وضعية الدين في الدولة الحديثة.

بقلم✍️: كوكندى كالو شالوكا- المناطق المحررة ٢٠ يونيو ٢٠٢٤م

 

المعتقد الديني يدخل فى اطار الاختيار الفردى والشخص الحر. عندما يرتبط الدين بالدولة، يصبح سياسة وهكذا تتدخل الدول فى الماضى فى الشأن الدينى وتعتبره مرتبط بالدولة سواء كان عند الأوروبيين أو عند المسلمين أو حتى فى الحضارات القديمة، كان هناك نوع من التداخل بين الدين والسياسة.

ما يميز الأزمنة الحديثة منذ القرن الثامن عشر إلى اليوم هو الفصل بين الدين والسياسة وجعل الدولة مؤسسات مدنية وبقوانين وضعية وجعل المعتقد شأنا شخصيا.

من الناحية الشخصية، المعتقد حق من حقوق الإنسان بمعنى من حق الإنسان أن يؤمن بما يشاء وعلى الدولة حمايته فى شعائره الدينية، ولكن عندما يخرج التدين عن الإطار الشخصى ويصبح نظام عام أو يسعى البعض إن يجعل منه قوانين فى بلد متعددة الاديان والهويات والثقافات والعادات والتقاليد كالسودان ، هنا يبدأ الصراع و التصادم والحروب ومذابح باسم الدين كما هو الحال فى جنوب السودان وجبال النوبة والنيل وإلازرق عندما أعلنت الجبهة الإسلامية الجهاد على المواطنين السودان مما ادى إلى انفصال الجنوب وإستمرار الحروب للأسف الشديد حتى يومنا هذا.

عندما يبقى الدين فى الإطار الشخصى ، لا يضر ولا يؤذى أحدا لإنه يتعلق بالاختيار الحر للاشخاص، ولكن عندما يغادر الإطار الشخصى ، يمكن أن يصبح مصدرا لالحاق الأذى بالآخرين أو الإكراه أو العنف الرمزى مثل استعمال العبارات التى تسئ للآخرين على سبيل المثال لا للحصر فى السودان كافر وملحد أو غير ذالك فهذا عنف رمزى يصدر من المؤمنين تجاه من لا يشاركهم فى الملة أو يؤمن بدين آخر.

المجموعات الدينية التى تعتبر إن لها دين مشترك ، تنظر للمجموعات الأخرى نظرة غير إيجابية مما ادى إلى الحروب الدينية أو الحروب المقدسة فى اروبا والعالم العربى والاسلامى.

عندما ظهر الإسلام ،نظر لليهود على إنهم طائقة من الناس والمسحيين طائفة أخرى من الناس وكذالك والصراع الدموى بين الشيعة والسنة فى اليمن وسوريا وليبيا والعراق. كل هذه الحروب والصراعات هو بسبب إن الناس لم يقتنعوا بعد بضرورة إن يكون التدين اختيارا شخصيا وإن تترك الدولة للتوافقات السياسية العامة بمعنى كل واحد منا بعقيدته ولكن شئون الدولة نراعاها بقوانين محايدة فى مصلحتنا جمعيا ونشعر بالانتماء للوطن هو للجميع رغم إختلافنا فى الالوان الأعراق والنسب العائلى واللغات والعقيدة.

الإعتقاد الراسخ لدى المجتمعات فى العالم العربى والاسلامى وشمال افريقيا ، ان الدين دولة كذالك وهذا يعود إلى أكثر من مئتان عام.

لقد تاسس الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة فى القرن الثانى الهجرى وفى العهد العباسى ومنذ ذالك العصر إلى اليوم ، يتعقد المسلمون بأن الدين دولة ولسبب رئيسى وهو إن الفقه التراثى القديم الذى تاسس قبل الف و مئتان عام ،كانت الدولة دينية فى اروبا والعالم العربى وهذه الدول قد ورثت هذا الفقه الذى يربط بين الدين والدولة واقمحته فى الدولة الحديثة. بعد سقوط الخلاقة الاسلامية، يعنى نهاية الدولة الدينية والدخول فى الدولة الحديثة ووضع القوانين الوضعية بالتوافقات والحوار الوطنى السياسى وإن هذه القوانين لن تبقى قوانين دينية لأن المجتمعات فيها اختلاف بين المسلمين والمسحيين واليهود وغير المسلمين وهذا يعنى إن المجتمع فيه اختلاف دينى.

هناك سؤال مهم : ما هى الصورة المثلى لإدارة هذا التنوع بسلم وبدون مواجهات حربية أو عنف أو انقسامات داخلية ؟ الإجابة هى العلمانية ولا يوجد اطار آخر مطلقا لإدارة التنوع الدينى وشئون المجتمعات المتعددة ، إلا العلمانية لإنه يوفر للجميع حق الوجود والمواطنة المتساوية وحق ممارسة الشعائر الدينية المختلفة والحق فى المواطنة من دون المعتقد الدينى لأن الدولة ترعى الجميع.

نواصل
تحياتى
كوكندى كالو شالوكا – المناطق المحررة
.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.