مشروع قانون مفوضية السلام
صديق يوسف
طرح وزير العدل مشروع قانون لمفوضية السلام. ولتوضيح رأينا في المشروع نبدأ من فهمنا وقناعتنا بقضية السلام نفسها. والتي ننطلق في معالجتنا لها من موقفنا الرافض للحرب، والمعبر عنه في شعار الثورة {حرية سلام وعدالة} الداعي للسلام والحرية والعدالة الاجتماعية والمعبر في نفس الوقت عن أسباب وجذور الأزمة التي تهدد السلام في بلادنا، وتؤجج النزاعات سواءًا في الحروب المنظمة ضد السلطة الحاكمة أو العنف بمختلف درجاته كما نشهد ذلك في الصراعات بين المزارعين والرعاة، والصراعات بين القبائل والنزاعات حول الأرض.
ظلت قضية التوزيع العادل للسلطة والثروة بلا حل منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا، وما زالت هناك نزاعات بين السودان ودول الجوار ولم تحل نهائياً لعدم وجود حدود واضحة بيننا وجيراننا. فقضية ترسيم الحدود بيننا وبين دولة جنوب السودان ما زالت لم تتم. كما لم تحسم قضية أبيي واتسع الصراع حول حدودنا الشرقية بالاعتداء الأثيوبي المسلح على منطقة الفشقة، وما زال المصريون يسيطرون على مثلث حلايب. فالعملية برمتها لم تتم بالرغم من استقرار الوضع الآن، كل ذلك يمهد لنزاعات يمكن أن تنفجر في أي لحظة؛ إضافة إلى الفشل الذي ظل يلازم أنظمتنا منذ الاستقلال في إدارة التنوع ونشر ثقافة السلام والتعايش السلمي وظل مجتمعنا حافل بالإقصاء والتمييز بكافة أشكاله.
ننطلق في معالجتنا لقضية السلام من معالجة الأسباب التي تؤدي إلى الإخلال به من ممارسات مسلحة أو غير مسلحة ولكنها تقود إلى حمل السلاح، ومعالجة الآثار المدمرة لحمل السلاح. وهي قضايا برامجية تهدف إلى تحقيق الاقتسام العادل للسلطة والثروة ومعالجة الدمار الذي سببته الحرب، وهذا يتطلب وضع أسبقيات لتنفيذ البرامج في حدود الإمكانيات المالية الشحيحة، كما لابد من المسائلة عن الجرائم التي ارتكبت، ووضع أسس التعايش السلمي. كل ذلك يتطلب عقد المؤتمر الدستوري ليراجع التجربة السودانية منذ الاستقلال ويمهد للاتفاق على الدستور وهياكل الدولة والاتفاق على خطط تنمية طويلة الأجل وحل مشاكل النزاعات حول الأرض والموارد، والعمل على ترسيخ السلام وحل جميع المليشيات ووضع السلاح في يد القوات النظامية، وبناء جيش وطني واحد وحل قضايا النزاعات مع دول الجوار.
تلك هي القضايا التي يجب أن تكون مهام مفوضية السلام. فاتفاق السلام هو جزء من مهام المفوضية ولكن المفوضية تمثل وعاء أوسع لمناقشة كل الجوانب التي تؤدي إلى سلام حقيقي ودائم. وتنفيذ كل هذه الواجبات هي مسئولية السلطة التنفيذية التي يجب أن يخضع لها عمل المفوضية، لأن مهامها مرتبطة بكل اشكال السلطة التنفيذية بمختلف مكوناتها بما فيها الوزارات الخدمية والمالية والسياسة الخارجية.
طبيعة المهام تستدعي أن يراعى في تكوينها تمثيل كل تلك الهيئات والأشخاص الذين يمكن أن تترك لهم مهام المفوضية.
ورد من مشروع القانون المادة:
(1) مبادئ عامة:
(أ) العمل على تنفيذ اتفاقات السلام نصاً وروحاً والعمل على نشرها في أوسع نطاق ممكن
(ب) التأكيد على أهمية بناء سلام مستدام يحقق الأمن والاستقرار ويعزز من فرص التعايش السلمي بين المكونات المجتمعية.
(ت) ضرورة خلق بيئة صالحة ومناخ معافى لمعالجة أسباب الصراع وإفرازاته.
