مفهوم العقد الأجتماعي Social contract.
بقلم: كوكندي كالو شالوكا - المناطق المحررة
القعد الأجتماعي يشير إلى تلك النظرية التي أسست لنشوء السلطة ومفهوم الدولة والمجتمع السياسيع المنظم بشكل عام.
بعد كل الدراسات التي قدمها ميكافيلي، إبن خلدون، القس أوغسطينو ومن قبل إفلاطون وأرسطتو وآخرون.
تطور الفكر السياسي في القرن السابع عشر ومن ثم تطورت فكرة العقد الأجتماعي Social contract بشكل واضح خاصة على يد ثلاثة من الفلاسفة الكبار وهم الأنجليزى توماس هوبز Hobbes وجون لوك John Luke والفرنسي جان جاك روسو Rousseu.
تشير فكرة العقد الأجتماعي إلى أن هذا العقد الأجتماعي هو الذي نقل الأفراد من الحالة البدائية إلى حالة المجتمع ألمنظم.
العقد الأجتماعي هو الذي نقل الأفراد من الحالة الطبيعية الأولى (الفطرة) عندما كان يعيش الإنسان على فطرة من دون وجود سلطة حاكمة ومن دون وجود القوانين والواجبات تجاه المجتمع والسلطة أو الدولة.
العقد الأجتماعي هو الذي نقل هذه المجتمعات من الحالة البدائية الأولى إلى حالة المجتمع السياسى ألمنظم ،وهذا المجتمع ينقسم إلى طبقة حاكمة بمعنى السلطة أو الحكومة أو الدولة وإلخ….) وطبقة أخرى محكومة بطبيعة الحال بمعنى الشعب أو الأفراد بشكل عام ولكن هناك خلاف بين الثلاثة الكبار حول عدة نقاط تتعلق بالعقد الأجتماعي منها كيف كانت حالة الإنسان قبل العقد الأجتماعي أو كيف كانت حالة الطبيعة الأولى؟ هل كانت جيدة ام سيئة ؟ وما الدافع إلى التعاقد الأجتماعي؟ ومن هم أطراف هذا التعاقد الاجتماعي؟
في نظرية توماس هوبز Thomas Hobbes, نجد ان حالة الإنسان قبل نشؤ السلطة، إنها كانت حالة تسود فيها الهمجية والفوضى لأن الإنسان كما يراه توماس هوبز ،كائن شرير واناني بطبعه ولا يهتم إلا بمصلحته الشخصية ومنفعته الذاتية ،حتى لو تحقق ذالك على حساب الاخرين فهو غير مهم ، ولذلك كان مبدأ القوة والاخضاع والطغيان هو المسيطر في هذه الحالة إلى درجة إن تحول الإنسان إلى ذئب لاخيه الإنسان واصبح الإنسان ذئبا لاخيه الإنسان، وكنتيجة لهذا الوضع ساد الشر والظلم والإستبداد والطغيان، ومن ثم دخل الجميع فى نهاية الأمر فى حرب الكل ضد الكل كما يسميها توماس هوبز Thomas Hobbes الى ان تفاقم الأمر أكثر ولم يعد يحتمل الاستمرار فى هذه الحالة ، ومن هنا أراد الأفراد إن يبحثوا عن المخرج للتخلص من هذه الحالة الهمجية والبائسة ، من حالة الحروب المستمرة الدائمة إلى حياة أفضل وحياة منظمة ومستقرة ، ولذالك كان السبيل فى الانتقال هو العقد الأجتماعى Social contract الذى انتقل بالافراد من حالة الفوضى والحرب الدائمة إلى حالة منظمة والاستقرار فى المجتمع السياسى والقانون.
هذا العقد الأجتماعى عند توماس هوبز Thomas Hobbes, تم فقط بين الأفراد اللذين اجتمعموا وتعاقدوا على اختيار الحاكم ومن ثم تسليمه الحكم بعد ان تنازل الأفراد عن حقوقهم الطبيعية لصالح هذا الحاكم والذى يجب أن يكون مطلق الصلاحيات حتى يستطيع هذا الحاكم على ضؤ ما تعاقد عليه الأفراد حتى يستطيع هذا الحاكم القيام بمهامه فى الامن والسلام وقيادة المجتمع وإلخ…..
