يرفُض حُكم أحزاب “الأقلِّيات” في “معَاقِل” الحزب التَّاريخية …!! مفهوم “مُشوَّه” للأقلِّيات .. و بُكاء على الأطلال ..
عادل شالوكا
في تصريح للقيادي بحزب الأمة (يوسف الصادق الشنبلي) لشبكة “باكر نيوز” بتاريخ 22 مايو 2020 – أعلن رفض الحزب قائمة الترشيحات لإختيار ولاة الولايات التي يعتزم رئيس الوزارء عبد الله حمدوك، إعلانها عقب عطلة عيد الفطر، مُطالباً بضرورة إختيار الولاة من الذين لديهم سند جماهيري و شعبي في الولايات.
و قال الشنبلي : (أن الحزب طالب بتمثيله في 9 ولايات من جملة الولايات الـ18) – أي بالمُناصفة بين الحزب و بقية أحزاب تحالُف قوَى الحرية و التغيير – بحُجَّة إن حزبه حائز على آخر (شرعية إنتخابية) في حكم البلاد. و لن يقبلوا أن تحكم (أحزاب الأقلِّيات) في معاقل الحزب التاريخية .. !!. و أكَّد كذلك : (ان الحزب يرفض المُقترح الذي تقدَّمت به بعض مُكوِّنات الحرية و التغيير لرئيس الوزراء لتسمية مُرشحين لحكم الولايات). و أوضح بأن المُقترح أعطى حزب الأمة ثلاثة ولايات من جملة 18 ولاية … و ان حزبه ما زال ثابتاً على موقفه الداعي إلى أن : (يتم إختيار حكام الولايات من الذين لديهم سند و قبول جماهيري و شعبي) ..!! .. و هدَّد بإن (الفيصل) بينهم و بين قوى الحرية و التغيير هو (الإنتخابات) .. و ان الحزب سيكون له موقف داوي و حاسم حال مضت (الحرية و التغيير) في تغيير الولاة بهذه الصورة .. !!.
و قبل أن نتحدَّث عن هذا الموقف الغريب و الذي يوضِّح بجلاء خلط حزب الأمة للمفاهيم السياسية، و مدى إمتلاكه بالفعل لهذه الأغلبية التي يتحدَّث عنها أم لا، لابد أن نتناول أولاً مفهوم (الأقلية) في العلوم السياسية.
الأقلية :
تُعرَّف “الأقلية” : بـ(أنهم جماعة يتمايزون عرقياً أو دينياً أو لغوياً أو قومياً عن بقية أفراد المجتمع الذي يعيشون فيه).
و قد إختلف الباحثون حول تعريف “الأقلية” لأن مفهوم الأقلية يختلف بإختلاف الأقلية نفسها و درجة قوتها، فهو يستلهم دائما الظرف التاريخي الذي يعطيه شحنته و أبعاده الإجتماعية التي يمكن أن تتراوح بين المطالبة بالمساواة، إلى الدعوة إلى الإستقلال و تكوين دولة مُنفصلة.
و يمكن تمييز ثلاثة إتجاهات في تعريف الأقلية :
الإتجاه الأول : يستند في تعريف الأقلية على عدد أعضائها مُقارنة بعدد بقية الجماعات الموجودة في نفس الإقليم.
الإتجاه الثاني : يُعرِّف الأقلية إعتماداً على الوضع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي، و بالتالي فالأقلية هي كل جماعة مُستضعفة و مقهورة سياسياً أو مظلومة إقتصادياً أو مُهمَّشة إجتماعياً.
أما الإتجاه الثالث : فقد حاول التوفيق بين الإتجاهين السابقين فيُعرِّف الأقلية بأنها “الجماعة الأقل عدداً و غير المُسيطرة”.
و عرّف البعض الأقلية بأنها : (جماعات تحتل وضعاً إجتماعياً أدنى من الآخرين ضمن المجتمع نفسه، و تتمتَّع بحقوق أقل قياساً بالجماعات المُسيّطرة في المجتمع – من جانب، كما أنها تشعر بوحدانيتها أو عزلتها و خضوعها لمعاملة تمييزية من الأغلبية – من جانب آخر).
و قد عرَّفت الأمم المتَّحِدة “الأقلية” بأنها : (جماعة من المواطنين في دولة ما يُشكِّلون أقلية عددية و يكونون في وضع غير مُسيّطر و لهم خصائص عرقية أو دينية أو لغوية تختلف عن خصائص أغلب السكان، و يكون لديهم شعور بالتضامُن فيما بينهم يُشجِّعه وجود إرادة جماعية في البقاء كجماعة مُتميِّزة، و هدفهم هو تحقيق المُساواة مع الأغلبية).
