هكذا أثبت تلفون كوكو أنه خارج نطاق التغطية
أنس آدم - إشتراوس
تابعنا كغيرنا ضجيجاً في بعض الوسائط الإعلامية، خاصة مواقع التواصل الإجتماعى Social media، مفاده أن المدعو تلفون كوكو أبوجلحه و أبواقه عقدوا مؤتمرا سُمى بالمؤتمر الإستثنائي الطارئ. و أصدر هذا المؤتمر بياناً تحت عنوان البيان الختامي للمؤتمر الإستثنائي الطارئ في الفترة من 21_23 يوليو 2021. و هذا ما سأتناوله في مقالي هذا مع التفكيك البنيوي لِلمواقِف المُخزية للإسلاموي تلفون كوكو.
دعوني إقتبس هذه الجزئية من بيانه الهزيل و الذي حاول فيه النّيل من الحركة الشعبية و رئيسها القائد- عبد العزيز آدم الحلو، حيث ورد ما يلي: (ما قام به عبد العزيز الذي سطا على البرنامج ليخلق الفتنة الكبرى في تاريخ السودان من خلال برنامجه الشيطاني المتطرف الذي تعدى به على الحقوق الدينية للآخرين ..الخ) إنتهى الإقتباس،،
لقد آثرنا الصمت مُنذ أن طالعنا بيان المدعو تلفون كوكو أبو جلحه، لِنرى ما إذا كان بإمكان هذا التلفون الإتصال بالمشتركين، إلا أنه و في الحقيقة فشل في إجراء حتى مِسكول Miss call دعك من إجراء مكالمة صوتية أو إرسال رسالة نصية SMS – يعنى طلع تلفون طاشي شبكة، بالتأكيد لأنه إصدارة أخرى من شركات – واجهات الجبهة الإسلامية القومية الفاشِلة، حيث ظن البعض و بحسن نيه أنه يحتاج فقط لإعادة ضبط المصنع، إلا أنه طلع تلفون وهمي ساكِت.
المتابع الحصيف لتوقيت هذه الحبكة الخبيثة و المسرحية الهزيلة، يمكنه الإدراك بأنها زوبعة في فنجان و ليس إلا. المغزى منها خلط الأوراق و خلق ربكة وسط عضوية و قواعد الحركة الشعبية و أصدقائها و حُلفائها و لكن هيهات. كما يمكن قراءة تلك الخُطوة – مسرحية الإسلاموي تلفون كوز أبوجلطة التي يمكن وصفها بالغباء السياسى، في إطار سعي قوى الثورة المُضادة و أذيالها من عناصر الدولة العميقة للتشكيك في، بل و إضعاف مواقف الحركة الشعبية التفاوضية، خاصة بعد إيداع مُسودة الإتفاق الإطارى لدى الوساطة بتاريخ 27 مايو 2021، و التي سُربت عن قصد و سوء نيه مبيته من قِبل الحكومة الإنتقالية. فقد تضمنت مسودة الإتفاق الإطارى أمهات القضايا – القضايا المصيرية، التي تُشكل الجذور التاريخية للمُشكلة السودانية The root causes of the problem of Sudan، و فى مقدمتها قضية علاقة الدين بالدولة، و هذا ما يؤرق مضاجع الإسلاموعروبين – لذلك هرع إبنهم البار تلفون كوكو لِيشير في بيانه، مهاجما الحركة الشعبية، إلى أن القائد عبد العزيز آدم الحلو، تعدى ببرنامجه الشيطاني المتطرف على الحقوق الدينية للآخرين. فى محاولة منه للتذاكي و إستحمار الشعوب السُّودانية و تضليلها. فمن هم الآخرين الذين يقصدهم؟ و هل علمانية الدولة برنامج شيطاني؟ فهو يريد بهكذا تصريح خلق إلتباسات حول مفهوم العلمانية، و ذلك من خلال إستنساخ تجارب كيزانية قديمه و ميكانيزمات تقليدية إستخدمتها الجبهة الإسلامية القومية في مُحاربة الحركة الشعبية، و تصويرها كأنها تقف ضد العُروبة و الإسلام. و بالتالي دق إسفين بينها و الشعوب السُّودانية بغرض عزلها و تشويه صورة قيادتها، لكن دون جدوى. السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه، إذا كان تلفون كوكو فعلاً حركة شعبية، و هذا ما يتنافى مع ممارساته و سلوكه و مواقفه التى لا تمت لرؤية و مشروع السودان الجديد بصلة، لماذا يرفض مبدأ علمانية الدولة؟ بل ظل يحاربه بضراوة على الدوام، بالرغم من أنه مبدأ تمسكت به الحركة الشعبية منذ تأسيسها في العام 1983، كما أنه مرتكز فكري و مبدأ أساسي من مبادئ مشروع و رؤية السودان الجديد التى تتبناها الحركة الشعبية. و لِماذا صمت تلفون كوكو عن ممارسات و سلوك دولة الجلابة التي ظلت و ما تزال تستغل الدين الإسلامي كحُصان طروادة لِتهريب أجندتها العرقية و الثقافية – أم لأن تلفون كوكو يحمل ماركة الإخوان المسلمون سيئة السُمعه؟. و لِماذا لم يتحدث تلفون كوكو عن الحروب العُنصرية و الممنهجة التي شنتها دولة المركزية الإسلاموعروبية ضد شُعوب جبال النوبة و الفونج بإسم الدين و العرق؟ مستندة في ذلك على الفتاوي الدينية و الجهادية – فتوى العام 1992، و فتوى علي عثمان محمد طه 2011، و فتوى حُكم الإنضمام للحركة الشعبية 2005.
عموماً، هنيئا لك و لِمؤتمرك الفاشل، الذي تم على شاكِلة دفن الليل أب كراعا برا، و حدث ما حدث. بالطبع تلفون كوكو يدري ما أعنيه بحدث ما حدث. إلا أن الغباء و الإستهبال التلفوني لم يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى تكوين مكتبه القيادي و السياسي الوهمي الذي يضم في عضويته أحد أفراد أسرته- زوجته هدى كريم تيما (العضو رقم – 13)، هل هذا هو التغيير الذي يتشدق به تلفون كوكو؟. فمثل هذه السيناريوهات و التكتيكات، ليست جديدة على الحركة الشعبية. فقد درجت حكومات الخرطوم على صناعة أجسام و واجهات هلامية أثناء المفاوضات مرة بإسم أهل المصلحة و مرة بإسم أصحاب الشأن، … الخ، و ذلك على غرار ما حدث خلال مفاوضات نيفاشا، بهدف الضغط على الحركة الشعبية لتمرير أجندة قوى السودان القديم و الإبقاء على ما يُسمى بالثوابت الوطنية. و لكن الحركة الشعبية لديها إرث تفاوضي ثر و خبرة كبيرة فى هذا المضمار مكّنتها من التصدي للفهلوة السياسية للاسلامويين و إجهاض كل محاولات التدليس.
إن مؤتمر تلفون كوكو الإستثنائي الطارئ المزعوم، الذي إنعقد في أحد أزقة شوارع مدينة جوبا، لا يعدو كونه حلقة من حلقات التآمر على الحركة الشعبية، و كذلك الشُعوب السُّودانية المُهمشة. كما أنّه مواصلة لِسيناريوهات قديمة و مُتجددة تستهدف الحركة الشعبية بوصفها قوة تغيير حية، مؤثرة و فاعلة في المشهد السياسى السُّودانى. علاوة على ذلك، فإن الحركة الشعبية أضحت رقم مُهم فى المُعادلة السياسية اليوم، فلا يمكن تجاوزه وفقاً للمُعطيات الماثِلة. لذا لجأت القوى المُعادية للسلام بدعم و مباركة من دولة الزبير باشا الحاكِمة الآن، إلى حيلة يائسة و فاشِلة – بإقامة مؤتمر تلفون كوكو، و ذلك بهدف تتريس و إجهاض جُهود و مساعى تحقيق السلام العادل و المستدام، و الإلتفاف على الحركة الشعبية و محاصرتها على طاولة المفاوضات و بالتالي إضعاف مواقفها التفاوضية و ضرب سياج من العُزلة بينها و حلفائها، خاصة بعد الإنتصارات و الإنجازات الكبيرة التي حققتها الحركة الشعبية في جبهة التحالفات، حيث تمكنت الحركة الشعبية و بفضل قوة طرحها من بناء تحالفات عريضة مع القوى السياسية و المدنية. كما يمكن قراءة مؤتمر تلفون كوكو في سياق خُطة موضوعة و طبخه تمت على نار هادئه من قبل الحكومة الإنتقالية و مكونها العسكري، للتغطية على فشلها الذريع فى الإيفاء بإستحقاقات السلام و الإنتقال السياسى فى السودان.