(ث) الإقرار بأن السلام الشامل يساعد في الاستقرار السياسي والتحول الديمقراطي السليم ويساهم في بناء الدولة السودانية على أساس من الحرية والعدالة والمواطنة دون تمييز.
(ج) الإقرار بأن المشاركة الفاعلة لأصحاب المصلحة في آليات تنفيذ اتفاقات السلام هي المدخل السليم لبناء السلام وديمومته وضمان نشره وتمليكه للمستفيدين وفق اتفاقات السلام.
(ح) التأكيد على أهمية الاستعانة بالخبراء والمختصين في مجال تحليل وفض النزاعات لنشر ثقافة السلام.
(خ) التأكيد على أهمية تهيئة الظروف الأمنية المناسبة للعودة الطوعية للنازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية.
(د) أهمية صياغة إطار يتيح لجميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني القيام بدور فعال في أنشطة بناء السلام.
(ذ) التأكيد على مشاركة النساء في كافة مراحل العملية السياسية ذات أهمية قصوى تسهم في تعزيز قيم السلام.
(ر) التأكيد على أن تؤدي المفوضية مهامها بصورة شفافة وأن تضمن مشاركة كل الأطراف في أنشطتها وبصورة تتماشى مع روح اتفاقات السلام.
(ز) التأكيد على أهمية الاعتراف بالتنوع الإثني والثقافي في السودان وإداراته.
(س) الفصل الثاني: إنشاء المفوضية
(ش) المادة (4) الفقرة (3)
(ص) تكون المفوضية مسئولة عن أداء أعمالها أمام مجلس السيادة
(ض) المهام الموكلة للمفوضية فصلت على أنها المهمة هي تنفيذ اتفاق جوبا في حين أن مفهوم السلام كما ذكرنا أكبر وأشمل من اتفاق السلام. فتنفيذ الاتفاق نصاً وروحاً يجعل منه قانوناً ملزماً، في حين أن عملية السلام تستوجب وجود الإمكانات المالية والحوار حول وسائل التنفيذ وهي لذلك أكثر وأوسع من اتفاق جوبا.
(ط) ما ورد في الوثيقة الدستورية حول قضية السلام يحدد مسئولية المجلس السيادي ومسئولية مجلس الوزراء
(ظ) تحدد الوثيقة في المادة (12) {اختصاصات مجلس السيادة في الفقرة} (رعاية عملية السلام مع الحركات المسلحة)
(ع) في الوثيقة الدستورية المادة (16): اختصاصات مجلس الوزراء
(غ) المادة 16 الفقرة 2 تنص على (العمل على إيقاف الحروب والنزاعات وبناء السلام). وعليه تصبح عملية السلام بكل أشكالها مسئولية مجلس الوزراء وهذا يحتم تبعية المفوضية لمجلس الوزراء في حين ترد في مشروع القانون في المادة 4 الفقرة 3 بأن (تكون المفوضية مسئولة عن أداء أعمالها أمام مجلس السيادة). وهذا خطأ لابد من إصلاحه بإسناد المسئولية أمام مجلس الوزراء.
(ف) مهام المفوضية، شامل وأغلب تلك المهام تنفيذية ومرتبطة بكل أقسام السلطة التنفيذية لأن قضايا التنمية والقوانين والمحاسبة والخدمات والعلاقات مع دول الجوار كلها مهام من صميم عمل السلطة التنفيذية المتمثلة في مجلس الوزراء. ولذلك أن تكون المفوضية مسئولة عن أداء أعمالها أمام مجلس السيادة منافي لطبيعة مهامها ومنافي للنص في الوثيقة الدستورية الذي أوكل المهمة لمجلس الوزراء. وحصرت الوثيقة الدستورية اختصاص مجلس السيادة على الإشراف على اتفاق السلام مع حاملي السلاح فقط وليس قضية السلام باتساعها وتشعبها وشموليتها. لذلك لابد من مراجعة هذا النص وأن تحدد مسئوليتة عملية السلام لدى مجلس الوزراء وأن يراعى في تكوين المفوضية المهام المنوط بها.
تكوين المفوضية نفسه لابد من مراجعته ليشمل كل الأطراف المعنية بقضية السلام في الهيئات الحكومية كما لابد من إشراك القوى المدنية والسياسية وأصحاب المصلحة في عضوية المفوضية.
دا كلام حقيقة و دا شي مطلوب في هذة الدولة سودان الجليلة!
لازم يحصل الكلام دا
لا خيار اخر غير العلمانية