تقارير إنهيار الدولة السودانية

 

 وكالات: splmn.net

تقارير

أطلعت علي هذا التقرير المخيف في الاسافير وقد كنت مؤمنا ان انهيار الدولة السودانية قد بدأ بالمصالحة الوطنبة في اخر السبعينات و لكن كاتب التقرير ارجع بداية السقوط لأول السبعينيات . وعندما حددت التاريخ الاقصي لأنهيار الدولة السودانيةبالعام 2030 في التقرير السنوي الافريقي ، قامت إدارة التقرير بحزف الفقرة وحدث جدال حول الموعد المحتوم إذ رأى البعض انه ربما يكون ف العام2050*

كاتب التقرير حسب ما نقلت الاسافير هو د. محمد المرتضى مصطفى:

وعنوان التقريرانهيار الدولة السودانية بدا منذ مطلع السبعينات

———————-

استضاف منبر الصحافة الاسبوع الماضي د. محمد المرتضى مصطفى وكيل وزارةالعمل السابق والمدير الاقليمي لمنظمة العمل الدولية لشمال افريقيا والشرق الاوسط واحد المفكرين السودانيين الذين استعانت بهم الامم المتحدة في عمليةالتحول السلمي لدولة جنوب افريقيا من دولة عنصرية الى دولة ديمقراطية.

كان موضوع المنبر احتمالات فشل وانهيار الدولة السودانية واستهل د. المرتضى حديثه قائلاً:

بعد عامين من الآن سيعادل دخل الفرد التشادي عشرة أضعاف دخل السوداني

الدولة السودانية غابت وانهارت عندما فشل الساسة في إدارتها !!

في عام 1970م وعندما كنت بالولايات المتحدة الامريكية التقيت بنائب مدير منظمة العمل الدولية وتحدثنا في عدة موضوعات، وفي نهاية اللقاء الح على بان اذهب الى جنيف في اسرع وقت لان هنالك مواضيع هامة يجب معرفتها ذهبت الى جنيف وقابلت الدكتور عباس عمار واخبرني بان هنالك تقرير في غاية الخطورة حول الاوضاع بالسودان بعبارة واحدة التقرير يفيد بان السودان على حافلة الانهيار تشاورنا في الامر واتفقنا على ان اعود باسرع وقت الى الخرطوم واطلع جهات الاختصاص بفحوى التقرير، وفور وصولي التقيت عبد الرحمن عبد الله «وزير العمل» وشرحت له خطورة ما انطوى عليه التقرير فوعدني برفع الامر الى رئيس الجمهورية يومها جعفر نميري، وفعلاً تشاور الوزير مع رئيس الجمهورية وكانت نتيجة تلك المشاورات خطاب بامضاء رئيس الجمهورية لرئيس منظمة العمل الدولية لاجراء دراسة عاجلة لمعالجة تدهور الاوضاع بالسودان. حملت ذلك الخطاب الى جنيف وسلمته الى منظمة العمل الدولية التي رصدت على وجه السرعة ميزانية معتبرة لاجراء دراسة متكاملة لاسباب تدهور الخدمة المدنية والاوضاع المعيشية بالسودان وسبل معالجة تلك الاسباب اتفقت مع د. عباس علي ان نوكل مهمة الدراسة التحضيرية لبروفيسور قوردون مدير جامعة نيو فاوند لاند بكندا بالاضافة الى شخصي ومن الاسباب التي دعت الى ترشيح بروفيسور قوردون تجربته الناجحة في معالجة الاوضاع الاقتصادية بالمملكة العربية السعودية.

