معا نحو أراضي خالية من النزاع (2 )

بقلم✍️ : الهادي كاكوم /كاودا 

 

في المقال السابق بعنوان معا نحو أراضي خالية من النزاع بالرقم (1) سلطنا الضوء على بعض من مراحل ظهور وتطور الصراعات والنزاعات حول الأراضي على مستوى أراضي الشعوب الأصيلة في أفريقيا وبالأخص في السودان وتحديدا أراضي الشعوب المهمشة وتناولنا في المقال أراضي جبال النوبة ك(نموزج)

واستطعنا أن نتعرف على كيفية إدارة شؤون الأراضي في عهد ممالك النوبة ابتداءا من مملكة كوش مرورا بانظمة المستعمر الخارجي وتسليم السلطة للمستعمر الداخلي (الجلابة )

و وجدنا في كل هذه الحقب لم توجد دستورا عادلا ودائما لإدارة شؤون البلاد فيما يتعلق بقضايا الأرض.

بل تجد كل من يتغول على السلطة يقوم بصياغة أو تعديل في بعض النصوص على نفس تلك القوانين الظالمة وتنتهي هذه النصوص مع ظهور انقلاب آخر على السلطة ويقوم الانقلابيون بمساعدة الانتهازيين بصياغة قوانين أخرى تسمح لهم بالتدخل لبيع أراضي الشعوب المهمشة و الساقية لسة مدورة .

ومن أكثر القوانين عيوبا هي تلك التي تعرف بقوانين الشريعة الإسلامية التي لا ولم تعترف باراضي السكان غير العرب وغير مسلمين.

والدليل على ذلك تجد أن هذه القوانين الاسلاموعروبية المتطرفة اعترفت باراضي الشمال والوسط النيلي عكس أراضي كردفان ودارفور والفونج و حتى أراضي شرق السودان

حيث قام القائمين بأمر هذه التشريعات (الجلابة ) بتسجيل أراضي الجزيرة والشمالية وتخصيصها وتسجيلها كملك حر لأصحابها بينما اعتبروا أراضي الشعوب غير العربية وغير المسلمة(نوبة ، فور، فونج ووووالخ اللذين يسمونهم بالزرقة) أراضي غير مسجلة وهي ملك للدولة وخصصت لها بنود خاصة في قوانينهم الإسلامية المتطرفة المشؤمة ومن بعض نصوصها:……

١/الأرض لله والدولة هي المستخلفة

٢/الأرض لمن يفلحها

٣/المنفعة المشروعة كالملك المشروع

٤/المنفعة المشروعة يحميها بقانون ولا تنزع إلا للمصلحة العامة وهكذا.

وردت تلك النصوص المجحفة في قانون الأراضي لعام 1984م وسمي هذا القانون بقانون المعاملات المدنية وقد جاءت نصوصه غامضة ومتاثرة بقوانين الشريعة الإسلامية لعام 1983م وبقوانين الدول العربية وكان ذلك لعدة أسباب تتمثل في الاتي:…….

١/مصادرة أراضي السكان غير العرب وغير مسلمين.

٢/تهجير السكان الأصليين وتوطين العرب القادمين من وراء البحار.

٣/نشر وتوطين الثقافة الاسلاموعروبية للقبائل الأفريقية الأصيلة(تغيير نسلي)

٤/جعل السودان دولة عربية إسلامية

لكل هذه الأسباب أعلاه أدت إلى تمرد كثير من القبائل التي تضررت من مثل هذه القوانين الاسلاموعروبية المتطرفة الظالمة وصلت بنا الحال إلى انفصال جذء عزيز وغالي من أرض الوطن (جنوب السودان)

ورغم كل ذلك لم تتعظ بقايا المستعمر (الجلابة ) في الخرطوم حيث تجد أنهم يصرون على تطبيق مثل هذه القوانين الظالمة إلى ما تبقى من السودان ونتوقع مذيدا من الانفصالات للاقاليم الأكثر تضررا لتنال حظها وحريتها من القوانين البديلة التي تعترف بحقوقهم المشروع حول أراضي اجداد اجدادهم.

