مسلسل القتل والنهب والتمكين!
مناظير - زهير السراج
بوتيرة متسارعة جدا لا تشبه أعمال القضاء التى تتسم بالتريث خشية مغبة ارتكاب أخطاء، ظلت ما تسمي نفسها (دائرة الطعون بالمحكمة القومية العليا) تُلغى قرارات لجنة إزالة تفكيك التمكين الخاصة باسترداد اموال وشركات لصالح الدولة وفصل موظفين عموميين عينهم النظام البائد بانتهاج سياسة التمكين، وكأن وحشا يطاردها أو أن القرارات تأتيها جاهزة من أعلى للتوقيع عليها، ولا غرابة فى ذلك مِن دائرة تعمل بالمخالفة للقانون والنظام القضائي العام برئاسة نفس القاضي الذى أوصى بالغاء حكم الاعدام على قتلة الشهيد أحمد الخير!
اصدرت الدائرة المزعومة عشرات القرارات خلال فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز سبعة اشهر، ألغت بها قرارات لجنة إزالة التمكين باستعادة اموال الدولة من سارقيها الذين ولجوا السلطة حفاة عراة، وما لبثوا ان تطاولوا فى البنيان وعاثوا خرابا وفسادا فى البلاد ودمروها ونهبوها واستولوا على كل خيراتها وثرواتها وقتلوا شعبها وافقروه وبعثروه فى المنافى ولطخوا سمعة السودان بالجرائم والعقوبات الدولية والتبعية والمهانة واراقة ماء الوجه فى بلاط السلاطين، مما أوجب تصحيح تلك الاوضاع الخاطئة بعد الثورة وتأسيس لجنة إزالة التمكين بقانون واضح لاستعادة اموال الدولة وإزالة التمكين، إلا أن ذلك لم يعجب القتلة والفاسدين فاصدروا الاوامر لأذنابهم بوضع العقبات فى طريق اللجنة ومناهضة قراراتها ثم الانقلاب العسكري الغاشم على الثورة الذي اوقف مسيرة التغيير ومارس القتل والقمع الوحشي ضد المواطنين الابرياء وأعاد الفلول الى مواقعهم وواصل مسيرة الفساد ونهب اموال الدولة وتمليكها للفاسدين والمجرمين عبر دائرته القضائية المزعومة التي اصدرت عشرات القرارات بالغاء قرارات لجنة ازالة التمكين واعادة اموال الشعب لناهبيها، ومن ضمنها القرار الذى أصدرته قبل يومين باعادة عقارات وشركات لنائب رئيس النظام البائد (على عثمان محمد طه)، وإعادة اموال وعقارات وقناة الشروق للمدعو جمال الوالي، ولم يكن كلا الرجلين يملك شروى نقير عند استيلاء نظامهم الغاشم على السلطة بقوة السلاح، شأنهم شأن بقية قادة النظام البائد وعناصره.
منذ اللحظة الاولى لتكوينها لم تبدد الدائرة وقتا وتوالت قراراتها بالغاء قررات لجنة ازالة التمكين، بداية بإلغاء قرار فصل 17 قاضيا، فى الرابع من اكتوبر، 2021 ، وعدد من وكلاء النيابة بعد ذلك بيومين، و15 دبلوماسيا و98 من المستشارين القانونيين فى الثالث عشر من نفس الشهر، واصدرت 11 قرارا خلال نفس الفترة بعودة مئات الموظفين الى مؤسسات مختلفة حصلوا على وظائفهم بالتمكين، وما ان وقع الانقلاب الغاشم حتى أخذت القرارات تصدر بوتيرة سريعة لا يمكن لعاقل أن يتخيل أنها تصدر من دائرة قضائية يُفترض فيها دارسة الحالات بتأنٍ قبل إصدار قراراتها المتعجلة خاصة انها تتعلق بحقوق شعب باكمله تم قتله وتجويعه ونهب أمواله وانتزاع حقوق أبنائه فى الحصول على الوظائف العمومية وتشريدهم فى الشوارع، ولكنها لم تراع ذلك وظلت تصدر القرارات الجائرة بإعادة ممتلكات منهوبة من الشعب لناهبيها مثل المستشفى الخيري ومستشفى البان جديد اللتين أعيدتا لمأمون حميدة وشركة أبونعامة للإنتاج الغذائي وشركة الكناف السودانية العربية ومحلج كساب، وعودة ما تُسمي بمنظمة الدعوة الاسلامية وإعادة تسجيلها فى السودان وإعادة كل ممتلكاتها إليها وممتلكات مجمع النور ومنظمة معارج، وممتلكات نهبها زوج شقيقة المخلوع ..إلخ، فضلا عن إعادة الاف المفصولين الذين حصوا على وظائفهم بالتمكين خلال العهد البائد على حساب المحرومين من ابناء وبنات الشعب!
كل ذلك حدث فى سبعة أشهر فقط، بينما ظلت المحاكم واللجان الخاصة بجرائم افراد النظام البائد وأذنابهم تنعقد وتنفض وتنفض وتنعقد بدون أن تصدر سوى بضعة احكام لا تلبث أن تُلغى بسرعة الصاروخ بعد صدورها ليستمر مسلسل القتل والنهب والتمكين!