رجعت السودان برفقة بروفيسور قوردون وعلى مدى ثلاثة اسابيع مسحنا كل السودان مدينة مدينة….. وعند نهاية الجولة سألت بروفيسور قوردون لقد قابلنا مئات الاشخاص واستمعنا اليهم، ولكن لم ألحظ بأنك تدون افاداتهم … فهل تتذكر افادات كل اولئك المسؤولين؟! فاجابني …. بلا!! فسألت باستغراب: وكيف تجمع بياناتك من كل تلك الافادات غير المدونة؟! فقال: بعد الاسبوع الاول فقط اكتشفت بأن كل من استمعت اليهم يعملون بلا هدف، مما يعني انعدام القيادة الواعية بكل المؤسسات والقطاعات التي زرناها … وصمت بروفيسور قور دون ثم اردف قائلاً اذا اردتم ايقاف السقوط في الهاوية وتلاشي الدولة عليكم بثلاثة اشياء: التركيز في استخراج البترول بالاستعانة بدول لها تقاليد في استخراجه ومعالجة انتاجه لحين تدريب الكادر السوداني ثم الاهتمام بالزراعة والشئ الثالث هو التركيز على التصنيع الزراعي بالاضافة للاهتمام بالقطاعات الاخرى كالتعليم والصحة فقلت له .. وان لم نفعل؟ فقال: سوف تعيشون في مجاعات وحروب اهلية وتمرد واسع مما سيفقد الحكومة السيطرة على الدولة… وهذا يعني الانهيار والفشل!! المهم في عام 1972م وصلت البعثة الدولية الى السودان ووضعت تقريراً من افضل واشمل واوسع التقارير الدولية لمعالجة قضية ما مما يؤكد اهمية وشمولية التقرير كان مرجعاً ومرتكز الـ19 رسالة دكتوراة في أكبر الجامعات العالمية… المؤسف قبل شهرين ارسلت ذات التقرير الى وزير العمل الذي استدعاني ووصف التقرير بأنه ممتاز… وتساءل ماذا نفعل الآن؟فرددت عليه ان الناس لا تقرأ ما يكتب عنها!!

ارجع الى علاقتي بانهيار الدولة السودانية … في عام 1988م اجتمعنا ستة عشر وكيل وزارة مع رئيس الوزراء الصادق المهدي «كنت رئيس ذلك الاجتماع» وبدأ الصادق المهدي يتحدث عن ضعف الاداء في الدولة واحتجاج وشكوى كل الوزراء بان كل المذكرات التي ترفع اليهم ناقصة وتعتريها ضبابية في التفكير!! وتحدثت فقلت: هذا ناتج عن عدم وضوح الرؤية للقيادة السياسية وعدم استقرارها والاهم هو عدم وضوح فكرة الدولة بالسودان… وماذا تريد هذه الدولة؟ وماهو الهدف الذي تنشده؟ وبعد ثلاثة ايام من ذلك الاجتماع تمت احالتي الى الصالح العام!! وفي اليوم الرابع من ذلك الاجتماع زارني بروفيسور قور دون والذي عملت معه قبل اكثر من تسعة عشر عاماً مضت، وكان في زيارة خاصة للسودان… واسترجع معي بروفيسور قور دون المناقشة التي تمت بيننا في عام 1970م وقال لي انه اليوم بالسودان والمجاعة والحرب الاهلية يطحنان السودان!!

هذه كانت علاقتي ببدايات انهيار الدولة السودانية والمحاولات التي بذلت لمنع ذلك الانهيار من خلال اعداد التقارير ورفعها ولكن مع الاسف كل ما كتب لم يقرأه احد!!

أنا أؤمن ايماناً كاملاً بان الدولة بالسودان قد انهارت… دخل الفرد السوداني 600 دولار في السنة مقارنة بدخل الفرد المصري 1800 دولار … ومتوقع لتشاد في مقبل العامين القادمين بان يكون دخل الفرد فيها عشرة اضعاف دخل الفرد السوداني بالرغم من ان نصف سكان تشاد بالخرطوم!! مسؤولية هذا الفشل بالتأكيد لا تقع على عاتق نظام الانقاذ وحده … وانا لحكم منصبي كوكيل وزارة عاصرت العديد من الحكومات اقول كلها ساهمت بقدر وافر في الحالة المتردية التي نعيشها الآن، فمنذ الاستقلال وحتى اليوم ماذا حصد المواطن السوداني من زرع حكوماته الوطنية؟ اين التعليم؟! اين الصحة؟

اين الخدمات الاساسية؟ لقد فشلت كل الحكومات الوطنية في ادارة الاقتصاد بلا استثناء!! والفقر باختصار شديد سببه فشل ادارة الاقتصاد.