ولاهمية الموضوع رأت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال أهمية وحدة أراضي وشعوب الدولة السودانية ولا تكون الوحدة والاستقرار إلا بوضع قوانين عادلة ومنصفة تراعي مصلحة جميع القوميات السودانية وتعترف بالحقوق التاريخية المتعلقة بتنظيم وإدارة الأراضي في السودان الجديد المتنوعة والمتعددة.

لتعطي كل ذو حق حقه الطبيعي وتتمتع كل شعوب اقاليم و ولايات السودان المختلفة في أراضيها الأصيلة

مثل أن تعود أراضي ومشاريع هبيلا إلى الغلفان(اونشو) ومشاريع دلامي للكواليب ومشاريع تقلي لتقلي ومشاريع الجزيرة تعود إدارتها واستخدامها لسكان الجزيرة المحليين وليست للدولة والبقارة في شمال كردفان وهكذا.

وفي هذا رأت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ضرورة صياغة قوانين الاراضي بشكل عادل وشامل ومنصف بين جميع المكونات السودانية وخاصة في ما يتعلق بقضايا الأرض.

 

وعليه وفي هذا المقال ننتقل بك عزيزي القاري إلى وثائق السودان الجديد لنتعرف على مفهوم الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال فيما يتعلق بشأن الأراضي في وثائقها المتمثلة في الآتي:……….

١/المنفستو

٢/ الدستور

٣/البرنامج السياسي

٤/قانون مفوضية الأراضي للسودان الجديد

٥/ قانون أراضي السودان الجديد

٦/ مهام لجنة ترسيم الحدود بين قبائل السودان الجديد

٧/ مهام لجان أراضي قبائل السودان الجديد

كل ذلك لوضع الحد من النزاعات والصراعات حول الأراضي ومعالجة مشاكلها المتراكمة والممتدة من أراضي دولة كوش النوبية مرورا بدولة المستعمر والجلابة وإلى أن وصل بنا الحال إلى دولة السودان الجديد الحالي المتنوعة والمتعددة.

فإلى ما ورد من النصوص في وثائق الحركة الشعبية الرسمية

 

ماذا عن الأرض في المنفستو ؟

 

1/ المادة 1/7/1

ان قضية ملكية الأراضي واستخداماتها في السودان واحدة من أهم القضايا التي أدت إلى اندلاع الحروبات في السودان بدأت المشكلة منذ الاستعمار واستمرت بعد خروجه إلى يومنا هذا وذلك أن سياسة احتلال الأرض ومصادرتها لإقامة مشاريع الزراعة الالية في بعض المناطق خاصة مناطق الجماعات المهمشة هي سياسة استراتيجية اتبعها المستعمر وسارت عليها من بعده أنظمة الحكم المتعاقبة.

 

2/ المادة 1/7/2 إرتبطت تلك السياسات بالقوانين الخاصة بمسالة ملكية الأرض واستخداماتها من حيث نجد الازدواجية في نظام ملكية الأرض وحيازتها ففي مناطق المجموعات المهمشة نجد الملكية العرفية التي تنظمها الأعراف والتقاليد مقابل أراضي الشمال النيلي والوسط والتي تنظمها قوانين الدولة ومؤسساتها وبالتالي تضغي عليها الشريعة والحماية على سبيل المثال : وزعت الحكومة أراضي مشروع الجزيرة للسكان المحليين بينما حرم رصفائهم من السكان الأصليين في جبال النوبة والنيل الأزرق في مناطق الزراعة الآلية من أراضيهم وتحولو من ملاك إلى عمال في هذه الأراضي.

وإليكم واحد من المليون كمثال في مشاريع تقلي الزراعية وأنا الهادي كاكوم كإبن تقلي شهود على ذلك

يوجد تاجر من الجلابة واسمه (صديق النزير ) يمتلك معظم أراضي تقلي الزراعية شمال شرق مدينة العباسية تقلي على الحدود مع ولاية النيل الأبيض هذا التاجر يزرع (1500) ألف وخمسمائة جوال زرة تيراب فقط معظم مواطني تقلي وكثير من قبائل السودان يعملون كخدم في مشروعه ورغم كل ذلك ليس لديه أي مخزن في تقلي، وحتى جنوب كردفان كولاية غير مستفادة من إنتاجه الذي يبلغ الملايين من جوالات الزرة يمتلك صوامع ومخازن دخمة في كوستي وبورتسودان للتصدير فقط فما بال باقي المناطق في هبيلا وجبل الداير وكرتالا ودلامي والفونج و دارفور وغيرها من المشاريع ؟ وكيف تنهض الشعوب الأصيلة واراضيها محتلة مثل هذا وغير قادرة حتى لإنتاج مايكفيهم من قود عامهم من الإنتاج الزراعي؟أليس هذا سياسة التجويع وحرب الاقتصاد والموت لشعوب الهامش ؟

