
هل تريدون وقف الحرب، وكل الحروب أم ماذا؟ ميثاق السودان التأسيسي: فرص إنهاء الحرب وبناء سودان جديد
خالد كودي – بوسطن
آ/ الطريق الوحيد لإيقاف الحرب يمر عبر تفاهمات مع الأطراف المتحاربة!
ب/ الطريق الوحيد لإيقاف كل الحروب يشترط معالجة الأسباب التي أدت اليها- معالجة جذور المشكل السوداني.
ت/ لا أحد يمتلك عصا موسي في السودان، ولاتوجد بدائل!
منذ الظهور التاريخي لرئيس الحركة الشعبية – شمال والقائد العام للجيش الشعبي، عبد العزيز آدم الحلو، في 18 فبراير 2025، أثناء حفل إطلاق ميثاق السودان التأسيسي المزمع الاتفاق عليه وتوقيعه بمن يتفقوا عليه، انصبَّت وسائل الإعلام على هذا الحدث بشكل مكثَّف. وقد أثارت هذه الخطوة ردود أفعال متباينة لدى السودانيين فبينما استقبل البعض المبادرة بنظرة موضوعية وأمل كبير، عبَّر آخرون عن حذر أو تشكك وحتي ادانات، مستندين في ذلك إلى تجارب مباشرة مع قوات الدعم السريع تحديدا التي لا تزال ترتكب انتهاكات خطيرة بشكل يومي تجاه المدنيين. وهذا واقع لا يمكن القفز عليه، وواقع مفهوم.
١/ ميثاق السودان التأسيسي: رؤية لإنهاء الحروب ومعالجة جذورها:
لوقف العدائيات وقف اصلاق النار، ومن ثم وقف الحرب لابد من البداية، و من مكان ما!
قد يمثل ميثاق السودان التأسيسي بداية جريئة لبناء تحالف سياسي واسع يسعى إلى وقف الحرب المشتعلة حاليًا في مناطق عدّة من السودان، فضلًا عن إنهاء الحروب بشكل نهائي في كافة أرجاء البلاد. يعتمد هذا المشروع على قناعة أساسية بأن تحقيق سلام دائم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية للحروب السودانية، لا سيما تلك المرتبطة بقضايا التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى مظالم الهوية والتمييز الديني والعرقي والعدالة وقضايا الأرض وما اليه، فهل سيعالج الميثاق كل هذه القضايا؟
ليكون الحدث ذات معني وبحجم للخطوة الجريئة التي قامت بها الحركة الشعبية، يجب ان يستند الميثاق على رؤية السودان الجديد، وهي رؤية طُرحت تاريخيًا في أدبيات الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ تأسيسها، وتهدف إلى إقامة دولة علمانية ديمقراطية تحكم مدنيا ولامركزيا وتحترم التنوع الثقافي والديني والعرقي. في إطار واقع السودان الحالي، تتجلى الحاجة إلى حركة سياسية ثورية وقوية ذات مشروع وطني ناضج، وهو ما تحاول الحركة الشعبية (ش) الاضطلاع به عبر طرح رؤية مستجيبة لجذور الأزمات، وكيفية حلها من خلال إعادة هيكلة الدولة السودانية على أسس المواطنة وحقوق الإنسان.
٢/ تعقيدات المشهد السوداني وتحديات التحالفات:
في الوقت الذي تصطف فيه قوات الدعم السريع إلى قوي ميثاق السودان التأسيسي، تواجه هذه الخطوة تحديات عدة. فمن ناحية، هذه القوات أحد أهم الأطراف المسلحة في البلاد، ويُرجى من انضمامها تسهيل تحقيق وقف الحرب و إطلاق النار، ومن ثم السلام. وقف الحرب ومعالجة مستقبل قواتها وغيرها عبر تسوية سياسية تاريخية شاملة. ومن ناحية أخرى، يثار تساؤل كبير ومشروع حول صدقية هذه القوات في ضوء سجلها الحافل بالانتهاكات وارتكاب جرائم في مناطق مختلفة، بما في ذلك دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، بل وفي قلب الخرطوم، ويجب ان يجاوب الميثاق علي هذا السؤال.
ومن الناحية الأخرى، أولئك الذين يفتقرون إلى النفوذ العسكري والسياسي الفعلي يجدون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع القوى المستفيدة من عسكرة الدولة واستمرار النزاع، مما يعمّق تعقيد المشهد السياسي والعسكري ويطيل أمد الصراع. فالتصالح مع الحرب والميليشيات وضع لئيم يؤدي إلى تفاقم المآسي الإنسانية حتما، و يشكل تهديدًا وجوديًا لوحدة السودان، التي تمر اليوم بمنعطف تاريخي حاسم يهدد استقرار الدولة ومستقبلها.
وعليه، لا بد من قوة سياسية وعسكرية ناضجة قادرة على إيقاف هذه الحرب وتفكيك كل ما قد يقود إلى حروب جديدة لضمان سلام مستدام وعدالة حقيقية. وفي ظل غياب أي بديل جاد على الساحة، تظل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، وجيشها الشعبي، القوة الوحيدة القادرة على تحقيق هذا التحول التاريخي، بفضل مشروعها الواضح ورؤيتها القائمة على بناء دولة علمانية ديمقواطية، تنهي دوامة الصراعات المسلحة، وتؤسس لسلام عادل وشامل ومستدام.
٣/ الحركة الشعبية لتحرير السودان: ركيزة التغيير والأمل الباقي:
رغم تعدد القوى السياسية والعسكرية على الساحة السودانية، تظل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال
الأمل الأخير لإنتشال البلاد من الانهيار الشامل. يستند هذا الرأي إلى جملة عوامل أبرزها:
١/ قيادة شجاعة مؤمنة بالمشروع الوطني:
تعكس قيادة الحركة الشعبية، تمسكًا مبدئيا بمشروع “السودان الجديد” القائم على العلمانية الديمقراطية والمساواة الدستورية، باعتبارهما أساسًا لبناء دولة عصرية موحدة.