مشروع السودان الجديد …. ما بين السرقة و الاستنساخ.!!

بقلم✍️/ عيسى خميس مرفعين

 

لا شك أن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال احد اهم التنظيمات السياسية الفاعلة فى الساحة السياسية السودانيه، لها إرث سياسي كبير و منتوج فكري ضخم، وأثرت الساحة السياسية بمفاهيم و مصطلحات جديدة فى السياسية السودانيه حتى اصبح كل السياسيين من أقصى اليسار إلى الوسط و اقصى اليمين يستخدمون هذه المصطلحات والمفاهيم فى كل خطبهم السياسية دون استحياء حتى اصبح البعض يعتقد ان هذه المصطلحات والمفاهيم من إنتاجهم الفكري و إبداعهم السياسي بل ويتجاوز الأمر إلى إعطاء انطباع مزيف للآخرين بأن ما تمت سرقته هو صنيع فكرهم وليس مسروقا من الحركة الشعبية، وهذا بحد ذاته يعد احد أمراض السودان القديم من أعمال النصب والاحتيال، يجب على هولاء عند التعامل مع أي مصطلح او منتوج فكري خاص بالآخرين عند استخدامه يتطلب بالضرورة طلب ذكر ذلك أو الاكتفاء بالإشارة إلى المصدر الذي تم الأخذ منه، لتجنب الوقوع في السرقة الفكرية، لكن بكل اسف هذه التنظيمات العنصرية لن و لم تفعل ذالك لاستخسار هذاالمشروع الكبير ان يكون من ابتكارات و إسهامات الهامش، كما قال أحمد هارون فى حملته الانتخابية فى الدلنج بعد فشله فى نقد الخطاب السياسي و البرامج الانتخابي للحركة الشعبية فقال ان (مشروع السودان الجديد جيد جدا لكنه اكبر من الحركة الشعبية ومتجاوز لقيادتها وعضويتها) و اردف قائلا ( أن مشروع السودان الجديد ده شعر طويل والحركة الشعبية ما عندها ليهوا رقبة) هذا هو الموقف الرسمي لكل نخب المركز وخاصة أبناء الهامش المعاد إنتاجهم واصبحوا جزء من ذلك النادي من مشروع السودان الجديد، يعترفون بصحته ومنطقيته ويتهربون من دفع استحقاقاته بأسباب غير منطقية ويعملون بهمة عالية لوضع متاريس أمامه، فقط لانه انتاج وطنى خالص ومبتكر من هامش الوطن، وفي نفس الوقت تجدهم يعملون على توطين أدبيات هذا المشروع داخل تنظيماتهم الرجعية مع تفريغه من محتواه، بدلاً من الاحتفاء به كأول مشروع سياسي وطني من عقول سودانية.
ساهم مشروع الحركة الشعبية المعروف باسم مشروع السودان الجديد بشكل كبير فى بناء قدرات الشباب وتشكيل وعيهم السياسي، في ظل القبضة الأمنية المشددة والإرهاب الفكري الممارس من قبل نظام الجبهة الاسلامية الذي اغتصب السلطة عبر انقلاب عسكري كمم فيها الافواه و قمع الأفكار و سيطر فيها على كافة مناحي الحياة بالقوة الباطشة،
بعد اتفاقية السلام الشامل، اخترقت الحركة الشعبية هذا الحاجز بشكل أكبر وأصبح هناك متنفس للتعبير عن الحقوق والحريات الأساسية وممارساتها من خلال الفعل السياسي العام والخاص بتفعيل مكاتبها السياسية بالداخل و جناحها الطلابي ANF الذي تحول إلي تجمع طلاب الحركة الشعبية وفيما بعد إتحاد طلاب الحركة الشعبية لتحرير السودان والانخراط فى حملة وعي و تنوير واسع في كل أرجاء الوطن من خلال الندوات، السمنارات و المنتديات السياسية، والثقافية والاجتماعية والاقتصادية هذا الحراك السياسي شكل وخلق مفاهيم وأفكار وأحدث تطور ونقلة جديدة ومعرفة غير مسبوقة بطبيعة المشكلة السودانية وجذورها وسط الشباب والشابات حتى الشياب محدثة بذلك تدميراً واسعا لكل أشكال التنميط السياسي، الأمر الذي كان له أثر كبير في أن يقرر أالاف من الشابات والشباب الانضمام للحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان فى كل الجبهات ابرزها الجبهة الرابعة جبال النوبة التى كانت الاقرب من حيث المسافة إلى معظم مدن السودان المختلفة. بعد انفصال جنوب السودان، واصل هؤلاء الشباب بكل شجاعة وبسالة الكفاح المسلح بعد أن فرضت عليه الحرب في المنطقتين، وظل الغالبية الاخري من منهم فى السودان حاملة لنفس فكر مشروع السودان الجديد وواصلت عمليات التثقيف والتنوير الواسعة في تفاعل وتناغم مع بعض شريح الشعوب السودانية الواعية، وبعد أكتمال عناصر الثورة، نتيجة لانهيار كل قطاعات الدولة خاصة الإقتصادي، بسبب الفساد وتكاليف الحرب الباهظة فى جبال النوبة، النيل الازرق و دارفور، قام هؤلاء الشباب باعظيم تجربة عمل جماهيري منظم وقيادة إنتفاضة شعبية اسقطت اشرس و اخطر نظام شمولي مرة على السودان و افريقيا، واصبحت هذه الثورة مضرب مثل للكل الشعوب المتحضرة فى العمل السلمي، و كان شعارها (حرية. سلام. و عدالة)، و هذا هو شعار الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي إبتكرته مركزية الشباب وطلاب الحركة الشعبية عام 2008 عندما إعتقلت الأجهزة الامنية الأمين العام للحركة وقتها الرفيق القائد/ باقان اموم اكيج، على خلفية تصرحاته الشهيره التي قال فيها بأن (…السودان دولة فاشلة، فاسدة و خاسرة… ).
