(نساء ملهمات ) الموسيقية الملحنة وعازفة الجيتار ذكية ابو القاسم : الفن السوداني لم يصل للعالمية ووزارة الثقافة غير مهتمة
ألفت (15) أغنية منها (تعال يا ليل) لشرحبيل و(الوسيم) أولى معزوفاتها على (الصفارة)
الخرطوم : راديو دبنقا
انتقدت الموسيقية الاستاذة ذكية أبو القاسم ابوبكر الجهات الحكومية ممثلة في وزارة الثقافة اهمالها للفن السوداني دون الاهتمام بتطويره وصولا للعالمية . وقالت في مقابلة مع راديو دبنقا ضمن سلسلة (نساء ملهمات) أن الفن السوداني لم يصل للعالمية لأنه ظل يدور في دائرة مفرغة دون العمل على تطويره. مشيرة أن لا أحد لديه الجرأة لدفعه نحو العالمية. موجهة لوما لوزارة الثقافة التى كان من واجبها العمل لتحقيق ذلك.
واوضحت ذكية أبو القاسم عازفة الجيتار ضمن فرقة فنان الجاز شرحبيل أحمد ومؤسسة فرقة (سوا) النسائية أن السودان غني بتنوعه وتميز كل منطقة بفنها وايقاعها الخاص والذي يجب أن تحافظ عليه بملامحه الخاصة لحنا وأداء وكلمات وأن يطور ذلك بالميلودية المشابهة لكل. لافتة لاهتمام الدولة حتى الثمانينات من القرن الماضي بالمهرجانات الثقافية والمشاركات الخارجية . وقالت (لم تكن وزارة الثقافة تبخل بحمل الفرق الشعبية والفنية في طائرة كاملة تتمثل فيها كل الاجناس، اما الان فهي غير مستعدة وغير مهتمة بتطوير الفنون ولا تعترف بفن بلدها ولا تقيمه).
واعلنت ذكية من جهة اخرى عن صدور الألبوم الأول لفرقة (سوا) المكونة من حوالي ست نساء، والذي سيرى النور قريبا في ست أعمال ثلاثة منها موسيقية خالصة وثلاث أغنيات، والستة من تأليفها والحانها.
الى التفاصيل
(كان الثوب السوداني أكثر ما يلفتهم … احسهم منبهرين وسعيدين لوجودي كامرأة في فرقة جاز سودانية). السيدة ذات الثوب عازفة الجيتار، مشهد متفرد وغير مألوف في زمانها .. طريق أحبته وسلكته بخطى واثقة فكانت موسيقية عظيمة خلفها رجل دعما ودفعا في كل مراحل حياتها، هي عازفة الجيتار ثم الشاعرة والملحنة في انتظار صدور ألبومها الأول واصدارتها الشعرية الأولى قريبا. بداية كان خالها أحمد محمد سليمان المعروف (بالأنصاري) في سنوات حياتها الأولى والتها الأولى (الصفارة) وعزف مقطوعتها الأولى (الوسيم) للفنان أحمد المصطفى. ثم زوجها فيما بعد فنان الجاز الأول شرحبيل أحمد. وفي عش الزوجية الفني تعلمت العزف على العود ثم الجيتار الذي بدأت معه انطلاق رحلتها الفنية حتى لقبها زوجها (رفيقة الدربين) .
الميلاد والنشأة
الأستاذة ذكية أبو القاسم أبو بكر الموسيقية الشاعرة والملحنة شعلة إبداع صقلتها بيئة المنشأ أسرة وحيا. ولدت في العام ١٩٤٤ بحي الأمراء بالعباسية – ام درمان، تلك البقعة التي عرفت كمنبع للفن والأدب والحياة الثقافية. درست ذكية بمدرسة العباسية الأولية ثم الانجيلية المتوسطة بنات بام درمان، ولم تكمل تعليمها الثانوي لظروف اسرية وعملت معلمة بمدرسة فلة جرجس لأربعة سنوات، وبدأت في صقل قدراتها ذاتيا كامرأة متعلمة مفيدة للمجتمع فنالت عدد من كورسات الهلال الأحمر السوداني بالخرطوم وانعكس ما تعلمته بزيارات للقرى القريبة. ثم التحقت بكورسات تدريس محو الامية بالمجلس البلدي لمدة عامين نهلت خلالها من ثقافة وحكمة الاستاذات فاطمة مدني زوجة الصاغ محمود ابو بكر وام الحسن هاشم. وكانت (بير العمدة) – امبدة أولى المناطق التي عملت بها لتدريس محو الامية. واهتمت أيضا بتنشئة الأطفال فأنشأت روضة أطفال بالمنزل.
سيرة ومسيرة حياة تدل على احترام الاسرة للمرأة وحقها في التعلم والعمل واستقلال الذات، فذكية نشأت بصحبة والدتها في منزل اشقاء والدتها وعلى رأسهم الخال أحمد الأنصاري. وقد التحقت والدتها فاطمة أبو بكر بنظام فصول محو الامية فانتظمت بمدرسة الحاجة مدينة عبدالله بودنوباوي والتي كانت تشجع النساء على التعليم. وكان للترفيه مساحة مهمة في حياة الخال أحمد فكانت للسينما مساحة خاصة والتنزه في حدائق الخرطوم مساحة اخرى اعتادت عليها الأسرة وهنا تقول ذكية ” تر بيت مع الخيلان مع الوالدة، وكان الخال أحمد متنور .. يهتم بالسينما والفسحة في الخرطوم … كان يعطينا مساحة لتحدي ذواتنا وشخصياتنا .. يمنحنا الحرية لكن بشرط احترام النفس والآخرين … ومنذ ذلك الحين حسيت ان هناك ذكية” .