 

3 / المادة 1/7/3

سنت الدولة قوانين تكرس لحرمان الشعوب المهمشة من الإنتاج باراضيها ومواردها فاصدرت قانون الأراضي غير المسجلة عام 1970م والذي بموجبه دمجت نصوصه في قانون المعاملات المدنية لعام 1984م والذي نصت على أن كل الأراضي غير المسجلة تعتبر ملكا للدولة وهو الأمر الذي مهد لنزع ومصادرة الأراضي في المناطق المهمشة من أصحابها الأصليين وتمليكها للتجار والنخب البيروقراطية والنظام والأجانب.

 

4/ المادة 1/7/4

أصبحت سياسة الاحلال والابدال للمجموعات السكانية المهمشة سياسة ممنهجة مثلما يحدث في دارفور اذ تقوم الدولة بازاحة بعض المجموعات السكانية من مناطقها التاريخية بقوة السلاح وتوطين مجموعات بديلة في مكانها بما في ذلك مجموعات أجنبية ومن ثم محاولة إخفاء الشرعية على هذا الواقع بإنشاء ولايات ومحليات جديدة وتقيير أسماء المعالم والاسماء التاريخية والمناطق ومن ثم إعطاء المجموعات البديلة سلطة الحكم فيها لغرض الأمر الواقع مما يصعب مهمة مناقشة أي قضايا تتعلق بملكية الأرض والحقوق التاريخية لاحقا.

 

ماذا عن الأرض في الدستور ؟

المادة (8) من المبادي الفقرة(4) تنص على الآتي:…..

الأرض ملك للشعوب الاصيلة وتقع مسؤلية تنظيمها على الدولة

المادة (9) في الأهداف الفقرة(5)

الاعتراف بالحقوق التاريخية التقليدية والعرفية بالأرض للمجموعات السكانية الأصيلة وسن قوانين لحمايتها وتنظيم حيازتها واستخداماتها ومنع التغول عليها.

وستنادا لهذا النص القانوني لقد سنت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال قانونا بإسم (قانون أراضي السودان الجديد )

وفي المقال القادم سوف نقوم بفرز مساحة خاصة ونكتب عن نصوصه بشكل كامل ومفصل.

 

ماذا في البرنامج السياسي ؟

والبرنامج السياسي هو خارطة الطريق الذي تنفذ به الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال أهدافها و وردت في الفقرة ( ى) تحت مسمى قضايا الأرض ما يلي:….

أ/ تعمل الحركة الشعبية على تحقيق الإعتراف باعراف ملكية الأرض واستخداماتها والعمل بموجبها والاعتراف بملكية القبائل لاراضيها مع إمكانية أن تستخدم الدولة هذه الأراضي للمصلحة العامة وفق قوانين عادلة.

ب/ تسعى الحركة الشعبية لتحقيق تنمية المجتمعات المهمشة. واخراجها من دائرة الاعتماد الكامل على الأرض كمورد جيد للرزق وتؤكد على الاستخدام الأمثل للأرض

 

علاوة على كل ما ورد من نصوص في وثائق الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ولتصحيح الأخطاء التاريخية المتعلقة بالأرض عليه لقد سنت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال قانونا بأسم (قانون الأراضي لسنة2023م) تتكون من (14) فصل وهذا القانون يلغي كل هذه القوانين الاسلاموعروبية المتطرفة الظالمة لتنهي معاناة شعوبنا المهمشة و تعيد الحقوق إلى أصحابها الحقيقين .

ويطبق ذلك في جميع أراضي السودان الجديد والغرض من ذلك تنظيم حيازة الأراضي وحماية حق الملكية والحقوق المتفرعة منها وخلق بيئة مواتية للتنمية المتوازنة

و للمقال بقية……………

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.