وفد الحكومة وتبني نظرية المؤامرة والمناورة في المفاوضات .
نضال الطيب حامد .
دائماً ما تظهر نظرية المؤامرة والمناورة كواحدة من النظريات التي تسيطر على العقل الجمعي في حالة الهزيمة لتبرير الواقع السياسي المخيف، المتشكل وفق تبعية وإنهزام وتخبط في المواقف وتراجع ، وتسبب هذا التراجع عن تحقيق إحدى شعارات وأهداف ثورة ديسمبر وهو تحقيق السلام العادل الشامل.
ولاشك أن المؤامرات تقع في الفعل السياسي، لكنها ليست معطي أو حكاية لتندر بها، بل تحتاج بذاتها إلى تدليل، بعيداً عن خلط الواقع بالخيال وعن وضع التصورات الذاتية وتحريف المعنى لبنود وثيقة الإتفاق الإطاري الذي تقدم به وفد الحركة الشعبية .. ولكن عندما نقول أن هناك مؤامرة فإنك تعطي لهذا الإتفاق الإطاري أبعاداً عميقة لا يدركها إلا أصحاب الحس القريب في مجتمع مازال عاجزاً عن التغيير الحقيقي يعيش تحت سلطة إلاستبداد وتغبيش الوعي الجماهيري، أو في ظل فكرة المؤامرة، يرى الواحد منا المشكلة ولا يبحث عن الأسباب الخفية لها، ولا يحاول أن ينتج حلاً بل يذهب مباشرتاً خلف الإشاعة في نقاط يجهل فهمها والفقه منها.
أما الحديث عن النقاط مسار الجدل التي ثربها الوفد الحكومي بقصد تغبيش الوعي وإثارة الرأي العام ضد الحركة الشعبية ، الواردة في مسودة الإتفاق الإطاري عن إجازة الدولة ليوم الجمعة، أو قانون الذكاة.. ليس القصد منها إلغاء شعرية صلاة الجمعة كما يشاع بين الناس، وإنما القصد هو تغيير الإجازة الرسمية للدولة ليوم آخر وكان الوارد يوم الأربعاء كمقترح، حتى لا تظهر الدولة بأعتبارها منحازة للدين، وكذلك الذكاة ليس القصد منها إلغاء الذكاة كشعيرية دينية، وإنما القصد هو تغيير القانون الوضعي للدولة فيها، وحتى يتم الفصل بين السلطة الدينية، وسلطة الدولة البشرية .. وإعلان المبادئ المتفق عليه بين الحلو والبرهان أسس للتفاوض على أساس فصل الدين عن الدولة، فلا يحق لأفراد من داخل الوفد الحكومي إثارة الرأي العام، على مفاهيم خاطئة وخداع الناس لفهم، بنود الوثيقة وتعطيل المفاوضات.
قدم وفد الحركة الشعبية رؤيته حول الحل الشامل لأزمة الصراع السياسي في السودان ، وكان ذلك عبر وثيقة الإتفاق الإطاري.. وفي المقابل يأتي الوفد الحكومي وكعادتهم عند كل جولة تفاوضية وغالباً ماتحتل نظرية المؤامرة موقعاً أساسياً في تأويلاتهم وتحديد مواقفهم ويمكن أعتبار المفاوضات فضاء معتماً خلف الكواليس للتآمر وتمرير المخططات. كما يمكن النظر إليها بوصفها ساحة مكشوفة للصراع تنعكس فيها موازين القوة وتتجلي فيها الحنكة السياسية وتؤول كأي معركة إما إلى الربح أو الخسارة، وإما إلى توازن قوة في الصراع الداخلي بين المكون العسكري والمدني، بمؤثرات تظهر للشعب السوداني بعبارات يرددها البعض منهم في الإعلام، وهي فاوضنا ( الحلو) ولم نحقق شيئاً لأن الرجل متعند، في حالة من تغبيش الوعي وتضليل الرأي العام عن الصراعات الداخلية للحكومة الإنتقالية، والتي أصبحت مؤخراً تستخدم المفاوضات، من أجل صرف أنظار الشعب السوداني عن فشلهم في إدارة الصراعهم الداخلي وإدارة الفترة الإنتقالية.
لايعصب القول أن غالبية الشعب السوداني ينظرون للعملية التفاوضية بعدم الرضاء، ويتابعون ممارسة الطرفين، ويعرفون حجم المؤامرات والمراوغة التي يقوم بها المكون العسكري في الوفد الحكومي المفاوض، ولديهم دائماً نفور واضح تجاهه، وقد لا يعود الأمر إلى اعتبارات سياسية بالضرورة، ولكن الاعتبارات هي ضرورة تحقيق السلام العادل الشامل وعدم العودة للحرب مرةً أخرى، وتحقيق شعارات الثورة، وأن الوضع الاقتصادي لا يحتمل فاتورة الحرب.
إن التدقيق خلف مواقف هؤلاء يظهر وجود مصالح أخرى غير السلام، وهي إما حزبية ضيقة، أو مرهونة لحسابات دولية وإقليمية، أو في أحسن الأحوال قراءة قاصرة للواقع المتغير حولهم.. وإذا كانت ثمة مشكلة مع من يتصرف وكأن الحياة مفاوضات وحسب، فإن المشكلة الأكبر هي مع الشعب الذي مازال يصرخ لأجل التغيير الحقيقي، ولربما لديه بدائل أخرى وقريباً جدأ ستسفر لنا الأيام عنه.
لا أعتقد بأن العقلية الصفوية وأصحاب الامتيازات التاريخية بأن يسمحوا للسلام أن يرى النور،، لابد للسودان الجديد ان يرى النور مهما كانت التكلفة عالية،،، كونوا بخير