و يتَّضِح من ما ذُكر أن الأقلية كمفهوم، فى معظم حالاته، يُعبِّر عن رؤية تمييزية خارج نطاق المجموعة أو الهوية نفسها، و هو ما يُعبِّر عن تصوُّر المجموعة المُميزة أو صاحبة السطوة و الهيمنة عندما تطلق على نفسها صفة الأغلبية، بذلك تدَّعِي الحق و المشروعية فى تعريف الآخر بأنه أدنى مرتبة منها في تسلسُل التراتب الإجتماعي الثقافي، بما ينعكس فى إنتقاص حقوقهم في الحكم و التنمية و الإقتصاد و سائر الشئون العامة. و تمتد التوجُّهات الإقصائية لمن يُعرَّفون بالأغلبية فى إطار الآيديولوجيا الدينية كمُحدِّد مركزي و أداة تعريف وحيدة لهوية الدولة و المجتمع.
فأي تعريف للأقلية يستند عليه حزب الأمة في وصفه لمرشحي بقية القوى السياسية لمنصب ولاة الولايات بـ”الأقليات” ؟.
غالباً ما يقصد حزب الأمة الإتجاه الأول في مفهوم “الأقلية” و هو (معايير العدد)، و لكن هذا لا يخلو من مفاهيم أخرى مُستبطنة – إستعلائية و “مشوَّهة”. فحزب الأمة يستند على قاعدة طائفية إستطاعت ان تستحوذ على السلطة و الثروة منذ أن أدَّى عبد الرحمن المهدي فروض الولاة و الطاعة للإنجليز، و قام بإهداء سيف الإمام المهدي للملك جورج الخامس بعد نهاية الحرب العامية الأولى عام 1919 حيث كان ضمن الوفد الذي سافر إلى بريطانيا بقيادة السيد علي الميرغني. و بعدها “العمالة” للإنجليز الذين مكَّنوه على جمع ثراوته الطائلة بإستغلال الأتباع السُذج بالزراعة (شبر في الأرض – مقابل شبر في الجنة) و حفر خزان سنار. و الدعم الإسرائيلي الذي تلقَّاه لزراعة القطن في السودان بعد لقائه مع (بن غوريون – وغولدا مايير) بعد شرحه للإسرائيليين إن لديهما عدو مشترك، وهو الرئيس المصري (جمال عبد الناصر) .. و غير ذلك. و عبد الرحمن المهدي هو أحد الذين أصدروا مُذكِّرة زعماء الطائفية بتاريخ 6 مارس 1925 و التي وقفت ضد تحرير “الرقيق” بموجب المرسوم البريطاني لعتق الأرقاء عام 1833 (و معه علي الميرعني، و الشريف يوسف الهندي) .. !!.
هذا هو تاريخ حزب الأمة الذي يعتبر نفسه صاحب “الأغلبية الإنتخابية” .. فكيف إستطاع حشد الأتباع و المُؤيدين .. ؟ وهل كان ذلك لما يطرحه من برنامج سياسي ؟.
و مفهوم “الأغلبية” في الممارسة الديمقراطية الرشيدة يفترض أن تكون “أغلبية مُتحرِّكة”، أي أن هذه الأغلبية تتحرَّك من “برنامج سياسي” إلى آخر وفقاً لما تطرحه الأحزاب السياسية، و بالتالي يمكن أن تصوِّت الجماهير في كل مرة لحزب آخر بخلاف ما صوَّتوا له في المرة السابقة وفقاً للإرادة الحرة. و “الأغلبية الثابتة” أو الدائمة التي يتحدَّث عنها حزب الأمة تعتبر من أسوأ سمات الأنظمة التقليدية التي تمنع الجماهير (التي أعطت هذه الأغلبية) ، من إتخاذ أي خيارات سياسية أخرى بديلة مهما كان. و حزب الأمة يؤمن بهذه “الأغلبية الثابتة” و يعتقد إنها موجودة حتى الآن.
نعود إلى موقف حزب الأمة الذي يُخطِّط للسيطرة على البرلمان الإنتقالي عبر مطالبتهِ بـ(العودة للأوزان الإنتخابية) في آخر إنتخابات (1986). فما هي الوضعية الراهنة للحزب من ناحية جماهير و أتباع ؟.
أولاً : إنتخابات 1986 لا تصلح كمرجعية لقياس شعبية أي حزب، بعد مرور 34 سنة على قيامها .. إضافةً لكون ذلك مُخالفاً لمبادئ الديموقراطية التعدُّدية التي هي في حدها الأدنى “تنافُس مفتوح” على السلطة و تسمح للـ”أقلية” بأن تصبح “أغلبية” يوماً ما.
