وعود عرقوب !

 

مناظير الخميس – زهير السراج
[email protected]

يخدع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية نفسه إذا إعتقد أن (البرهان) صادق في التعهدات التي قطعها له خلال زيارته الأخيرة للخرطوم، ووافق فيها على إنشاء مكتب قُطري للمحكمة في الخرطوم بغرض نشر عدد أكبر من المحققين والمحامين والمحللين على الأرض، ومنح تأشيرات دخول متعددة للمكتب للحفاظ على وجود مستمر في السودان، والوصول دون عائق إلى الوثائق السودانية ذات الصلة بالتحقيقات التي يجريها، بالاضافة الى الوصول- دون عوائق- إلى الشهود الحكوميين الحاليين او السابقين، وغيرهم من الشهود الجوهريين في السودان.

البرهان معروف بالمراوغة والمكر والخداع وخلف الوعود، وإظهار غير ما يبطن، وهى صفات يعرفها عنه الكثيرون، ويكفي كمثال.. أنه ظل ينفي منذ انقلابه المشؤوم عدم قتل قواته للمتظاهرين السلميين، وإلصاق التهمة بمن ظل يطلق عليه إسم (الطرف الثالث)، وهو يعلم انه لا وجود لمثل هذا الطرف أو الشبح الذي يتحدث عنه.

كما ظل ينكر وجود مرتزقة فاجنر الروسية في السودان، رغم وجودها الذي لا يخفى على احد، والأدلة الدامغة والفيديوهات التي تؤكد ذلك.

وظل يتحدث عن إجراء تحقيق في قتل المتظاهرين بدون أن يُجرَى تحقيق واحد، أو يصدر تقرير واحد، أو يقدم شخص واحد الى المحكمة بتهمة قتل المتظاهرين السلميين، وإنما الذين جري إعتقالهم وإتهامهم بارتكاب جريمة قتل ضد احد عناصر الشرطة هم بعض المتظاهرين السلميين بدون وجود دليل على ذلك !

أما الكذبة الكبرى التى اطلقها البرهان وظل يلوكها من حين لآخر هو انسحابهم من مفاوضات الآلية الثلاثية، واستعدادهم للتخلي عن السلطة فور اتفاق المدنيين على ذلك، وهو يعلم تمام العلم أنه لن يتنازل عن السلطة وان المفاوضات التي يتحدث عنها لن تقوم لها قائمة مرة أخرى، لأن الأطراف الحليفة للبرهان والتي تشاركه السلطة لن تسمح بقيامها، وإذا حدثت معجزة وقامت فلن تسمح لها بالوصول الى غايتها، فما الذي يرغمها على المشاركة في مفاوضات أو التوصل الى اتفاق مع آخرين لمشاركتها في الحكومة، بينما تنفرد بكل شئ وتعمل باخلاص على تنفيذ إرادة الانقلابيين!

يقول المدعى العام انه وجد استجابات فعالة وكاملة وفي الوقت المناسب لجميع طلبات المساعدة التي قدمها مكتبه إلى السلطات السودانية، على النحو المفصل الذي قدمه في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن، وانه يتطلع إلى توسيع نطاق التعاون من جانب السلطات السودانية في الأسابيع المقبلة، ويدعوها إلى الوفاء بالتعهدات الواضحة التي قطعتها.

وأقول له أنه واهم أو ساذج، فما هى الاستجابات الفعالة التي وجدها من الحكومة السودانية غير اطلاق الوعود، كما انها منعته من مقابلة المتهمين خلال زيارته الى الخرطوم كما أوضح في تقريره أمام مجلس الأمن!

ربما يُفتح المكتب الذي طلبه، وتمنح لمعاونيه التأشيرات المتعددة، ولكنه سيكون مكتبا عاطلاً بلا عمل يفعله، لأنه لن يصل الى الشهود الذين يأمل في الوصول إليهم، سواء بعوائق أو دون عوائق، ولن يُسمح له بالإطلاع على أي وثائق ومستندات إلا إذا كانت مجرد أوراق تافهة لا قيمة لها، وإذا كان يُمنِّي النفس بتعاون البرهان وحميدتي والسلطات الانقلابية معه، فليقنع من ذلك ويبحث عن وسيلة أخرى لاداء المهمة الموكولة إليه في السودان !

مسكين المدعي العام، يتحدث عن البرهان وهو لا يعلم من هو .. إلا إذا كان متآمرا معه، أو ساذجا غريرا لا يجدر به أن يجلس على الكرسي الذي يحتاج الى شخص نابه وذكي قوى الشخصية مثل المدعي العام السابق الأرجنتيني (لويس أوكامبو) الذي حبس المخلوع في السودان وارغمه على الصعود الى المنابر ليرغي ويزبد ويطلق الشتائم وينوح كالنائحات كل يوم!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.