مناظير الخميس 9 ديسمبر، 2021

زهير السراج

 

على شفا حفرة !

*يواجه السودان كارثة اقتصادية كبرى خلال الفترة القادمة نتيجة الانقلاب المشؤوم الذى ادخل البلاد فى نفق مظلم وحرمه من كافة اشكال القروض والمساعدات الدولية التى كانت قد بدأت فى التدفق بعد رفع اسم السودان من القائمة الامريكية للارهاب وحل المشاكل العالقة مع البنك الدولى وصندوق النقد الدولى المتمثلة فى عدم سداد الفوائد المتأخرة التى حُلت عن طريق القروض التجسيرية، ومن ثم التوقيع على اتفاقيات بمنح السودان قروض ومعونات دولية للمساهمة فى اصلاح الاقتصاد السودانى ومساعدة الشرائح الضعيفة لمواجهة رفع الدعم عن السلع عبر برنامج (ثمرات) الذى يموله البنك الدولى، ولكن توقف كل ذلك بعد الانقلاب المشؤوم، ولن يُستأنف فى وقت قريب مما سيعرض السودان لانتكاسة اقتصادية وربما انهيار اقتصادى يتمثل فى انهيار الجنيه السودانى وارتفاع التضخم بوتيرة سريعة واشتداد الضائقة المعيشية الطاحنة وانعدام السلع بما فى ذلك الخبز والادوية والمواد البترولية والكهرباء ..إلخ.

* فى تصريحات حديثة لوزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة المتمرد السابق وأحد عرابى الانقلاب المشؤوم (جبريل ابراهيم) لوكالة (رويترز)، إعترف بإن “السودان لم يتمكن من الحصول على 650 مليون دولار من التمويل الدولي في نوفمبر الماضى بعد الانقلاب، مما يثير الشك حول استمرار برنامج الاصلاح الاقتصادى”، ولا ادرى ماذا كان الانقلابى (جبريل) يتوقع من المجتمع الدولى إزاء انقلاب غاشم قوض الشرعية ومارس القتل والترهيب، أم انه كان يتوقع أن يفتح العالم ذراعية للانقلابيين ويحتضنهم ويفرش لهم الطريق زهور ورياحين ودولارات ومساعدات تعينهم على تآمرهم وخيانتهم للشعب والانتقال المدنى الديمقراطى؟!

* يشمل المبلغ الذى عجزت الحكومة عن الحصول عليه 500 مليون دولار من البنك الدولى لدعم الميزانية، و150 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، مما يعنى انهيار الميزانية قبل أن تبدأ أو حتى توضع، ولم يبق أمام (جبريل) وبقية الانقلابيين سوى حل وحيد هو طباعة العملة المحلية من غير غطاء لسداد المرتبات واستيراد السلع الأساسية الأمر الذى يعنى انهيار الجنيه وارتفاع نسبة التضخم واشتداد الازمة الاقتصادية وانهيار الاقتصاد، حيث كان التمويل الاجنبى حاسما وضروريا لخروج البلاد من ازمتها الاقتصادية ودعم الانتقال الديمقراطى، فجاء الانقلاب المشؤوم وخرَّب كل شئ، وقلب الاوضاع على عقب، وكانت البداية تجميد الولايات المتحدة لمبلغ 700 مليون دولار، كما يعرف الجميع، ثم أعقبها البنك الدولى الذى أوقف منحة قدرها 2 مليار دولار للسودان كانت ستقدم على دفعات، ثم صندوق النقد الذى وافق فى يونيو الماضى على برنامج قروض بقيمة مليار ونصف مليار دولار لمدة 39 شهرا، ثم توقف كل ذلك بعد الانقلاب المشؤوم، مما يعنى تراجع عملية الاصلاح الاقتصادى بل انهيارها بشكل كامل وعودة السودان الى مربع الازمات الاقتصادية المتلاحقة خاصة مع عدم وجود احتياطى نقدى لتمويل الورادات، والحذر الشديد الذى تبديه الدول والمؤسسات الدولية فى إستئناف التعاون مع السودان حتى تتأكد من عودته الى المسار الديمقراطى، وهو ما قد يستغرق شهورا طويلة ربما حتى نهاية الفترة الانتقالية!

* ويعترف الانقلابى (جبريل) انهم لن يتمكنوا من تغطية استيراد السلع الاستراتيجية كالقمح والادوية والوقود وتنفيذ مشروعات التنمية فى مجالات المياه والكهرباء والزراعة والصحة والنقل التى تعتمد بشكل اساسى على الدعم الدولى، فضلا عن توقف برنامج (ثمرات) لمساعدة الشرائح الضعيفة، بالإضافة الى انخفاض معدلات النمو الى اقل من 1.5 % فى عام 2022 ما يعنى تراجع الزراعة والصناعة والتجارة وارتفاع معدلات الفقر والعطالة ..إلخ، وتوقف الحياة فى البلاد!

* ولقد كان من المضحك أن يعترف الانقلابى (جبريل) لوكالة رويترز، “بأنه لا توجد حتى الآن أى وعود للدعم من أي دولة سواء كانت عربية أو غير عربية”، وكأنهم كانوا يتوقعون أن تفتح لهم الدول، خاصة التى ظلت تحرضهم على الانقلاب .. خزائنها وتقول لهم تعال اغرفوا كما تشاؤون، فرحا بانقلابهم على الشرعية وتقويض الانتقال الديمقراطى وخيانة الشعب .. فيا لغبائهم وجهلهم وبؤسهم وبلادتهم، إذ اعتقدوا ان الحل فى السلاح بينما هو فى العقول التى يفتقدون إليها !

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.