و الإنتخابات التي أُجريت منذ “الإستقلال” و حتى اليوم و التي أعطت الأغلبية لحزب الأمة، تفتقد للمصداقية. فجميع الإنتخابات التي تمت في البلاد، و على مر فترات الأنظمة المُتعاقبة، مدنية أو عسكرية – و بلا إستثناء – كانت تقوم على التزوير و تزييف إرادة الجماهير .. بدءاً من التلاعب في نتائج الإحصاء السكاني، ترسيم الدوائر، أصوات الناخبين، بيع الذمم، إرهاب المُعارضين … و كانت رحلة طويلة بدأت بتصدير “النُّواب” لمناطق الهامش ..ثم إقصاء مناطق بكاملها عبر إجراء إنتخابات جزئية لضمان الهيمنة على قرارات البرلمان.
ثانياً : حزب الأمة إستطاع المؤتمر الوطني في السنوات الماضية تقسيمه إلى حوالي (4) أحزاب تتصارع حول كسب رضا النظام و “تواليها” معه و المشاركة في السلطة.
ثالثاً : ما تبقَّى من عضوية الحزب كـ”أتباع للصادق المهدي” ظلُّوا يشتكون منذ عام 2005 من سيطرة أسرة المهدي على الحزب و المناصب القيادية فيه، و لا زالت هذه الـ”ململة” قائمة حتى اليوم و ربما الأيام القادمة ستشهد تطوُّرات مفصلية داخل الحزب.
رابعاً : حاول حزب الأمة بعد ثورة ديسمبر 2018 إختبار نفوذه و جماهيره في المناطق التي يعتقد إنها مناطقه التقليدية، و كانت النتيجة قاسية في جنوب دارفور “نيالا”، و غرب دارفور “الجنينة”. فالصادق المهدي لم يتوقَّع أن يقاطعه الجمهور في مدينة نيالا أثناء حديثه. أما في مدينة الجنينة فقد كانت الجماهير رافضة لقدوم الإمام، و تعرَّض مكان الندوة للتكسير و التخريب من بعض الشباب الغاضبين على مواقف الحزب تجاه إنسان دارفور و تواطئه مع (النظام البائد) في جرائمه ضد إنسان الإقليم.
و لم تكن ندوة الحزب التي أقامها في (الجزيرة أبا) بقدر طموح “الإمام”. و هذا مؤشِّر واضح لفقدان الحزب لشعبيته و نفوذه التاريخي “المزيف” في المناطق التي يتحدَّث عنها الآن و يصف غيره بـ”الأقلية”. لقد تراجعت شعبية حزب الأمة و لن يستطيع الفوز مرة أخرى في تلك “الدوائر” التي يظُن الصادق المهدي إنها “مقفولة” للحزب.
خامساً : بدأت الشرارة الأولى للحرب في دارفور عام 1986، وقتها كان الصادق المهدي رئيساً للوزراء، و كان له دور سلبي في تفاقُم النزاع في الإقليم عندما تجمَّعت القبائل العربية تحت مُسمَّى التجمُّع العربي الذي تأسَّس في العام 1987- و كانت برعاية من الصادق المهدي – في مواجهة قبيلة الفور وغيرها من القبائل الزنجية، فإشتدَّ الصراع بين الفور و القبائل العربية حول جبل مرة، راح ضحيته آلاف الأبرياء، كل ذلك برغم إن “دوائر” دارفور الإنتخابية تاريخياً كان يُسيّطر عليها حزب الأمة، و غالبية أهل دارفور كانوا ينتمون لطائفة الأنصار وقتها.
فحزب الأمة هو الذي أشعل نيران الحرب الأهلية في المناطق التي يدَّعي أنها (معاقله التاريخية) و ذلك بتحيُّزاته العرقية المعروفة كتأسيسه للتجمُّع العربى بدارفور و تسليحه للقبائل العربية على طول خط التماس من “أم دافوق” و حتى “الكرمك” ضد قبائل “الزرقة” – كما أطلقوا عليهم – في ما يسميه “معاقله” تلك. في كل مناطق دارفور، كردفان ، النيل الأبيض، و النيل الأزرق و ما تبع ذلك من قتل و تشريد و تهجير و إحتلال لأراضي أولئك “الزرقة” من أعضاء و جماهير حزب الأمة. و الصادق المهدي هو أول من نحت تجربة “الدفاع الشعبي” وقت تولِّيه رئاسة الوزارة في الثمانينات كمصطلح تضليلي لتسليح القبائل العربية ضد الشعوب السودانية من “زرقة” حزب الأمة. و لم تفعل (الجبهة الإسلامية القومية) التي سلَّمها الصادق السلطة بليل غير تقنين و تنفيذ مشروع الصادق المهدي لقتل القبائل الزنجية في السودان. حيث ورثت الجبهة الإسلامية تلك التركة و تبنَّت سياسات حزب الأمة العنصرية المشوَّهة لكسب ولاء و تأييد (القبائل العربية) بدعمها بالسلاح و التجييش و إستخدامها فى جرائم الإبادة و إغتصاب (عرض و أرض) القبائل الزنجية على طول خط “التماس”.
