزارعين هي نزاعات مُتجدِّدة تندلع في نهاية كل موسم زراعي، المُزارع يستعد للحصاد والراعي يبحث عن المرعَى لماشيته. ولكن هناك إجراءات محلية يتم تحديدها عُرفياً فيما يتعلَّق بتوقيت إطلاق الماشية للرعي لتجنُّب الإحتكاكات بإتلاف المزارع. ولكن أحياناً يتم إستغلال بعض الرُعاة بواسطة السُّلطات السُّودانية وأجهزتها الأمنية وأعداء السلام والتعايُش بين المُجتمعات لتأجيج النزاعات. إن موقفنا في الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال، والسُّلطة المدنية للسُّودان الجديد، واضح – وهو إن المُكوِّنات الإجتماعية في الهامش في حوجة للتعايُش السِّلمي وحسن إستغلال الموارد وتقاسُم منافعها. ونحن نبذل قصارَى جُهدنا لتفادي النزاعات والصراعات برغم وجود إستراتيجية مدروسة وعمل مُدبَّر لإحداث الخروقات والإنتهاكات وإشعال النزاعات وإثارة التوتُّرات. كما ان هناك مشاكل أخرى تكون عندما تفتح المدارس لأن مُعظم الأطفال هم المسؤولين عن الرعي، فعندما تُفتح المدارس يكون هنالك تحدِّي أمام أولياء الأمور بين إرسال الأطفال إلى المدارس أم تكليفهم بالرعي. وهذه مسألة نعمل على معالجتها بإستمرار عن طريق رفع الوعي وسط المواطنين بأهمية التعليم.

هنالك إتفاقيات أُبرمت مع بعض المُكوِّنات الإجتماعية في مناطق الهامش حول المراعي و المراحيل، و ماهو تقييمكم لإلتزام تلك الأطراف التي أبرمت تلك الإتفاقيات ؟.

هنالك مستويين : مستوى المناطق المُحرَّرة (المُكوِّنات الإجتماعية بهذه المناطق) – والمستوى الثاني هو مستوى التعايُش السِّلمي الذي يتم بين المواطنين المُتواجدين في المناطق المُحرَّرة مع المواطنين خارج المناطق المُحرَّرة (مناطق سيطرة الحكومة). وحتى الآن تسير الأمور بصورة طيبة ولم نشهد أي خروقات في الفترة الأخيرة، ولكن كما ذكرت فمن المتوقَّع أن تُثار بعض المُشكلات بصورة موجَّهة ومُدبَّرة، ولكننا سنبذُل قُصارَى جُهدنا لإحتواء أي توتُّرات أو نزاعات – لأن الحركة الشعبية تدعو لبناء سودان جديد يسع الجميع إرتكازاً على التنوُّع التَّاريخي والتنوُّع المُعاصر، سودان لا يقصي أحد، ويعيش سكانه في إنسجام وتعاون ووحدة.

ماهي التحدِّيات التي تواجهكم في توفير الخدمات للمواطنين ؟.

توجد تحدِّيات كثيرة بالطبع بإعتبار إننا في حالة صراع سياسي وحرب مفروضة علينا منذ العام 2011، أهم هذه التحدِّيات تتمثَّل في توفير الخدمات للمواطنين بالأراضي المُحرَّرة (تعليم، صحة، مياه الشرب، خدمات الزراعة والثروة الحيوانية، …. إلخ)، فمثلاً في مجال توفير المياه للمواطنين وللثروة الحيوانية، المياه الموجودة في الحفائر والبرك هي عبارة عن مياه موسمية تتوفَّر فقط في فصل الخريف وبعد ذلك بفترة قصيرة .. ثم تنتهي، ومن بعد ذلك تبدأ الإشكالية وهي تجمهُر المواطنين حول المضخَّات القليلة المُتوفِّرة، وهنالك مناطق ليست لديها مضخَّات مياه و يذهب إليها المواطنين لمسافات طويلة للحصول على المياه، وحتى الأماكن التي توجد بها مضخَّات تواجه مشاكل تتعلَّق بعمليات الصيانة بالرغم من وجود محاولات جادَّة من بعض المُنظمَّات الوطنية المحلية لتقديم المُساعدات كالصيانة وتأهيل المضخَّات المُتوفِّرة، لكن التحدِّيات أمامنا كبيرة بسبب المساحات الشاسعة التي تُسيّطِر عليها الحركة الشعبية والكثافة السُّكانية، وهذه المُنظَّمات تقوم أيضاً بتوفير التقاوي المُحسَّنة للمواطنين ليتم زراعتها في فصل الخريف وبداية فصل الشتاء. نحن نبذل جهود كبيرة لتحسين مستوى الحياة في المناطق التي نُسيّطِر عليها.

عُقد مؤخراً المؤتمر الأول للمجلس الإسلامي للسُّودان الجديد بالمناطق المُحرَّرة – ما الذي تم نقاشه في المؤتمر – وما هي أهم التوصيات ؟.

الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال تطرح العلمانية وفصل الدِّين عن الدُّولة كنظام حكم بديل لدولة التفويض الإلهي (الدولة الدِّينية) التي ظلت قائمة في السُّودان منذ العام 1983 وإلى يومنا هذا وبعد ثورة ديسمبر 2018، فحتى الآن لم يتم إلغاء الشريعة الإسلامية، ولا زالت المؤسَّسات الدِّينية تتحكَّم في كافة المجالات مثلما رأينا في قضية المنهج التربوي والتي أدَّت إلى إستقالة مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي. نحن نطرح العلمانية لوجود التنوُّع (الثقافي- العرقي – الديني، ….إلخ) الذي يزخر به السُّودان. وبالتالي أي إتهام للحركة الشعبية بأنها ضد الدِّين لا تعدو كونها مُزايدة سياسية رخيصة، ومُحاولة لتغبيش وعي الشعب السُّوداني وصرفهم عن الأهداف والغايات النبيلة التي تسعَى الحركة الشعبية لتحقيقها في السُّودان الجديد الذي تُحترم فيه كافة المُكوِّنات الإجتماعية، الأديان، والمُعتقدات. فإذا تم إقحام الدِّين في السِّياسة يكون قد تم إستغلاله بصورة سيئة، و هذا يُسيء للدِّين نفسه، و بالتالي الذين يوجِّهون التُهم جزافاً ضد الحركة الشعبية بأنها ضد الدِّين، هم الذين يقفون ضد الدِّين. الحركة الشعبية تسعَى لبناء دولة علمانية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من كافة الأديان والمُعتقدات، وتطالب بالحرية لكل الأديان – حرية الإعتقاد والعبادة ومُمارسة الشعائر الدينية.، فنحن لنا تنوُّعنا كذلك في الأراضي المُحرَّرة، ومؤخَّراً أقام المجلس الإسلامي للسُّودان الجديد مؤتمراً مُهمَّاً ناقش كافة القضايا التي تهم المسلمين، وهم يقفون مع الدَّولة العلمانية ومشروع السُّودان الجديد. فهذه واحدة من مبادئنا وأهدافنا – إتاحة الحريات لكافة الأديان والمُعتقدات والكيانات الدِّينية للتعبير عن رأيها في كافة القضايا، ولكننا لن نأخذ بالآراء التي تقصي الآخرين – تلك التي ترتكز على أبعاد دينية.

ماهي أبرز التحدِّيات التي تواجهكم في السُّودان الجديد – و ماهي الآليات التي تتَّبعونها لمواجهة هذه التحديات ؟.

هنالك تحدِّيات كثيرة بالطبع، وكما ذكرت فإن أبرزها هي مسألة تقديم الخدمات الضرورية والأساسية للمواطنين (تعليم، صحة، مياه، …..) و هي خدمات ضرورية يحتاجها المواطن، و هنالك تحدِّيات أخرى مُتعلِّقة بالتَّدريب والتأهيل و رفع قُدرات الكوادر المُتوفِّرة حتى تستطيع أن تُقدِّم الخدمات بشكل جيِّد، هنالك عِدَّة تحدِّيات تحتاج لجهود كبيرة ومُضاعفة، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق. نحن نرى ضرورة وأهمية مُساهمة المنظمات الإنسانية مع السُّلطة المدنية للسُّودان الجديد لتقديم الخدمات الإنسانية للمواطنين الذين يُعانون بسبب الإستهداف وسياسات الحكومات المركزية – خاصة النظام البائد – الذي فرض عليهم هذا الوضع المُتأزِّم، بالتالي نحتاج لتضافر جهود الجميع، وأهمها جهود المُنظَّمات الإنسانية، لتقف مع السُّلطة المدنية لتقديم الخدمات بشكل أفضل.

ختاماً: ما هي رسالتك لشعب السُّودان الجديد – وكافة الشعوب السُّودانية ؟.

خالص تحايانا للشعوب المُهمَّشة وخاصة شعب السُّودان الجديد – نشكركم على صبركم ومُعاناتكم الطويلة – نشكركم لأنكم إخترتم ان تنتموا للسُّودان الجديد وتناضلوا من أجل الحرية .. العدالة .. المساواة .. والسلام الشامل والعادل والوحدة الطوعية، نشكر لكم دعمكم للحركة الشعبية وللسُّلطة المدنية للسُّودان الجديد . وللشعب السُّوداني أقول لا زال الطريق شاق وطويل في سعينا جميعاً كسودانيين من أجل التغيير وبناء وطن يسع الجميع.

فى الختام اشكر هيئة تحرير الموقع الإليكتروني للحركة الشعبية على هذا الحوار الهادف ، الموقع الذى يعبر عن حال كل السودانيين بمهنية ، ويعكس رؤى وافكار الحركة الشعبية السياسية والفكرية ،وكذلك يسلط الضوء على أنشطة وبرامج ومواقف الحركة الشعبية فى كل مكان >

“النضال مستمر والنصر أكيد”
شكراً شكراً كتير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.