مراجعة في فيلم “الطريق ليس سهلًا إلى المنزل”

آرثر غابرييل

 

هو فيلم وثائقي من اخراج اكوول قرنق، تم إنتاجه في عام ٢٠٢٢. وكشأن كل فيلم وثائقي، لا بد من وجود مقدمة تعطي المشاهد فكرة أولية عن الفيلم الذي أمامه، وغالبًا تكون مشهد ما من الفيلم نفسه. وهذا الفيلم، الذي نحن بصدد الحديث عنه، نجحت مخرجته في خلق مقدمة له، وهي عبارة عن لقطات متفرّقة من فيديوهات للزعيم الدكتور جون قرنق صُوِرت حين كان على قيد الحياة. ومن تلك المقدمة، والتي ظهر فيها قرنق في دقائق هي اقل من عشر دقائق- في فيلم مدته تصل إلى ساعة وأربع وعشرون دقيقة، تقريبًا- يظنّ المشاهد أنّ الفيلم هو وثائقي جديد لمسيرة قرنق المثيرة، إلّا أنه يكتشف، لاحقًا، أنّ المقدمة كانت ربما لجذب المشاهد فقط، لأنّ الشخصية الرئيسة في الفيلم، هو نائب رئيس جنوب السودان السيدة نياندينق قرنق دي مبيور.

بالطبع، لا عيب في أن تكون الشخصية الرئيسة هي نياندينق، طالما المخرجة ارادت ذلك، وكان من الطبيعي أن تلمّح المقدمة بذلك، ربما يظهر قرنق في لقطة ما من الفيلم، لكن ليس في المقدمة، طالما انه ليس موضوع الفيلم.

رغم هذا الاكتشاف الذي لا يكلّف المشاهد سواء دقائق معدودات، يصعب ايضًا الإمساك بخيط يدل على الغاية والهدف من الفيلم. ربما لأنّ المخرجة، وهي شخصية ايضًا في الفيلم، وتقوم بدور راوي السرد voiceover لم تكُن موفقة في استنطاق الشخصية الرئيسة في الحوارات التي اجرتها معها. فالأسئلة التي طرحتها المخرجة/المحاوِرة لم تكُن مُثيرة وحتى مُحرِجة تؤدي إلى اجابات يُشدّ المشاهد ويُحثّه للانغماس في الفيلم اكثر ومن ثم التعرف على الشخصية موضوع الفيلم، أكثر. أي فيلم يحتاج إلى حوار يحتوي على قصة تدفعه إلى الامام بهدف بلوغ قصة ما تشوّق المشاهد. جاء الحوار في هذا الفيلم في شكل حديث (ونسة) وليس حوار، والونسة، بالطبع لا تدفع بالحدث او موضوع القصة إلى الامام، بل تكبحه وتعطّل من حركته.

غياب الحوار، ربما لأن المُحاوِرة/المخرجة، هي ابنة الشخصية الرئيسة في الفيلم، وهنا يكمن صعوبة طرح بعض الأسئلة التي لا يجد فيها محاور ًا آخر، غيرها، حرجًا في طرحها.

المشاهد المعروضة في الفيلم من فيضانات بولاية جونقلي، هي اشبه ما تكون بتقارير القنوات الإخبارية عن الكوارث الطبيعية التي تحدث في أي بقعة من العالم، مما تجعل المشاهد يبذل جهدًا لربطها بالثيمة الأساسية في الفيلم، الذي يصعب معرفة ثيمته اصلًا.

العنوان المترجم إلى اللغة العربية (الطريق ليس سهلًا إلى المنزل) هو الآخر يعطي انطباعًا غير صحيحًا، لأنّ ترجمة Home وفقًا لمحتوى الفيلم اقرب إلى الوطن منه إلى المنزل. لا ادري إن كانت هذه ترجمة رسمية للفيلم ام لا! التركيز في الشخصية الرئيسة والاحتفاء بها حين صارت نائبًا للرئيس يجعل المرء في ان يقترح عنوان آخر هو:

No Simple Way To The Presidency

في الاخير، لا شك أنّ هذا مجهود كبير ومقدر قامت به المخرجة الشابة اكوول قرنق، وأظن انه اول تجربة لها، هي خطوة جيّدة وأنا على ثقة بأنّ افلامها القادمة ستكون أفضل بكثير، وستكون لها شأن عظيم في عالم السينما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.