و نتيجة لتلك السياسات “فرق تسد” التي ورثها الصادق المهدي “المُستعمر الداخلي” عن المستعمر “الخارجي”، توسَّعت الحركة الشعبية لتحرير السودان لتصل جبال النوبة و النيل الأزرق، و إمتدت المقاومة أخيراً إلى دارفور بقيام حركة تحرير السودان، حيث صار بعد ذلك لكل قبيلة، و لكل عشيرة و “دائرة” جغرافية حركة مُسلَّحة، إمَّا باسم حركة تحرير السودان، أو بإسم العدل و المساواة. فأين توجد “معاقل” الصادق المهدي اليوم .. ؟ !!.
سادساً : بالإضافة إلى مواقف الصادق المهدي المؤيِّدة لعمر البشير و جرائمه في دارفور (1989 – 2019)، فإنه منذ إندلاع الحرب في الإقليم عام 2003، لم يقُم بأي زيارة إلى معسكرات النازحين، و لذلك كان طرده من “نيالا” و “الجنينة” أمراً طبيعياً و متوقَّعاً .. !!. دارفور الآن أصبحت عصية علي حزب الأمة. فعن أي “معاقل تاريخية” يتحدَّث الصادق المهدى .. و الكل قد إكتشف زيف حزب الأمة كقيادة و رؤية ؟ وإنه يتبنَّى مشروع “عروبي عنصري” بلا مصداقية أو علاقة بالشعارات الجوفاء التى يرفعها في كل إنتخابات ؟ إنه “إدِّعاء” من لبس لبوس الديمقراطية و إحترام الحريات و حقوق الإنسان كذباً .. هذا غير ما يتمشدَّق به الصادق المهدي و على الدوام عن حوجة البلاد ل لـ”عقد إجتماعي”. فقد ظللنا نسمع ذلك منذ أن ظهر الصادق المهدي على مسرح السياسة السودانية و حتى اليوم، في الوقت الذي ناقضت أفعاله أقواله فى كل مرة تم إختباره فيها، و ما أكثر “تلك المرات”.. حيث طفحت عنصريته و ضيق أفقه في كل مرة أكثر فأكثر.
سابعاً : حزب الأمة بدأ يفقد المحاور الإقليمية نتيجة لتصرفاته و مواقفه المُتطرِّفة التي تقف أمام التغيير و التحوُّل والإستقرار في السودان و سعيه لبناء تحالف يضم بقايا الإسلاميين الأمر الذي جعل السعودية تُصنِّف حزب الأمة كـحزب “أخواني” في إشارة إلى (جماعة الأخوان المُسلمين) المحظور في بعض الدول العربية.
ثامناً : الصادق المهدي هو، حامل وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، الذي منحه أياه البشير في إحتفالات البلاد بالذكرى (58) لما يُسمَّى بالإستقلال ..!! و ليس لدينا تعليق على ذلك.
تاسعاً : الصادق منذ أن دخل الساحة السياسية قبل (56) سنة بعد إنتخابه رئيسآ لحزب الأمة في نوفمبر 1964، منذ ذلك الحين و حتي اليوم تعوَّد على هدم كل شيء وطني، هو رجل كل العصور بلا إنجازات ملموسة و ليس له “غرسٌ حسُن” في أي مكان. و رغم إنه “إمام”، ومن المفترض إنه “رجل دين”، فكم مرة وعد أعضاء حزبه بالتنحِّي عن حكم الحزب، و لكنه في كل مرة يتهرَّب من الوعد الذي قطعه علي نفسه أمام الجميع. و بسبب تصرفاتِه السالبة المُتقلِّبة، و سلوكياته و تصريحاته، و وعودِه الزائفة، و تعابيره الغريبة و المُستفِزَّة للشعب السوداني .. فقد الحزب شعبيته و سط الجماهير. و جيل اليوم – جيل الثورة – أصبح واعياً بأهمية العمل الديمقراطي في المؤسَّسات الحزبية، و ممارسته في الداخل، كل هذه العوامل تُهدِّد إستمرار حزب الأمة في الخارطة السياسية، لأنه حزب “أبوي” التكوين، “عشائريُ” النزعة.
عاشراً : الشعب السوداني إكتسب رؤية جديدة تختلف عن الوضعية التاريخية التي تأسَّس عليها حزب الأمة، فالشباب يفكر بوعي أكثر إنفتاحاً، و وجود شخصية مثل الصادق المهدي في المشهد السياسي السوداني يُعرقِل المشروع الوطني الذي يحلم به الشباب. و توجد فجوة كبيرة جداً بينه و بين الأجيال الجديدة التي تسعى إلى التغيير، و هو عائق كبير أمام عجلة التغيير و الإستقرار و التطوُّر.