معا نحو أراضي خالية من النزاع (1)

✍️ بقلم : الهادي كاكوم /كاودا

 

في هذا المقال نوضح بعض من مراحل ظهور وتطور الصراعات والنزاعات حول الأراضي على مستوى أراضي الشعوب الأصيلة في أفريقيا وبالأخص في السودان وتحديدا أراضي الشعوب المهمشة

(جبال النوبة نموزجا)

النوبة عبارة عن نواة شعوب القارة الأفريقية وهم أعمام وأخوال كل شعوب القارة السمراء وهم أصحاب أقدم مملكة على وجه الأرض وهي مملكة كوش.

 

_ حيث أنهم من علموا العالم كيفية إدارة شؤون الأراضي، السياسية، الصناعة ، علم الفلك وحتى نظام الديمقراطية العلمانية هي تجربة النوبة وليس الغرب وذلك بشهادة المؤرخ الاغريقي هيرتوس الملغب ب(ابوالتاريخ) الذي عاش قبل الميلاد بألاف السنين .

 

_ حيث أن أراضي مملكة كوش النوبية كانت تشمل معظم الأراضي الواقعة اليوم بما تسمى ب دول شمال وشرق و وسط أفريقيا.

وبعد تقسيم تلك الأراضي من قبل أنظمة الاستعمار بقي فقط ما يعرف ب(السودان ) اليوم وإن احفادهم هم الموجودين حاليا في جبال النوبة وعاصمتهم كاودا .

 

_ حيث أن الصراعات والنزاعات حول الأراضي قبل وفترة مملكة كوش كانت صفرية.

سوى بعض المناوشات من بعض ملوك مصر حيث دارت معارك شرسة بينهم وملوك النوبة إنتهت بهزيمة القوات المعادية والسيطرة الكاملة على أراضي مصر وحكمها لأكثر من ألف عام.

 

_ حيث كانت أراضي النوبة تعرف باراضي الذهب ، الحديد ، النحاس بالإضافة إلى الثروات الغابية والبشرية .

 

لذلك كانت جميع أنظار العالم تتجه نحو تلك الأراضي وشعوبها.

لذلك تمت كثير من التحالفات الثنائية والثلاثية العالمية لغزو أراضي النوبة وقد كان.

وذلك للسيطرة عليها و نهب مواردها البشرية(رقيق) والحيوانية والزراعية والغابية والمعادن وقد كان.

 

_ حيث بدأت فعليا الغزوات الاستعمارية في شكل تحالفات وهذه هي بداية ظهور الصراعات العنصرية والنزاعات حول الأراضي.

حيث دارت معارك شرسة إنتهت بانهيار جميع ممالك النوبة ومنها أدى إلى نزوح ولجوء بشكل غير مسبوق

نزكر على سبيل المثال قرية في ولاية الجزيرة تتوسط بين الحصاحيصا و ودمدني تسمى( RBG) أربجي اصل الإسم (عرب بجي) بمعني الجلابة ح يصلونا هنا علما بأنهم اتوا من أرض اجدادهم في الشمال وفروا نازحين جنوبا إلى أن وصلوا قمم جبال النوبة وارتكزوا يدافعون عن أنفسهم حتى اليوم

 

_ وبعد انهيار هذه الممالك والتهجير القصري والعنصري لشعوبها قامت تلك الأنظمة الاستعمارية بمسح أسماء كل الممالك والسلطنات من الوجود وتغيير أسماء كثير من المناطق واستبدال شعوبها الأصيلة بالقبائل التي دخلت في السودان كخدم للخواجات (دخول العرب في السودان )

وقامت هؤلاء الدخلاء بترسيم الحدود للأراضي وتقسيمها فيما بينهم دون الرجوع أو استشارة أصحابها الحقيقين مثلما تم في مؤتمر برلين نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1884 حتى 1885م وجميع المشاركين في تلك المؤتمر كانوا من الدبلوماسيين الغربيين وليس لديهم أدنى إلمام باراضي افريقيا ورغم ذلك رسموا في مؤتمرهم المشؤم مصير افريقيا وكان التركيز في المناقشات على تقاسم أراضي دول وسط أفريقيا وشرقها وشمالها كانت تعرف ب أراضي مصب نهر الكنغو وقد كان.

 

_ وبعد ذلك قامت هذه الدول الاستعمارية بإرسال جيوش للحملات الانتقامية وفرض حكومات تعمل بأمرها وقد كان.

 

_ حيث قامت هذه الحكومات الاستعمارية برسم خارطة كروكية توضح أراضي سموها حيازات وقاموا بتسجيل البعض منها وسموها ملك حر كاراضي الجلابة في الشمال والوسط النيلي وبعض الأراضي سموها مغفولة كاراضي يقطنها الزنوج الأفارقة أراضي جبال النوبة نموزجا.

 

-رغم كل ذلك قامت هذه الحكومات الاستعمارية بتحديد أراضي كل قبيلة مع عمل الصبات بالبراميل على الحدود ورسم الخرائط الكروكية لكل قبيلة وفرض إدارات أهلية موالية لها لتنفيذ أجندة الحكومات الاستعمارية من جمع الشباب والشابات (الرقيق) ، العتاوات ، الدقنية ، و ووووووالخ.

