هل ناخذ العظات والعبر من تجربة ميانمار

الخرطوم : تقرير :حسين سعد : Splmn.net

تواجه الأزمة السودانية بالكثير من التعقيدات والازمات الاقتصادية والسياسية ،ومعاش الناس ،وإستكمال السلام ،فضلا عن تحديات التشكيل الوزاري الجديد ،ولكن بالمقابل وبالنظر لحجم هذ التحديات نري ان التحركات المطلوبة بطيئة جدا مقارنة بحجم الصعوبات التي تتفاقم يوما بعد يوم، فضلًا عن حالة السيولة ،وهشاشة التحالفات وتغيرها باستمرار، فأصدقاء اليوم قد يصبحون أعداء الغد، إلا أن الأمر اللافت في الأزمة السودانية هو صراع المحاور وتدخلاتها ، وعبر هذا التقرير نستعرض واحدة من هذه الازمات ،وهي التشكيل الوزاري الجديد ،حيث نري الطريقة التي يتم التعامل بها وبدلا ان يخلق التدخل المطلوب نجاحا ويحيل التحديات الي فرص نجد ان هذه المعالجة خلقت انقساما حادة وصراعات كبيرة،شابهت الي حد ما إنقاسامات وإنشقاقات فترة النظام البائد، وبنظرة خاطفة يمكن النظر الي ما تم داخل الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة التي اقالة رئيسها خالد شاويش بحجة العمل خارج المؤسسة والاطر التنظيمية بينما نفي خالد عزله واعتبر ماثير مجرد تصرف فردي ،كما اقالت حركة كوش السودانية رئيسها محمد دواؤد بنداك وفي ذات الاتجاه جمد الحزب الناصري الوحدوي امينه السياسي ساطع الحاج واقالته من منصبه، وفي المقابل شهدت الصحف سجالات واسعة لقيادات الجبهة الثورية والقوي السياسية بشأن التشكيل الوزاري القادم والمرشحيين ،وهناك غضب وسط مسار الوسط، والشمال والشرق لتجاوزهم في السلطة هناك ايضا التباين الكبير بين جلاب وعقار حيث عقد الاول مؤتمر صحفيا هاجم فيه عقار ونائبه واتهمهم بالتدخل في صلاحياته، بينما رد عقار علي خميس بان قام بتجمد صلاحيات جلاب كأمين عام، ومن المتوقع ان تشهد الفترة التي تلي اعلان الوزارات الجديدة انشقاقات كبيرة وسط الجبهة الثورية بمكونيها وكذلك قوي الحرية التغيير التي سبق وان خرج منها الحزب الشيوعي ثم جمد حزب الامة لجنة اتصاله قبل ان ينخرط في مشاورات لاعطائه وزارات بحجم وزنه الانتخابي، وكان تجمع القوي المدنية قد انسحب من الاجتماع الخاص بلجنة الترشيحات واصدر بيان هاجم فيه الحرية والتغيير ومنهجها في الترشيحات.

تاجيل الحكومة

وبالامس تم تأجيل اعلان تشكيل الوزارات الجديدة بعد مرور أكثر من أربعة أشهر علي توقيع اتفاق سلام جوبا الذي بموجبه إلتحق شركاء العملية السلمية بالمشاورات الخاصة بتشكيل الحكومة وشدت الفترة الماضية صراعات عنيفة بخصوص اقتسام كيكة السلطة الصغيرة التي تهرول نحوها ايادي عديدة.

وقالت الدكتورة مريم الصادق المهدي المتحدثة باسم مجلس شركاء الحكم في بيان عقب اجتماع المجلس امس الاربعاء انه سيتم اليوم الخميس استكمال مجلس السيادة بإضافة الأعضاء الذين تمت تسميتهم من أطراف العملية السلمية بموجب اتفاقية جوبا للسلام .وأوضحت أن المجلس استعرض في اجتماعه برئاسة البرهان.

