30 يوليو 2021 المشاريع المجتمعية وحتمية تقديم التنازلات
✍🏿: باب الله كجور
فكرة المشاريع المجتمعية الزراعية التى تعرف إختصارا ب (سيرا) من الأفكار الجيدة التى صممتها إدارة الزراعة والأمن الغذائى والغابات بإقليم جبال النوبة لتفادى مشكلة نقص الغذاء التى تعتبر متلازمة من متلازمات الحرب ونتيجة مباشرة للموت والنزوح والهجرة وإحدى المنظمات الإنسانية الناشطة فى هذا المجال التى تبنت جانبا مهما هو توفير مدخلات الإنتاج وصيانة الآليات وتقديم البذور المحسنة للمزارعين. تم توزيع هذه المشاريع جغرافيا على مقاطعات الإقليم ونالت المنطقة الغربية التى تبلغ مساحتها 4219 كيلو متر مربع تقريبا ويسكنها حسب آخر تعداد أجراها مكتب الإحصاء بالاقليم أكثر من 626043 نسمة حيث حظيت مقاطعتا لقاوة والدلنج بإنشاءها مشروعى سيرا ( 14) لمريك ( تيما) سيرا ( 17)تلسى ( تلشى) وسيرا ( 15) كالك ( كتلا) وسيرا ( 16) جلوط ( جلد).
ساهمت هذه المشاريع فى توفير كميات مقدرة من الحبوب، وخاصة الذرة وإستطاعت بذلك أن تؤمن للأسر التى كانت تقل لديها مخزون الغذاء فى شهور الشح والندرة (من يونيو إلى سبتمبر) حتى تصل بسلام إلى شهور الوفرة والرخاء ( من أكتوبر إلى يناير) دون أن تكون هناك فجوات تستدعى وتتطلب التدخل الفورى والعاجل من السلطات لإتخاذ التدابير اللازمة لتلافى وتدارك الموقف، وبددت الشكوك التى كانت تساور كل من يعتمد على زراعة الكفاف. إن المغزى الرئيسى والهدف الإستراتيجى من هذه المشاريع هو توفير حاجة السكان من الغذاء وتحقيق مبدأ الإكتفاء الذاتى عبر زيادة الإنتاج والإنتاجية ورفع المستوى المعيشى للمواطن ومكافحة الجوع ومحاربة الفقر، إلا أن العقبة الكؤود والتحدى الأكبر هو المواطن نفسه الذى أنشئت من أجله هذه المشاريع. وبحسب المعلومات المتوفرة للكاتب فقد منع أكثر من 30 مزارع مستفيد من مشروع سيرا 14 لمدة موسمين كاملين من زراعة 18000 فدان دون أن يكون للمجموعه التى اقدمت على هذا الفعل أى حجة أو مسوغ قانونى، ورفضت مجموعة آخرى تسلم لجنة ٥ مشروع سيرا 15 الآلية الزراعية ( تراكتور) فى موسم 2020 – 2021 مما أدى إلى خروج 150 مزارع من الموسم كليا. هذا على سبيل المثال لا الحصر، فالإعتقاد السائد لدى المواطن أن المشاريع المجتمعية مقدمة لمصادرة أراضيهم هو فهم مغلوط ويجافى الواقع والحقيقه، فالحركه الشعبية لتحرير السودان – شمال عالجت موضوع ملكية الأرض فى دستورها لسنة 2017 فى المادة ( 5) المبادئ والمادة ( 4) الأهداف حيث إعترفت بملكية الأرض للشعوب الأصيلة عرفيا توقع مسئولية تنظيمها وسن القوانين لحمايتها وحيازتها وإستخدامها ومنع التغول عليها على الدولة وأطرت هذه المسألة بإصدار منشور قضائى رقم(1) لسنة 2021 بواسطة السلطة القضائية للسودان الجديد، والتى تحدثت وفصلت بإسهاب التعريف بالمبادئ والقواعد والخصائص المميزة للملكية العرفية.
نظمت حكومة إقليم جبال النوبة مؤتمر الإدارة الأهلية التى إنعقدت فى الفترة من 28 – 30 يوليو الماضى وشارك فيها 58 من السلاطين والمكوك والأعيان وقيادت الجيش الشعبى لتميط اللثام عن الكثير من القضايا وترسخ المفاهيم الصحيحة.
رجال الإدارة الأهلية بإعتبارهم من يحملون المسئولية القانونية فى مواجهة الغير وأفراد المجموعة وإيقاف من يسعى لإذكاء نار الفتنة ويستثمر فى النزاعات القبلية حول الأرض التى تؤدى إلى إزهاق أرواح بريئة وتعطيل مشاريع تقوم الحكومة بإنشاءها لتعود بالفائدة والعائد المادى للمواطن، فالمصلحة العامة تقتضى وتحتم على الجميع تقديم التنازلات الضرورية حتى تتمكن الحكومة من تنفيذ الخطط والسياسات.