
من النواح إلى الذعر: النخبة المركزية تواجه واقعًا جديدًا
بقلم / عمار نجم الدين
في خطوة تاريخية، جاء التوقيع على تحالف تكوين دولة السودان الجديد ليؤكد أن السودان القديم قد انتهى، وأن السلطة والثروة لم تعد حكرًا على نخب المركز التي احتكرت الحكم وأقصت الأغلبية. هذه الوثيقة ليست مجرد اتفاق سياسي، بل مشروع وطني يعيد تعريف السودان على أسس العدالة والمواطنة المتساوية، بعيدًا عن عقلية السيطرة والاستغلال.
وكما كان متوقعًا، جاء نواح النخبة سريعًا، يملأ الوسائط الاجتماعية والقنوات الفضائية. تحول خطابهم المتعالي إلى صرخات خوف، وهم يرون موازين القوى تنقلب ضدهم. فجأة، لم يعد السودان الذي كانوا يحكمونه بالاستعلاء والتهميش هو نفسه. ذات الأصوات التي تجاهلت مظالم الهامش تتباكى اليوم على “وحدة البلاد”، وكأنها لم تكن هي من مزّقها منذ الاستقلال.
لطالما قاومت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال كل محاولات إجهاض مشروع السودان الجديد، المشروع الذي لم يكن دعوة لعزل المركز، بل دعوة لإنهاء هيمنة النخبة وإعادة السلطة إلى جميع السودانيين. هذه الرؤية لم تسقط رغم كل التحديات، بل تجد اليوم طريقها للتحقق بتحالف جديد يجمع قوى الهامش في مواجهة المركز المتسلط.
النخبة التي اعتمدت على سياسة فرق تسد لم تتوقع أن قوى الهامش ستدرك حقيقتها، وتتوحد كقوة سياسية قادرة على إعادة تشكيل السودان وفق رؤية تتجاوز الجغرافيا والانتماءات الضيقة. الهلع الذي نراه في القنوات الفضائية ليس سوى رعب من حقيقة أن السودان لم يعد ملكًا لهم وحدهم.
تحالف تكوين دولة السودان الجديد ليس مجرد ورقة تُوقّع، بل بداية مرحلة جديدة. لقد انتهى عصر احتكار السلطة، وبدأ السودان يتحول إلى دولة متعددة القوى، حيث تتحدد السلطة عبر التوازن الحقيقي، لا عبر الاستعلاء والإقصاء. النخبة المركزية التي تندب حظها اليوم، عليها أن تفهم أن السودان الذي عرفوه لم يعد موجودًا، ولن يكون لهم وحدهم بعد الآن.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.