المجهودات الجادة التي بذلت لتقديم الترشيحات للحكومة التنفيذية مشيرة الي اكتمال التسميات لكل المرشحين والمرشحات في 25 وزارة بينما تبقى ترشيح أطراف العملية السلمية لمقعد واحد تم تخصيصه لأحد المسارات الثلاث (الشرق، الاوسط، والشمال) والتي أجلت لحين اكتمال التشاور

وأوضحت ان اليوم الخميس سيشهد استكمال أعضاء مجلس السيادة بإضافة أطراف العملية السلمية وتأجيل الإعلان عن التشكيل الوزاري الذي كان مقررا له اليوم الى الأسبوع القادم وكان الفريق اول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للجيش السوداني قد لوح بتشكيل “حكومة طوارئ”، برئاسة عبد الله حمدوك، رئيس الحكومة الانتقالية الراهنة، وأشار البرهان إلى أن أوضاع السودان لاتتحمل التلكؤ في اشارة إلى تأخير قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في الدفع بمرشحيهم لتشكيل الحكومة الجديدة ، وأعتبر متابعون تلويح البرهان رسالة ضغط للقوى السياسية مفسرين مايدور بصراع بين المكونيين المدني والعسكري.

وفي العام 2019م اعلن البرهان في بيان رسمي بثه التلفزيون السوداني وقف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير والغاء ماتم الاتفاق عليه ودعا إلى إجراء انتخابات خلال تسعة أشهر وتشكيل حكومة لإدارة البلاد لحين إجراء الانتخابات

وقالت صحيفة اليوم التالي إن البرهان انتقد ما سماه تلكؤ قوى إعلان الحرية والتغييروالجبهة الثورية في تقديم ترشيحاتهما للحكومة المقبلة، مع حرج الأوضاع التي تمر بها البلاد

وأفادت بأن البرهان غاضب بشدة من حالة التنازع التي عطلت تكوين الحكومة، ولوح باحتمال إقدامهم على تشكيل “حكومة طوارئ” برئاسة حمدوك، في حال عدم التزام الشركاء بتكوين الحكومة بالسرعة اللازمة

الاسعار نار

تاتي هذه المستجدات في وقت ألهبت فيه الاسعار ظهر المواطن السوداني وشهدت مدن القضارف والدماذين والخرطوم احتجاجات علي ازمات الخبز والوقود وغاز الطهي،واليوم كشفت جوله قامت بها الانتباهة (اون لاين) بأسواق امدرمان للبيع بالجملة عن ارتفاع كبير في اسعار السلع الاستهلاكية وبلغت اسعارها على النحو التالى:-

سكر كنانة (11700) جنيها ،والسكر المستورد (11200) جنيها ،وسكر زنة ١٠ ك (2400) جنيهاً،وسكر زنة ٥ ك (1220) جنيهاً بينما لغت قيمة الدقيق البكت (2200) جنيهاً،وجوال زنة ٢٥ك (5350)جنيهاً،وكيلو الدقيق(220) جنيهاً،اما الزيت يارا عبوة ٩ رطل (3200) جنيهاً، وزيت الفول عبوة ٣٦ رطل (12000) جنيهاً، وعبوة ١٨ رطل (6000)جنيهاً،وزيت صباح الكرتونة (9000)جنيهاً،وعبوة 4 رطل(2170) جنيهاً،ورطل الشاي (700) جنيهاً، ونصف الرطل شاى(350) جنيهاً،كرتونة الشاي (7000) جنيها،وعلبة الصلصة (300) جنيهاً،الكرتونة الفراشة (3700)جنيهاً
الشعرية والمكرونة ٥٠٠جم (155) جنيهاً كرتونة (2350) جنيهاً،وكرتونة لبن البدرة (11000) جنيهاً،و لبن البدرة (3900)جنيهاً،،وسعر كيلو اللبن كابو (2000) جنيهاً كيلو اللبن الوادي (1950) جنيها ،وصابون البدرة اصيل ٥ك (1600 كيلو صابون البدرة (700) جنيها ، وصابون فاب العبوة ٥ك(2000) جنيهاً ،وصابون شريحتين كرتونة (4000) جنيهاً

