يا أردول أعرض عن هذا من أجل المصلحة العامة.
برير اسماعيل
إقحام كرتي العنصرية و الهامش و المركز لمنع المواطنين من رفض و إدانة التصرف الإداري غير الصحيح من جميع الوجوه الذي قام به الأستاذ مبارك أردول المدير العام للشركة العامة للموارد المعدنية المحدودة عندما طالب شركاء التعدين بجمع أموال تارة يقولون إنها لصالح حفل تنصيب حاكم الجديد القائد مناوي و تارة يقولون إنها لصالح إنسان دارفور فمهما كان سبب جمع الأموال سيظل التصرف غير حصيف و فيه إستغلال للنفوذ بل و فيه فتح باب للفساد و المحسوبية و الشللية في داخل الشركة.
إقحام قضايا الهامش السوداني مثل قضايا الإستعلاء الثقافي و الديني و العنصرية في هذه القضايا الإدارية البحتة التي طرفها الأستاذ مبارك أردول فيه إبتذال لهذه القضايا و هي قضايا جادة دفع الناس أرواحهم ثمناً لإعلاء كلمتها.
الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة ليست بجمعية خيرية حتى تكون مهمة مديرها التنسيق لجمع الأموال لأي من الأسباب فهي ملك عام و من حق مديرها و العاملين بها أن يتبرعوا بصورة شخصية في كل الأعمال الخيرية و بعيدا عن منبر الشركة.
لابد من التأكيد على أهمية قيام حملة سودانية قومية تنطلق من رئاسة الوزراء ليتم إيداع الأموال التي يتبرع بها المواطنون و الشركات الخاصة في رقم حساب خاص بالدولة لصالح المناطق المتأثرة بالحروب وهي دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق و لكن ليس بالطريقة الأردولية التي أثارت غباراً كثيفاً و مع قبولنا التام بتوفر حسن النوايا لدى أردول.
قيم الثورة لابد لها من أن تتجسد و تظهر في السلوك الإداري لكل المسؤولين في دولة الثورة و عليه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعمل بلوائح و قوانين الكيزان الذين ثارت ضدهم الملايين ثم ننتظر نتائج مختلفة لصالح كل الناس من قِبل كل مؤسسات القطاع العام كما هو حادث الآن في الشركة التي يديرها أردول بل و في كل مؤسسات الدولة.
بعد حادثة تنسيق جمع الأموال لصالح إنسان دارفور كما ورد على لسان الأستاذ مبارك أردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة فإنَّ الكرة الآن في ملعب وزير المعادن الأستاذ محمد بشير أبو نمو و في ملعب الأستاذ مبارك أردول نفسه مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة و في ملعب كل الوزراء و فوق كل ذلك في ملعب رئيس الوزراء نفسه د. حمدوك ليعمل كل هؤلاء معاً على سد باب الذرائع و في نفس الوقت قفل كل الشبابيك التي تدخل عبرها الكتاحة إلى طاقم الحكومة و ذلك من خلال تغيير اللائحة الحالية التي تعمل وفقا لها الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودية.
هنالك دروس مستفادة كثيرة جداً من واقعة جمع التبرعات في قروب شركاء التعدين لصالح إنسان دارفور أو لأي من الأسباب لأن جمع الأموال رغم نُبل المقصد لم يكن بطريقة صحيحة و إحترافية تدرأ الشبهات و لهذا السبب طرح الكثير من الناس تساؤلات مشروعة على القائمين على أمر حملة التبرعات و تساءلوا في البدء عن لماذا تمَّ وضع أموالاً عامة في رقم حساب خاص بشخص ? و ماذا ستفعل الناس التي تدير عملية جمع التبرعات هذه إن لا قدر الله تُوفي الشخص صاحب رقم الحساب الخاص بغتةً? فهل ستتحول الأموال التي بداخل حسابه الخاصة إلى ورثة المرحوم أم ماذا?.