بالصفارة (الوسيم) أولى معزوفاتها
ولعل ذلك المبدأ هو ما دفعها للتعلم الذاتي للموسيقى التي احبتها منذ الطفولة، فالتعليم النظامي للموسيقى والفنون بالنسبة للمرأة كانت نظرة المجتمع إلى من تلج مجالها نظرة ضيقة فما هي إلا (مطلوقة). وعلى استحياء تحصلت ذكية على مزمار (صفارة) من منطقة البوستة بام درمان وبدأت الترنم بأولى المقطوعات الموسيقية فكانت اغنية (الوسيم) لفنان أحمد المصطفي أول لحن اجادت أداؤه . ولعل تلك الروح المحبة للفن والمتعلقة بالموسيقى ما جمعتها مع رفيق دربها في رحلة الفن والحياة إبن الاسرة فنان الجاز شرحبيل أحمد، فتزوجا في العام ١٩٦٥ فكان خير داعم لرحلتها الفنية التي انطلقت من منزل الزوجية. حيث كانت آلات الموسيقى التي عشقتها في متناول يدها … عزفت العود بالممارسة ثم تمرست وأجادت العزف على آلة الجيتار، الى أن طلب منها زوجها شرحبيل الإنضمام الى فرقته الموسيقية. حكت ” شرحبيل كان من أنصار المرأة … قال لي عايزنك في الفرقة ، فتقدمت بطلب للالتحاق تم قبوله وكان أول دخل لي من الحفل تلاتة جنيه”.
ولابد أن وجودها في فترة الستينات كامرأة عازفة جيتار ضمن فرقة وبثوبها السوداني كان مثارا للاستغراب وسط المجتمع السوداني، وعن ذلك تقول ذكية ” كنت أرى في أفلام السينما نساء يعزفن فأكون سعيدة بهن، لذلك كان شعوري عادي رغم نظرة الناس لغرابة المشهد وانا أقف وسط الرجال … لكن وجود زوجي معي كان يدعمني .. كما ان أعضاء الفرقة، كامل حسن، احمد داؤد، مهدي على نور كانت تربطنا جميعا علاقة اسرية زادتني اطمئنانا واحساسا بأني وسط إخوتي، كما أن الحفلات كانت منضبطة في فترة الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات .. ” .
بين القاهرة ومدن عالمية
كانت ثمانينات القرن الماضي مرحلة ونقلة جديدة في مسيرة ذكية أبو القاسم واسرتها، حيث انتقلت الاسرة الى القاهرة بغرض دراسة الأبناء اللذين نشأوا جميعا فنانون وموسيقيون بالفطرة، شريف، أحمد، محمد، شهاب، شهيرة وناهد ونهى . في تلك الفترة انتظموا كفرقة في تقديم عروض بدار الاوبرا بالقاهرة على مدى ست سنوات خلال مهرجان الصيف، فضلا عن عروض المسرح الروماني بالاسكندرية والتي لاقت رواجا كبيرا. ثم توالت الأنشطة الخارجية ليشد ا الرحال الى مهرجان اكسبو- اسمرا فلندن، هولندا، باريس وبرلين. وتحدثنا ذكية عن انطباعات الخارج بوجودها عازفة جيتار بالفرقة ” كان التوب السوداني اكثر ما يلفتهم .. احسهم منبهرين وسعيدين لوجودي كامرأة في فرقة جاز سودانية” . مجهودات ودعوات فردية في الغالب دفعت ذكية ابو القاسم وزوجها فنان الجاز المعروف لإسماع صوت الموسيقي السودانية بمدن العالم، وتقول ذكية ” الفن السوداني لم يصل للعالمية لأن لا أحد لديه الجرأة لدفعه نحو العالمية .. وظل يدور في دائرة ولم يطور … فالسودان متعدد الفنون و أي منطقة لديها ايقاعها وفنها الخاص وكان يجب أن يطور بالميلودية التي تشبهه كلمات ولحن واداء … وزارة الثقافة المسئولة عن ذلك ليس لديها استعداد للمساعدة أو التطوير” .
وقد شكلت مرحلة الاقامة بالقاهرة فترة ملهمة فبرزت ذكية الشاعرة بصورة اكثر وضوحا لتنتج المزيد من الشعر الذي بدأته باكرا منذ الستينات كان نصيب زوجها شرحبيل اغنيتين (تعال يا ليل – زولي العسل) وقد اعلنت عن مجموعة شعرية سترى النور قريبا. وبلغت عدد الاغنيات التى قامت بتأليفها ١٥ أغنية.
فرقة سوا
تظل كل مرحلة في رحلة ذكية أبو القاسم الفنية تحمل طعما ونكهة مختلفة، فقد بدأت منذ العقد الثاني من القرن الواحد وعشرين تكوين فرقة (سوا) كفرقة نسائية صرفة انشئت في العام ٢٠١٠ وقدمت طوال تلك الفترة حتى الآن حوالي ٦ عروض بالخرطوم. وتنشط حاليا لإطلاق البومها الأول من تأليفها، موسيقى خالصة، وكلماتها ولحنها في ثلاث اغنيات (املي و مناي- ود امي نور عيني- حلمت بيك). وتزين مقدمة الالبوم اغنية للسلام:
بالحب وكل ملامحنا الواضحة المتعددة
ويسيل دمانا في العروق متساوية جارية موحدة
كلمة سلام ننوم ونصحى دايما نرددا
سوا سوا سوا
ثورتنا نحن كلنا سلام ومحبة نحزما
وما بنرجع لى ورا سودانا كبير وبيلمنا
تكريم
تم تكريمها من عدة جهات داخليا وخارجيا .