لا شك أن المدعو تلفون كوكو أبوجلحة، أخطبوط إسلاموي – كوز كامل الدسم – تسلل إلى حظيرة الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان، منذ بواكير تمددها في إقليمي جبال النوبة و الفونج – فمواقفه و سلوكه طيلة فترة وجوده داخل الحركة الشعبية مرصودة و موثقة للتاريخ و الأجيال القادمة، كما انّها تكفي لإثبات معدنه الإسلاموي. لذلك من الضرورة بمكان توضيح بعض الحقائق التي تدحض إدعاءات و مزاعم تلفون كوكو و إخوانه الإسلاموعروبيين، لا سيما أن إنتكساته لا تحتاج عناء الكتابة أو حشد الأسانيد و الأدلة، فالضرب على الميت ليس من أخلاقنا و لكن لابد من تسليط الضوء على بعض مواقفه السالبة تجاة الثورة و المهمشين، فقط من باب التذكير، فإن الذكرى تنفع المناضلين – هناك شواهد و وقائع لا تُحصى و لا تُعد حول تاريخه الحافِل بالمواقف المُخزية، نورد بعضها على النحو التالى:
1. إنهزام تلفون كوكو و إصراره في إجتماع المجلس الإستشاري الذي عقد فى سبتمبر 1992 – جبال النوبة الأراضي المحررة، على توقيع إتفاق سلام مع النظام – حتى و لو كان ذلك على حساب الثورة و المهمشين – و لكن لجأ المجلس الإستشارى بعد مداولات عميقة و نقاشات إتسمت بالشفافية، إستمرت لمدة يومين إلى الخيار الديمقراطى – التصويت، فكانت النتيجة، أن غالبية الأصوات كانت في إتجاه اِستمرار النضال و الثورة. هذا الأمر أغضب تلفون كوكو، و ذلك بشهادة القائد الشهيد البطل – يوسف كوة مكى، فى حوار أجراه معه الصحفى الهولندي نان أوبت إندي بتاريخ 12_ 13 فبراير 2001، حيث قال: (أتذكر أنه كانت هناك إمرأتان وقفتا و عارضتا مبدأ الإستسلام للنظام، و قالتا: «إذا كان الأمر يتعلق بالموت فيمكن للمرء أن يموت على فراشه، و إذا كان الأمر يتعلق بالأمراض فقد كانت الأمراض موجودة على الدوام، سواء في وقت السلم أو في الحرب. إذا كانت مسألة عرى فعادة ما كان الناس عراة قبل معرفة الملابس. لكننا نناضل من أجل هدف، و نحن في منتصف الطريق. من الأفضل أن نستمر فى النضال بدلاً من ترك هدفنا في منتصف الطريق». حقيقة، هذا الموقف قلب الأمر رأساً على عقب، خاصة عند الرجال الذين شعروا بالخجل، و في النهاية صوت المجلس على خيار إستمرار القتال و الثورة).
2. قام تلفون كوكو بإستغلال مباحثات بلينيا بين الحركة الشعبية و الحكومة، بعقد صفقة مع النظام، مقابل تحقيق أجنداته الذاتية. فقد كان وقتذاك رئيساً لوفد الحركة الشعبية المفاوض، حيث عقد إجتماعات سرية مع رئيس الوفد الحكومي، دونما أن يكون معه أي شخص. فتلك تُعد خيانة عُظمى للثورة و شعب جبال النوبة.
