مناظير الجمعة 

زهير السراج

[email protected]

الرد على بيان الشرطة !

حمل بيان الشرطة الصادر عقب مواكب الخامس والعشرين من اكتوبر (2022 ) نبرة جديدة في التعاطی مع المد الثوري، مما ينذر باستحداث اليات مستقبلية اكثر عنفا فی مواجهة المتظاهرين!

وصف البيان الحشود بانها قوات عسكرية مدربة تنضوی تحت لواءات تحمل اعلاما ورايات متعددة الالوان، كما تحمل اسلحة متنوعة ولديها قادة ميدان للتوجيه واصدار التعليمات، وهی بلا شك ظاهرة جديدة فی العمل الشرطي يمكن تسميتها ب (التجريم بالنظر)، فهی المرة الاولی التی يتحدث فيها جهاز الشرطة عن وقوع جريمة بدون تقديم مضابط ومحاضر من واقع تحريات وتحقيقات تقوم بها اجهزتها المختلفة، ويتم القبض على مرتكبيها وتوجيه الاتهام لهم ومن ثم تقديمهم للعدالة!

لقد أثبتت المضابط الشرطية أن المتظاهرين الذين اعتقلوا طيلة العام السابق هم مجموعة من اليفع (بينهم عدد مقدر من الاطفال القصر) تم قيد بلاغات فی مواجهتهم تحت المواد 77/ 69 من القانون الجناٸي التي تتعلق بالشغب والاخلال بالسلامة العامة، مع خلو مضابط الاتهام من اية معروضات تتعلق بای من انواع الاسلحة او الرايات الواردة فی البيان، بينما حفلت بالعديد من جراٸم القتل والاعتداء علی ذات اليفع المقبوضين، والمفارقة ان بلاغات الشرطة فی مواجهة المتظاهرين يتم التحقيق فيها وتقديم المتظاهرين للمحاكمات بأسرع ما يمكن، بينما لا يحدث شئ فی بلاغات المتظاهرين ضد افراد الشرطة!

إن الوصف الدقيق للشرطة لمن اسمتهم بالقوات المدربة بتشكيلات عسكرية وجماعات منظمة ومتمردة ومتفلته وخلايا نائمة تتبنى العنف والتخريب بتسليح كامل واسلحة نارية وبيضاء وعبوات ناسفة تحت تأثير المخدر والمواد السامة، يفترض ان يكون من واقع القبض علی كل او بعض منسوبی هذه القوات المدربة وتحريز الاسلحة المذكورة واجراء فحص المخدرات علی المقبوضين ومن ثم قيد البلاغات فی مواجهتهم بعد التحريات الدقيقة تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة، ولكن ليس من فراغ أوصاف لا يسندها دليل، رغم ان الشرطة تسارع دوما بابراز انجازاتها فی القبض علی الشبكات الاجرامية وتجار المخدرات والخمور عبر صفحاتها الرسمية واجهزة الاعلام !

ولقد كان من الغريب أن يتضمن البيان مناشدة لقادة الحراك والتنظيم الحزبي بتحديد موقفهم من هؤلاء الذين يدعمون التفلت والخراب وتدمير الممتلكات وزعزعة الأمن، فالشرطة وفقا للقوانين والاعراف لا تناشد حيال الجريمة بل تتخذ واجبها بالضبط والقبض والتحری وتقديم الجناة للعدالة ، سيما وان الجراٸم التی وصفتها من الفداحة التی تتطلب ضبطا شرطيا حاسما۔

كما تضمن مناشدة اكثر غرابة لوزارة العدل والجهاز التشريعي بفرض إجراءات إستثنائية لمواجهة الجماعات وتقديم الجناة للعدالة الناجزة والمحاكمات الإيجازية ضد حيازة الأسلحة والمخدرات وإيواء المتفلتين، فهل غاب عن الشرطة – التی تعمل وفقا للقانون الجناٸي وقانون الاجراءات الجناٸية والقوانين الجناٸية المكملة – ان الجراٸم التی ذكرتها منصوص عليها فی مواد القوانين الجناٸية ولا تحتاج لجهد وزارة العدل لاصدار تشريعات استثناٸية، وانما القبض على مرتكبيها بواسطة الشرطة، كما ظل يحدث بشكل روتيني وتقليدي، فما الذی استجد علی الامر لجعله استثناءا مع المتظاهرين السلميين ؟!

المعلوم ان الاجراءات الاستثناٸية التی تصدرها السلطة التشريعية تكون لمواجهة وضع استثناٸي تمر به البلاد، وهو الامر الذی لا ينطبق علی الواقع الماثل فی حركة الاحتجاج السلمي، ولا يتاتی إلا باعلان حالة الطوارٸ مصحوباً باجراءات استثنائية تمنح الاجهزة الشرطية والامنية سلطات اضافية وحماية افرادها من المساءلة عن التجاوزات التي يرتكبونها في مواجهة الاحتجاجات السلمية، وهی الرسالة الخفية المضمنة فی بيان الشرطة للسلطة الحاكمة باعتبارها المالكة للسلطة التشريعية وبيدها اصدار المراسيم والاوامر التشريعية التی تحقق مرامی البيان !

 الوصف الذی ذكره بيان الشرطة لا ينطبق علی المتظاهرين، وانما على العصابات خاصة (تسعة طويلة) التي عجزت الشرطة عن ايقافها، وكان الاحرى بها ان تطلب اتخاذ الاجراءات الاستثناٸية لمواجهتها والقيام بواجبها فی حماية المواطنين من جراٸمها، وليس مواجهة الاطفال والشباب والنساء والشيوخ المسالمين (إنتهى)!

 كان ذلك ما كتبه الاستاذ ( سمير شيخ ادريس) المحامي وعضو (محامي الطوارئ) عن الاتهامات والمطالبات الغريبة التي احتوى عليها البيان الأخير للشرطة، والتي إن دلت على شئ، فإنما تدل على فشل السلطة الانقلابية في ايقاف التظاهرات والمد الثوري الجارف، وإقتراب موعد النصر !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.