محاكمة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية هل سيتم أنصاف الصحايا (2)

 

بقلم عبدالسلام صابون – المحامي

مواصلة للمقال السابق سأتحدث عن أختصاص المحكمة الجنائية الدولية يجب أن نطرح السؤال التالي :
هل هي محكمة مختصة لمحاكمة الذين صدر في حقهم أوامر قبض من السودانيين للأجابة على السؤال ان اختصاص المحكمة يقتصر على أشد الجرائم خطورة موضع أهتمام المجتمع الدولي بأسره,  أن اختصاصها لا يمتد إلي كل الجرائم إنما يقتصر على تلك التي تمثل خطورة شديدة من ناحية و من ناحية أخرى تكون موضع أهتمام المجتمع الدولي و الغرض من ذلك هو عدم الأفلات من العقاب و الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وقد وردت في ديباجة نظام روما الأساسي للمحكمة الي هذا بعبارات عامة بتقريريها ( أن الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي إذا اتضح في اعتبارها ملايين الأطفال من النساء – والرجال وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة و إذا تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة التي تهدد السلم والأمن الدوليين و الرفاه في العالم و إذا تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب الا تمر دون عقاب , أنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني و كذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي ).
و المراد من ذلك هو التأكد  على انشاء محكمة جنائية دولية ذات طبيعة دائمة و الغرض منه منع و مكافحة الافعال الفظيعة التي لا يمكن تصورها التي هزت ضمير الإنسانية بقوة التي تهدد السلم والأمن الدوليين و العمل على تفعيل تدابير المواجهة و المحاكمة من خلال تدابير ودولية وطنية متكاملة  ومن جهة جاء قصر أختصاص المحكمة على تلك الجرائم نتيجة إتفاق الآراء خلال مناقشات اللجنة التحضيرية قبل مؤتمر روما و خلال المؤتمر على أهمية قصر أختصاص المحكمة على أخطر الجرائم التي تهم المجتمع الدولي ككل. َو بالرجوع لموضوعنا أن المحكمة الجنائية الدولية لا تمارس اختصاصها إلا بتوافر شروط إحالة الجريمة إليها وولايتها في نظرها  , وقد بين النظام الأساسي الأحكام الخاصة بممارسة الإختصاص و بمقبولية الدعوى أمام المحكمة  , و اوردت اللجنة التحضيرية في مشروعها حول قواعد الإجراءات و قواعد الأثباب و حددتها المادة (13) من النظام الأساسي حالات ممارسة المحكمة لأختصاصها فيما يتعلق بجريمة تدخل في اختصاصها وهي على النحو التالي :-
– الاحالة من قبل دولة طرف في المحكمة
– الاحالة من قبل مجلس الأمن الدولي
– الاحالة من قبل المدعي العام للمحكمة
ما يهمنا في الحالات سالفة الذكر هما الحالتان الاخيرتان.

** الاحالة من قبل مجلس الأمن الدولي :
من المعلوم أن مجلس الأمن هو جهاز الامم المتحدة التي عهدت إليه المهمة الرئيسية في تحقيق الأمن الجماعي الدولي و لهذا قررت المادة (1/134) من ميثاق الأمم المتحدة (انه رغبة في أن يكون العمل التي تقوم به الأمم المتحدة سريعا فعلا يعهد أعضاء تلك الهيئة إلي مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدوليين ) , وقد حدد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة سلطات المجلس في إتخاذ الأعمال التي تهدد السلم و الإخلال به  من منطلق منع و مكافحة الجريمة الدولية و معطيات حفظ السلم والأمن الدوليين ومثال على ذلك إنشاء محكمتي ( يوغسلافيا السابقة – و روندا ).
وهذا ما اكدته المادة (13/ب) من نظام روما الأساسي للمحكمة قد ذكر مجلس الأمن ضمن الأحداث الدولية التي تحيل حالة ويبدو فيها جريمة او أكثر من الجرائم الدولية التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. و الاحالة من قبل المدعي العام للمحكمة :
وقد يتلقى المدعي العام معلومات تتعلق بجرائم تدخل في أختصاص المحكمة من أي مصدر كان حكومي أو دولي أو غير دولي الأمر الذي يدعوه إلي مباشرة التحقيقات من تلقاء نفسه و هذا ما قررته المادة (15) من النظام الأساسي وهي قواعد الإجراءات التي أقرتها جمعية الدول الأطراف نطاق ذلك ضوابطه التي تنص في معناها:
1- المدعيالعام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في أختصاص المحكمة
2 – يقوم المدعي العام بتحليل المعلومات المتعلقة و يجوز له , لهذا الغرض التماس معلومات إضافية من الدول و أجهزة الامم المتحدة أو المنظمات الحكومية أو غير الحكومية أو أي مصدر موثوق بها يراها ملائمة و يجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة  , وهذا يمكن تقديم الافادات بأية طريقة مثل الوسائل السمعية أو المرئية في حالة الضرورة حسبما قررته القاعدتان (48-47) من قاعد الإجراءات.
لكل ما ذكر للأجابة على السؤال نجيب بالإيجاب أن المحكمة الجنائية الدولية مختصة في محاكمة الذين صدرت في حقهم أوامر قبض هذه من الناحية القانونية  , كما ذكرت سلفا أن القضاء السوداني بحالته الراهنة غير مؤهل لا قانونيا و فنيا لمحاكمة المطلوبين لدى المحكمة.
اما من الناحية الفنية كذلك تشوبها كثير من التشوهات مما يفتقد البنى التحية و الدليل على ذلك ما يجرى الآن من محاكمة مدبري انقلاب 1989 من رموز النظام البائد لن تتمكن المحكمة  من وجود قاعة مناسبة فقط إلا بعد أكثر من سبع جلسات و ناهيك عن حماية الضحايا و الشهود و المتهمين و كذلك وسائل الإثبات كل ذلك يعد مبرر كافي يجعل تسلم المطلوبين دون أي قيد أو شرط من أجل أنصاف الصحايا و ذويهم و أحقاق للعدل و احتراما للمواثيق و المعاهدات الدولية و عدم أفلات أي مجرم من العقاب و منع ارتكاب الجرائم و انتهاكات حقوق الإنسان في المستقبل حتى يتثنى لنا أن ننتقل من دولة الحرب إلي دولة السلام يسود فيها الحرية والعدالة و الرفاهية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.