مصاعب عديدة

تعاني الحكومة الإنتقالية منذ تشكلها من مشاكل داخلية عديدة تعكسها تصريحات البرهان والكباشي وهجومهما علي حمدوك فضلا عن هجوم حزب الامة القومي علي مكتب حمدوك وهجوم الشيوعي وخروجه من الحرية والتغيير واعلانه عدم المشاركة في الحكومة ،وتوترات مكونات الحكومة ،وشركاء الثورة في الكثير من الملفات وأدى ذلك إلى إطلاق تصريحات هجومية بين الطرفين ،وكأنه صراع بين معارضة وبين حكومة، وظهرت الأزمة بين مكونات الحكومة في الميزانية العامة للدولة، غير أن هناك ملفات أخرى تعتبر بؤر توتر، فعلى سبيل المثال العلاقات الخارجية ،والتطبيع مع اسرائيل وملف السلام وازالة التمكين ومحاكمة رموز النظام البائد وحرب البيانات بين لجنة ازالة التفكيك والنائب العام، و مما زاد التوتر بين الطرفين، تمت مهاجمة النائب العام، وكانت البيانات الهجومية بين الطرفين توحي بأن الحديث لا يدور عن كتل واحدة داخل الحكومة، بل عن حكومة ومعارضة بينهما خصومة سياسية.

حمدوك

لكن يظل التحدي الكبير في حمدوك وامكانية سيطرته وادارته علي الجهاز التنفيذي ،والتوجهات الاقتصادية والسياسية، واستكمال السلام ،وجائحة كورونا وتصاعد الضائقة الاجتماعية الاقتصادية ،وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الناتج المحلي، وتضرر الكثير من المصالح الاقتصادية وتراجع الايرادات في ميزانية 2020م عليه نري ان كل هذه التحديات تضع حمدوك امام خيارات محدودة وهي الاسراع في تشكيل الحكومة وتوزيع المسوؤليات علي الوزراء. وهذه الخطوة سيلجاء لها حمدوك من خلال المرور علي قوائم الترشيحات المتعددة، والتي شملت كل من الحرية والتغيير،ومجموعة (9+1) التي دفعت بقائمة منفصلة، وهناك المجموعة النسوية حقنا كامل ما بنجامل ،وايضا قائمة حزب الامة القومي ،والجبهة الثورية ويتوقع ان يدفع تجمع القوي المدنية بقائمة منفصلة ايضا وكان تجمع القوي المدنية قد انسحب من الاجتماع الخاص بلجنة الترشيحات ،وهناك ايضا الجبهة الثورية بشقيها الاثنين ،وتململ المسارات.

خاتمة

وبالرغم من الصورة الكئيبة للمشهد السياسي التي يجب ان لا أن تكون مصدرًا للإحباط والاستسلام بل حافزًا للبحث عن مخارج حقيقية تؤدي إلى استكمال الانتقال الديمقراطي وهذه الخطوة تتطلب وحدة قوى الثورة وإصلاح الحرية والتغيير وإستكمال السلام ووضع مشاريع تنموية واقتصادية وتسامح وتعايش بعيدا عن المشاريع التي اضاعت بلادنا مثل المشروع الحضاري والمشاريع الجهوية والقلبية التي تتمد حاليا،فالازمات التي نعيشها اليوم هي حصيلة تلك المشاريع الفاشلة ،واذا لم نفعل ذلك يجب ان ننظر الي ما حصل في ميانمار ،وهذه لنا فيه عظات وعبر عديدة فتلك البلاد كانت تمتلك كل الظروف اللازمة لوقوع انقلاب عسكري: حكومة مدنية ضعيفة، وأزمات اقتصادية وسياسية فاقمتها جائحة كورونا فبات نصف السكان يقبع تحت خط الفقر، وأزمات أمنية عديدة، وصراعات مع الكثير من الاقليات المنتشرة عبر طول البلاد وعرضها