نحكمكم أو نقتلكم !

مناظير - زهير السراج

 

[email protected]

لا يوجد سوى تفسير واحد لجرائم القتل والقمع الوحشي التي ترتكبها الطغمة الانقلابية وهو الاصرار على التمسك بالسلطة حتى النهاية مهما كانت النتائج، وقطع الطريق امام اى حل سلمي للازمة السياسية في البلاد، كما انها رسالة في غاية الوضوح من الانقلابيين للشعب السوداني .. (إما نحكمكم أو نقتلكم)، وهى نفس الرسالة التي درجت الحركة الاسلامية على توجيهها للمواطنين خلال فترة المخلوع الأمر الذي يؤكد أنها لا تزال تسيطر على السلطة، وان التغيير الوحيد الذي حدث في الحادي عشر من ابريل 2019 هو غياب المخلوع من المشهد السياسي ليحل محله البرهان، ومن الممكن جدا ان يختفي الأخير لاحقا بأي وسيلة من الوسائل ويحل محله شخص آخر. المهم أن تظل الحركة الاسلامية هى الحاكم ولو ادى ذلك الى قتل كل السودانيين وفناء السودان، ولقد راج عنهم القول خلال العهد البائد بانهم لن يسلموا الحكم الا لعيسى !

استمعتُ لاحدهم في تسجيل صوتي متحدثا عن ما اسماه “الهجوم بالصدمة”، ناصحا الانقلابيين بممارسة القتل الجماعي للمتظاهرين لاشاعة الخوف في نفوس الناس، وإلقاء القبض على قادة المعارضة واعدامهم او ارسالهم للموت في الصحراء للقضاء على المظاهرات، يقول فيه، “أي مشكلة ما بتتحل الا إذا بلغت ذروتها، ولن تبلغ ذروتها الا بقتل 100 شخص مثلا وإصابة 1000 شخص في يوم واحد، وفي هذه اللحظة إما ان تسقط الحكومة وينتصر المعارضون، أو يرتدع الشعب، لان حماية الذات او الخوف من الموت غريزة طبيعية، وان الانسان عندما يتعرض الى هجمة شديدة بيهرب من الموت، وفي دايما علاج بيستخدموه العساكر وبيُدرس فى الكليات العسكرية وهو “الهجوم بالصدمة” بان تضرب ضربة قوية في المعركة وتقتل اكبر عدد من الاعداء ليهرب الآخرون لانهم يتوقعون الموت”!

ويضيف قائلا: “وعلينا الا نتحدث عن مفهوم الاخلاق والدين وحماية الروح، وفي السياسة وادارة الدول دى اخر حاجة الناس بينظروا ليها، ووجهة نظري الشخصية انو لازم الشيوعيين وأحزاب اليسار بصفة عامة والناس العاملين الفوضى ديل يتعرضوا لضربة شديدة، وضربة شديدة جدا جدا بصرف النظر عن ما اذا كانوا على صواب او على خطأ، وأنا والله لو كنت ماسك الدولة لن اتردد على الاطلاق في إلقاء القبض على كافة زعاماتهم ولو ما اعدمتهم، على الاقل أرسلهم الى سجون في وسط الصحراء وما اعمل ليها اسوار، وأخلِّي الصحراء تأدبهم وتعلِمهم، واطبق فيهم النظام الستاليني أو الانظمة الصينية في الإذلال والاهانة حتى أخليهم يفقدوا ثقتهم في إنسانيتهم ” !

كان ذلك ما جاء في التسجيل الصوتي، وإذا لاحظتم أنه نفس المنهج الذي يطبقه البرهان والانقلابيون في التعامل مع المتظاهرين بالقتل الجماعي، لدرجة ان القتل صار غاية في حد ذاته، ولقد رأينا جميعا مجموعة من الفيديوهات لبعض جرائم القتل الفظيعة، من بينها جريمة قتل الشهيد (علي زكريا) بشارع الستين قرب قسم شرطة الرياض، والذي قتل باطلاق الرصاص على جسمه مباشرة بدون أن يرتكب أي جريمة تستدعي هذا الفعل الاجرامي البشع، بل لحقه بعض افراد الشرطة وركله احدهم بحذائه بدون أى ذرة من دين أو اخلاق أو إنسانية، وهو ما دعا إليه صاحب تسجيل الهجوم بالصدمة وقتل المتظاهرين بالجملة بدون مراعاة لدين أو اخلاق أو إنسانية!

ولقد كان من المضحك أن تصدر الشرطة بيانا تتحدث فيه عن مخالفة القاتل للاوامر بعدم اطلاق الرصاص رغم وجود ثمانية حالات قتل أخرى بالرصاص في نفس اليوم لمتظاهرين في اماكن متفرقة ومائة حالة قبل ذلك، وهو ما يدل على ان القتل ليس تصرفا فرديا وانما سلوك منهجي نابع من اوامر عليا، كما أن البيان يتحدث عن فتح تحقيق رغم وضوح الجريمة وتسجيلها وبثها على الوسائط الأمر الذي كان يتطلب فتح بلاغ ضد المتهم وإفادة الرأى العام بذلك إذا كانت رئاسة الشرطة جادة في معاقبة المجرم، ولكن متى كانت الشرطة أو السلطة جادة او صادقة في بياناتها، ولقد ظللنا نسمع عن إجراء تحقيق في حالات القتل التى وقعت من قبل، بدون أن نرى أو نسمع عن متهم واحد تم تقديمه الى العدالة !

كل ذلك مما يؤكد أن ان مجرد الحديث عن حوار مع الفئة الباغية لم يعد له قيمة، وليس هنالك سوى اسلوب واحد لاسقاط الانقلابيين واستعادة المسار الديمقراطي وهو إستمرار النضال، فإما النصر أو الشهادة !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.