3. محاولة إجهاض مؤتمر الجيش الشعبي لتحرير السودان، الذي عُقد في شقدوم – جنوب السودان. حيث قام تلفون كوكو بحملة تعبئه، و تحريض و تثبيط هِمم ممثلو جبال النوبة من الذهاب إلى شقدوم للمشاركة فى مؤتمر 1994– حيث قال تلفون كوكو أمام الملأ: (سوف نذهب إذا كانت هناك طائرة، ومن دونها فلا يجب أن يمشي الناس كل هذه المسافة)، بالرغم من هذا الحديث السلبى و المحبط، إلا أن ممثلو جبال النوبة و بعزيمة وإصرار منهم، تحدوا الصعاب و قرروا الذهاب إلى أن وصلوا إلى منطقة شقدوم، التي أقيم فيها المؤتمر بعد سبعين يوماً من السير على الأقدام. و مع ذلك كتب تلفون كوكو رسالة في غاية السوء إلى الشهيد القائد يوسف كوة مكى، وصف فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها حركة ضعيفة، وأطلق عليها الكثير من النعوت و الأوصاف السيئة. (راجع حوار نان أوبت إندي مع الشهيد القائد يوسف كوة مكى.
4. إنتكاسه أخرى و خطيرة، فقد قام الإسلاموي تلفون كوكو بتسليم منطقة بُرام – جبال النوبة، للعدو – الجيش الحكومى، دون مقاومة تُذكر، حيث لم يكن جاداً فى القتال و الدفاع عن المنطقة.
5. سلسلة مقالات تلفون كوكو التحريضية ضد الحركة الشعبية و قيادتها، في صحيفة رأي الشعب الناطقة بإسم المؤتمر الشعبي في العام 2005- بعد التوقيع على إتفاقية السلام الشامل ال CPA مع علمنا بأنها مقالات مكتوبه بأقلام كوادر الحركة الإسلامية.
و ما يثير الشفقه، أن تلفون كوكو و أعوانه من الإنتهازيين – و حسبما ورد في بيانهم أنهم قاموا بعزل القائد عبد العزيز آدم الحلو من قيادة الحركة الشعبية “هذا زمانك يا مهازل فأمرحي” . كيف لِحفنه من العاجزين فكرياً و العطالى سياسياً، لا يتعدى عددهم أصابع اليد، بل لا يستطيعون إكمال حجر شيشة في مقهى صغير، و مع ذلك يدّعون عزلهم للقائد عبد العزيز آدم الحلو؟. فأنا هنا أكتب هذه السطور لستُ بصدد الرد على ترهات تلفون كوكو، لكن من الأهمية بمكان توضيح الحقائق و سبر أغوار التلفونيين، فإن صفحات تاريخ الحركة الشعبية و الجيش الشعبى مليئه بنضالات القائد عبد العزيز آدم الحلو، و مواقفه الثورية التي يعرفها الأعداء قبل الأصدقاء. و بالطبع تلفون كوكو من بين الذين يعرفون ذلك. فإسهامات و بصمات القائد الحلو في الثورة، شاخِصه للعيان لا ينكرها إلا مكابر (بدءا من تلال جبال النوبة و غابات الفونج، مرورا بدارفور و إنتهاءا بشرق السودان، حيث الجبهة الشرقية -لواء السودان الجديد).
فيا تلفون كوكو يجب أن تعلم أن لِصيق الطين في الكرعين ما بيبقى نعلين، يمكنك أن تمارس الغِش و الخِداع الذي تعلمته من جماعة الهوس الدينى، مرة واحدة و لكن ليس لِمرات عديدة، فالشعوب التي بنت الإهرمات و هزمت أعتى الإمبراطوريات في العالم لايمكن تضليلها و تغبيش وعيها، ليتك قرأت صفحات كتاب وليم آدمز – النوبة رواق أفريقيا، ليتك تمعنت كتاب تاريخ الفونج – عصر البطولة في سنار لِصاحبه جاي سبولدنق، ليتك إستشفت صمود و بسالة الكنداكة أماني ريناس و حصافة الرائعه مندى بنت السلطان عجبنا. فبدلاً من التسكع على أرصفة قوى الظلام و الرجعية من أجل تحقيق مصالح ذاتية و إبتغاء حفنة من الدولارات، ينبغي عليك يا تلفون كوكو، التحرر من عبودية الإسلاموعروبيين أولاً ، و أخيراً و الوقوف إلى جانب الشُعوب المُهمشة، حتى و لو للحظة واحدة، لأننا أمام معركة تاريخية حاسمة ضد عقلية الشنقيطى الخربه و الوصائية.
كاودا – الأراضي المحررة
أغسطس 2021