واقول انه نتيجة لهذا الفقر حدثت موجات الهجرة المتلاحقة من الريف الى المدن وخاصة العاصمة. هذا النزوح من الارياف الى المدن من اهم اسبابه الحروب وافتقارالريف للخدمات. وقبل أيام قابلت رئيس اللجنة القومية لتطوير مدينة شندي فسألته عن الاحوال بشندي بعد خمسةعشر عاماً من الانقاذ؟ فأجابني: لم يحدث شئ على الاطلاق فكل ما فعلناه هو جمع تبرعات لاعادة تأهيل مستشفى شندي بعد ان اصبح مرتعاً للقطط والكلاب!! ولنقف على حجم المفارقة فان «شندي» هذه كانت مرشحه لتكون عاصمة السودان في العهد التركي.

بالاضافة لظاهرة النزوح الخطيرة، هنالك ظاهرة التشرد وقبل مجيئ لدار صحيفتكم للمشاركة في المنبر شاهدت مجموعة من المشردين يفوق عددهم الخمسة عشر في انتظار قمامة «حديقة القرشي» حيث تهجموا عليها ومذقوا كل الاكياس بحثاً عن الطعام… هذا يحدث في وسط العاصمة!!

واضيف انه في مقابل ظاهرتي النزوح والتشرد نجد ظاهرة هجرة المهنيين والحرفيين والكوادر المؤهلة في شتى مجالات التخصص، قابلت بالولايات المتحدة الامريكية عشرات المئات من الشباب، هؤلاء الشباب كان لديهم العلم والخيال ولكن بقاءهم بالسودان سيبدد علمهم وخيالهم لذا هاجروا!! اذكر انني كنت مسؤولاً عن رسم هيكلة مركز التدريب المهني وتم بالفعل الاتفاق بين السودان والمانيا الاتحادية «يومها» على انشائه… وقد كان، ووجه المفارقة هنا انه في العام 1967م طلب مني السفير الكوري الجنوبي تلك الاتفاقية..اين نحن الآن؟ وكوريا الجنوبية هي سابع دولة عالمياً في مجال الصناعة!!.

نتيجة تلك الهجرة فقدت الحكومة سيطرتها على الاطراف واصدق مثال على ذلك ان 168 عنصراً مسلحاً استطاعوا اجتياح الفاشر خلال ساعات!! واقليم دارفور يشكل خمس مساحة السودان وبه 500 رجل شرطة فقط مع غياب كامل لجهاز المعلومات الاساسي. وهذا نموذج صادق على نهاية الدولة بالسودان ثم تأتي على آفة الآفات التي ساعدت على الانهيار وهي تفشي انتشار الامراض الخطيرة مثل الملاريا والايدز وما يتتبع ذلك من آثار مترتبة على الانتاجية عموماً.

العوامل الخارجية الداخلة في انهيار الدولة :

