مفاوضات جوبا  ثم ماذا بعد ؟

بقلم / كومان سعيد

 

تفائلنا خيرا باتفاق إعلان المبادئ التاريخي ما بين الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ممثلة في القائد عبد العزيز الحلو والحكومة الانتقالية ممثلة في رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك (إتفاق الحلو حمدوك) حيث تم كسر الجمود بعد فترة من الفتور ما بين الطرفين. كذلك اضاف لقاء القائد عبد العزيز الحلو و نائب رئيس مجلس السيادة رئيس وفد الحكومة المفاوض الجنرال حميدتي نوعا من الراحة في نفوس السودانيات والسودانيين وكل التواقين للسلام في السودان . إلا أن الأمور الآن لا تبعث بالراحة على ما يبدو. فبعد الاتفاق على إقامة ورش غير رسمية عن العلمانية ورفض مخرجات هذه الورش من قبل وفد الحكومة المفاوض بقيادة كباشي تبدو الأمور غير واعدة وليست مطمئنة علي الإطلاق. يمكنني أن أتفهم جيدا موقف الكباشي من علمانية الدولة استطيع ان اقول ان هذا صراع حضاري إيديولوجي ما بين الكباشي و الحركة الشعبية لتحرير السودان ، ولكن أن يقول الكباشي أن إتفاق( الحلو ، حمدوك) هو وعد من لا يملك لمن لا يستحق يبدو أن هذا الحديث عدائيا جدا و غير مهذب ويثير سخط و غضب الملايين من السودانيين والسودانيات الذين يستحقون العيش في سلام وأمن وعدالة ومساواة . حمل الآلاف من النساء والرجال في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور السلح مطالبين بحقهم المشروع في الحرية والعدالة والمساوة ، كيف يعقل أن لا يستحق هؤلاء الناس السلام ؟ كيف يعقل أن يتحدث الكباشي هذا الحديث وهو يتبوأ وظيفة سيادية وضعته فيها آلاف الجماهير السودانية بإسم السلام ، والحرية ، والعدالة. هؤلاء الناس الذين يتحدث عنهم الكباشي هم من قادوا الثورة من مهدها هم من نادوا منذ العام 1983 بالحرية ، والسلام ، والعدالة .الثورة هي فعل تراكمي يبني عبر السنين كما نعلم جيدا وقد قدم هؤلاء الناس ارواحهم وحياتهم فداء لهذا الهدف النبيل . من منا كان يعرف من هو شمس الدين كباشي قبل هذه الثورة المجيدة او قبل مجزرة الإعتصام؟ كيف يتحدث كباشي ان مواطني جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور بأنهم لا يستحقون السلام ؟ هل كان الثوار الذين وضعو شمس الدين الكباشي ومن معه في هذه المناصب السيادية التي يتفاخر ويتباهى بها الآن هل كانوا يستحقون الموت والابادة ؟ الم يعترف الكباشي بجريمة فض الإعتصام؟ . إذا الآن اصبح الكباشي هو الذي يقرر من يقتل ومن يستحق السلام ومن لا يستحق. أستطيع أن أقول بثقة أن كل هذه القوة الآن التي يتمتع بها الكباشي ناتجه من ضعف الشق المدني وبالأخص رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك بذات فيما يختص بملف السلام . أن رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك يحاول جاهدا ان يضيف لمسة الخاصة في هذا الملف و يبدو تواقا للسلام.ولكن علي الدكتور عبدالله حمدوك ان يعلم ان السلام له مستحقات لابد من أن يتم دفعها ، لا اعتقد ان هذه النقطة بذات فائتة على رئيس الوزراء ولكن ما يقوم به ليس بكافي لتحقيق هذه المسؤولية الجبارة الملقاة على عاتقه ، لابد من حضور الشخصية القوية والكاريزما اللازمة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد . الدكتور عبدالله حمدوك حتى الآن لا يعي حجم القوة التي تسنده وتؤيد مسعاه في إخراج هذه البلاد من النفق المظلم الذي ظللنا لانبارحه طيلة الثلاثين عام الماضية أو حتى منذ إستقلال البلاد. اخيرا اقول ان السلام لا يحققه إلا الشجعان الذين يدفعهم حب الوطن وكرامة مواطنيه الذين يلقون أجندتهم الشخصية وإيديولوجياتهم الحزبية بعيدا لأجل مصلحة الوطن ، الذين ينظرون نظرة الشفقة والعطف والمسؤولية على السودانيين والسودانيات في معسكرات النزوح و اللجوء معسكرات الذل والهوان ،السلام يحققه المتواضعون الشجعان .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.