إذا العقد الأجتماعي عند توماس هوبز Thomas Hobbes, ليس بين المحكومين و الحاكم أو ليس بين الشعب و السلطة انما بين المحكومين فقط ويترتب على هذا الأمر عدة مساءل ،منها عدم عصيان الحاكم ولا يجوز مقاومة السلطة ولا يجوز الاعتراض على القوانين لأن الخصوع للجاكم هو شرط تحقيق الامن والسلام والاستقرار ويرى توماس هوبز Thomas Hobbes بأن مهما تعسف واستبد الحاكم سيظل الوضع أفضل من حالة الفوضى والهمجية ، وبهذه الطريقة يبرر توماس هوبز مسألة خضوع الأفراد الكامل للحاكم ولهذا تبرر نظرية توماس هوبز Thomas Hobbes نظام الحكم المستبد والديكتاتوري وهذا ما يخص نظرية توماس هوبز.
إما نظرية جون لوك John Luke، نجد فى كتابه الرئيسى رسالتان فى الحكم المدنى أو الحكومة المدنية حيث يرى جون لوك إن المجتمع لم يقم على أساس القوة و الإكراه وإنما على أساس من التعاقد الحر بين الأفراد. وحسب رائيه برى بأن هذا التعاقد نابع من الاحساس المشترك لدى الجميع ، إحساس بالحاجة الى الحماية والامن وحفظ حياتهم وحريتهم وممتلكاتهم وإلخ….
يختلف تصور لوك عن تصور هوبز فى عدة نقاط : مثلا يرى جون لوك بعكس هوبز بأن الحالة الطبيعية الأولى (الفطرة ) لم تكن حالة الشر والفوضى وحروب دائمة ،بل إنها حالة لا بأس فيها من الحرية والخير والمساواة وإلخ…..
ما الذى دفع الأفراد إلى العقد الأجتماعى ؟ الدافع بتمثل فى الرغبة فى تنظيم هذه الحالة البدائية وكانت حالة لا بأس بها لأن هناك شئ من الحرية والخير والمساواة ولكن فى النهاية حالة بدائية غير مستقرة وتحتاج إلى تنظيم وهذه الشرعية فى تنظيم هذه الحالة ،دفع بالافراد نحو البحث عن اطار الانتقال بهذا المجتمع الغير مستقر إلى مجتمع منظم ومستقر وتشرف عليه السلطة ،مهمتها تنظيم شئون المجتمع وتحقيق العدالة بين افراد المجتمع وتحقيق الامن وحماية المجتمع وممتلكاته وإلخ…..
وايضا من مهمة السلطة، انزال العقاب العام بكل من يحاول خرق القوانين والاعتداء على حقوق الاخرين. وهكذا وبحسب جون لوك Jhon Luke تم الانتقال من الحياة البدائية إلى الحياة المنظمة بواسطة العقد الأجتماعى.
لقد اختلف جون لوك مع هونز فى مسألة من هم أطراف هذا العقد الأجتماعى ؟ قال هونز بأن العقد الأجتماعى هو بين الأفراد فقط ، فى حين جون لوك برى بأن هناك طرفين ، الطرف الأول بتمثل فى السلطة الحاكمة وطرف ثانى يتمثل فى الأفراد أو الشعب. فالشعب يختار الحكومة ومن ثم يبرم معها عقدا وبموجب هذا العقد يتم تفويض الحكومة من أجل إن تنقل المجتمع من الحالة الأولى (البدائية ) إلى الحالة الجديدة (المنظمة ).
وايضا يختلف جون لوك مع هونز فى مسألة تنازل الأفراد عن حقوقهم. الأفراد بحسب العقد الأجتماعى عند جون لوك لم يتنازلوا عن كافة حقوقهم الطبيعية بشكل كامل بل تنازلوا عن جزء منها ، مثلا الأفراد لم يتنازلوا عن حقهم فى الحرية وحق الملكية الخاصة والخ. .) وإنما تنازلوا عن جزء من حقوقهم الطبيعية.
وبحسب لوك إن الأفراد لم يتنازلوا لشخص الحاكم مباشرة وإنما للهيئة الحاكمة أو الدولة وليس لشخص الحاكم وبما إن العقد موقع بين الطرفين أو بين السلطة والشعب فهذا لا يعنى إن هناك التزامات متبادلة بين كل طرف. على الحاكم إن يعمل للصالح العام بصرف النظر عن مصلحته الشخصية ومن دون أن يستغل الموقع لمصلحته الشخصية أو الذاتية وعليه إن يوفر الامن و الحفاظ على حقوق الأفراد والخ…..
أيضا يرى جون لوك على عكس توماس هونز فى الشعب الحق فى الثورة على السلطة الحاكمة إذا أخلت ببنود الاتفاق أو العقد الأجتماعى أو إذا لم تعمل لمصلحة الشعب أو إذا استبدت السلطة بالحكم و استغلال السلطة فيما يخالف بنود العقد الأجتماعى يصبح مبرر لقيام الثورة على الحاكم و السلطة وبل يبرر حتى مسألة خلع الحاكم من منصبه.