 

_ لتسهيل وتقنين عملية النهب قامت هذه الحكومات بسن مجموعة من القوانين الظالمة بشأن الأراضي ولا تزال باقية حتى تاريخ كتابة هذا المقال ، وقد تساعد في زيادة وتيرة الصراعات العنصرية التي استمرت لسنين طويلة بالإضافة إلى تطوير النزاعات حول الأراضي.

وحتى بعد خروج المستعمر الخارجي وتسليم السلطة للمستعمر الداخلي في السودان (الجلابة) ما زالت هذه الحكومات الاستعمارية المتعاقبة في المركز تعمل بنفس هذه القوانين بل وتعدلها كل حين حسب مزاجها و مصالحها ومنها على سبيل المثال لا الحصر:………

 

1/ قانون عام 1899م وقد منح هذا القانون أراضي الشمال والوسط النيلي لأصحابها وتم تسجيلها كملكية خاصة بينما منح الكيانات ( القبلية والقرية) التي تقع خارج الشمال والوسط النيلي ملكية منفعة التي تعني ملكية الحكومة.

وفي قانون 1903م تم سحب هذا الحق العرفي وتعزيز ملكية الدولة.

 

2/قانون الأراضي لعام 1905م سمي هذا القانون بقانون مسح وتحديد الأراضي في السودان 1905م .

 

3/قانون الأراضي لعام 1925م رغم اعتبار هذا القانون الأراضي ملكا للحكومة إلا انه أعترف في بعض نصوصه بأرض القبيلة كما منح حق الإجارة للأجانب والأفراد الذين لا صلة لهم بالوطن.

 

4/قانون نزع الملكية لعام 1930م إستخدمت الحكومة هذا القانون لنزع أراضي السكان الأصليين في المناطق المهمشة في اقاليم (جبال النوبة والفونج و دارفور ) .

 

5/قانون الأراضي لعام 1970م سمي هذا بقانون الأراضي الغير مسجلة في السودان وقد نص في فقرته الثانية على ملكية عين الأرض للدولة، بينما تظل الرقبة أو ملكية المنفعة للمواطنين دون أن يشير إلى اسم (اصيلة) هذا ما أدى الحق للجلابة باستخدام أراضي النوبة وخاصة أراضينا في ( تقلي )

الأمر الذي أضر بسكان المناطق الواقعة غرب وجنوب البلاد الذين منحتهم حكومة المركز ملكية منفعة بعقود إيجار الأرض عكس الحال بالنسبة لسكان الشمال والوسط النيلي الذين منحتهم الدولة الملك الحر رغم أنهم دخلاء وبعقود الحكر،

وما يميز ملكية عين الأرض عن ملكية المنفعة هو أن ملكية عين هي ملكية نهائية أبدية وغير قابلة للتصرف أو التنازل وهي ملكية جماعية.

 

6/قانون الأراضي لعام 1984م سمي هذا القانون بقانون المعاملات المدنية وقد جاءت نصوصه غامضة ومتاثرة بقوانين الشريعة الإسلامية لعام 1983م وبقوانين الدول العربية ، الغرض منها نزع ومصادرة أراضي المناطق المهمشة في السودان أو المناطق المحددة حسب قانون عام 1905م ومن أهم نصوصها:……

أ – الأرض لله والدولة هي المستخلفة .

ب – أحياء الأرض الموات : من أحياء أرضا مواتا فهو أحق بها من غيره .

ج – المنفعة المشروعة يحميها بقانون ولا تنزع إلا للمصلحة العامة .

د – المنفعة المشروعة كالملك المشروع .

ه – الأرض لمن يفلحها .

 

-هذه هي بعض من نمازج قوانين الأراضي العنصرية الظالمة التي تسببت في كل ما يجري في السودان من قتل ونهب ونزوح ولجوء بالشكل الذي نراه اليوم .

 

_ورغم ذلك توجد بعض الانتهازيين وللأسف الغالبة منهم من أبناء الهامش متمسكين ومدافعين عن تلك القوانين الظالمة

وعقولهم غير قادرة لتصحيح ذلك رغم أنهم من يمتلك الأرض والسودان ككل لهم ، وليس للجلابة

كما قال القائد البطل الشهيد يوسف كوة مكي ( نحن اكتشفنا إن السودان ملك لنا- وما نحتاجه الان هو تحرير العقول Decolonization of mind )

 

_ هذه هي واحدة من المشاكل التي أدت إلى تمرد أصحاب العقول المتحررة وتكوين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان شمال ونسبة لوضوح رؤيتها تمكنت من تدمير هذه القوانين الظالمة وحكوماتها الاستعمارية وتأسيس السودان الجديد التي تؤمن بأن الأراضي ملك للشعوب الاصيلة وليست للدولة

وقامت حكومة السودان الجديد بسن قوانين بأسم

 

(قانون أراضي السودان الجديد )

-في المقال القادم سوف نفرز مساحة خاصة ونكتب عن (قانون أراضي السودان الجديد) وضرورة ترسيم الحدود بين جميع أراضي قبائل السودان الجديد وتسجيلها وتخصيصها لنخرج من مأزق القوانين الظالمة بشأن الأراضي وعنئذ سوف تتعرف على عدالة قوانين السودان الجديد وكل ذلك من أجل أن نعيش جميعنا في أراضي خالية من النزاع بسلام ومحبة و وئام للمقال بقية…………

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.