نضال عبد الوهاب وشرعنة الوحدة القسرية !!
✍️ جاتيقو أموجا دلمان
قرأتُ مقالاً للاستاذ نضال عبد الوهاب بعنوان ” وحدة السودان مبدأ فوق دستوري ” أستنكر فيه( تضمين اعلان نيروبي الموقع بين تقدم والحركة الشعبية لتحرير السودان لمبدأ حق تقرير المصير لكل الشعوب السودانية حال لم يتضمن الدستور المبادئ الواردة في الاعلان وطالب نضال بأن تكون (الوحدة) مبدأ فوق دستوري وأساسي في اي اعلان سياسي حالي أو قادم ، وحمّل في مقاله اليمين المسيحي في اروبا مسئولية فصل الجنوب).
وبداية نذكر الاستاذ نضال بأن الرابط الوحيد الذي يجمع بين سكان جبال النوبة ، الفونج ودارفور بساكني الشمال النيلي وسطه وشرقه هو الحدود السياسية التي يعود تاريخها الى الغزو التركي المصري 1821م،وأن السودانيين فشلوا طوال الفترة من 1947 – 2024م في مجرد الاتفاق علي صيغة عقد أجتماعي تؤسس بموجبه الدولة ، وأن ما يسمي بالدولة السودانية الحالية هي كيان إحادي إقصائي مستبّد لا يمثل سوي نخب واحزاب المركزية الاسلاموعروبية والتي ورثت السلطة من المستعمر الانجليزي ، هذه النخب والاحزاب خططت وبشكل ممنهج لكيفية الحفاظ علي الامتيازات التي ورثتها من المستعمر ( حيازة السلطة والثروة) ، وبشكل ممنهج كذلك حددت ليس فقط كيف يحكم السودان ولكن إيضا بمن؟ واستمرت هذه النخب والاحزاب المتحالفة مع المؤسسة العسكرية في سدة الحكم حتي تاريخ كتابة هذا المقال عن طريق فرض وحدة قسرية وإستبداد سياسي محمي بالسلاح ،وإستبعاد كل إقاليم الهامش السوداني من حيازة السلطة والثروة مصحوب بعنف منظم من الدولة وصل مرحلة الإبادة وفي ذات الوقت تم تسيس الدين وإستخدامه لتبرير هذه الجرائم البشعة ضد أنسان الهامش ( الجنوب / جبال النوبة / الفونج / دارفور)، ولا أحد تحدث عن إيقاف هذه الحروب الممتدة لإكثر من (60) عام ولا أحد أستنكر هذه الإنتهاكات الا بعد وصول الحرب ( مثلث حمدي) ، والان تٌطالب هذه الإقاليم مع التهديد بالحفاظ علي هذه الوحدة القسرية والا سيتم نعتها بـ( الإنفصالية والتقزمية وعدم الوطنية) وضياع أنشودة ( جدودنا زمان وصونا على الوطن) و ( منقو قُل لا عاش من يفصلنا) ، وحدة ( الأونطة) يا أستاذ نضال لا تفيد ولا تستطيع البقاء والإستمرار، لذلك تسعي الحركة الشعبية لتحرير السودان الى توفير ارضية مشتركة ومنصة تأسيسية تخاطب عبرها جزور الازمة السودانية وتبحث من خلالها علي صيغة عقد إجتماعي تؤسس بموجبه الدولة .
استاذ نضال جنوب السودان لم ينفصل رغم أنف السودانيين كما ذكرت ، الجنوب أنفصل بافعال واقوال السودانيين وإصرارهم على أستمرار الوحدة القسرية القائمة ، والان أنت تريد شرعنة هذه الوحدة القسرية وجعلها مبدأ فوق الدستور ليبقي الحال كما هو عليه ( مواطني جبال النوبة والفونج ودارفور – مواطنين من الدرجة الثانية) ، وأن إلقاء اللوم على اليمين المسيحي في اروبا أو امريكا أو اسرائيل بأنهم وراء انفصال جنوب السودان ، يعتبر هروب قديم متجدد من دفع مستحقات المشروع الوطني الذي يوحد السودان وعلى أسس جديدة.
الوحدة التي تطالبون إقاليم الهامش الحفاظ عليها دفعنا فيها اثمان باهظة من الانفس والموارد ومازلنا ندفع تحت بند ( الوطنية الزائفة) ،أتفق معك بأن الوحدة في التنوع مطلوبة ولكن هنالك فاتورة يجب أن يدفعها الجميع ولكن محاولات شرعنة الوحدة القسرية القائمة الان يذيد من حدة التجافي الوطني والاصطفاف القبلي الذي يهدد بقاء السودان.
انفصل جنوب السودان أستاذ نضال عندما رددت نخب المركز ما تردده الان ( الدفاع عن وحدة السودان وبقائه أمر لا ترجع عنه) دون أن تجاوب هذه النخب على السؤال المحوري كيف يحكم السودان، قضي أمر الجنوب وكما يقول المثل ( الجفلن خلهن أقرع الواقفات) ، وخالص التحايا لك.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.