هذه الفكرة تم التاكيد عليها من اغلب المفكرين والفلاسفة فى مجال الفلسفة السياسية وهناك إجماع على حق الشعب فى الثورة على الحاكم المستبد الذى لا يعمل على تحقيق المصلحة العامة.
إما عند فيلسوف العقد الأجتماعى الفرنسي جاك روسو Rousseu فى كتابه العقد الأجتماعى، رأى بأن الاجتماع بين الأفراد لا يمكن أن يستند كما رائ جون لوك فى أساسها على القوة والاكراه، لأن الاجتماع هو مسألة لاتفاقية الارادية بين الأفراد التى تعكس الرغبة المشتركة فى العيش معا ، إذا الاجتماع يعبر عن الارادة عند الأفراد تعكس الرغبة فى العيش معا وبناء عليه لا يمكن تصور وجود مجتمع منظم إلا على أساس الارادة العامة لكل افراده ومن ثم يكون العقد الأجتماعى بمثابة التجلى العملى للإرادة العامة للمجتمع وهذا هو أساس وجود الدولة عند روسو Rousseu.
إما فيما يخص الحالة البدائية كما رائه روسو ،نجد إنه يتفق مع جون لوك إن تلك الحالة كانت حالة جيدة ،حالة تمتع فيها الأفراد بشئ من الحرية والمساواة وإن الإنسان كان أسعد فى تلك الحالة البدائية فى العيش حرا عندما كان هناك ومساواة كاملة بين كل الافراد، لا حاكم ولا محكوم ولا سيد ولا عبد ولا طبقة فى المجتمع والخ…..
ما دفع الأفراد للتعاقد الأجتماعى هو تعدد المصالح الفردية ولكل فرد مصلحة معينة واحيانا تتعارص هذه المصالح مع مصالح الاخرين وهذا الأمر قد يؤدى إلى الفوضى والتجاذب وتعرض حقوق الفرد وحريته إلى خطر ،ولذالك سعى الأفراد حسب روسو طوعا للانتقال إلى حالة المجتمع ألمنظم لكى يحافظوا على حقوقهم وممتلكاتهم وحريتهم حياتهم ولكى يعيش الأفراد حياة أمنة ومستقرة ويكون القانون فيها هو الحاكم.
هذا الانتقال تم على حسب الوصول إلى العقد الأجتماعى. أما حول مسألة من هم أطراف العقد الأجتماعى ، يرى هونز بأن العقد الأجتماعى فقط بين الأفراد ،بينما يرى جون لوك بأن هناك طرفين في العقد الأجتماعى بين السلطة والشعب ، إما روسو يرى بأن بأن العقد الأجتماعى هو بين الطرفين وليس السلطة والشعب كما عند جون لوك وإنما الطرف الأول هو الارادة العامة لأفراد المجتمع ،والطرف الثانى هم افراد الجماعة والبتالى الأفراد عندما تنازلوا عن جزء من حقوقهم الطبيعية فهذا التنازل كان لصالح هذه الارادة العامة للمجتمع وليس لصالح السلطة أو لصالح شخص الحاكم.
عندما تنازل عن جزء من حقوقهم الطبيعية ،هذا التنازل كام لصالح الارادة العامة وليس لصالح الحكومة التى ما هى إلا التجلى لهذه الارادة العامة التى تسعى لتحقيق الصالح العام.
مسألة خضوع الفرد للإرادة العامة هذا بحسب روسو يحفظ لهذا الفرد حقه فى الحرية والمساواة مع الجميع لأن الارادة العامة فى نهاية الأمر هى إرادة جماعية تضمن الارادة الفردية لكل فرد من افراد المجتمع وانطلاقا من هنا قال روسو بأن السيادة الشعبية بشكل أو آخر إن الارادة العامة للمجتمع هى التى تعطى فى نهاية الأمر الشرعية لاى سلطة حاكمة أو اى حكومة أو حاكم ،لأن هذه الارادة العامة للمجتمع هى التى تعمل على حماية الصالح العام وإن الفرد حسب روسو يعتبر شريك فى السلطة من حيث السيادة الشعبية وسيادة الأمة ومن جهة أخرى هو محكوم من حيث الخصوع للقوانين ومن حيث إن عليه واجبات و التزامات وهكذا يقرر روسو إن سيادة الدولة فى نهاية الأمر تعبر عن مجموعة الارادة الفردية وهى الارادة العامة للمجتمع و إرادة الشعب وسيادة الأمة.