وأبدأ هنا بطرح السؤال الآتي لماذا ينسب عدم وجود دولة قوية في جعل البلاد تعاني حالة ضعف مستمر؟! وللاجابة على هذا نجد من اهم العناصر الخارجية التي تساعد على استمرار الضعف هو رهن سياستنا الداخلية والخارجية للدولة العظمى ومالكة حق الفيتو بمجلس الامن وصار مجلس الامن الادارة الفاعلة في تفعيل النظام العالمي الجديد، اما مباشرة او عن طريق المنظمات الاقليمية خاصة المنظمات الافريقية التي تعتمد اساساً على العون الاجنبي والوضع العالمي الحالي الآحادي القطب بزعامة الولايات المتحدة يوظف مجلس الامن لغرض عالمه الجديد سواء بموافقة مجلس الامن او عدم موافقته وما حدث بالعراق خير شاهد ونظرية الولايات المتحدة للعالم الجديد تقوم على الديمقراطية والحرية وعدم قمع الحركات المتمردة بالقوة بالاضافة الى توظيف امكانات الدولة الوطنية في محاربة الارهاب العالمي.* *لذلك طلبت المخابرات الامريكية من اجهزة الاستخبارات السودانية مدها بالمعلومات والتقارير عن الارهاب بالصومال في الوقت الذي كانت فيه الخرطوم تحترق يوم الاثنين الدامي!!

اذا كان هذا هو الوضع العالمي الذي يحيط بالسودان.. علينا ان نسأل وماذا عن سلوك السودانيين انفسهم* *قال احد علماء النفس بان السودانيين يضعون تصوراً لشخصيتهم ويصدقونه بغض النظر عن صحة ذلك التصور او عدمه وهذا ما يعرف بالطريقة الوحدانية في التفكير فالزعيم السياسي يوضع في مصاف الانبياء لا يتسرب الخطأ من بين يديه. واصبح كل التنظير السياسي يعتمد على التبرير الحقيقة الماثلة الآن بالسودان هو تمرد كل الاطراف. اذن ماهي المعالجة التي قامت بها الحكومة لايجاد حلول لهذا التمرد؟

التاريخ يقول إن القبائل والمجموعات الحدودية المهمشة لا يتم كسب رضائها الا بالرشوة مارست هذه السياسة دولة في محيطنا العربي وقامت برشوة القبائل الحدودية حتى تقف في وجه الجيش المصري في فترة الحرب الاهلية باليمن مطلع الستينيات واليوم بالسودان وتحديدا باقليم دارفور اثبتت الدراسات وجود بترول بشمال دارفور فالقبيلة التي تسكن ذلك الجزء اصبحت تناد ي بالصوت العالي بضم اقليمهم الى تشاد كان لابد للشركات العاملة هناك من ان تجد سبيلاً لتهدئة طلبهم.

وفي اعتقادي ان الحل الامثل لقضايا الاطراف… المناطق المهمشة هو رشوة اهالي تلك المناطق بمعنى تقديم الخدمات الاساسية من تعليم وصحة وبعد ذلك سحق قيادات التمرد من تلك المناطق ولو نظرنا الى الدول المجاورة للسودان نجد الآتي اريتريا تدعم تمرد الشرق لان قيادة الدولة الاريترية فشلت في اقامة دولة مؤسسية وبدعمها للتمرد تتوهم بانها سوف تصرف نظر الشعب الاريتري عن القضايا الاساسية اثيوبيا، لقد وصل النظام الحالي للحكم بدعم من الانقاذ لكنه فشل في استقطاب كل القوميات الاثيوبية وتاريخيا فان القومية التي كانت تنفرد بحكم اثيوبيا هي الامهرا ويعتقد منظرو تلك القومية بانهم حتما سيعودون للحكم مرة اخرى ولو طال الزمن.

نأتي الى داخل السودان، نشهد اليوم موجة هجرة افريقية شرسة، وللاسف هجرة فقيرة بائسة والخرطوم العاصمة القومية تغيرت شكلاً ومضموناً حيث يوجد بها نصف سكان تشاد وثلث سكان افريقيا الوسطى وعدد كبير من المسحوقين والبؤساء من نيجيريا. هذه الهجرة اخذت تغير وتؤثر في التشكيلة الاجتماعية للهوية السودانية بسبب ضعف الدولة وعدم وجودها الفعلي في الغالب الأعم.(انتهي التقرير.)

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.