هل أقدم حمدوك على الإنتحار السياسى ؟

✍🏿 الجاك محمود أحمد الجاك

 

بينما يتواصل المد الثورى فى الشوارع التى لا تخون بخروج مليونية ٢١ نوفمبر، جيئ هكذا بالدكتور عبدالله حمدوك لوحده من مقر إقامته الجبرية مباشرة إلى مكان التوقيع الذى إمتلأت جنباته بالمصفقين من مؤيدى العسكر و جماعة إعتصام الموز و أطراف إتفاق جوبا لسلام السودان، و بعض رموز النادى السياسى القديم. ليغيب عن المشهد كليا صوت الشارع بلاءاته المعلومة (لا تفاوض – لا شراكة – لا مساومة – لا شرعية زائفة)، كما غاب شركاء الأمس و غيرهم من ألوان الطيف السياسى و المدنى و الإجتماعى…… تليت مسودة الإتفاق، ثم ألقى حمدوك كلمة خجولة غلب عليها طابع الرومانسية السياسية و مغازلة الشارع لتعقبها كلمة البرهان الذى بدا واثقا و ظافرا.

لكن يبدو أن البرهان قد كسب الرهان مؤقتا بتوقيع حمدوك على الإتفاق الهزيل الذى لا يمثل فى تقديرى سوى عقد إذعان، لأنه بتوقيع هذا الإتفاق فقد ضمن للعسكر:
١. إقصاء و إزاحة قوى الحرية و التغيير من المشهد السياسى، ما يعنى التخلص من الشراكة و كابوس الحاضنة السياسية.
٢. إستمرار رئاسة حمدوك للحكومة يعنى رضا أمريكا و المجتمع الدولى (بإتفاق توازن القوة و المصالح)، غض النظر عن مطالب الشارع السودانى، و بالتالى يكون الإتفاق قد حقق خروجا آمنا للإنقلابيين من مطرقة الشارع و سندان المجتمع الدولى.
٣. الإتفاق يعنى ضمنيا إستمرار البرهان (المكون العسكرى) فى رئاسة مجلس السيادة بعد نجاحه فى إزاحة من إختارتهم قوى الحرية و التغيير لعضوية مجلس السيادة عن المكون المدنى، و نجاحه فى إختيار عناصر جديدة من الموالين للعسكر.
٤. تخلص العسكر من لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، و التى ظلت تشكل بعبعا مخيفا للعسكر و الفلول على حد سواء.
٥. توسيع قاعدة المشاركة و تشكيل حكومة كفاءات جاءت معممة و غامضة تماما فى الإتفاق كما أرادها العسكر، دون تحديد المعايير و الجهات التى ينبغى إستشارتها.
٦. لم يوضح الإتفاق آلية تعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق.
٧. أعطى الإتفاق مجلس السيادة حق الإشراف على مؤسسات الفترة الإنتقالية دون التدخل فى مهام الجهاز التنفيذى، لكن دون توضيح طبيعة هذا الإشراف.

ترى، هل يمكن أن يشكل ما حدث من إتفاق اليوم بداية إحتقان سياسى جديد بين الشارع و التوليفة السياسية الجديدة التى تمخضت عن هذا الإتفاق الهش، أم سينتصر و يعبر بنا حمدوك بنسخته الجديدة كرئيس للوزراء؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.