نهاية المهازل فى السودان ستكون على يد الجنائية الدولية
محمد فضل علي
أصبحت عملية عودة الإسلاميين إلى الحكم في السودان أمر واضح لا لبس ولا غموض فيه غير أنها عودة تم الاتفاق عليها وراء الكواليس بين عسكر وجنرالات اللجنة الأمنية وفلول النظام المباد والدولة العميقة لنظام المعزول عمر البشير وبعض قيادات الحركة الإسلامية وذلك عندما تلاقت مصالحهم واستشعروا الخطر المشترك إذا اكتملت مؤسسات الحكم الانتقالي ووصلت البلاد إلى مرحلة الانتخابات التي تفتح الطريق أمام البرلمان الحر المنتخب من إجماع الشعب والأمة السودانية..
لقد تم الاتفاق كما هو واضح من مجريات الأمور على أن تكون عودة الإسلاميين إلى الحكم بطريقة تدريجية وعلي مراحل سريعة في نفس الوقت بوضع اليد من جديد علي مفاصل الحكم والدولة .
عاد جهاز الأمن والمخابرات بدون قياداته السابقة التي أصبحت تطلع بادوار استشارية علي ما يبدو في عملية إعادة بناء أجهزة القمع والإرهاب السابقة التي عادت بكل هياكلها واذرعها السرية المنتشرة علي الأرض وعلي شبكة الانترنت وفضاء المعلوماتية وعادت الخلايا النائمة لمخابرات النظام المنتشرة في كل أنحاء العالم وبلاد المهجر السوداني إلى العمل من جديد.
استمر الرئيس المعزول عمر البشير في مقر إقامته الفاخرة بعد أن أصبح مطلق السراح يلتقي بمن يشاء من الناس بل يشارك في اجتماعات اللجنة الأمنية، وتحول السجين المفترض إبراهيم السنوسي والقيادي الأخواني المعروف إلى ناشط سياسي علني ضمن ما يعرف بالمؤتمر الشعبي لمؤسسة زعيم الحركة الإسلامية الدكتور حسن الترابي الذي يتحمل المسؤولية القانونية من موقع المتهم الأول في التخطيط وتنفيذ العملية المسلحة واستهداف الجيش السوداني وكل مؤسسات الدولة القومية في البلاد في 30 يونيو 1989.
من أحد مظاهر العودة غير المباركة للحركة الإسلامية والتي ستكون عودة قصيرة الأجل بإذن الله التصريحات المثيرة للجدل التي أصبح يدلي بها العقيد الحوري أحد الواجهات المغمورة وغير المعروفة والذي تستخدمه الحركة الإسلامية في الإعلان عن قراراتها عبر ما يسطره في افتتاحية صحيفة القوات المسلحة إحدى المؤسسات الإعلامية للقوات المسلحة السودانية التي استولى عليها الإسلاميين ضمن أجهزة ومؤسسات الجيش القومي السابق للبلاد التي أصبحت تدار بواسطة الحركة الإخوانية في مرحلة ما بعد الثلاثين من يونيو 1989 .
شملت تصريحات المذكور الترهيب والتهديد بالويل والثبور بحديثه الغريب عن ساعة الصفر القادمة لتحرك الجيش وأشياء من هذا القبيل .
تفضل الجنرال “الحوري” مشكوراً في احد افتتاحيته الأخيرة بإعادة نص التهديد الشهير الذي أدلى به علي عثمان محمد طه أيام الانتفاضة وحديثه عن كتائب الظل التي يمكنها قمع حركة الشارع السوداني وذلك بحديثه فى إفتتاحية صحيفة القوات المسلحة والتلويح بإستخدام الجيش كتائب إستراتيجية للقيام بنفس الغرض الذى تحدث عنه على عثمان محمد طه من قبل وقمع الشارع السودانى وإيقاف الإضرابات السياسية على حد تعبيره.
عودة آخر رئيس وزراء فى نظام المعزول عمر البشير إلى شرق البلاد فى مظاهر إحتفالية وإلغاء أمر القبض الصادر ضده بحكم من أحد محاكم هذه الأيام تقطع الشك باليقين حول عودة هؤلاء المتأسلمين اليوم فى حماية جنرالهم القديم والواجهة الجديدة لحكمهم القادم عبدالفتاح البرهان ورفيقه المتردد المحتار جنرال الدعم السريع.
على الطريقة الإيرانية أقام الإسلاميون محاكم تفتيش ميدانية فى شوارع وطرقات الخرطوم بحلاقة شعر الشباب المتظاهرين وإهانتهم والتنكيل بهم.
لكن السؤال الذى يفرض نفسه ماذا سيفعلون مع العودة المرتقبة للسيد كريم خان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية الذى قال قبل مغادرته الأخيرة أنه سيعود إلى الخرطوم مطلع شهر أكتوبر لإفتتاح مكتب للمحكمة لإكمال تحقيقاته حول جرائم الحرب والإبادة فى إقليم دارفور، مبديا عزمه لقاء الرئيس المعزول، والمتهم الأول فى تلك الجرائم وبقية المتهمين: أحمد هرون وعبدالرحيم محمد حسين.