ما نحب أن نؤكده هو أن الحركة الشعبية بقوة طرحها الفكري والسياسي الناقد للتأسيس الخاطئ للدولة وتعمد فرض إستمرار هذه الدولة بالعنف والغلبة، راكم من خبرتها السياسية وجذر رؤيتها في عقول السودانيين، وبذلك ساهمت فى إسقاط نظام جاثم فى صدور شعبه لمده ثلثين عاما.
رغم نهب هذه الثورة المجيدة و الالتفاف عليها بواسطة قوي السودان القديم الممثلة فى اللجنة الأمنية و مليشيا الدعم السريع و أحزاب قحط المتواطئة معهم، لكن ستظل هذه الثورة الاعظم مدونة في سجل التاريخ بفصولها و اركانها و تكتب باحرف من نور بان الحركة الشعبية كانت الفاعل الأساسي في ميادينها.
تعمل قوى السودان القديم الآن رغم كل هذا الدمار لإعادة إنتاج نفسها والذي أصبح بعيد المنال، وذلك من خلال إرباك المشهد السياسي للحلولة دون تقدم قوي السودان الجديد، فقد اشعلوا الحرب و دمروا السودان و فقدوا كل شي، ومازالوا يحاولون إعادة إنتاج أنفسهم بخطاب تقدمي مشوه ولكنهم غاصوا عميقاً في دماء الأطفال، الأمهات و العجزة، فهم ابعد ما يكون عن قوي السودان الجديد،!
مليشيا الدعم السريع و جناحها السياسي قحط. و القوات المسلحة و بجناحها السياسي من الكيزان و اتباعهم. هؤلاء أثبتوا فشلهم امام الشعوب السُّودانية مرات عديدة و محاول استنساخ الخطاب السياسي للحركة الشعبية أو أخذ جزء من مشروع السودان الجديد الذي يلبي رغباتهم وترك الجزء الآخر لا يمكن أن يفسر إلا في سياق السرقة السياسية أو اللصوصية الفكرية، لأفكار الآخرين واستنساخها لتغبيش وعي الشعوب السودانية من خلال أخذ منتوج فكري سياسي خاص بالحركة الشعبية والادعاء بأنه من ملك وإنتاجية السارق، كما سرقوا ثورة ديسمبر وسرقوا معاها احلام جيل كان يحلم بوطن جميل يسع الجميع فيه كل قيم الحرية و الكرامة الإنسانية، جيل قتل فى فض الاعتصام و قتل أحلامه بإعلان الوثيقة الدستورية، هؤلاء الشباب الأبرياء هم طلائع السودان الجديد، المجد والخلود لكل الشهداء الذين سقطوا في سبيل تحقيق هذا المشروع الإنساني النبيل.
اما هؤلاء اللصوص بعد ما اجهضوا ثورة ديسمبر المجيدة، قاموا بقطع الطريق امام الحركة الشعبية للدخول في عملية سلام جاد يخاطب كل جذور الأزمة السياسية السودانيه رغم معرفتهم بأن هذا المشروع هو الوحيد القادر لمعالجة كل الازمة السودانية،
الآن يلجؤن إلى السرقة و الاستنساخ، والذين يمارسون النهب والسرقة وانتهاك حقوق الآخرين، هم نفسهم من ادمنو النهب و سرقة الاشياء سوي كانت ذو قيمة سياسية، فكرية أو اقتصادية، هؤلاء ليس لهم قيم وأخلاق، سوا كانت دينىة، أو اجتماعية أو إنسانية، لذا تتوقع منهم أي شي، فقط
المطلوب منا كجماهير الحركة الشعبية الإنتباه والتصدي بقوة لكل محاولات التعدي وسرقة الأفكار الإبداعية، فمشروع السودان الجديد غير قابل للتجزئة، لو كانوا صادقين فى تبنى مشروع السودان الجديد، لكان حققه المخلوع البشير عندما قال فى افتتاح الحوار الوطني (نريد بناء سودان جديد يسع الجميع ونضع اساس متين للحكم و نحدد فيه جميعا كيف يحكم السودان) إن لم تكن هذه سرقة كبيرهم فى وضح النهار واستهبال سياسي والضحك على الشعوب السودانية فماذا تكون؟.
بالتأكيد هنالك قلق عميق وسط عضوية الحركة الشعبية بان يتعرض هذا المشروع للتلف و التحريف من قبل هؤلاء اللصوص، لكن هذا أيضا يزيدنا قناعة وإيمان راسخ بان الذي ترونه ونراه من سرقة ونهب وتشويه للمشروع ما هو إلا مرحلة مخاض لميلاد السودان الجديد، حيث لا بديل لمشروع السودان الجديد إلا مشروع السودان الجديد، فهؤلاء اللصوص غير مؤهلين أخلاقيا لتبني هذا المشروع الكبير، مالم يتم وضع تدابير ومعالجات جديدة. لأن الاخير من رحم الاول و الاتنين وجهان لعملة الانقاذ الفاسدة والفاشلة والخاسرة.
النضال مستمر و النصر قادم

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.