عليه رغم كثرة الهجوم ضد الأستاذ مبارك أردول و إن كان للهجوم أهداف عديدة منها تحقيق الغرض السياسي أحياناً و منها النقد الموضوعي بهدف البحث عن حلول جذرية للمشكلة أحياناً أخرى و مع كل هذه الضجة إن أراد الأستاذ مبارك أردول و بقية طاقم الحكومة بما فيهم وزير المعادن و رئيس الوزراء نفسه د. حمدوك إن أرادوا الإستفادة من هذه الدروس في المستقبل نقترح عليهم تدبُّر التالي:
الدرس الأول: هذه شركة عامة أي ملك عام للشعوب السودانية و لذلك ينبغي لطاقمها الإداري بما فيهم المدير العام أردول أن يديروها بإحترافية تتناسب و تضحيات غالبية المواطنين في الثورة.
الدرس الثاني :لابد من تغيير لائحة الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة لأنها لائحة كيزانية بإمتياز بها مداخل كثيرة للفساد و لتسييس الشركة إن لم يكن تحويلها إلى مُمول مالي لبعض المتنفذين في الدولة و هذا عمل مضر بالخدمة العامة.
الدرس الثالث: في بنود اللائحة لابد من تغيير البند الخاص بالمسؤولية المجتمعية فهو البند الذي أتى بهذه الكتاحة بل هو بند فساد كيزاني بإمتياز على أن يستعيض عنه ببند ملخصه يجب أن تورد الشركة كل الأموال في الخزينة العامة للدولة لكي يتم صرفها وفقا لبنود الصرف و الأولويات التي تحددها مكونات الحكومة على المستويين الولائي و الإتحادي.
الدرس الرابع : لابد للسيد وزير المعادن و لرئاسة الوزراء من إجازة خطة عمل Business Plan محكَّمة تجعل الشركة العامة بل تجعل كل الشركات الخاصة ذات العلاقة بالتعدين تعمل بصورة شفافة يستطيع عبرها المواطنون العاديون معرفة كم أنتجت هذه الشركات من الذهب? و من أي الأقاليم السودانية ? و كيف تحصلت على تراخيص العمل في التعدين ? و كم دفعت للضرائب …إلخ? لأن الوضع الحالي فيه ثغرات عديدة لإستغلال النفوذ و للف و الدوران.
الدرس الخامس: يمنع السيد وزير المعادن المسؤول الأول عن هذه الشركة يمنع إدارة الشركة و العاملين بها منعاً باتاً من جمع الأموال و توزيعها على أي من المشاريع الخيرية لأنهم شركة عامة و ليسوا بجمعية خيرية مسجلة لدى مسجل الجمعيات الخيرية.
الدرس السادس: يحفِّز السيد وزير المعادن و بالتنسيق مع المدير العام للشركة الشركة العاملين في الشركة تقديراً لجهودهم كما يحدث في كل الدنيا. فكلما زاد الإنتاج زادت الحوافز المالية و غيرها.
ما لم يتم قفل الباب البجيب الريح و يفتح الشبابيك لإدخال مدخلات الفساد و المحسوبية و الشللية و تسييس الشركة وهو باب بند المسؤولية المجتمعية فلن يتغير الوضع و سوف يفور الناس عقب كل حادثة فورة الأندروس و من ثم ينسوا الذي حصل إلى حين حدوث محنة أخرى و هكذا دواليك و على قول عُمدة العُمد حمدان جمعة إنه الهول أبدلاليك في دولة الثورة .
الخلاصة تقول الأستاذ مبارك أردول يجب أن يكون أكثر الناس حرصاً على قفل هذا الباب و لكن سد باب الذرائع في هذه الشركة من مسؤولية وزير المعادن و فوق كل ذلك هذه مسؤولية رئيس الوزراء المسؤول الأول عن كل الوزارات.
برير إسماعيل
06 أغسطس 2021م